بينما يصطف الجميع فى مواجهة أزمة فيروس «كورونا» التى تلقى بظلالها على العالم كله.. يقف تجار الدين والأزمات فى خانتهم المفضلة.. ينتهزون المواقف ويتلاعبون بمشاعر الناس وعقولهم.. يتاجرون بالفيروس القاتل، فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.. منهم مَن وجده بيئة خصبة لنشر الشائعات والترويج للأكاذيب وتشويه صورة الدولة المصرية والطعن فى الجهود المبذولة على الأرض وتصدير مَشهد مفاده أن مؤسّسات الدولة عاجزة عن مواجهة الفيروس المستجد، ومنهم مَن يستغله فى التحريض وتصفية الحسابات السياسية، ومنهم مَن يركبه للعودة إلى صدارة المَشهد من جديد بعد أن توارَى عن الأذهان بسبب مواقفه السياسية المخزية. عودة عمرو
بعد غياب طويل عن المشهد العام قرّر الداعية «عمرو خالد» العودة من بوابة «كورونا».. ففى بث مباشر عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»، طالب عمرو خالد بضرورة التفاعل الإيجابى للحد من وباء «كورونا» المنتشر عالميّا، وأن نقوم جميعًا بمسئوليتنا تجاه محاربته ولا نقف مكتوفى الأيدى، وفى سبيل مواجهته لهذا الوباء، قدّم «عمرو» ثلاث نصائح طبية، وثلاثة تحصينات وثلاثة أدعية، جاءت كالتالى: غسل اليدين باستمرار بشكل متكرر بالماء والصابون، وتقوية المناعة العامة للجسم بشرب ينسون وفيتامين (C) وتناول البرتقال والأغذية والأعشاب والأدوية التى تعمل على ذلك، والاكتفاء بالمصافحة بالأيدى والتوقف مرحليّا عن الأحضان والتقبيل فى هذه الفترة، والتحصين بقراءة «قل هو الله أحد» والمعوذتين، والمحافظة على الذِّكر؛ خصوصًا أذكار الصباح والمساء، والدعاء أن يرد الله الحرمَين المدنى والمكى إلى ما كانا عليهما، وأن يعود إليهما الحجاج والعُمّار من جديد، والدعاء للبشرية أن ينجيها من هذا الوباء.
لا بأس فيما قاله «عمرو»، فهى أمور يدركها كل طفل على أرض مصر، لكنه ركوب التريند العالمى من بوابة الدين.. اللعبة نفسها التى يجيدها «خالد» الذى اعترف بانتمائه للإخوان الإرهابية فى مقابلة فضائية مع الإعلامية لميس الحديدى عقب أحداث يناير 2011م، كما اعترف فى مقابلة أخرى مع الإعلامى عمرو أديب بأنه تعلّم من «الإخوان» وتشرّب من أفكارهم خلال فترة الجامعة.. وهى الآلية ذاتها التى يستخدمها عبر السوشيال ميديا مثلما خرج قبل ذلك فى مقطع بثه من أمام الكعبة فى مكةالمكرمة وهو يؤدى مناسك الحج داعيًا فى مَشهد تمثيلى وهو شديد التأثر: «يا رب ارض عن كل الشباب والبنات اللى معنا على هذه الصفحة، اللهم أشهدك أن الشباب والبنات والرجال والنساء الموجودين على صفحتى أنى أحبهم، يارب كل واحد يكتب دعوة فى كومنت حققها».
ما فعله «خالد» بخلط الدين بال«كورونا» كان امتدادًا طبيعيّا لخلط الدين بالدجاج عندما ظهر عمرو خالد فى إعلان رمضانى يروّج لإحدى شركات الدجاج رابطًا بين صحة الصيام وتناول الدجاج الذى يروّج له فى الإعلان؛ حيث قال «لما تاكل الفرخة الوطنية من دول وتروح تصلى التراويح بعدها ارتقاءك لربنا فى قيام الليل وصلاة التراويح أحلى».
بتلك التصرفات يحاول «عمرو» العودة للمَشهد من جديد عبر صفحته الشخصية على السوشيال ميديا التى أصبحت الوسيلة الوحيدة الباقية للتواصل مع مريديه، بعدما انصرفت عنه وسائل الإعلام، وسخر منه الملايين ممن كانوا يعتبرونه داعية بعد أن شاهدوا خلطه للدين بالسياسة والتجارة.. وأخيرًا «الكورونا».
إخوان بلا ضمير
فى تصرُّف لا يصدر إلّا من خسيس، نشر «بهجت صابر»- عضو جماعة الإخوان الإرهابية الهارب- فيديو عبر حسابه على «تويتر»، طالب فيه من يُصاب بفيروس «كورونا» من أنصار الجماعة، بنشره بين أبناء الشعب المصرى بشتّى الطرُق، انتقامًا من الشعب المصرى، قائلًا: «متروحش لوحدك فى هذا الوباء، خُد أكبر عدد معاك».. وقال الإخوانى فى الفيديو: «أى حد يشعر بأن لديه أعراض الأنفلونزا قبل ما يفكر يتعالج أو يتصرف فى نفسه يروح ويدخل الأول على أى قسم شرطة عادى.. النيابة أو المحكمة يا سلام لو عسكرى يقدر يدخل وزارة الدفاع أو يسلّم على لواءات فى الجيش والشرطة أو القضاة.. رجال الأعمال أو مدينة الإنتاج الإعلامى أو الفنانين.. ويا سلام لو فى ناس ضد الانقلاب شغالين فى مدينة الإنتاج الإعلامى وجاله دور برد أو سخونية أو أى حاجة خُش وسلّم عليهم كلهم واحد واحد».
وأضاف: «ما هو أنت مش عارف المرض اللى عندك إيه، لكن لو قدرت تنشره وسط أركان هذا النظام.. وطلع اللى عندك كورونا فأنت كده بتنتقم لنفسك.. أنت ليه تموت لوحدك».
الفيديو لا يثبت فقط أن الإخوان ليسوا فصيلًا وطنيّا لكنهم أيضًا معدومو الضمير.. الكاتب الدكتور «خالد منتصر» عَلّق على الفيديو بصفحته على «فيس بوك» قائلا: «إهداء لدعاة المصالحة والذين «صدّعونا» بأن الإخوان فصيل وطنى.. الحقارة فى أبهَى صورها وأفخم معانيها.. اسمعوا الإخوان عشان تعرفوا مشاعرهم الحقيقية والوطنية اللى بيدّعوها.. بيقولوا إللى حاسس ببرد أو شاكك ف كورونا ينشرها ويبوس ويحضن الناس عشان ينتقم من «الانكيلاب».. يعنى أغبياء وحمقَى وكمان معدومى الإنسانية؟!!».
وفى السياق ذاته، كشف تقرير أعدته مؤسّسة «ماعت جروب» للسلام والتنمية وحقوق الإنسان عن مخططات جماعة الإخوان الإرهابية لبث الأكاذيب والادعاءات حول انتشار فيروس «كورونا» فى مصر، من أجل التأثير على الدولة داخليّا وخارجيّا، والعمل على كشف أرقام مُبالغ فيها من خلال وسائل إعلام الجماعة، التى تبث من تركيا وقطر.
ورصد التقرير بالأدلة ما تقوم به الجماعة الإرهابية وإعلامها الكاذب فى بث ونشر الأكاذيب ضد الدولة المصرية، وذلك عبر وسائل إعلامهم، وصفحات بمواقع التواصل الاجتماعى، لترويجهم تسجيلات صوتية مفبركة لإثارة الذعر بين المواطنين فى مصر، ومحاولة التأثير على الدولة المصرية من خلال هذه الأدوات والحيل الكاذبة التى تسعى لها هذه الجماعة الإرهابية، من أجل التشكيك فى مؤسّسات الدولة وحُسن إدارتها للأزمة.
ولفت التقرير إلى أن منصّات الإخوان سجّلت مقاطع صوتية مفبركة داخل قنواتها التى تبث من تركيا بواسطة مؤدّين لصوت «نساء»، تحتوى على أكاذيب تتعلق بفيروس «كورونا»، وتحتوى على تحريض المواطنين بعدم النزول من المنازل ومنع الأطفال من الذهاب للمدارس لتحقيق أهداف سياسية تحت ستار أكاذيب بث الرعب من الفيروس.
رؤوس فى الرمال
وبينما تواصل ماكينة شائعات جماعة الإخوان الإرهابية، بث الأخبار الكاذبة والشائعات، بشكل يومى، ضد مصر؛ فإنها تدفن رأسَها فى الرمال حيال «كورونا» الذى يضرب تركيا.. فقد كشف النائب التركى المعارض «عمر فاروق جرجرلى أوغلو»- النائب عن حزب الشعوب الديمقراطى بمدينة بكوجالى- حالة الإهمال التى تضرب الحكومة التركية فى التعامل مع انتشار فيروس «كورونا»؛ حيث قال خلال كلمته بمجلس النواب التركى إنه بينما يتحدث العالم عن فيروس «كورونا» وطرُق الوقاية منه لم تتخذ تركيا التدابير اللازمة لمنع انتشار الفيروس.
كما سخر المعارضون الأتراك من طريقة تعامل حكومة إردوغان مع انتشار فيروس «كورونا»؛ حيث نشر النائب السابق عن حزب الحركة القومية والصحفى التركى جمال إنجين، يورت تغريدة عبر حسابه الشخصى على «تويتر»، يسخر من رفض البرلمان التركى لمذكرة دراسة فيروس «كورونا»؛ حيث قال عبر حسابه الشخصى على «تويتر»: إذا جاء فيروس «كورونا» إلى تركيا سيقومون بعزف الهورون (رقصة شعبية فى منطقة البحر الأسود)، معلنين عن عُطلة، فلقد قاموا بتقديم مذكرة دراسة للفيروس، ولكن تم رفضها من قِبَل حزب العدالة والتنمية التركى الحاكم الذى يترأسه رجب طيب إردوغان، فهل يظن البعض أن الفيروس سيطارد المجلس أمْ ماذا؟؛ حيث توجد فى البلد فيروسات كافية أصلًا- فى إشارة إلى أعضاء حزب العدالة والتنمية.
وقام أحد الصحفيين ويُدعى «إبراهيم هاسكول أوغلو» عبر حسابه على موقع التواصل «تويتر» بعمل استبيان، وسأل المتابعين لحسابه: هل تعتقدون أن الحكومة التركية قد اتخذت التدابير الكافية لمواجهة الفيروس أمْ لا؟.. وجاء رد الأتراك صادمًا، فكانت الإجابة بنسبة 84.5 % من الأتراك، أجابوا ب«لا». ازدواجية بمد الخط على استقامته نجد أن بعض السلفيين من بين أولئك الانتهازيين الذين يستغلون أزمة «كورونا»؛ حيث طالب الداعية السلفى «سامح عبدالحميد»، وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بمنع موالد الصوفية بسبب «كورونا»، وقال إن هناك ضرورة لإلغاء موالد الصوفية؛ خصوصًا بعد تسجيل حالات فى مصر مصابة بكورونا، وهذه الموالد فيها تكدُّس الناس فى تجمعات كبيرة، وهذا خطر عليهم وعلى غيرهم، ويُسارع فى انتشار ونقل المرض بصورة وبائية.. لكن فى الوقت نفسه قال سامح: «نرفض أى تضييق على المساجد بحجة كورونا فيما يخص خطبة الجمعة، فالتهوية جيدة بالمساجد، وليس فيها أى تكدُّس، والوضوء المتكرر يقى الإنسان من أمراض كثيرة، وكذلك الاعتكاف آمن لأنه فى بيوت الله الطاهرة الطيبة، وإفطار الصائمين مُعقم وصحى، والأكواب بلاستيكية تُستخدم لمَرّة واحدة، فلا يوجد أى ضرر على المعتكفين».. لتضح حالة الازدواجية الفجة والتجارة بالدين والأزمات.