مع انطلاق موسم فتاوى تحريم تهنئة الأقباط السنوى، وجدلية مشروعية تهنئة المسيحيين بأعيادهم التى تتجدد مع كل مناسبة دينية لهم، أصدر الأزهر الشريف بيانًا على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يهنئ الكنيسة والمسيحيين بعيد الميلاد.. لكن المثير هذه المرة هو أن حجم التفاعل مع بيان الأزهر كان صادمًا وغير مسبوق.. ما يقرب من 7 آلاف تعليق ينتسب بعضها لأزهريين يعترضون ويستنكرون بشدة تهنئة الأزهر للأقباط.. بل إن بعضهم ذهب فى لهجة حادة إلى تكفير الأزهر نفسه! البداية كانت مساء الثلاثاء الماضى فى بيان على الصفحة الرسمية للأزهر الشريف بعنوان «الأزهر يهنئ الإخوة المسيحيين وبابا الفاتيكان بأعياد الميلاد».. حيث جاءت تحت هذا العنوان سطور قليلة تقول «يتقدم الأزهر الشريف وإمامه الأكبر بخالص التهانى إلى البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وجميع الإخوة المسيحيين فى كل أنحاء العالم بمناسبة احتفالهم بأعياد الميلاد السعيدة، متمنيا أن تعاد هذه المناسبة على جميع الإخوة المسيحيين بالسعادة، وعلى العالم أجمع بالأمن والسلام.. وبهذه المناسبة الطيبة فإن الأزهر يؤكد على متانة العلاقات الإسلامية المسيحية، خاصة فى ظل الجهود التى يبذلها الإمام الطيب والبابا فرنسيس من أجل تعزيز جسور الحوار والتواصل بين كل الأديان والثقافات، وترسيخ قيم السلام والعيش المشترك بين الشعوب والمجتمعات، وهو ما يعكسه توقيع الجانبين لأهم وثيقة تعايش فى العصر الحديث وهى وثيقةالأخوة الإنسانية، واستمرار التنسيق والتعاون بينهما من أجل تفعيل بنود الوثيقة على أرض الواقع من خلال اللجنة العليا للأخوة الإنسانية». إلا أن ردود الأفعال على تلك السطور كانت لافتة للغاية.. آلاف التعليقات بين مؤيد للبيان ومعترض عليه.. أحمد عادل السيد أحد المؤيدين كتب تعليقًا يقول: «مثال فى المواطنة والتآخى فى الإنسانية، حفظ الله مصر»، لكن الغريب هو أن أغلب التعليقات غلب عليها طابع الاستنكار.. والأغرب أنه بتصفح صفحات هؤلاء المستنكرين نجد أن بعضها ينتسب لأناس درسوا وتعلموا فى الأزهر الشريف. أحد هؤلاء صفحة لشخص يسمى حذيفة سيف الإسلام كتب تعليقًا يقول فيه: «تعلمنا من الأزهر أنه لا يجوز التهنئة.. ممكن أعرف هما بيحتفلوا بإيه وبميلاد مين».. أما رمضان السيد فراج فيقول للأزهر «أتهنئ بعيد الميلاد الآن؟ يعنى لى 23 سنة بدرس غلط» مما يعنى أنه درس فى كل مراحله من الابتدائية حتى الجامعة فى الأزهر وأنه تعلم فتاوى لا تجيز التهنئة للمسيحيين.. أما على أحمد جمعة فذهب إلى حد مواساة النادمين على التعلم فى الأزهر فقال: «لمن ندم يوما على تعلمه وانتسابه للأزهر، لا تندم، كن أنت الأزهرى المتميز بعقيدتك وفهمك، فكل يؤخذ من كلامه ويترك إلا رسول الله»، وبلغة ساخرة قال عمر سالم «شكرا يا أزهر كدا بقيت وسطى مش متشدد». الكاتب الدكتور خالد منتصر كان أحد المتفاعلين مع ما أثاره بيان الأزهر من تعليقات أزهرية رافضة لها، فكتب على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يقول: «تحاول مؤسسة الأزهر الآن تجميل الصورة وإرسال تهانى الكريسماس، جهد عظيم ومشكور، لكنه للأسف بعد فوات الأوان، إذا كان الأساتذة الآن يحاول بعضهم التخلص والتملص من هذا الإرث الثقيل الكاره للآخر، فالمشكلة لم تعد فيهم أو فى الأساتذة الآخرين الذين من الممكن أن يتلقوا الأوامر وينصاعوا، المشكلة والكارثة أصبحت فى الطلبة، تيار رهيب ومكتسح منهم، هذا المشتل الذى سيظل يمنحنا الجديد والجديد كل يوم، كما قرأنا فى تعليقاتهم، كم من الفاشية والكراهية والاستنكار والتمسك بعقيدة الولاء والبراء واستخدام مصطلحات تكفيرية صريحة، هؤلاء الطلبة هم ضحايا، هم نتاجكم يا أساتذة الأزهر، هم غرسكم، إنها الأرض التى حرستموها وحرثتموها وبذرتم فيها بذور الكتب التراثية الناضحة بالكراهية والتى تعضون عليها بالنواجذ حتى هذه اللحظة، ولاتريدون ثورة حقيقية فى الفكر الدينى، إنما هى مجرد رتوش على الحائط التراثى المتهالك، أين الإصلاح والتجديد وإلى متى؟!، كل يوم يستقبل المشتل زهور صبار جديدة، تحمل المرار وتنذر بالأخطار، ونحن صامتون». وكان مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية قد أثار جدلًا منذ عام عندما أصدر فتوى تجيز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، معتبرا أنها تندرج تحت باب الإحسان إليهم والبر بهم، كما أنها تدخل فى باب لين الكلام وحسن الخطاب، واستشهدت الفتوى بآيات من القرآن الكريم التى لا تنهى عن الإحسان بأهل الكتاب الذين لم يحاربوا المسلمين ولم يخرجوهم من ديارهم.. حيث اعتبر البعض أن تهنئة المسيحيين يجب تكون من باب الأخوة والمواطنة وليست من باب الإحسان.