لا شك أن الفنان «محمد حماقى» هو أبرز اسم فى موسم 2019 الغنائى بدون أى مبالغة، فقد بدأ العام بألبوم (كل يوم من ده) والذى يعد واحدًا من أضخم الألبومات فى تاريخنا الغنائى بشكل عام، بسبب تكوينه الذى ضم 20 أغنية وهو الرقم الأضخم من حيث العدد هذا العام. خاصة إذا كان هناك اتجاه سائد فى إصدار الأغانى بشكل منفصل، ثم تجميعها فى ألبوم كما يفعل «عمرو دياب»، أو على طريقة طرح أغانى (سينجل) منتظمة على فترات متباعدة تضمن الانتشار والتواجد الدائم على الساحة كما يفعل «محمود العسيلى» مثلًا. ألبوم «حماقى» أيضًا من حيث التنوع هو الأهم على الساحة الموسيقية لما يحمله من أشكال مختلفة ومتنوعة مثل المقسوم فى أغانى (وأعمل إيه، الحكاية حكايتنا، راضيني)، والريجاتون فى أغنية (عاش من شافك)، والتروبيكال هاوس فى أغانى (خدنى إليك وقدام الناس)، والفلامنكو فى أغنية (بقيت معاه)، والتانجو فى أغنية (كفاية حلول وسط). حتى على مستوى موضوعات الأغانى كان هناك تواجد لأغانٍ ابتعدت عن أفكار العاطفة وعلاقة الحبيب بالحبيبة والحديث عن الغزل والهجر والفراق والغيرة وما إلى ذلك من إعادة تدوير نفس الأفكار ولكن بكلمات مختلفة وتوزيعات جديدة، فكان هناك تواجد لقضايا اجتماعية مثل الحديث عن الغربة والسفر إلى الخارج والسعى وراء الرزق وإحساس المغترب بالمعاناة كونه وحيدًا فى بلد غير بلده، ومعاملته مع ناس لا ينتمى إليهم ثقافيًا أو اجتماعيًا ولا يوجد بينه وبينهم أى روابط مشتركة فى أغنية (ياغربة) للشاعر «أيمن بهجت قمر».. أيضًا فى أغنية (صور) لنفس الشاعر والتى تدور حول فكرة (النوستالجيا) والرغبة الملحة فى الحنين للماضى، والتعبير عن هذا الشعور عن طريقة عرض الذكريات الجميلة فى أوقات العطلة الصيفية وتجمعات الأهالى فى الأفراح والمناسبات العائلية وقصص الحب التى لم تكتمل فى بدايات العمر. كل ذلك جعل ألبوم (كل يوم من ده) ل«حماقى» واحدًا من أهم الألبومات على الساحة والفضل فى ذلك يرجع لتنوع موضوعاته على مستوى الكلمة وأيضًا التوزيع وقطعًا الألحان. ولكى ينهى «حماقى» العام بنفس البداية المتميزة التى بدأها، فقد أصدر فيديو مصورًا فى غاية التميز والصدق فى موضوعه وطريقة تعبيره بفضل تجسيده لقصة حب واقعية ساهم «حماقى» فى اكتمالها، ف(الكليب) يسرد قصة حب لشاب يدعى «عمار» وحبيبته التى تمت دعوتها لإحدى حفلات فنانها المفضل ليتم إعلان خطبتها أمام الآلاف من الحضور وعلى المسرح بجوار «حماقى». ذكاء «حماقى» لم يتوقف عند هذا الحد، فاستعان بالمخرج «مصطفى عامر» الذى أعاد تجسيد نفس القصة بنفس الأبطال ولكن هذه المرة ليس على المسرح فقط ولكن فى فيديو كليب لتخليد هذه الواقعة، وينتشر الحدث إلى خارج نطاق آلاف الحضور فى الحفل إلى ملايين المشاهدات على يوتيوب. الجميل فى فيديو (راسمك فى خيالي) ليس فقط فى قصته الواقعية أو طريقة تصويره المختلفة، أو حتى فى كلماته الحالمة وألحانه الرنانة وموسيقاه المعزوفة بإتقان شديد، ولكن يكمن جماله فى تواصل الفنان مع جمهوره وتأكيده على أن ما يغنيه ليس نابعًا فقط من اختياراته الشخصية، ولكن أيضًا فى حرصه على تقديم ما يعبر عن مشاعر الكثيرين من محبيه وعشاقه، هذه هى المعادلة التى تضمن للفنان الاستمرارية كونه معبرًا بشكل صادق عن أحاسيس جمهوره، فيصبح نجاحه مقترنًا بتواجدهم حوله، وقطعًا الجمهور لن ينصرف عمن يعبر عنهم بصدق وبحرفية فنية شديدة الروعة والجمال.