كشفت دراسة صادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية الجنائية، عن أن أكثر من %30 من الفتيات المصريات من سن العشرين إلى الخامسة والعشرين تزوجن برجال فى عمر آبائهن وأجدادهن فيما يعرف «بزواج الوناسة». وأوضحت الإحصاءات أن الظروف الاجتماعية التى تمر بها الأسر الفقيرة منذ ما يقارب السنوات العشر وأكثر جعلتهم يزوجون بناتهم لرجال كبار فى السن. وفكرة زواج الوناسة التى زادت فى مصر خلال الأعوام الماضية هى ارتباط رجل كبير فى السن بشابة تتمتع بكامل صحتها ونشاطها بغرض الاعتناء به ورعايته بشرط أن تتنازل عن حقها الشرعى فى المعاشرة الزوجية، وبالتالى تحرم من عاطفة الأمومة التى غرسها الله فيها. لكنها تتمتع بباقى حقوقها فى الحصول على المهر والنفقة والسكن. وأكدت الإحصائية أن هذا الزواج لجأ إليه بعض كبار السن، بسبب عدم قدرتهم الجنسية أو إصابتهم بأمراض معضلة فيقدمون على هذا النوع من الزواج للارتباط بزوجة تعتنى بهم وترعاهم دون أن يكون لها حق المعاشرة الجنسية. ل. على، سيدة بالعقد الرابع، تزوجت من رجل مسن فى العقد السادس بعد أن طلقت من زوجها الأول، تقول: كنت متزوجة من شاب ولم تستمر الزيجة إلا عامين فقط، نتيجة مشاكل بينا، وتم الطلاق عن طريق المحكمة، وبعدها قررت عدم التفكير فى الزواج مرة أخرى، وقبل أن أتزوج من زوجى الحالى، عرض علىّ الزواج من شباب فى العقد الثالث والرابع، وقد تعرضت لهجوم شرس من العائلة لأنى تزوجت من رجل مسن، ومازلت أشعر بهذا الهجوم فى نظراتهم، لكن لا تهمنى نظرات الناس، فى النهاية الناس لم يفعلوا شيئًا عندما كنت أعيش فى معاناة مع زوجى الأول. وأضافت أن زواجها من رجل يكبرها ب30 عاما، لأنها لا تشعر بالراحة من الزواج بشاب، بعد تجربتها فى الزيجة الأولى، مشيرة إلى أنها تعيش الآن فى حياة من الهدوء والراحة النفسية مع زوجها المسن، رغم أن أغلب الأوقات تقضيها فى البيت فى رعايته فهو مريض سكر وضغط. وأكدت أن المرأة لا تعنيها العلاقة الزوجية بقدر حسن المعاملة بالكلمة الطيبة والمعيشة الهادئة، ومن الصعب أن تكون تلك الحياة مع شاب، أما الآن فنحن نقضى يومنا فى استقبال الزيارات ونخرج كل خميس وجمعة إلى نادٍ. سيدة أخرى ت . محمد، فى العقد الثالث من العمر، والتى تزوجت من رجل مسن، يفرق عنها ب35 عاما، حيث عرض عليها الزواج عن طريق أحد أقاربها، بأن هناك رجلا على المعاش تُوفيّت زوجته منذ 5 أعوام، وسافر أبناؤه للخارج ويرغب فى الزواج من فتاة صغيرة لم يسبق لها الزواج حتى لا تكون لديها أطفال، وتكون متفرغة لرعايته لأنه مريض قلب، وفى المقابل سوف يؤمن لها مستقبلها حيث كتب لها شقة ورصيدا بالبنك، وبالفعل قبلت الزواج منه، رغبة فى حياة أفضل، كما أكدت: لو كنت أعمل 20 عاما لا أستطيع تكوين مال يكفى لشقة باسمى ولا رصيد بالبنك، مشيرة أنها لو تزوجت شابا كان يصعب عليه توفير حياة كريمة لها. وتضيف: زوجى المسن يحسن معاملتى بكل احترام وحب، مؤكدة أنه فى بداية الزواج كان بهدف تأمين مستقبلى لكن مع الوقت أصبحت أحبه وأشعر أنه أب وزوج فى نفس الوقت، فلا أشعر بالندم للزواج من رجل يكبرنى، خاصة عندما أشاهد وأسمع كم المشاكل التى تعانى منها صديقاتى مع أزواجهن. ووصفت حياتها مع زوجها المسن، بالحياة الهادئة، ولا تشعر أنها بحاجة إلى شيء. ووصفت ف .محمد حياتها مع زوجها المسن، بأفضل فترات حياتها، والذى تُوفىّ منذ ثلاثة أعوام، تقول: أنا عشت مع زوجى المسن، 10 سنوات، كانت أحسن أيام حياتى، فكان يكبرنى ب38 عاما، ولكن كنت لا أشعر بهذا الفرق، ولا الحاجة للعلاقة الزوجية، فكانت كلماته الرقيقة الرومانسية تشعرنى بأنى «أميرة»، رغم أنه كان أب 5 رجال، فكان يحسن معاملتى أمامهم لهذا لا يستطيع أحد التعرض لى بأى إساءة. أضافت: إنها إذا فكرت بالزواج مرة أخرى سيكون لرجل مسن أيضا، مشيرة إلى أنها لا تستطيع العيش مع رجل فى نفس سنها. ويتحدث محمد سيد 70 عاما، ويقول: زوجتى تُوفيت منذ عشرة أعوام، ولى بنتان تزوجتا، وبنتان تسألان عنى كل فترة بالتليفون، وقليلا ما تأتيان لزيارتى، وأنا مريض بالقلب والضغط، وأعانى منذ أن تزوج بناتى من الوحدة الشديدة، فبشكل خاص كان يمر على الليل ثقيلا طويلا وكأنه دهر، إلى أن اقترح على صديقى، الزواج من مطلقة فى العقد الرابع، ووحيدة مثلى لنونس وحدة بعضنا البعض. وأضاف: فى البداية رفضت الفكرة، خوفا من نظرة المجتمع والجيران والأصدقاء، لكن عندما ألح صديقى، بالفعل اقتنعت بالفكرة، وفى إحدى المرات رتبت زوجة صديقى مقابلة مع مطلقة، وتم الزواج، وبالفعل شعرت أن حياتى انقلبت رأسا على عقب، فوجدت من يشاركنى الحياة، نسهر سويا أمام التليفزيون، تعطينى دوائى فى مواعيده، نخرج سويا لنمشى قليلا، وأصبحت أشعر بالسعادة. أكد دكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، أن زواج الونس هو حل شرعى وجيد لمواجهة شبح الوحدة القاتل، ليست به مشكلة شرعية، وزواج الونس حق يكفله الله للرجل والمرأة، مشيرا أن رسول الله تزوج من السيدة سودة بنت زمعة فكانت سيدة مسنة، وسيدنا النبى كان شابا وتزوج منها حتى يوفر لها رعاية وحياة كريمة، وهى كانت لا تستطيع أن تقدم لرسول الله العلاقة الحميمية، مؤكد أن الزواج ليس مبنيا على العلاقة الحميمية، بل «سكن ومودة». فقال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً». وأضاف: ليس هناك من يمنع أن يكون زواج الونس بالاتفاق بين الطرفين، أنه بحاجة للرعاية الصحية مقابل أن يوفر لها حياة مادية كريمة والعكس. وفى السياق نفسه، يضيف الشيخ أحمد عبدالحكم، مأذون شرعى، أن زواج الونس تزايد بالفترة الأخيرة نتيجة لأسباب، أولها سوء معاملة المسن داخل دار رعاية المسنين، وثانيا ارتفاع تكاليف الزواج بالتالى تزايدت العنوسة للفتيات، مع تزايد حالات الطلاق بالتالى المطلقات أكثر قبولا بالزواج من رجل مسن. ومن جانبها، أكدت دكتورة إيمان عبدالله، استشارى علم الاجتماع والعلاقات الأسرية، انتشار ظاهرة زواج الونس، وهذا تبين لها من خلال عملها كمتخصص فى علم الاجتماع، موكدة أيضا أن أغلب حالات زواج الونس تكون للفتيات والسيدات أعمارهن تتراوح من 25 إلى 40، ومنهن حاصلات على مؤهلات عليا وينتمين لعائلات متوسطة اجتماعيا، ولكن الغالب منهن من عائلات فقيرة، يكون الهدف من الزواج تحقيق مكاسب مادية، حيث يكتب الزوج المسن جزءا من أمواله لها، وأخريات يبحثن عن الأب البديل أو المفقود. وأضافت: أن الرجل المسن يفضل زواج الونس، عن العيش فى دار رعاية للمسنين، لا توفر له الرعاية الصحية ولا النفسية ولا الاجتماعية السليمة. وأشارت أخصائى علم الاجتماع، قد ينتهى زواج الونس بالجريمة أو الخيانة بعد أن تلجأ الزوجة الصغيرة لمن يعوضها العلاقة الجنسية. فهناك خطورة على المرأة من هذا الزواج ينتج عنها اضطرابات نفسية لأنها تكتشف بعد ذلك أنها فى حاجة للحب أكثر من المال.