لاشك أن الإشكالية الحقيقية التى تواجه عالمنا الإسلامى هى القراءة الخاطئة لأصول الدين والسنة، مما دفع الرئيس السيسى لأن يطلب من العلماء والأئمة ضرورة تجديد الخطاب الدينى، والغريب أن هذه ليست المرة الأولى التى يطالب فيها الرئيس بذلك. ففى عام 2015 تحدث عن أهمية تطوير الخطاب الدينى وقال إن الإشكالية فى الفكر وليست العقيدة وفى عام 2016 قال إن تصويب الخطاب الدينى ليس ترفا أو رفاهية وإنما ضرورة وفى عام 2017 قال للعلماء والأئمة: أنتم كتائب النور التى يجب عليها أن تقضى على ظلام الفكر والتطرف، ولكن للأسف لم يستجب أحد لطلب الرئيس ولم يحدث أى تطوير أو تغيير فى الخطاب الدينى بل ظل كل شيء كما هو ولكن الرئيس السيسى لم ييأس وعاد مرة أخرى هذا العام وفى نفس التوقيت فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف يطلب ضرورة تغيير الخطاب الدينى، فهل يستجيب من يوجه إليهم هذا المطلب؟ أنا لست متفائلة أن يحدث أى تغيير. فهؤلاء الذين نراهم على شاشات القنوات الفضائية ونسمعهم فى الجوامع وحتى النوادى وأيضا على وسائل التواصل الاجتماعى غير مقتنعين بما يطلبه الرئيس، وإلا كيف نفسر مهاجمة بعض الشيوخ والأئمة حملة تنظيم النسل التى تقوم بها الدولة حاليا، وكيف تفسر ما يصفه داعية أن من له ابنة طبيبة أو ممرضة بالمجرم ويحرم الاختلاط فى الجامعات والمدارس ونجد آخر يفتى بأن البنت يحق تزويجها وهى فى بطن أمها، ولذلك تجديد وتصويب الخطاب الدينى يحتاج شخصيات من العلماء والأئمة المستنيرين وأن يتنحى جانبا هؤلاء الذين يفسرون القرآن والسنة طبقا لعصور قديمة وطبقا لتفسيراتهم الشخصية، ولذلك لابد من فرز من يقدم لنا هذه التفسيرات فكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى أن رجل الدين الحقيقى يجب أن يكون لديه عقلية جامعة للسياسة والاقتصاد والاجتماع كى يستطيع معالجة قضايا العصر. وإذا كان على العلماء والأئمة دور كبير فإننى أرى أن الدولة عليها دور أكبر بأن تكون أكثر جرأة وشجاعة فى اتخاذ عدة قرارات مثل حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى وهى الخانة التى تستبدل الانتماء الدينى بدل الانتماء إلى الوطن الواحد والذى يشكل العمود الفقرى لكيان الدولة والذى لا يفرق بين أبناء الشعب، كما أن السلطة التشريعية نصت منذ عقود على ضرورة ذكر خانة الديانة فى كل مستندات الدولة وللأسف لم يتم إلغاء هذا النص حتى الآن. ولذلك فقد حان الوقت كى تقوم سلطات الدولة تشريعيا وإداريا بتصحيح الوضع القائم، كما أن على الدولة أن تتخذ قرارا شجاعا بمنع النقاب فى المستشفيات والمؤسسات الحكومية والجامعات والأماكن التى تتعامل مع الجمهور ،هذا الزى الجديد والغريب على مجتمعنا لم نره إلا منذ فترة قريبة وللأسف يزداد يوما بعد يوم وألا تستمع الدولة إلى ما يقال وتردده الجماعات الإخوانية والسلفية لماذا تترك غير المحجبات يرتدين ما يردن؟ والرد عليهم أن مواقع العلم والعمل التواجد بها له أصول وقواعد يجب احترامها واتباع قواعدها، إن تصحيح وتصويب الخطاب الدينى يحتاج من الجميع القائمين على الدولة والمسئولين اتخاذ القرارات والإجراءات بجرأة وشجاعة دون تردد أو تراجع وإلا سنظل كما نحن وربما أسوأ يخيم علينا الفكر الظلامى.