لا حدود لثروتنا البشرية، فيمكنها أن تنبغ فى أى مجال، لا تعرف القيود، فبعد أحمد زويل ومجدى يعقوب ومحمد غنيم وغيرهم كثيرون.. سجل التاريخ معهم الباحثة شيماء أبو زيد أول مصرية حاصلة على دكتوراه فى «الجسيمات النووية». «شيماء أبو زيد» ابنة مدينة قنا حصلت على مجموع 90% فى الثانوية العامة، والتحقت بكلية العلوم بجامعة عين شمس، -وحزنت لأنها لم تلتحق بكلية الهندسة- لتصنع مجدًا لها ولبلادها. «أبو زيد» قالت فى حوارها ل«روزاليوسف» إنها تنصح أولياء الأمور بألا يقفوا فى طريق أبنائهم ويتركوا لهم حرية الاختيار لأن الحرية أول طريق النجاح، وعن مطالبها أكدت أن كل ما تطلبه إنترنت قويًا ودعمًا ماديًا لفريق الباحثين، ولا تريد شيئًا آخر. بداية.. نريد التعرف على مسيرتك العلمية؟ - تخصصت فى الفيزياء، وحصلت على ماجستير فى الفيزياء النووية بالتعاون مع هيئة الطاقة الذرية المصرية، ثم حصلت مؤخرًا على الدكتوراه فى فيزياء الجسيمات الأولية، أو كما تُسمى فى مصر بالفيزياء النووية، بالتعاون بين جامعة بروكسل والمركز الأوروبى للأبحاث النووية. لماذا اخترتِ هذا التخصص رغم قلة متخصصيه فى مصر؟ - هذا المجال إمكانياته غير متوفرة فى مصر، لكن فيما يخص الجزء العملى هى تجربة واحدة خارج البلاد، وهناك توجه إليه بعد 2011 مع عودة بعض الكفاءات العلمية من الخارج، مع التأكيد على أن الجزء النظرى متواجد فى الدراسات والجامعات المصرية. ماذا عن «الجسيمات» التى كانت موضوع رسالة الدكتوراه؟ - المادة تتكون من جزيئات، والجزيئات تتكون من ذرات، والذرة تحتوى فى داخلها على نواة يدور حولها إلكترونات، والنواة تتكون من بروتونات ونيوترونات، وهذه الجسيمات كانت أولية أى أصغر ما تعرفنا عليه، حتى وصلنا إلى ما هو أصغر منها باكتشافنا جسيمات اسمها كوارك، وهذه تعتبر الجسيمات الأولية أى لا تتكون من شىء آخر، وذلك الأمر ثابت حتى الآن فقط، لأنه ربما فى المستقبل يتم اكتشاف جسيمات أصغر. لماذا لم يراودك التفكير للعودة إلى سويسرا؟ - فى الحقيقة كثير نصحونى بعدم العودة من سويسرا بعد حصولى على الدكتوراه، لكن فكرت أننا فى مصر لا نملك مجموعة كافية تعمل فى هذا التخصص وهذه النوعية من الأبحاث، فأنا أول طالبة دكتوراه فتاة، ومشاركتى ستفيد بلدى ولا يمكن أن أتأخر عن هذا، وحاليًا أعمل مع الفريق البلجيكى. ما الذى تأملين فى تحقيقه؟ - حلمى تكوين فريق بحثى مصرى للعمل فى المركز الأوروبى للأبحاث النووية، مع تغيير المفهوم التقليدى للنووى، فهناك فرق بين المفاعل النووى بشكله التقليدي مثل محطة الضبعة، وغيره فى اليابان ودول الطاقة، وبين المفاعل الكبير الموجود فى ثرب، لأن الأبحاث التى تجرى فى ثرب لاختبار نظريات تكوين الكون. ربما الناس لا تستطيع لمس التطبيقات بشكل مباشر مثل كلمة المفاعل، لكن حينما نفهم تطبيق الكون نستطيع تسخيره، مثلما حدث مع بداية ظهور الإشعاع، فمع الوقت والتطور أصبح هناك علاج بالإشعاع، وبالتالى نأمل أن يكون لدينا قريبًا علاج واستخدام للإلكترونات الموجبة وهو ما سيغير المفهوم التقليدى لقدرة المفاعلات النووية تمامًا. إذا كان قليلون هم من يعرفون المجال النووى.. كيف حصلتِ على هذه الضجة الإعلامية؟ - الفكرة أنه لا يوجد فى هذا المجال بنت غيرى وتخصصى جسيمات أولية، مع العلم أن عدد من يعملون فى هذا التخصص قليل جدًا، وبالتالى لا يوجد جامعة مصرية تمنح التخصص بشكل دقيق، لأن هذا التخصص يوضع تحت اسم الفيزياء الأولية النووية لأنها تنتج عن تفاعل نووى. لماذا يتعجب البعض من حصولك على دكتوراه مزدوجة؟ - لأننى حصلت على الدكتوراه المزدوجة بين جامعة عين شمس فى مصر والجامعة الحرة فى بروكسل، وقبلها ناقشت رسالة الدكتوراه داخل مركز أبحاث ثرب من خلال باحثين من نفس التخصص، فتم اعتماد الرسالة، وهو حدث جديد ولم يحصل عليه أحد من الباحثين من قبلى رغم المحاولات الكثيرة. ما الذى ينقص المجال فى مصر؟ - فريقنا معظمه طلبة ونحتاج دعما ماديا وإنترنت قويًا، وهى إحدى مشكلاتنا الأساسية التى تواجه كل من يعملون فى أبحاث ثرب، فالجميع يسافر فى الصيف حيث يعمل معظم الباحثين الموجودين فى جينيف بسبب هذه الأزمة، البحث يصدر تحت اسم التجربة. هل هناك مخاطر صحية عليكم؟ - هناك أمان كبير فى المجال النووى، وعملت رسالة الماجيستير داخل مصر ومعى شهادة من وزارة الصحة تبع الأمان النووى والمخاطر كما هى فى أى مجال، لكن المخاطر الحقيقية فى ثقافة المجتمع أن المجال خاص بالرجال. ما رد فعلك على من يقول إن هذا التخصص للرجال فقط؟ عندما كنت خارج مصر فى الجامعة البلجيكية ومن ثم ثرب كان من ضمن أولوياتى مطالبة مشرفى بأن أكون مناوبا فى ثرب وأعمل هناك وحينما سألنى عن السبب وضحت له رغبتى فى أن أثبت للمسئولين فى مصر أننى قادرة على العمل فى غرف التحكم مثل الرجال ووافق. هل واجهت معارضة من أسرتك؟ - كان هناك معارضة لفكرة السفر لكونى بنتا وبسبب العادات والتقاليد، لكن مع تغير الوضع ورؤيتهم أن الوضع أصبح أكثر إغلاقا بعد 2011 وشغلى يكاد يكون متوقفا، سمحوا لى بالسفر وقال لى أبي: «لن نقف أمام طموحك». هل حظيتِ بالتقدير الملائم بعد عودتك؟ - على مستوى الإعلام نعم، لكنى مستاءة من السوشيال ميديا التى تشكك فى شهادتى وهناك من ادعى أن هناك سيدة حصلت على الشهادة قبلى، لكن كل هذا لم يستوقفنى كثيرًا، فالجميع يعلم أننى حققت إنجازًا بحصولى على الدكتوراه المشتركة برسالة واحدة مكتوب عليها اسم الجامعتين وموافقة الجامعتين، وموضوع عليها لوجو جامعتين وإننى حاصلة على درجة دكتوراة مزدوجة. لماذا شككوا فى الأمر؟ - بسبب مسمى ومفهوم الجسيمات الأولية، فكثيرون لا يستطيعون التفريق بين الأولية والنووية، وللأسف عدم التمييز سقط فيه دكاتره. هل تسببت حملات التشكيك فى أى تراجع؟ - لم توقفنى بدليل أننى استكملت رغم مطالب الكثيرين بأن ألغى عقد الإشراف المشترك وأذهب لبروكسل خاصة أن بحثى يحظى بموافقة فى «ثرب». كلمة توجهينها لأولياء أمور الطلاب؟ - اتركوا لأبنائكم حرية الاختيار فى الكليات.