فى كتابه الصادر عام 2004 تحت عنوان «القوة الناعمة.. معالم النجاح فى السياسة الدولية» وضع جوزيف ناى وزير الدفاع الأمريكى فى عهد الرئيس بيل كلينتون مجموعة من المحددات لقياس القوة الناعمة للدولة، وأهم هذه العوامل هو ما تجسده من قيم ومبادئ عبر مبدعيها ومثقفيها، وقدرتها على التأثير فى محيطيها الإقليمى والدولى دون اللجوء إلى القوة الخشنة «القوات المسلحة». على مدار عقود عدة لعب الأزهر الشريف دورا مهما فى تأليف قلوب المسلمين فى شتى بقاع الأرض حول شىء واحد وهو حب مصر، ومثل خريجو الأزهر سفراء لنا فى بلادهم، الأمر الذى أضاف إلى مساحة النفوذ المصرى كثيرا. بالتوازى مع ذلك أسهمت الكنيسة الأرثوذكسية عبر امتداداتها الطبيعية فى كثير من دول العالم، فى دعم مكانة مصر، ومثلت رافدا من روافد تأثيرها فى محيطها الإقليمى بل والدولى. نشرت الدراما المصرية اللهجة العامية على لسان كل بيت عربى دخلته وبات جميع العرب تقريبا يتحدثونها كما يتحدثون لهجاتهم المحلية، كما أسهم نجيب محفوظ وأم كلثوم وعبدالباسط عبدالصمد وعمر الشريف وغيرهم من المبدعين فى الترويج لمصر فى محيطها ونشروا عبر إبداعاتهم رسالة سلام ومحبة للعالم. عبر تاريخ ممتد قدمت مصر للعالم وللحضارة الإنسانية العديد من القيم والمعانى التى أنارت دروب المعرفة وبرهنت على عظمة هذا البلد وأصالة شعبه ونقاء معدنه. تعرضت مواطن قوة الدولة المصرية فى الفترات الأخيرة للكثير من أوجه الاعتلال، وفقدت بعضا من بريقها، بفعل عوامل كثيرة داخلية وخارجية، وهو ما يستوجب وقفة صادقة ومخلصة بحثا عن كيفية استنهاض هذه القوة مرة أخرى. فى هذا الملف نستعرض مفهوم القوة الناعمة لمصر ونتلمس مواطن العظمة فيها، ونستكشف أسباب الخلل ونسلط الضوء عليها أملا فى أن يتكاتف الجميع فى محاولة بعث هذه القوة مرة أخرى. هذا هو دورنا وهذه هى رسالتنا، دعم كل جهد مخلص يسعى لتحقيق واقع أفضل للمصريين، ويعلى من شأن هذا الوطن، ويحفظ حقوق مواطنيه ويقدم للعالم وللإنسانية دليلا جديدا على عراقة المصريين. روزاليوسف
