يومًا بعد يوم يجنى التنظيم الإرهابى مكاسب أهمها اعتناق المزيد من الشباب العربي، وربما الأوروبى «المغيب» لمذهبه الفاسد، فى ظل مواجهة أمنية عزلاء تنتظر المدد من المواجهة الفكرية. «غرابيب سود» مسلسل عربى خطوة قرر صانعوه أن يبدأوا بها مشوار الألف ميل فى مواجهة التطرف والإرهاب «فكريًا» بعد أن آمنوا بمقولة الموسيقار السويسرى «إرنست ليفي»: ستبدأ الإنسانية بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الفيزياء أو الكيمياء أو المال.. إنتاج ضخم أعلن عنه عبر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وتخطى حاجز ال10 ملايين دولار بمشاركة 38 فنانا ينتمون ل7 دول مصر والسعودية وسورياوالكويتوالعراق وتونس ولبنان، استغرق تنفيذه عامًا كاملًا، وتم تصويره داخل مدرسة للراهبات كانت معقلًا رئيسيًا لداعش وفقا لمدير تصوير المسلسل محمد فوزي-«غرابيب سود» ينزع ستار الدين عن أعضاء التنظيم فتنكشف سوءاتهم وتنكشف عورة التنظيم الإرهابى. قصص حقيقية متكررة لنساء انضممن لهذا التنظيم وصرن جميعا يحاولن الهرب من جحيم ذهبن إليه بأرجلهن..1000 انفجار نفذ داخل المسلسل بواسطة إيرانيان يعدان من أهم المتخصصين ومجاميع من اللاجئين السوريين ليقترب بالمشاهد من الحقيقة المفجعة لهذا التنظيم الإرهابى الذى لا يعرف إلا الخراب والتدمير. المسلسل الذى يتكون من 20 حلقة- بعكس إشاعات إيقافه- يتبعها بث لفيلم وثائقى يحمل اسم «ألوان الدم الخمسة» يعرض قصة ثلاث نساء وشابين انتموا إلى «داعش» استكمالًا للحرب على الغرابيب السود..ونجح فى إزعاج التنظيم والمتشددين، إلى الحد الذى قامت فيه إحدى لجانه الإلكترونية باختراق صفحة الممثلة التونسية فاطمة ناصر، التى تمثل دور حبيبة أمير التنظيم، وتهديدها بالإضافة إلى التهديد بتفجير مبنى القناة- بحسب الممثلة التونسية- انتقادات عديدة وجهت للمسلسل بزعم أنه يسيء للإسلام السني، فى ظل اتهامات بشيعية مالكى الشركتين المنتجة والمنفذة للعمل بالإضافة إلى مدير الإنتاج! قناة الجزيرة القطرية بثت تقريرًا إعلاميًا يهاجم المسلسل ويتهمه بتشويه صورة الإسلام، وزادت عليه مذيعة القناة خديجة بن قنة بأن المسلسل يصور المسلمات بأنهن لاهثات وراء الجنس، تبعها هجوم إخوانى بنفس الأسانيد! المملكة العربية السعودية التى تحتل المرتبة الثانية بين الجنسيات المكونة لمقاتلى تنظيم داعش فى العراقوسوريا- وفقاً لتقرير مؤسسة «صوفان غروب» الأمريكية المتخصصة فى الأمن الاستراتيجي- كان لها نصيب الأسد فى الهجوم على المسلسل، ولم يتوقف الهجوم عند حد الجمهور بل امتد إلى الشخصيات العامة على رأسهم الإعلاميين السعوديين مالك الأحمد وخالد العلكمي، بنفس اتهامات الجزيرة وجماعة الإخوان الإرهابية، برغم أن المسلسل لم يعرض إلا سلوك داعش المتطرف، وحرص صانعوه على قطع الدراما بين حين وآخر على طريقة الأفلام الوثائقية بكلمات للممثل السعودى راشد الشمرانى تستنكر داعش وأفعالها، وتؤسس لمنهج وسطى يستوعب الفن والتماثيل والحضارة. سوريا جاءت فى مقدمة ترتيب الدول المهتمة بالمسلسل تلتها الكويت ثم السعودية.. ربما يكون المسلسل ليس عملًا دراميًا مكتمل الأركان رغم المجهود الواضح والإنتاج السخي، ربما قرر صانعوه أن يواجهوا دعاية داعش الزائفة عبر تقنيات سينمائية عالية الجودة بشكل مباشر دون أن يغوصوا فى أصل المرض.. لكن يحسب لصانعيه إطلاق نفير الحرب الدرامية على التطرف والإرهاب.. وكما يقول أبو الطب العالم ابن سينا: إنَّ قوة الفكر قادرةٌ على إحداث المرض والشفاء منه.
