كل عام وأنتم بخير ورمضان كريم والله أكرم.. نسأل الله أن تكون أحوالنا فى رمضان أحسن منها فى شعبان ورجب والمواطن يكتوى بنار الغلاء ويكلم نفسه.. عسى أن تضع الحكومة فى عينها حصوة ملح وتنتبه إلى أن المواطن هو الهدف.. ولو سقط المواطن لسقطت معه الحكومة.. ولا نطالبها بزيادة المرتبات لأن الزيادة تتبخر بسرعة فى ظل التضخم وارتفاع سعر الدولار.. ولماذا لا يصرفون لنا المرتبات فى صورة خضار وفاكهة وكنافة وقطايف ولحمة وفراخ وعيش وصابون وسمنة وياميش رمضان وكسوة العيد فوق البيعة؟ ولم لا تبتكر الدولة حلولا واقعية لمواجهة الفقر الأزلى الذى يعانى منه الموظف؟ وما المانع مثلا من إقامة موائد الرحمن للموظفين، وأراهن أن أحوال الشغل سوف تنتعش.. وسوف يقبل الموظف على العمل.. ينجز مصالح الناس صبحا وظهرا وعصرا.. ثم يأكل فى المساء على مائدة الرحمن.. وبالمرة يتفرج على المنوعات والتمثيليات وبرامج الفكاهة والمسخرة.. قبل أن يتناول السحور مع زملائه الموظفين؟! وتسأل عن السبب فى ارتفاع الأسعار الفاحش فيقولون لك إن الدولار هو السبب.. ليه يا سيد؟! لأننا نستورد كل شيء من بلاد بره.. ولا أعرف سر هذه الهوجة لاستيراد طعامنا وشرابنا من خارج البلاد.. مع أننا دولة زراعية منذ آلاف السنين.. فهل أصابنا الكسل فجأة؟ وحتى الجبن الدمياطى إنتاج بلدنا صرنا نستورده من هولندا والفول المدمس والذى هو اختراع فرعونى.. نستورده الآن من أمريكا والصين.. والحلاوة الطحينية التى هى اكتشاف مصرى نستوردها الآن من قبرص واليونان.. وباختصار صرنا نستورد كل شيء.. من القمح للدقيق والأرز والقطن والعدس والمكرونة والسمن والسكر.. والزيت والصابون.. صرنا خبراء فى الاستيراد.. من الإبرة للصاروخ!! الذى يغيظك يا أخى هم خبراء التليفزيون والواحد منهم يتهمنا بأننا شعب أكول لا يعرف من متاع الدنيا سوى الطعام، ولهذا ترتفع الأسعار.. والدليل فى رأى الأستاذ أن معدل الاستهلاك المصرى من الدقيق والسكر هو الأعلى فى العالم.. والأمريكانى والأوروبى لا يكاد يستهلك السكر أبدا حرصا على صحته وميزانية بلاده. ومع أن المقارنة ظالمة ولا تجوز.. إلا أنها غير صحيحة.. والأمريكانى يأكل المربى ويشرب العصير الطبيعى ويعرف فطيرة التفاح.. فى حين أن أقصى حدودنا لما نفرح تقوم الست الوالدة بعمل مهلبية وأرز بلبن وخلاص.. ثم يأتى الأستاذ التليفزيونى ليسمم أبداننا بالكلام عن الإسراف وسلوك الخواجات!! رمضان جانا.. أهلا رمضان.. وتعظيم سلام لست البيت المصرية التى تواجه الأزمات والمتغيرات وانفلات الأسعار.. وتتعامل معها بالحكمة المطلوبة.. هى تدرك أن الزوج الذى يشقى فى العمل صبحا وظهرا وفى المساء والسهرة لا يستطيع أن يفعل المزيد.. فيسلم لها قروش المرتب وعليها بالتصرف.. وهى تتصرف غالبا بالأصول لكى تأكل الأسرة وتستكمل المشوار.. هى التى اخترعت الفول والفلافل والمشتقات من البصارة والفول النابت.. وهى التى اكتشفت الفتة بالخل والثوم تنافس بها ولائم الأغنياء.. هى صاحبة اختراع المش والكشرى تسد بهما جوع الأسرة.. ولا تنس الباذنجان أبو خل والمسقعة بالهناء والشفاء! ست البيت هى البطل الحقيقى فى رمضان وغير رمضان.. ولولاها لانكشفت العائلات المستورة.. ولولا حكمتها وتدبيرها لما استطاعت الأسرة تدبير مصروفات المدرسة وفلوس الدروس الخصوصية.. وكسوة العيد ومصاريف المواصلات. ست البيت هى ستنا وتاج رأسنا.. كل عام وأنتم بخير.. رمضان كريم.. والله أكرم..!
