أثارت قضية زواج القاصرات التى تنتشر بقرى محافظة البحيرة وفجرتها «روزاليوسف» فى العدد الماضى، والمتهم فيها إمام وخطيب مسجد بالعمرانية، جدلا واسعا خاصة بعد قرار نيابة جنوبدمنهور بإخلاء سبيل المتهم بضمان محل إقامته. وكانت النيابة قد قررت إخلاء سبيل «محمد إبراهيم محمود» إمام وخطيب مسجد والمتهم فى قضية زواج القاصرات بقرى مركز بدر بالبحيرة، الذى كان بحوزته 84 عقد زواج، (77 عقدا رسميا مدونًا بها بيانات، وعقدان بدون بيانات، و3 عقود زواج لقاصرات «لم يبلغن السن القانونية»، وآخر عرفى، وبمواجهته اعترف بقيامه بالعمل لحساب «السعيد م ال» مأذون شرعى بالحلمية الجديدة القاهرة، وتواجده بقرية النجاح دائرة المركز لعقد قران راغبى الزواج من القُصّر نظير تلقيه مبالغ مالية وتقاسمها مع الأخير. المآذين يطالبون بالنزول بسن الزواج إلى 16 سنة للحد من ظاهرة زواج القاصرات خاصة فى القرى الفقيرة والحد من ظاهرة سماسرة المآذين وبمحاسبة كل من ينتحل صفة مأذون شرعى لتزويج القاصرات، وأنهم يخشون تدخل الوساطة والمحسوبية فى إفساد قضية سمسار زواج القاصرات الذى تم ضبطه بمركز بدر أثناء قيامه بإتمام إحدى زيجات القاصرات، حيث تمكن من الحصول على عدد كبير من عقود الزواج المختومة. تقول المهندسة زكية رشاد مقررة فرع المجلس القومى للمرأة بالبحيرة: إن المجلس وضع خطة لمناهضة ظاهرة زواج القاصرات من خلال النزول بقرى «حوش عيسى، وادى النطرون، الدلنجات، شبرا، والقلعة بدمنهور، كوم الفرج بأبو المطامير»، وعقد ندوات ولقاءات مع الأسر لتوعيتهم بمدى خطورة زواج القاصرات من الأطفال، حيث تنتشر هذه الظاهرة فى الأسر كثيرة العدد محدودة الدخل والفقراء، تقوم بتزويج بناتها فى سن 13 - 15سنة. ويؤكد الدكتور شريف محمود طبيب أمراض نساء وتوليد أن زواج القاصرات المنتشر فى العديد من القرى والنجوع له آثار سلبية سواء على المجتمع بصفة عامة أو على الأسرة بصفة خاصة، حيث يعرّض الطفلة لخطر الإصابة بالعقم وتزايد فرصة تعرض الأطفال حديثى الولادة للوفاة علاوة على مخاطر صحية كتسمم الحمل وفقر الدم وصعوبة الولادة والإجهاض والانتهاك البدنى للفتاة، مشيرا إلى أن هناك دراسة حديثة أكدت أن ارتفاع نسبة الوفيات بين القاصرات نتيجة للحمل المبكر لعدم اكتمال الأجهزة التناسلية، بالإضافة إلى تعثر الولادة وإنجاب أطفال غير مكتملى النمو. وأشار إلى أن هناك العديد من الحالات لفتيات قاصرات تزوجن، ولم يتحملن المعاشرة الجنسية ليلة الدخلة ويتم نقلهن للمستشفيات منهن فتاة لم تتجاوز 16 سنة، تم نقلها مباشرة بعد ليلة الدخلة إلى المستشفى بعد إصابتها بتمزق بالناسور المهبلى، والذى يصيب غالبا المرأة بسبب العنف الجنسي! وتذكر إحدى الممرضات أن هناك فتيات صغيرات تعرضن لحالات نزيف حاد، بسبب عدم اكتمال نموهن ورغبة الزوج الدخول بهن فى الليلة الأولى، دون مراعاة سنهن وجسمهن الذى لا يتحمل! أما الدكتورة زينب علام عميد كلية رياض الأطفال بجامعة دمنهور فتشير إلى دراسة بحثية كشفت أن الزواج فى سن المراهقة أحد أهم معوقات عملية النمو الطبيعى للإنسان جسدياً وعاطفياً ومعرفياً وأن «زواج الأطفال يجعل الفتيات أكثر عرضة بشكل كبير للمخاطر الصحية الشديدة للحمل والولادة المبكرين، والمولودون يكونون أكثر عرضة للمضاعفات المرتبطة بالمخاض المبكر، وقالت إن السبب الرئيسى مضاعفات الحمل والولادة هى الأسباب الرئيسية للوفاة بين الفتيات اللاتى تتراوح أعمارهن بين 15 و17 سنة فى البلدان النامية. وتوضح سحر زيدان إخصائية اجتماعية بالتعليم الثانوى أن زواج القاصرات ظاهرة استجدت فى الآونة الأخيرة وهى فى تزايد مستمر بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى مرت بها البلاد وغياب الوعى الفكرى لدى الأسر الريفية والظاهرة تمثل خطرا داهما تزداد يوماً بعد يوم بدون أى علاج على الرغم من أنها تخص المرأة بصورة مباشرة والتى تعتبر نصف المجتمع. وتطالب بضرورة عرض الفتاة القاصر قبل الزواج على باحثة اجتماعية لتوعيتها بأهمية التفكير قبل الزواج والإسراع به ولبيان أهم الجوانب التى تخص الزواج منها الاجتماعية والاقتصادية والصحية وأن دور الباحثة الاجتماعية مهم جداً فى هذه المجالات لكونه يخص عملها، وينبغى أن تجمع الزوجين قبل الزواج بعدة جلسات لبيان مدى تقارب الوعى الفكرى والاجتماعى بينهما.