على مدار سنوات طويلة رفضت السودان إقامة أى علاقات مع إسرائيل، ووصفت المتعاملين مع الكيان الصهيونى بالمطبعين، إلا أن حكومة الخرطوم مؤخرًا بدأت تتقبل دعوات التقارب مع تل أبيب ويكفيها تصريح وزير خارجية السودان الذى قال يجب أن نعيد النظر فى مسألة التطبيع مع تل أبيب. إسرائيل رغم علاقاتها المتينة مع دول حوض النيل التى كللتها باجتماع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى مع رؤساء دول حوض النيل، فإنها سعت لزيادة تهديد الأمن القومى المصرى بإقامة علاقات لها مع السودان وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن إسرائيل بدأت فى التعامل مع السودان على أساس مصالح الكيان أولا، وبدأ السعى لإقامة علاقات ثنائية تتمثل فى التطبيع مقابل السلام الداخلى للسودان، ورفع العقوبات، وشطب الدين الخارجى السودانى. الجريدة بدأت تقريرها بأن الحكومة الإسرائيلية طلبت من الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبية ومساعدتها على تحسين العلاقات مع السودان، بحجة قطع السودان العلاقات مع إيران. وأوضحت أن مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشئون السياسية «توم شانون»، زار تل أبيب، وأجرى مباحثات عديدة مع دبلوماسيين إسرائيليين، منهم «ألون أوشبيز»، مسئول الجانب السياسى فى وزارة الخارجية الإسرائيلية، كما التقى بشكل منفصل مع مدير عام وزارة الخارجية «دورى جولد»، بالإضافة إلى زيارته لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، والتقى بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، وخصص وقتًا كبيرًا من النقاشات مع مسئولى وزارة الخارجية حول النشاط الدبلوماسى الإسرائيلى فى أفريقيا، وبشكل خاص فى العام الأخير. وأضافت الصحيفة أن مسئولى وزارة الخارجية الإسرائيلية، أكدوا ل«شانون» ضرورة تحسين العلاقات الأمريكية- السودانية، وذلك كمكافأة للخرطوم على قطع علاقاتها مع إيران، إضافة إلى تقاربهم مع الدول السنية، تحت العباءة السعودية. ومن الرسائل التى أُعطيت للولايات المتحدة من خلال «شانون»، أنه من الضرورى أن تُظهر الولاياتالمتحدة حسن النية تجاه حكومة «الخرطوم» وأولى الخطوات التى يجب أن تُتخذ فى هذا الإطار هى أن تُخرج الإدارة الأمريكية فى الوقت الحالى، السودان من قائمة الدول المؤيدة أو الراعية للإرهاب. «هآرتس» أشارت إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا تعتبر فى قانونها السودان، دولة معادية، إلا أنها أقرت أن العداء بينهما متأصل، وعلى الجانب الآخر، فالقانون السودانى يمنع المواطنين من دخول إسرائيل ويصفها بالعدو وأوضحت أن السر وراء هذا العداء، هو استضافة السودان لسنوات طويلة قادة حركة حماس داخل أراضيها، بالإضافة إلى أنها كانت حليفًا عسكريًا، وسياسيًا، ل«إيران»، وموالية لتنظيم «حزب الله»، واتهمت الصحيفة الإيرانيين بأنهم استغلوا السودان، كمكان لتهريب السلاح إلى قطاع غزة، وأقاموا مصنعاً بالخرطوم لإنتاج الصواريخ بعيدة المدى من أجل حركتى حماس والجهاد الإسلامى. وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل عددت إنجازات للسودان- حسب وجهة نظرها- منها أنها مع نهاية 2014 بدأت فى الابتعاد عن حليفتها السابقة «إيران»، وأرجعت ذلك إلى الضغط السعودى على الخرطوم. واعتبرت أن الضغط السعودى له مفعول السحر، بدليل أن السودان طردت الملحق الإيرانى الثقافى من السفارة فى الخرطوم، وأغلقت عدة مراكز ثقافية إيرانية عملت داخل السودان، وكانت الخطوة الأهم فى انضمام السودان إلى التحالف الذى تقوده السعودية لمحاربة الحوثيين فى اليمن، بالإضافة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل تام مع إيران فى يناير الماضى، بعد الهجوم على السفارة السعودية فى «طهران». الحكومة الإسرائيلية بعد ملاحظة تلك التطورات، أجرت اتصالات مع الإدارة الأمريكية، وفرنسا، وإيطاليا، ودول أوروبية أخرى، حول الشأن السودانى وطلب دبلوماسيون إسرائيليون من نظرائهم فى أوروبا مساعدة السودان، من أجل التغلب على الدين الخارجى لها، الذى يبلغ نحو 50 مليار دولار، بالإضافة إلى إمكانية محو جزء من الدين، أسوة بدول أخرى مرت بوضع اقتصادى مشابه. الصحيفة رصدت الحديث فى الشارع السودانى حول إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فى إطار ما يسمى ب «لجنة الحوار القومى السودانى»، الذى يشمل جميع الأحزاب والفصائل المتنوعة فى الدولة، بمن فيهم الجيش السودانى، وذلك من أجل إنهاء الصراعات الداخلية فى الدولة وأن أحزابًا سودانية وافقت على التطبيع فى محاولة للتقرب من الولاياتالمتحدة، لرفع العقوبات التى ضربت الاقتصاد السودانى، بالإضافة لعدم وجود سفارة أمريكية فى الخرطوم منذ منتصف التسعينيات. وأشادت بموقف وزير الخارجية السودانى «إبراهيم غندور»، الذى صرح فى خطاب علنى بضرورة البحث والتشاور فى قضية التطبيع مع إسرائيل، وأنهت الجريدة تقريرها أنه فى السنوات الأخيرة، منذ إعلان انفصال «جنوب السودان»، بدأت الولاياتالمتحدة أول حواراتها مع السودان، يحاول المبعوث الأمريكى «دونالد بوث» منذ فترة التوسط بين الفصائل المعارضة، والحكومة فى السودان، كما تضع الولاياتالمتحدة سلسلة من الشروط، لرفع العقوبات المفروضة على السودان. التقارب الإسرائيلي- السودانى قد يشعر البعض معه بالقلق خاصة فى ظل تقارب تل أبيب مع دول حوض النيل والسعى للتحكم فى مصير المياه، ويتضاعف القلق نتيجة تراجع الدور المصرى فى أفريقيا خلال السنوات الأخيرة. وانتقالا من خطورة التطبيع السودانى مع إسرائيل، إلى الخطر السودانى الذى تمثله عمليات التنقيب عن الذهب فى نوبة السودان والذى يتم بمواد مسممة ومحرمة دوليًا، وصفتها المنظمات الولية المهتمة بالشئون البيئية بأنها أخطر من النووى. الخطر الأكبر أن مخلفات المواد السامة التى تستخدم فى التنقيب ترمى فى نهر النيل مما يهدد بنفوق الثروة السمكية ليس فى مصر وحدها بل فى السودان أيضًا. رصدت منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان، فى تقرير لها مؤخرًا، كارثة بيئية جديدة تهدد حياة مواطنى مصر والسودان نتيجة استخدام شركات التنقيب عن الذهب، لمادة «السيانيد»، التى تستخدم لتنقية الذهب. وأوضحت المنظمة أنه وفق دراسات طبية أجريت فى هذا الشأن فإن استنشاق 200: 500 جزء من المليون من هيدروجين السيانيد لمدة 30 دقيقة يؤدى إلى الوفاة، والجرعة القاتلة للشخص البالغ تبلغ 75 ميليجرامًا وكافية لقتله فى دقيقتين فقط، أما جرعة 0.2 جرام فتقضى على الإنسان خلال ثوان وقد استخدمت جرعة السيانيد القاتلة فى عمليات الإعدام فى عدة دول. المنظمة قالت فى تقريرها إن استخدام السيانيد فى استخلاص الذهب محظور عالميًا، إلا أنه مستخدم فى العديد من الدول النامية. وحذرت المنظمة من نفوق الثروة السمكية لمصر والسودان نتيجة إلقاء بقايا «السيانيد» المذابة بنهر النيل وقد استخدم السيانيد فى صيد الأسماك بصورة دمرت البيئة البحرية فى الفلبين وإندونيسيا. زيدان القنائى المتحدث الإعلامى للمنظمة، دعا منظمة الأممالمتحدة والجهات الدولية المهتمة بالقضايا البيئية وجمعيات حماية البيئة ومنظمة الصحة العالمية لاتخاذ خطوات فاعلة لوقف استخدام «السيانيد» السام فى التنقيب عن الذهب بالسودان وفرض عقوبات على الشركات المصنعة لهذه المادة، وكذلك فرض عقوبات على الشركات المصدرة للسيانيد إلى السودان. المهندس محمد عثمان عبدالقادر أحد مؤسسى اللجنة الدولية لإنقاذ نوبة السودان ومناهضة السدود، وهى لجنة أُسست من النوبيين السودانيين لرفض قرار حكومة البشير بإنشاء سدود فى منطقة نوبة السودان، قال إن المنطقة النوبية بشمال السودان مستهدفة بالتعدين العشوائى بالزئبق منذ 2012، وذلك بعدما خسرت حكومة البشير منطقة البترول بعد انقسام السودان إلى شمال وجنوب، وبعدما أصبحت منطقة البترول ضمن الجنوب، اضطرت حكومة البشير إلى اللجوء إلى موارد منطقة نوبة السودان، واستعانت الحكومة السودانية بخبراء لطحن الصخور بالزئبق للتنقيب عن الذهب بطريقة عشوائية وتراكمت بقايا الصخور على أشكال جبال مما دفع الحكومة هناك لإنشاء مصانع للسيانيد على فدانين بنوبة السودان، رغم أن استخدام مادة السيانيد محرم دوليًا، وأصدرت منظمة الصحة العالمية بيانًا تؤكد فيه ضرورة التعامل مع مادة السيانيد بعيدًا عن موارد المياه بأكثر من 30 كيلو مترًا مربعًا، إلا أن المصانع التى تتعامل بتلك المادة السامة موجودة على بعد أمتار من نهر النيل بالسودان، وصنفت منظمة الصحة العالمية أخطار السيانيد بأنها لا تقل خطورة عن الكوارث النووية. عبدالقادر أكد أن هناك أمراضًا عديدة ظهرت بالمنطقة منذ بدء التعدين فى 2012، منها الكبد الوبائى وأمراض جلدية كثيرة بعضها لم يعرف الأطباء تشخيصًا له حتى الآن، وأن الشعب السودانى استشعر الخوف على وطنه، لذلك نظم وقفة لمناهضة إقامة مصانع للسيانيد بنوبة السودان وكل ما نطالب به هو تقنين التعدين بالنوبة، خاصة أن حتى المستخرج من الذهب لا يستفيد منه سوى النظام الحاكم فقط ولا يعود أى نفع على الشعب السودانى، لكن على الأقل إن لم سيستفد الشعب السودانى فعلى الأقل يتجنب أخطار الاستخراج، وسبق أن طالبنا الحكومة السودانية بشكل رسمى بوقف عشوائية التعدين. عبدالقادر أشار إلى أن النوبيين الموجودين بالخارج سيلجأون للمحاكم الدولية لإنقاذ الشعب السودانى من تلك الكارثة، وأطلقنا استغاثة للحكومة المصرية ومنظمات المجتمع المدنى هناك للتدخل وإيقاف الضرر الواقع على مصر، وأوضح: لا نزايد فى كلامنا والعلماء المصريون يمكنهم إثبات الأضرار التى نتحدث عنها بتحليل مياه النيل الملوثة ب«السيانيد أو الزئبق». وأضاف أن هناك دولاً كثيرة لها مصلحة فى استكمال استخراج الذهب بشمال السودان، وتتواجد جنسيات كثيرة مثل تشاد وإثيوبيا والصين وعدة موردين أجانب ومصانع تركية وقطرية وإسرائيلية على بُعد كيلو متر من النيل وجميع المستفيدين لا يهمهم المياه أو من يشرب منها، وقطر من أكبر المستفيدين من عملية التنقيب بهدف الحصول على الآثار الموجودة تحت الأرض ولو ذهبت إلى المتحف القطرى ستجدين أن 99 % من محتوياته آثار نوبية، فالمتحف القطرى اليوم ينافس المتحف المصرى، وسرقة تاريخ السودان تتم بموافقة البشير ونظامه، والحكومة السودانية تريد الانتقام من أهالى نوبة السودان بعد رفضهم بناء السدود، وكانت تلك السدود ستنشأ بأموال سعودية، وأكد عبدالقادر أن عملية التعدين التى تتم قد يكون الهدف منها تهجير الأهالى لإقامة السدود بأريحية. الدكتور فيزيائى عبدالوهاب جابر أحد سكان النوبة المصرية، أكد أن منطقة النوبة فى مصر ظهرت بها أمراض كثيرة فى الآونة الأخيرة ما بين الفشل الكلوى والسرطان وأمراض جلدية ونتوقع أن السبب فى ذلك يرجع إلى المواد السامة الملقاة فى نهر النيل من السودان وهى إحدى مخلفات التنقيب عن الذهب فى السودان، وأوضح أن مخلفات مصانع السيانيد التى وصل عددها لأكثر من 6 مصانع حتى الآن تضر بمياه نهر النيل وأعلى نسبة إصابة أطفال بالسرطان توجد بمصر الآن، كما أن 40 % من شباب مصر يعانون من العجز الجنسى، وقد يكون السبب الأساسى فى ذلك هو إلقاء مخلفات الزئبق ومصانع السيانيد بنهر النيل والمياه التى تصل إلى المصريين مسممة بالزئبق والسيانيد بقرار رسمى من الحكومة السودانية، والأمر سياسى فالنوبيون بالسودان وقفوا أمام بناء سدود كدوان وجان والشريك، ويوجد آلاف الأطنان من الأسماك تنفق بنهر النيل نتيجة اختناقها بالسيانيد والسودان الدولة الوحيدة التى تستقبل النفايات من كل دول العالم التى تريد التخلص من نفاياتها، ويحدث ذلك على سبيل المقايضة، فاستلام النفايات يكون مقابل الاعتراف به كنظام يحكم بالسودان، بالإضافة إلى المقابل المادى، فالبشير أعلنها أنه عربى عباسى وجذوره من العباسيين. وأوضح أن البشير لديه مشكلة عقائدية مع النوبيين، فكمصرى نوبى أحتاج إلى إجراءات لكى أزور والدى بمدافن النوبة والسودان يعانى من إقصاء للقوميات فالترابى قال من قبل إن السودان بلد إسلامى أفريقى لا مجال للنصارى بها، فالنوبيون بجبال النوبة الوحيدون الذين يوجد بينهم الأب كاثوليكى والأم أرثوذكسية والابن وثنى والابنة مسلمة، فالحريات الدينية بها كما يجب أن تكون.