يبدو أن المطران الأنبا بيشوى لا يريد أن ينسى «وجيعة» خروجه من انتخابات الكرسى البابوى، ولا يريد الاعتراف بأن البابا اختيار السماء، ومن ثم يمارس الحفر للبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. ورغم محاولات البابا احتواء المطران فإنه لا يكف عن الهجوم عليه، عبر ما يمكن وصفه بألاعيب المطران المسكونية والعقائدية.. وكذلك بالأكاذيب التى منها أنه من أفضل 20 لاهوتيا على مستوى العالم، ذلك رغم أن له أكثر من 300 خطأ لاهوتى وعقائدى وكنسى فى أدبيات موثقة صوتا وصورة. عالم ألاعيب المطران بيشوى يكشف عن الوجه القبيح والحقيقى له والذى يمكن وصفه ب«تكنيك» المطران فى التعامل مع القضايا المختلفة، فالمطران يمتلك قدرة هائلة على «اللوع» الحوارى، فهو يستطيع من خلال مجموعة من المغالطات التى أتقنها أن يؤكد الحقيقة وعكسها متى دعت الحاجة إلى ذلك وأدبياته تحتفل بالكثير من ذلك وعلى سبيل المثال فهو يرى أن الخمر محرمة لأنها تؤدى إلى الخلاعة التى لا تليق بأبناء الله ويستند فى ذلك إلى قول القديس بولس الرسول لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح ثم يعود ويبيحها، مؤكدا أن السيد المسيح ذاته كان شريبا للخمر، مستندا إلى قول المسيح «هوذا إنسان أكول وشريب خمر» فالمطران يعتمد على اجتزاء النص الإنجيلى من سياقه ويقوم بتأويله بحسب المفهوم الذى يريد تأكيده والنص منها براء ف «اللوع» وثيق الصلة بكل القضايا التى يطرحها المطران ولا تجد له رأيا جامعا مانعا فى أى موضوع. ويطيب للمطران أن يصدر نفسه دائما إلى المجتمع القبطى على أنه حامى حمى الإيمان والحارس لبوابة العقيدة الأرثوذكسية فهو بطل الإيمان المغوار الذى يصول ويجول ويتعقب كل المخالفين للعقيدة ودائما ما يختلق بيشوى حروبا إيمانية من بنات أفكاره ووحى خياله ويصنع من نفسه بطلا فى تلك الحروب. تاريخ المطران حافل بالحروب التى كان فيها بطلا من ورق فهو من ادعى أن هناك مخططا «بروتوستانتيًا» لاختراق الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر والقضاء عليها وهو من خاض حروبا ضد علمانى الكنيسة وادعى عليهم بالخروج عن جادة الإيمان الأرثوذكسى الصحيح بل إمعانا فى التنكيل بهؤلاء العلمانيين قام بإصدار سلسلة من الكتب هاجم فيها رموز الحركة العلمانية واختص كلا منهم بكتاب مستقل يكفره فيه، والمطران هو من كفر كل الطوائف المسيحية جمعاء وأفرد الكتب والمقالات فى تفنيد فلسفات تلك الطوائف بحجج وبراهين كانت مثيرة للضحك والدهشة فى بعضها. رغم أن مواقف الأنبا بيشوى المعلنة والتى تنطلق من حروبه ضد طواحين الهواء اللاهوتية تؤكد أنه ضد الآخر «المسيحي» وأنه لا يقبل أى تفسيرات فى العقيدة إلا التى جادت عليه قريحته بها، إلا أنه مع ذلك دائم السعى نحو هذا الآخر الذى يقصيه وينفيه ويكفره، فأسفار المطران إلى كل المسكونة كثيرة ومتعددة ويستهدف من خلالها إقامة حوارات يدعى أنها بشأن العقيدة وتقريب وجهات النظر فى الإيمان ولكن إذا ما عاد إلى الداخل فى مصر امتطى صهوة جواده الخشبى وسيف الإيمان ليحارب من كان يسعى إلى التحاور معهم والحقيقة هنا هو أن الأنبا بيشوى يسعى إلى تحالفات مع الطوائف خارج مصر ليس للسعى لوحدة تلك الطوائف ولكن تلك التحالفات تتم بغرض جلب الدعم المادى وعلى الرغم من خطابه الصادم ضد تلك الطوائف والذى يروج له وسط البسطاء من الأقباط فإنه يتبنى خطابا آخر إذا ما سعى إلى جلب الدعم من الطوائف، فهو يتملق ويتودد ليصل إلى غايته. وهناك مساع حميدة من البابا تواضروس الثانى للوحدة مع الكنيسة الكاثوليكية، تلك الوحدة التى يتبناها البابا تقوم على اتخاذ المشتركات بين الكنيستين كمنطلق لها واعتبار الخلافات خصوصية لكل كنيسة دون التعرض لها أو التصدى لإثارة صدامات بشأنها والمشتركات كثيرة بين الكنيستين والوحدة هنا لا تعنى اعتناق إحدى الكنيستين لمعتقدات الكنيسة الأخرى ويساعد البابا تواضروس فى نجاح إتمام تلك الوحدة أن هناك على رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس الذى ينتهج سياسية نبذ الفرقة على المستوى الإنسانى ككل وليس على المستوى العقائدى فقط ليفتح بذلك مساحات رحبة للاتحاد بين الكنيستين فى ظل علاقة أخوية وليس علاقة اندماج،ومساعى الاتحاد هنا شأنها أن توقف ماكينة مصالح المطران مع الكاثوليك، فالبابا تواضروس رغم كونه أعلى مقاما من المطران أصبح يتصدر مشهد الوحدة مع الكنيسة الكاثوليكية وهو ما يقزم بيشوى وهنا قرر بيشوى إيقاف جهود البابا فى الوحدة مع الكنيسة الكاثوليكية وقام بحصر الخلافات التاريخية بين الكنيستين والتى بسببها فرضت «حرومات» متبادلة بين الكاثوليك والأرثوذكس وعلى الرغم من أن هناك مساعى كبيرة بين كرسى روما وكرسى الإسكندرية لرفع تلك الحرومات فإن بيشوى اتهم البابا تواضروس بأنه يسعى لاعتناق العقيدة الكاثوليكية ويعمل على القضاء على الإيمان الأرثوذكسى «كثلكة الكنيسة الأرثوذكسية» أى تحول الكنيسة الأرثوذكسية لاعتناق الإيمان الكاثوليكى ونسب هذا المخطط للبابا تواضروس. وبمقتضى مؤامرة «الكثلكة» يريد الأنبا إدخال الدولة طرفاً فى نزاعاته على الكرسى البابوى ومما لا شك فيه أن الوحدة مع الكاثوليك هى أحد أبعاد الأمن القومى المصرى لأن بابا روما هو الزعيم الروحى الذى يخضع له أكثر من مليارى مسيحى على مستوى العالم وهو صاحب المقام الروحى بين زعماء أمريكا والغرب وكلمته نافذة ولها ثقلها، كما أن البابا تواضروس من رموز الدولة فى مصر شاء من شاء ورفض من رفض وقداسته يضطلع بمهام وطنية كثيرة يفرضها عليه وضعه، والوحدة بين الكنيستين بالتأكيد سوف تكون ظهيراً دولياً داعما للسياسات المصرية فى كل المحافل العالمية والمطران بمحاولاته إيقاف قطار الوحدة بين الكنيستين يرسل رسائل إلى الدولة بأنه هو الأجدر والأقوى على قيادة هذا القطار. من المستقر عليه داخل العقيدة الأرثوذكسية عدم قبول كهنوت المرأة أو توليها مناصب كهنوتية أو أسقفية داخل الكنيسة، لكن هناك بعض الكنائس فى العالم التى رأت هذا التضييق على دور المرأة فى الكنيسة جاء لأسباب تاريخية همشت دور المرأة فى الحياة بشكل عام وفى الكنيسة بشكل خاص وهو ما يستوجب مراجعته،وتأسيساً على هذا أقرت بعض الكنائس أحقية المرأة فى تولى مناصب كهنوتية داخل الكنيسة خاصة أن النصوص والمرجعيات الإنجيلية بها ما يمكن تفسيره ليؤكد صحة كهنوت المرأة والبابا تواضروس فى سعيه نحو الوحدة بين الكنائس يزور تلك الكنائس ويتواصل مع الجميع بشكل إنسانى تحت مظلة المحبة التى أرادها الله للبشرية. وفى زيارته الأخيرة للسويد قام البابا بزيارة كنيسة لوثرية تقوم على خدمة الكهنوت بها امرأة تتولى منصب الأسقف ولكن المطران لم يفوت الفرصة فهاجم البابا مدعياً عليه بكسر تقاليد الكنيسة والخروج عن الوصايا الإنجيلية بزيارة كنيسة أسقفها امرأة وذهب المطران إلى المدى البعيد فى هجومه على البابا، حيث روج لأن البابا بصدد رسامة نساء كهنة وأساقفة داخل الكنيسة القبطية إمعاناً فى إثارة ثورة شعبية على البابا بل إنه اتهم البابا بأنه سوف يقر زواج المثليين ورسامتهم كهنة كما هو متبع فى الكنيسة اللوثرية التى زارها البابا دون الالتفات إلى البعد الإنسانى الذى ينطلق منه البابا باتخاذ الإنسانية ثابتاً مشتركاً فى الحوار مع الجميع وعجيب الأمر أن المطران ومنذ سنوات طويلة كان سباقاً للحوار مع هذه الكنائس هذا الحوار شارك فيه أساقفة نساء ولم يعترض المطران بل رحب بهن والتقط الصور التذكارية معهن فلماذا أباح المطران حواره مع أساقفة نساء ويمنع البابا من حتى مصافحتهن؟! فهل تطبق القوانين على البابا وينتهكها المطران.