لم يتخيل أحد أن إحدى ألعاب «البلاى استيشن» التى يتداولها الأطفال والمراهقون والشباب تحمل السيناريو الأسود للمنطقة العربية والمخطط الأمريكى الكامل والمشروع الصهيونى للشرق الأوسط الجديد فى إشاعة الفوضى فى المنطقة. لعبة Call of duty أو «نداء الواجب» إحدى أشهر الألعاب الأمريكية التى نالت شهرة واسعة حول العالم، ولعل من أخطر إصداراتها «كول أوف ديوتى.. مودرن وورفير» الصادرة فى 2007 والتى تدور أحداثها حول الحروب الأمريكية والصراعات داخل منطقة الشرق الأوسط واشتعال الأحداث فى أوكرانياوروسيا واليمن والعراق ومصر أيضا، والتى لاقت رواجا كبيرا فى الوطن العربى ومصر على وجه التحديد، والأخطر أنه لم ينتبه إليها أحد ولا نعرف من هو المسئول عن تمريرها دون إدراك الرسالة التى تحملها. روسيا الوحيدة التى انتبهت لخطورة هذه اللعبة وأهدافها الخبيثة فقامت بمنعها لاسيما بعد ظهور لافتات فى اللعبة مكتوب عليها «لا للروس». اللعبة الخبيثة تناولت الحرب على المنظمات الإرهابية التى تسيطر على هذه المنطقة، وهو الأمر الذى يدعو للدهشة، فكيف للعبة تم إصدارها فى 2007 أن تسرد السيناريو الكامل لما نعانى منه اليوم فى المنطقة؟ ∎ التمهيد ل«داعش» والجماعات الإرهابية يظهر فى لعبة «كول أوف ديوتى.. مودرن وورفير» انتشار الميليشيات الإرهابية على شاكلة القاعدة وداعش والتى تسيطر على المنطقة العربية، علاوة على انتشار القوات الأمريكية ودخولها لعدد من الدول العربية، وانتشار الفوضى والخراب واقتحام المساجد وحرقها ووجود الأسلحة فى أيدى الجميع لتظهر الدول العربية كقطع بركانية مشتعلة ومدمرة بالكامل. تبدأ الأحداث بتدمير العراق وانتشار القوات الأمريكية فى عدد من الدول المجاورة من بينها المملكة السعودية، ويظهر مع بداية اللعبة صوت يبدو لأحد الزعماء فى منطقة الخليج يتحدث بلهجة خليجية قائلاً: «اليوم يقف الجميع فى وجه القيادة والفساد.. لن نكون عبيداً.. يجب أن نحرر إخوتنا من الاحتلال الأجنبى». فاللعبة تفترض وجود قوات أجنبية وبالتحديد أمريكية داخل المنطقة العربية والخليج وتصور قادة العرب على أنهم «حنجوريين» أى أصحاب تصريحات رنانة وقوية وحماسية، إلا أنهم لايقدرون على تنفيذ شىء، فى المقابل فإنها تجسد كعادتها الجندى الأمريكى والقوات الأمريكية على أنهم أصحاب قدرات خارقة لايضاهيهم فيها أحد من حيث القوة الجسمانية والعسكرية والتخطيط واستراتيجية إدارة الحرب، وكأن الجندى الأمريكى لايقهر. فالمشاهد التى تتضمنها اللعبة تصور البلدان العربية فى حالة خراب، فالجو مكدر بغبار الحرب والسماء مليئة بالطائرات الحربية التى تقصف البيوت والمواقع الاستراتيجية بشكل عشوائى، كما تصور إطارت السيارات المشتعلة وإطلاق النار بشكل جنونى من قبل المسلحين والملثمين الذين يرددون عبارات «الله أكبر»، وجميعها أقرب للمشاهد التى نراها اليوم فى سورياوالعراق على أيدى التنظيم الإرهابى «داعش»، وبعض الجماعات المسلحة التى تطلق على نفسها جماعات «إسلامية». هذه اللقطات المتكررة على مدار اللعبة والتى تتطلب من اللاعبين القيام بمهمات عسكرية لضرب وقتل وتخريب مواقع مهمة فى البلدان العربية، هى بمثابة تدريب للأطفال والشباب على تخريب بلدانهم بأيديهم والتجرؤ على سحق الوطن بأيدى الغرب واستمراء لرؤية نزيف البلدان العربية والتعود على رؤيتها فى أبشع صورها. وتظهر فى اللعبة خريطة المنطقة ومصر على وجه التحديد، من خلال تصوير Long Shot أو لقطة عامة على خريطة مصر والبحر الأحمر ومحاولة إشعال الفتن ومحاصرة البلدان المحيطة بها لتوريطها. ∎ إشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد على صعيد آخر فإن اللعبة التى صممها اليهودى الأمريكى «بن شيشوسكى» أو «بنيامين شيشوسكى»، خططت لوجود صراعات داخلية وفتن بين أبناء الوطن الواحد من خلال اثنين من الشخصيات الخيالية التى تظهر فى السعودية وهما «ياسر الفولانى وخالد الأسد» أحدهما موالٍ لروسيا والآخر لأمريكا وتشتد الصراعات بينهما ويقتل أنصار الطرفين بعضهما البعض بطريقة همجية ووحشية، فى النهاية فإن هذا الأمر يصب فى مصلحة أمريكا وانتشار قواتها داخل المنطقة، وهو الأمر الذى يحدث حالياً فى الوطن العربى، حيث تشعل أمريكا الصراعات الداخلية وتحرض جماعات بعينها وتمولها بالمال والسلاح مقابل إشاعة الفوضى واستمرار هذه الحالة تحت مسمى «الفوضى الخلاقة»، والتى دعت إليها كونداليزا رايس، فى عام 2005 وقت أن كانت وزيرة الخارجية الأمريكية، تحت مسمى نشر الديمقراطية فى العالم العربى، وبدأ تشكيل ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد، من خلال رؤية الإدارة الأمريكية وإعادة رسم بلدان المنطقة بمنظور أمريكى. كما أن الصراعات الموجودة فى بلدان المنطقة العربية والتى اشتعلت مع ظهور موجات تغيير الأنظمة العربية، والتى بدأت فى تونس فى ديسمبر 2010 مروراً بمصر وسوريا واليمن وليبيا وعدد من الدول تلعب فيها أمريكا والغرب دوراً بارزاً فى إشعال الصراع بين أبناء الوطن الواحد، فما حدث فى ليبيا خير دليل على هذا الأمر، حيث دعمت قوات الناتو «حلف الشمال الأطلسى» المعارضة الليبية بالأسلحة والمعدات الثقيلة أمام قوات الجيش، وهو الأمر الذى أدى إلى انتشار الميليشيات المسلحة وتأجج الصراع إلى يومنا هذا، وهو نفسه ما تكرر فى سوريا حيث التناحر بين المعارضة والنظام ليسقط أبناء الوطن الواحد بأيدى بعضهم البعض والدخول إلى صراعات لا نهاية لها تصب فى النهاية لصالح الغرب الذى يتكالب على المنطقة العربية لنهب خيراته التى ربما يجهلها أبناء الوطن. تصوير البلدان داخل اللعبةيتم بطريقة أشبه بخرائط «جوجل إيرث» والتى تستعرض كل شبر على وجه الأرض وتصور بدقة الخرائط والأبعاد والتضاريس للمبانى والشوارع والملتقطة عبر القمر الصناعى، فى رصد حى للبلدان التى تدور بها أحداث اللعبة، وعلى الرغم من تحذير بعض النشطاء عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» فى أواخر 2011 فإن اللعبة تحتوى على مشاهد دمار وخراب ودخول قوات أمريكية إلى قلب القاهرة وتصويرها للافتات الأوتوستراد وشارع الجيش والعباسية وإحراق دبابات الجيش المصرى وتحويلها إلى مكان خرب متأجج تكاد أن تظهر بعض ملامحه من بين الدخان الكثيف المتصاعد من أثر الحرائق، إلا أن أحداً لم يتوقف إلى خطورة ما تتضمنه اللعبة، فلاتزال من أكثر الألعاب التى يقبل عليها الشباب فى بلادنا. والسؤال الذى يفرض نفسه بقوة: كيف لم ينتبه أحد إلى مثل هذه الأعمال التخريبية والتى أعدت لها أمريكا السيناريو مسبقاً فى 2007 وقدمته للعالم والوطن العربى على وجه التحديد؟.. وكيف ابتلع أبناؤه الطعم دون أدنى تفكير؟ فالسيارات المشتعلة فى مصر وحرق الدبابات والكتابة على الجدران بالجرافيتى كلها مشاهد تضمنتها هذه اللعبة فى 2007 إلا أنها فشلت فى استئناف باقى المخطط ودخول قواتها للأراضى المصرية بعد حالة الفوضى التى حاولت نشرها فى أعقاب 25 يناير .2011 تم تصميم اللعبة وإخراجها بحرفية شديدة وجودة سينمائية عالية، حيث تمت الإستعانة بعدد من خبراء هوليوود لإخراج وتمثيل وكتابة سيناريو اللعبة، حيث تمت الاستعانة ببعض كبار النجوم فى أمريكا مثل النجم كيفين سبيسى، الحاصل على جائزة الأوسكار كأفضل ممثل مرتين.. وفقاً لما ورد فى موقع «إم بى سى أكشن» فإن اللعبة تصدرت المركز الأول ضمن خدمة «إكس بوكس لايف» كأكثر الألعاب شعبية واستخداماً، وفقاً لما ورد بتقرير الشركة الأمريكية المطورة للعبة «اكتيفيجن». سلسلة «نداء الواجب» بدأت فى 2003 وكانت تدور أحداثها حول الحرب العالمية الثانية، إلا أنها لم تحظ بشعبية كبيرة، ثم توالت الإصدارات إلى أن قامت الشركة بطرح نسخة «كول أوف ديوتى.. مودرن وورفير» فى 2007 والتى حققت مبيعات خيالية، حيث تم بيع أكثر من 13 مليون نسخة، بعد أن كانت مبيعاتها لا تتعدى المليون نسخة فحسب.. واستمرت الشركة فى إنتاج إصدارات حديثة كل عام حتى عامنا هذا. ∎ الحرب العالمية الثالثة فى 2011 أصدرت الشركة نسخة جديدة من لعبة «نداء الواجب» بعنوان «مودرن وورفير 3» وتدور أحداثها حول الحرب العالمية الثالثة بدخول قوات روسية لأمريكا، تتنقل الأحداث إلى عدة بلدان من بينها «روسيا ونيويورك وواشنطن والصومال وجنوب أفريقيا ودبى». ليتجلى فى هذا الإصدار الصراع بين الدب الروسى وأمريكا وذلك مع بداية استعادة روسيا لمكانتها ونفوذها فى الشرق، لاسيما بعد الأحداث الأخيرة التى شهدتها المنطقة العربية والتى حاولت بعض الأنظمة أن تتخذها حليفاً بدلاً من أمريكا بعد فضح مخطط الأخيرة فى إشاعة الفوضى فى المنطقة. وتخطط اللعبة للصراعات بين أمريكاوروسيا ومحاولة ضرب عدد من الدول العربية والأفريقية مثل جنوب أفريقيا والصومال والإمارات، والتى تحولت إلى مدن خربة بعد دخول القوات الأجنبية لأراضيها. فمدينة «دبى» والتى تعد واحدة من أجمل مدن العالم تم تصويرها فى حالة من الدمار والخراب، حيث الدخان الكثيف المتصاعد الناتج عن القصف وتدمير مبانيها الشهيرة وفنادقها الكبرى على أيدى المسلحين الذين يطلقون النيران بشكل جنونى. وتابعت اللعبة المخطط الأمريكى فى القضاء على القوى الاقتصادية الصاعدة التى تهدد كيانها مثل الصين، ففى إصدار 2012 تدور الأحداث حول الحرب بين أمريكاوالصين فى 2025 أى بعد القضاء على الوطن العربى بدعوى الحرب على الإرهاب، وتدمير روسيا والتى تمثل لها أحد الأقطاب المنافسة، تأتى حربها على الصين، والغريب أن هذه اللعبة تم بيع أكثر من 24 مليون نسخة منها. ولعل هذا السيناريو وترتيب الأحداث والأولويات بهذه الدقة هو ما يجعلنا ندقق فى الأمر حيث لامجال لحسن النوايا هنا.. فالقصة أكبر من كونها مجرد لعبة للتسلية فهى مكتوبة وفقاً لأچندات خاصة، كذلك فإن السيناريو المكتوب فى اللعبة يسبق الأحداث التاريخية التى تسير بدقة عليه دون أن يدرى مستخدموها بهذه الكارثة. ∎ مصر وأحداث الضبعة اللافت للنظر أن الشركة الأمريكية المنتجة للعبة قامت بإصدار نسخة فى 2005 عن أحداث الحرب العالمية الثانية قبل التمهيد لنسخة الحرب على الإرهاب التى تحدثنا عنها سابقاً، واستعرضت من خلال هذا الجزء منطقة الضبعة وأحداث العلمين وتوغل القوات الأجنبية داخل الأراضى المصرية لمحاولة الاستيلاء على قناة السويس، حيث شنت القوات الإيطالية الموجودة فى ليبيا هجوماً على القوات البريطانية فى مصر،فهل هذا الأمر من قبيل الصدفة أيضاً؟ حيث تصوير الجنود المصريين وكل من يعترض القوات الإيطالية وهم غارقين فى دمائهم سواء تحصنوا فى المساجد أو الدشم العسكرية. وإذا كان الأمر غير مقصود فلماذا قامت شركة ألعاب أخرى تدعى «إم سى تو فرانس» الفرنسية بعمل لعبة أخرى تحمل اسم «سنايبر اليت» عن «الضبعة» وأحداث الحرب العالمية الثانية فى العام نفسه، علماً بأن منطقة «الضبعة» تشهد تطوراً كبيراً فى الأحداث لاسيما بعد أحداث الإطاحة بالرئيس الليبى معمر القذافى والمحاولات المستمرة فى تهريب الأسلحة للأراضى المصرية.