مياه سوهاج تشارك بالمعرض الدولي الأول في مصر لتكنولوجيا معالجة مياه الصرف وتنقيتها وتحليتها في دورته الثامنة    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    مصادر تكشف ل الشروق تعديلات حماس على ورقة وقف إطلاق النار    إعلام عبري: حزب الله هاجم بالصواريخ بلدة بشمال إسرائيل    ليفاندوفسكي يحسم موقفه من الانتقال للدوري السعودي    تشكيل الإسماعيلي المتوقع أمام الأهلي في الدوري    14 درجة مئوية.. الأرصاد تحذر من انخفاض الحرارة ليلًا (فيديو)    «التعليم» تحدد موعد امتحانات نهاية العام للطلاب المصريين في الخارج 2024    3 ألحان ل حميد الشاعري ضمن أفضل 50 أغنية عربية في القرن ال 21    الخميس..عرض الفيلم الوثائقي الجديد «في صحبة نجيب» بمعرض أبو ظبي للكتاب    إحالة فريق تنظيم الأسرة و13 من العاملين بالوحدة الصحية بالوسطاني في دمياط للتحقيق    هيئة سلامة الغذاء تقدم نصائح لشراء الأسماك المملحة.. والطرق الآمنة لتناولها في شم النسيم    بالفيديو.. خالد الجندي: هناك عرض يومي لأعمال الناس على الله    مفاجأة بأقوال عمال مصنع الفوم المحترق في مدينة بدر.. تفاصيل    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    تويتر الآن بث مباشر مباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك    "تضامن النواب" توصي عدم الكيل بمكيالين واستخدام حقوق الإنسان ذريعة الأهداف سياسية    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    خطوة واحدة تفصل ليفربول عن ضم الصخرة    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    طرد السفير الألماني من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    كتائب القسام تفجر جرافة إسرائيلية في بيت حانون ب شمال غزة    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    الشوري القطري والبرلمان البريطاني يبحثان علاقات التعاون البرلماني    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تعرف على إيرادات أفضل الأعمال السينمائية التنافسية في شباك التذاكر العالمية    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    كراسي وأحذية وسلاسل بشرية.. طرق غير تقليدية لدعم فلسطين حول العالم    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوملس ضحايا الإدمان والخيانة فى أمريكا

قامت الولايات المتحدة واستمرت وازدهرت اعتمادا على مبدأ الحزم فى تطبيق القانون، ففى نفس الوقت الذى يأخذ الكل حقه كاملاً فإنه مطالب بأداء واجبه كاملاً، فهم يسيرون بمبدأ (افعل ماتشاء شريطة ألا تخترق أو تتجاوز القانون)، ولولا ذلك لتحولت (أمريكا) إلى فوضى- كما قالت (مارى كريز)- إحدى الشخصيات الأمريكية البارزة بمدينة (لاس فيجاس) عاصمة ولاية (نيفادا)- بسبب (الزنوج والمكسيكان) المنتشرين بكثافة والذين يستمرئون كسب المال بالبلطجة، دون الرغبة فى بذل مجهود يذكر، ومشكلتهم أن (أمريكا) بلد قانون، وهم يريدون خرق القانون، ولكن تحت دولة القانون لا مكان لحيلهم.

∎ دولة بلا قلب

صرامة القانون وسرعة الحياة العملية إلى حد اللهاث - كما تقول (مارى) - جعلت أمريكا بلا قلب، لكنها فى الوقت ذاته تعجز عن حل العديد من المشكلات الإنسانية والمجتمعية، وأبرزها ظاهرة (الهوملس) التى تعتبر الشوكة التى تقف فى الحلق الأمريكى، وتؤرق هدوءه، واستقراره الأمنى، خاصة من يتحول منهم إلى مدمن للمخدرات والكحوليات.

ويشكل هؤلاء (المشردون)- كما يطلق عليهم - فى أمريكا نسبة 1٪ - 3 ملايين شخص- وهم أناس يفترشون الأرض، ويقتاتون من القمامة، ويقضون معظم يومهم فى الشوارع بلا مأوى، والتى تفضحهم ملابسهم الرثة، وشعرهم الأشعث، ولحاهم الكثيفة، مما جعل الناس تنفر منهم، وتفر من أمامهم.

سبعة أسباب - كما تقول (بشرى حسين) - العراقية الأمريكية والباحثة فى مركز (ريتشارد سون) الإسلامى الخيرى بتكساس - تدخل أصحابها فى دائرة (الهوملس) هى: عقوق الوالدين، ورفض الأبناء العيش تحت عباءة أسرهم رغبة فى الاستقلال، والمعاناة من التفكك الأسرى حيث لا تتوافر الرعاية من الآباء لانشغالهم الدائم فى جمع المال، أو لعب القمار، والذى قد يصل إلى حد طرد أبنائهم، بحجة عدم القدرة على الإنفاق، لأنهم كبروا، وعليهم شق طريقهم بأنفسهم، أو ضحايا ظاهرة الطلاق المنتشرة فى أمريكا، خاصة أن معظم الأمريكان يطلقون ويتزوجون دون ارتباط بالكنيسة، فغالبيتهم لا يتحملون مسئولية الزواج، ومصاريف البيت.

∎ جنس وأمراض نفسية

وتجد 90٪ منهم يمارسون الجنس، دون زواج، ومنهم المرضى النفسيون، وضحايا الخيانة الزوجية، وهى أحد الأسباب الرئيسية فى زيادة عدد (الهوملس)، وهى موجودة بكثرة، والذين تراكمت ديونهم لشركات التمويل العقارى، التى تمنحهم قروضا لشراء بيت أو سيارة، ثم يعجزون عن سداد قيمتها، إما بسبب طردهم من عملهم توفيراً للعمالة، أو لإشهار إفلاس الشركات، أو لاكتشاف إدمانهم للمخدرات والكحوليات، لأن المؤسسات الأمريكية لا تسمح مطلقاً بوجود هؤلاء بين موظفيها، إلا أن شرب الكحوليات مسموح به فى حدود المعقول، ولكنه لا يصل أبداً إلى درجة الإدمان، بينما المخدرات ممنوعة تماماً.

- كل هذه الأسباب تجعل (الهوملس) يعيشون حالة من الفقر والبوهيمية، ويشعرون أنهم أشخاص غير مرغوبين، ومحتقرون، وملفوظون من المجتمع، فيعيشون حالة من الضياع، ويهيمون على وجوههم بلا مأوى أو هدف، وتجد معظمهم (راكبهم الشياطين)، وأظافرهم طويلة، ولا يستحمون.

∎ لقاءات مع هوملس

من (واشنطن) إلى (تكساس) إلى (لاس فيجاس) اقتربت أكثر من المجتمع الأمريكى، قابلت الهوملس العديد منهم: (ستيفن) وهو شاب أمريكى أصلى، من أصحاب الرقاب الحمراء، فى الثامنة عشرة من عمره، ووجدته حزيناً ومنكسراً، فسألته عن السبب، فرد بأن أسرته طردته، وهو فى سن السادسة عشرة، بعد حصوله على الثانوية العامة، ورغم أن بنيانه الجسمانى، وتفوقه العلمى، رشحاه لمنحة مجانية للإلتحاق بقوات (المارينز)، إلا أن أحلامه تحطمت على صخرة قسوة الظروف، التى تعرض لها، حتى أضحى هائماً على وجهه، لايعرف لبوصلته إتجاه.

(نياكيدين) شاب آخر، أصوله من الهنود الحمر، عمره 26 عاماً، كان يعمل ملاحاً فى مطار ولاية (نيومكسيكو)، إلى أن أعلنت الشركة الجوية، التى يعمل بها، استغناءها عنه، بسبب إدمانه الكحول والمخدرات، اللذين ورثهما عن والده، وكان ذلك سبباً فى تحطيم مستقبله، وانتمائه إلى عالم المهمشين والمنبوذين.

فى ولاية (أريزونا)، إلتقيت برجل يدعى ( جون)، عمره 50 سنة، وجدته يسير فى حركات عشوائية بهلوانية، ثم يتوقف فجأة، ويهزى بكلمات غير مفهومة، ثم يعاود السير، ويكرر نفس الحركات، واتضح أنه يعانى من أزمة نفسية طاحنة بسبب تعرضه للخيانة الزوجية، وهو ما أكده لى، بعد أن هدأ، وعزمت عليه ببعض المأكولات والعصائر، ثم حكى لى قصته، التى بدأت منذ ثلاثة أعوام، قبلها كان يعيش فى سعادة أسرية، ومهنية فى وظيفته المحترمة، التى كان يشغلها فى أحد البنوك، ويتقاضى عنها راتباً شهرياً، وصل إلى 7000 دولار، يستقطع منه نصفه، لقروض البيت والسيارة، إلا أن تعرضه للخيانة الزوجية دمر حياته، بعد أن تراكمت عليه الديون، بعد فصله من عمله نتيجة إدمانه للمخدرات والكحوليات .

(ليزا) فى الأربعين من عمرها، كانت عاملة فى أحد المطاعم الشهيرة، وتحصل على 2500 دولار راتب شهرياً، اضطرت أن تقترض لشراء منزل صغير وسيارة، فظل يخصم منها 1800 دولار شهرياً، بفائدة 3٪ - تصاعدت بعد ثلاث سنوات، لتصل إلى 9٪ - ولما تعثرت فى السداد، نتيجة فقدها العمل، بعد إفلاس المطعم، فتم الحجز على المنزل والسيارة، ثم وضعت فى قوائم المتعثرين، عقاباً لها، حتى لا تمنح قروضاً من جهات أخرى، فكان طريق (الهوملس) هو الأرحب والأرحم، بعد أن ضاقت كل السبل فى وجهها.

أمريكا بلا عاطفة

هكذا هى أمريكا، لا ترحم، طالما أنك لم تحسبها صح، فهى لا تعرف العواطف، ولا الرحمة، الدولار هو لغة حوارها الرسمى، وعدم اختراق القانون، هو جواز المرور للمعاملة الحسنة المحترمة، دون ذلك، لا تأخذها الشفقة بأحد.

رغم أن الحكومة الفيدرالية لا تدعم (الهوملس) أو المشردين، إلا أن حكومات الولايات هى المسئولة عن هذا الدور، بجانب مؤسسات المجتمع المدنى، والكنائس، وبعض الأغنياء، ورجال الأعمال، الذين يتبرعون لهم بشكل دورى، فى محاولة لإيوائهم، بدلاً من تسكعهم على الأرصفة، أو بداخل الأنفاق أو محطات المترو، كما أن مساكن الإيواء هناك مختلطة، يوضع فيها الرجال والنساء معاً فى غرف واحدة، كما يوجد فى (أمريكا) 14 بنكاً للطعام، أغلبها قطاع خاص، تقوم بتوفير الطعام لهم يومياً .

والمشهد الذى يلفت الانتباه، ما يحدث يوميا أمام البيت الأبيض بولاية (واشنطن دى سى) .. ففى تمام الخامسة مساء، يصطف (الهوملس) كل يوم أمامه للحصول على وجبتهم الأساسية .
ويشارك رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال فى الأعمال الخيرية، التى يشجع عليها المجتمع الأمريكى، للتخلص من عبء الضرائب، التى تذبحهم سنوياً، كما يرعى (الهوملس) للسيطرة عليهم، ومحاصرتهم إجرامياً، وهو ما ظهر جلياً فى السنوات الأخيرة، بعد أن تراجعت جرائمهم عن معدلاتها السنوية .

ورغم أنهم مشردون، ومعدمون، وفى إحتياج دائم للمال والطعام، ومنهم المجرمون، إلا أن القانون يقف دائماً لهم بالمرصاد، ويجعلهم يطلبون المساعدة فى أدب جم، دون إزعاج الآخرين، فإذا التزموا بالنظام العام، كانت الشرطة أداة حماية لهم، ولا يقترب منهم أى فرد أمن، أما إذا اخترقوا النظام والقانون، فالعنف يكون الوسيلة الوحيدة لقمعهم، والمرة الوحيدة التى تدخلت الشرطة لتفريقهم - كانوا بالآلاف - عندما تجمعوا فى ولاية (أريزونا) منذ عامين، كنوع من التدفئة الجماعية، بعد أن وصلت درجة الحرارة وقتها إلى 10 تحت الصفر، حيث لم يجدوا مايستدفئون به إلا تلاحم أجسادهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.