بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    أسعار العملات اليوم الجمعة 17-5-2024 مقابل الجنيه المصري بالبنوك    أسعار الحديد اليوم الجمعة 17-5-2024 في أسواق محافظة المنيا    مراسل القاهرة الإخبارية: العدوان الإسرائيلي على رفح الفلسطينية يتصاعد    "حزب الله" يشن هجوما جويا على خيم مبيت جنود الجيش الإسرائيلي في جعتون    فصائل فلسطينية: قصفنا تجمعا لآليات الاحتلال وقوة إسرائيلية شرق جباليا    الخضري: لا بد من مشاركة شحاتة أساسيا مع الزمالك.. وأخشى من تسجيل نهضة بركان لهدف    مستقبل تشافي مع برشلونة في خطر.. الأجواء تشتعل    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة المنيا    أيمن صفوت يفوز بجائزة أفضل فيلم تسجيلي من مهرجان الفيمتو آرت بأكاديمية الفنون    مي عز الدين تحتفل بعيد ميلاد الزعيم عادل إمام على طريقتها الخاصة (فيديو)    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    تركيا تجري محادثات مع بي.واي.دي وشيري لبناء مصنع للسيارات الكهربائية    موعد مباراة النصر والهلال والقنوات الناقلة في الدوري السعودي    تشكيل النصر والهلال المتوقع في الدوري السعودي.. الموعد والقنوات الناقلة    أستراليا تفرض عقوبات على كيانات مرتبطة بتزويد روسيا بأسلحة كورية شمالية    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    فصائل فلسطينية: قصفنا تجمعا لآليات الاحتلال وقوة إسرائيلية فى جباليا    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    الفن المصرى «سلاح مقاومة» لدعم القضية الفلسطينية    فرصة استثمارية واعدة    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    الاحتلال يُجرف مناطق في بيت حانون    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 17 مايو 2024    استئناف الرحلات والأنشطة البحرية والغطس في الغردقة بعد تحسن الأحوال الجوية    دعاء تسهيل الامتحان.. «اللهم أجعل الصعب سهلا وافتح علينا فتوح العارفين»    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    «قضايا اغتصاب واعتداء».. بسمة وهبة تفضح «أوبر» بالصوت والصورة (فيديو)    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    «رايحة فرح في نص الليل؟».. رد محامي سائق أوبر على واقعة فتاة التجمع    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغاضبون من الحد الأقصى للأجور

قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى ببدء تطبيق الحد الأقصى للعاملين فى الدولة من أول مرتبات يوليو الحالى والتى تبلغ حوالى 42 ألف جنيه شهريًا، أى ما يمثل حوالى 35 ضعف الحد الأدنى والذى قدر ب 1200 جنيه أثار حالة من الغليان والسخط، خاصة بين قيادات القطاع المصرفى والاتصالات والبترول والقضاة حتى بعض قيادات وزارة الداخلية.

«روزاليوسف» طرحت عدة تساؤلات: هل سيكون الحد الأقصى للأجور مدخل المعارضين لثورة ثالثة، سؤال بات يطرح نفسه، حيث ظهرت فى الأفق بوادر أزمة جديدة بين الحكومة والرئاسة من جهة، وأصحاب المصالح خصوصا بقطاعات الاتصالات والبترول والبنوك لتعارض القانون مع مصالحهم الشخصية، من جانب آخر.

وبرغم تأكيدات فقهاء الدستور بأن تطبيق الحد الأقصى للأجور لن يتعارض مع أى مواد بالدستور، هذا فى الوقت الذى أكد فيه د.هانى قدرى وزير المالية، أن قانون الحد الأقصى للأجور سوف يشمل كل دخل الفرد، مشتملاً كل البدلات والمنح وغيره، عدا شيئًا واحدًا، وهو بدل السفر، مثل البعثات العلمية والدبلوماسية وممثلى مصر فى الخارج.

موضحا أنه بعد عودة العاملين فى السفارات إلى مصر سيتم معاملتهم بقانون الحد الأقصى للأجور، مؤكدًا أن القانون لم يستثنِ أحدًا حتى وزارات الدفاع والداخلية والاقتصاد والمالية وجميع العاملين فى البنوك المصرية.

رواتب الاتصالات

وفقا لما أكدته لنا مصادرنا الاقتصادية، فإن الرواتب الشهرية للعاملين بقطاع الاتصالات تتجاوز ال 200 ألف جنيه، بينما تصل رواتب البعض الآخر منهم للمليون جنيه، وهو الأمر الذى جعل رئيس الوزراء السابق الدكتور حازم الببلاوى يقوم باستثنائهم من تطبيق القرار خلال ترأسه للحكومة، وبالتالى يقفز التساؤل الذى يطرح نفسه حول كيفية إخضاعها للحد الأقصى والتى يبلغ 42 ألف جنيه، وهو ما يهدد بقلاقل ربما تحركها تلك الفئات من أصحاب المصالح ضد الحكومة والرئاسة لمنعهم من الاقتراب منها.

على جانب آخر تأتى فئة القضاة ضمن الفئات المحتمل أن تثير أزمة فى حال طبق عليها القرار، فبينما تتراوح مرتبات القضاة الصغار ما بين الثلاثين والأربعين ألف جنيه، تصل الرواتب الشهرية لأباطرة القضاء إلى مليون ومليونى جنيه وهو ما يهدد بثورة قضائية تشبه تماما ثورة القضاء على الرئيس الأسبق محمد مرسى.

وإن استطاعت الحكومة أن تنجو من رياح موظفى قطاع الاتصالات، وأعاصير القضاء، فحتما لن تنجو - بحسب الخبراء - من تسونامى موظفى البترول التى يعلم الجميع تماما الرواتب الخيالية التى يتقاضونها، وبالتالى لن يكون من السهل عليهم تقبل فكرة الحد الأقصى، خصوصا أن عددا كبيرا من رؤساء مجالس الإدارات تتجاوز رواتبهم ملايين اليد الواحدة.

بين عصام شرف والجنزورى

إلا أن المأسأة التى تراودنا أنه فى عهد حكومة الدكتور عصام شرف صدر مرسوم بقانون رقم 242 لسنة 2011 لتحديد الحد الأقصى للدخول وربطه بالحد الأدنى، وبعد تولى الدكتور كمال الجنزورى رئاسة الوزراء فى ديسمبر 2011 أصدر قرارًا بتطبيق مرسوم القانون، على أن يبدأ التنفيذ من يناير 2012 وينص المرسوم على ألا يزيد مجموع الدخل الذى يتقاضاه أى شخص من الخاضعين لأحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة، على خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى لمجموع أقل دخل فى الجهة التى يعمل بها، وينطبق على كل ما يتقاضاه سواء كان فى شكل راتب أو مكافأة أو حافز أو أجر إضافى أو بدل أو مقابل حضور جلسات مجلس إدارة أو لجان، وسواء فى جهة عمله أو أى جهة أخرى، على أن تؤول إلى الخزانة العامة المبالغ التى تزيد على الحد الأقصى، وإلزام من تقاضاها بردها إلى جهة عمله قبل مضى ثلاثين يومًا من انتهاء السنة المالية، مع فرض غرامة على الممتنع.

إلا أن هذا لم يطبق وفى أثناء حكم الإخوان، أصدر وزير المالية الأسبق المرسى حجازى منشورا عاما برقم 1 لسنة 2013 يطالب من يتعدى دخله 35 ضعف الحد الأدنى للدخل بنفس الجهة بتقديم إقرار عن كامل دخله، مع سداد أى مبالغ تزيد على الحد الأقصى، وذلك فى موعد أقصاه 30 مايو من كل عام.

وفى سبتمبر 2013 خاطبت وزارة المالية جميع الجهات الحكومية لاتخاذ إجراءات تطبيق الحد الأقصى لدخول العاملين بكل جهة على حدة، وربطه بالحد الأدنى، بأثر رجعى من أول يوليو 2013 وفى نوفمبر من نفس العام، أصدر الدكتور حازم الببلاوى - رئيس الوزراء السابق - قرارا بتحديد الحد الأقصى للدخل فى الجهاز الإدارى للدولة ب35 مثل الحد الأدنى وبحيث لا يتجاوز 42 ألف جنيه، واتخاذ الإجراءات القانونية لتطبيق ذلك ابتداء من أول يناير2014 وتكليف وزيرى المالية والتنمية الإدارية بتحديد الآليات اللازمة لتنفيذ ذلك.

وأخيرا فى حكومة المهندس ابراهيم محلب، تم إصدار قرار بتطبيق الحد الأقصى للأجور ليشمل جميع ما يتقاضاه الموظف العام من بدلات حضور وانتقال وخلافه، وإلزام مراقبى حسابات المالية والجهاز المركزى للمحاسبات بتنفيذ هذا القرار، وعليهم وعلى كل الأجهزة الرقابية الأخرى الإبلاغ عن أية مخالفة، وإلزام من صرفت إليه المبالغ الزائدة بردها فورا، وكان من المفترض أن العمل بالقرار بدأ منذ 26 مارس الماضى إلا أن حالة الرفض هى التى كانت تقف فى تطبيقه حتى الآن.

جيهان عبد الرحمن القائمة بأعمال رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة قالت لنا إن الجهاز بدأ بتوزيع صورة إقرار بالمبالغ الزائدة على الحد الأقصى للدخل من المال العام على الوحدات الحسابية فى أجهزة الحكومة لحساب الزيادة.

يأتى ذلك على أن يتم السداد قبل 30 يوماً من انتهاء السنة المالية لجميع الفئات الواردة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 322 لسنة 2012 بالقواعد التنفيذية لتطبيق الحد الأقصى للأجور.

والتى تسرى على العاملين المدنيين بالدولة المطبق عليهم القانون 47 لسنة 78 والعاملين بالقطاع العام الخاضعين لأحكام القانون 48 لسنة 78 والعاملين بالهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية والعاملين المخاطبين بقوانين خاصة أو كادرات خاصة، مثل الهيئات القضائية، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وأعضاء هيئة الشرطة وأعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات، وأعضاء هيئة الرقابة الإدارية، وهيئة قناة السويس، والبنك المركزى المصرى، والبنوك العامة، وأعضاء السلك الدبلوماسى والقنصلى.

وأشارت رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة إلى أن قرار الحد الأقصى سيسرى على العاملين سواء دائمين أو مؤقتين فى الجهات السابق الإشارة إليها، أو حتى كان مستشاراً أو خبيراً وطنياً أو قيادياً.

وأوضحت أن كل من يمتنع عن تقديم الإقرار فى الميعاد المحدد أو عدم رد المبالغ الزائدة عن الحد الأقصى فى جهة عمله، ستوقع عليه غرامة لا تقل عن 25٪ ولا تتجاوز 100٪ مما حصل عليه من دخول بالزيادة عن الحد الأقصى، مع إلزامه بسداد تلك الغرامة، ورد ما تقاضاه من مبالغ تجاوز الحد الأقصى إلى الجهة الإدارية التى يتبعها.

وشددت على أنه يخرج من نطاق حساب الحد الأقصى بدلات السفر المقررة لمهام محددة فى الداخل أو الخارج، ويحسب الحد الأقصى على أساس الدخل الشامل للموظف والمكافآت والحوافز والأجور الإضافية، وبدلات ومقابل حضور جلسات مجالس الإدارة أو اللجان سواء من جهة عمله أو فى أى جهة أخرى، وأى مبالغ تصرف من المال العام.

كما يحظر على أى موظف أن يعمل لدى أى من الجهات الأخرى، سواء تابعة للدولة أو لا تتبع الدولة، ولكن تصرف من المال العام إلا بموافقة جهة عمله، فيما يشمل مجال تطبيق الحد الأقصى 20 ألف قيادة من قيادات الجهات السابق ذكرها، وتشمل بدءا من المدير العام ووكيل الوزارة ووكيل أول الوزارة ورؤساء القطاعات ورؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء الكليات ورؤساء المراكز البحثية والكادرات الخاصة بكل أنواعها، وقيادات الجهاز الإدارى للدولة ممن يعملون فى مجالس إدارة الشركات القابضة المملوكة للحكومة.

هذا فى الوقت الذى أكد لنا مصدر بالجهاز المركزى للتنظيم والإدارة إن تطبيق الحد الأقصى للأجور على جميع الموظفين الحكوميين دون استثناء يوفر نحو 20 مليار جنيه سنوياً، موضحاً أن ما يحدث حالياً من حصر قيادات الجهاز الإدارى للدولة مثل الوزارات، والجامعات، والمحليات، والهيئات الخدمية، لن يوفر إلا 2 مليار فقط عند تطبيق الحد الأقصى، بينما يوفر تطبيق الحد على القطاعات غير الخاضعة للقانون 47 لسنة 78 نحو 18 مليار جنيه.

وأضاف المصدر أن هناك قطاعات أخرى لابد من تطبيق الحد الأقصى عليها، فى مقدمتها قطاع الأعمال العام، والقطاع العام، والمؤسسات الصحفية القومية، والقضاء، والشرطة، والبنوك، وهى قطاعات لا تخضع لقانون العاملين بالجهاز الإدارى، مشيراً إلى أن الجهاز لا يملك سلطة تطبيق الحد على الكيانات غير الخاضعة لقانون العاملين بالدولة.

حاولنا أن نرصد حالة الرفض والاستياء التى تسود القطاع المصرفى فى حال تطبيق الحد الاقصى الذى سيطبق على قائمة من البنوك، وهى البنك المركزى والبنك الأهلى المصرى وبنك مصر والقاهرة والتنمية والائتمان الزراعى وبنك الاستثمار العربى وبنك الاستثمار القومى، وبنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، والبنك العقارى المصرى العربى، وبنك التعمير والإسكان.

طارق عامر رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس البنك الأهلى المصرى رفض وضع حدٍّ أقصى لأجور المصرفيين، واستند عامر فى هذا الرفض إلى تخوفه من أن تعود البنوك إلى الحالة التى كانت عليها قبل عملية الإصلاح المصرفى، حينما كانت مستويات المرتبات لا تحفز على العمل.

بينما حذر مسئول بارز فى البنك المركزى من هجرة الكوادر المصرفية إلى الخارج، ووصف تصريحات رئيس الوزراء حول اتجاه الحكومة لوضع حد أقصى وأدنى للعاملين بالبنوك العامة ب«غير المقبولة»، وأنها تدخل فى شئون البنك المركزى، الذى يتمتع باستقلالية كاملة فى اتخاذ جميع القرارات الخاصة به وفقًا لقانونه 88 لسنة 2003م.

والسؤال الذى يطرح نفسه: لماذا يرفض البنك المركزى ورؤساء البنوك العامة وضع حد أقصى لأجور العاملين بالبنوك؟ وما تأثير ذلك على القطاع المصرفى فى مصر؟

صلاح جودة، مدير مركز الدراسات الاقتصادية يقول لنا، إنه يجب وضع حد أدنى وأقصى للأجور لكل العاملين فى القطاع الحكومى بما فيهم موظفو البنوك.

مشيرا إلى أن المركز بالفعل كان قد قدم مشروع وضع حد أدنى وأقصى لأجور العاملين فى الدولة وموظفى البنوك عام 2008م، وكان قد قدمه إلى أحمد نظيف وبطرس غالى، ولكن المشروع قوبل بالرفض بحجة أنه لا توجد موارد، مؤكدا أن المشروع كان يحدد الحد الأدنى بقيمة 1200 جنيه والحد الأقصى بقيمة 30000 جنيه؛ مما يعمل ذلك على توفير 62 مليار جنيه تدخل فى خزانة الدولة، من إجمالى مرتبات موظفى الدولة والتى تبلغ 175 مليار جنيه.

ويؤكد أن معظم الأرباح البنكية التى يصرح بها البنوك هى أرباح وهمية ورقية ولا وجود لها فى الواقع، مطالبًا بتطبيق عدة معايير على الوظائف الحكومية حتى يتسنى للحكومة أن تحكم على الموظف وتعطيه ما يستحق، ومن هذه المعايير ما أسماه التوصيف الوظيفى، بمعنى أن يكون لكل موظف شأن وظيفى لا يخرج عنه، وأيضًا هناك الجودة الوظيفية التى تتيح للحكومة التقييم الوظيفى لكلِّ موظف فى الدولة إلى جانب الرقابة على موظفى الدولة بما يتيح للحكومة جنى الثمار من موظفيها.

بينما يرى محمد بدرة، الخبير المصرفى والمدير الإقليمى والعضو المنتدب السابق لبنك المشرق، إنه يؤيد مبدأ وضع حد أقصى لأجور العاملين فى بنوك القطاع العام، مضيفًا أنه لا يمكن تطبيق ذلك دفعة واحدة، ولكن يجب أن يسبق هذا فترة تمهيدية؛ حيث إن التفاوت كبير بين المرتبات والحد الأقصى المقترح.

ويرى أنه يمكن تدرج الحد الأقصى لمدة زمنية معينة وفى خلال تلك الفترة نكون قد قمنا بتدريب الكوادر البشرية القادرة على شغل هذه المناصب المهمة فى البنوك.

وعن الآلية التى يمكن اتباعها لكى يتم تطبيق الحد الأقصى على أجور العاملين فى البنوك قال بدرة: إنه يجب على وزير المالية أن يعمل على عقد جلسات مناقشة فى الموضوع مع اتحاد البنوك المصرية؛ حتى يتم الاتفاق بين كلا الطرفين على صيغة معينة لقرار تطبيق الحد الأقصى للأجور.

أحمد نصحى وكيل محافظ البنك المركزى الأسبق قال لنا إن مرتبات موظفى البنوك العامة تستقطع من أرباح البنوك، ولا تحول من المالية، والإعفاء السابق من الحد الأقصى كان وفقا للقانون الذى استثنى بعض الجهات التابعة للدولة، وقصرها على الجهاز الإدارى.

واستطرد قائلا إن الاعراف والتقاليد المعمول بها من الدولة استقرت على استقلال الجهاز المصرفى وعدم تبعيته للحكومة، وهو ما رفع من قيمة بنوك الدولة وحولها من خسارة ما يزيد على 120 مليار جنيه «ديون متعثرة» إلى رابحة ومساندة للاقتصاد فى أشد أوقات الأزمات التى مرت بالبلاد السنوات الأخيرة.

مؤكدة أن تلك الأضرار لا محالة سوف تحدث فى حالة هجرة كوادر محترفة فى البنوك العامة إلى البنوك الخاصة والأجنبية فى السوق.

وأضاف إنه ربما تحدث انتكاسة على الأكثر فى البنوك العامة فى حدود عامين فى حالة هروب كوادر محترفة تعمل فى مخاطر مرتفعة، ولن تجد ما يناسبها فى البنوك العامة، لتخرج منها سواء إلى الخارج أو الداخل فى حالة وجود عروض. خاصة وأن بدائل هؤلاء غير متوافرين كما يظن البعض بسهولة.

وقال إن القرار لا يراعى التضخم مثلا، وتغيير الاسعار فى المستقبل، فهناك ربط فى الأجر دون مراعاة جوانب أخرى، وكذلك متغيرات السوق والمنافسة داخله مع البنوك الأجنبية والخاصة التى تدفع أكثر حتى من المعمول بها قبل قرار الحد الاقصى،
وكان من الأفضل التطبيق التدريجى على مراحل، أو حتى وضع عام أو عامين للتطبيق فقط، ومن ثم إمكانية الإبقاء على قيادات مصرفية قد تهجر البنوك العامة إلى أماكن أخرى موجودة فى السوق وخارجه.

وأكد أن بعض الوظائف مثل التى تتعامل فى المعاملات الدولية والمخاطر، يحصل من يؤديها حتى لو كان صغير السن على مبالغ كبيرة مقارنة بمن هو فى وظيفة أخرى حتى لو كان أكبر سنا، فكيف نحافظ على قدرات احترافية داخل البنوك العامة فى حالة التطبيق، وجهل تام للمرتبات فى البنوك الأجنبية والخاصة «ربط الأجر بالمستهدف أليس هو الحل الامثل».

وأشار إلى أن معظم القيادات المصرفية التى تولت الاصلاح المصرفى قبل اكثر من 12عاما، قادمة من البنوك الخاصة والاجنبية، وحصلت على خبرات كبيرة نقلتها إلى البنوك العامة وفى حالة خروجها من المتوقع عودة البنوك إلى ما كانت عليه من ترهل ومشاكل غير مستبعد.

عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادى والذى شارك كعضو فى المجلس القومى للأجور رفض الاستثناءات التى تطلبها بعض الجهات مثل البترول والاتصالات والقضاء، مرجعا الأزمة من الأساس لافتقاد الدولة لوجود جدول أجور متدرج ماليا لجميع الوظائف وغياب التكاليف المالية وتحكم البيروقراطية المالية فى وزارة المالية.

لافتا إلى أن الدرجة السادسة فى القطاع الحكومى تشمل نحو600 ألف موظف والخامسة تقل لتصل إلى250 ألف موظف فقط وترتفع الدرجة الرابعة بشكل مضاعف لتصل لنحو مليونى موظف حيث تشمل جميع الذين تمت ترقيتهم من الدرجات الدنيا وتعيينات الدبلومات والشهادت المتوسطة وتشمل الدرجة الثالثة أيضا نحو مليونى موظف من الترقيات وتعيينات المؤهلات العليا وتأتى بعد ذلك الدرجات العليا من مدير عام ثم الممتازة وتشمل وكلاء الوزارة وتشكل نحو10 آلاف شخص، يضاف إليهم المستشارون الذين لا توجد لهم وظائف إدارية قيادية، فيتم ترقيتهم لوظائف تكرارية مثل مستشار أو مدير عام كبير باحثين وهم كثرة ويشكلون من80 -90 ألف موظف والمبالغ التى يتقاضونها ضخمة.

هذا فى الوقت الذى رفضت فيه هيئات قضائية إرسال كشوف بأجور العاملين بهذه الهيئات لتجاوز رواتبهم الحد الأقصى للأجور الذى أقره الرئيس، فضلا عن رفض وزارة الداخلية إرسال أى كشوف برواتب الموظفين للجهاز المركزى للمحاسبات، حسبما أكد الجهاز بدعاوى أنهم يقاطعون الجهاز لرفض استبدال الفريق الحالى الذى يراقب موازنة الوزارة بفريق آخر تقبله الوزارة!

وأكدت المصادر التى فضلت عدم ذكر اسمها أن إقرار الحد الأقصى للأجور على الجهاز الإدارى للدولة (الجامعات والمحليات والهيئات الخدمية والوزارات) يوفر مليارى جنيه فقط للموازنة العامة، وأن استثناء القضاء والشرطة والجيش والبنوك من الحد الأقصى يهدر فرصة لتوفير 16 مليار جنيه أخرى للخزانة العامة للدولة، موضحًا أن استثناء الجيش والقضاء والشرطة ليس عادلاً وليست هناك أسباب واضحة لإجراء مثل هذا الاستثناء.

وقد أرجع مصدر قضائى بوزارة العدل، رفض مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة تزويد الجهاز المركزى للمحاسبات بالبيانات الخاصة بأجور العاملين بهذه الهيئات، لتجاوز رواتبهم الحد الأقصى للأجور.

وأوضح المصدر، أن معظم مستشارى مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة يتم انتدابهم للعمل بالوزارات والهيئات المختلفة، مشيرا إلى أن رواتبهم فى هذه الحالة تتجاوز الحد الأقصى للأجور المحدد وفقا ب42 ألف جنيه.

الدكتورة عالية المهدى أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة قالت إن قرار تطبيق الحد الأقصى للأجور الذى اتخذته قرار غير سليم، حيث إن الحد الأقصى سيطبق فقط على الهيكل الإدارى للدولة، ويستثنى منه الهيئات الاقتصادية وهيئات القطاع العام وهيئة قناة السويس وشركات البترول والقضاء والشرطة، إذن فالقرار «لا يشمل» جميع العاملين بالقطاع الحكومى بشكل عام، وبالتالى فهو قرار يُعبر عن ازدواجية وتناقض مثير للدهشة للحكومة.

وأضافت أن «الهيكل الإدارى» للدولة، الذى لا تصل فيه مرتبات العاملين إلى مبالغ كبيرة، تحتاج تطبيق الحد الأقصى للأجور، وبالتالى فهو لن يطبق إلا فى عدد من الوزارات والهيئات الحكومية فقط، ولن توفر الدولة أى مبالغ من هذا القرار، ولن تحقق مبادئ الثورة كما وعدتنا.

بينما اقترح الدكتور إيهاب الدسوقى رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية ضرورة ضم «الصناديق الخاصة»، للموازنة العامة للدولة، فى تطبيق الحد الأقصى للأجور حتى لا يتسبب فى إعاقة تطبيق القرار، حيث إنه من الممكن أن يحصل كبار المستشارين فى الدولة، على مبالغ طائلة من تلك الصناديق.

وأضاف أن قرار الحكومة «خاطئ» فى قرار عدم ضم الهيئات الاقتصادية والبترولية والبنوك والشرطة والقضاء للحد الأقصى للأجور، لأن هذه الفئات هى من تحصل على مبالغ طائلة من الموازنة العامة للدولة.

وبرغم إن المهندس عاطف حلمى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أكد أنه تم تقليص رواتب الإدارة العليا التنفيذية فى ديوان عام الوزارة من قبل بنسب تراوحت بين 10٪ و18٪ .

إلا أن مصادرنا أكدت لنا أن رواتب القيادات بقطاع الاتصالات مثلا تتجاوز الحد الأقصى بمراحل، ورواتب عدد من قيادات القطاع تتجاوز ال200 ألف جنيه شهريا، وراتب الرئيس التنفيذى لإحدى الجهات التابعة لوزارة الاتصالات يتراوح بين 600 و700 ألف جنيه سنويا، وكذلك رواتب أغلب القيادات بالقطاع، وخفض الرواتب للحد الأقصى المعلن 42 ألف جنيه شهريا سيواجه باعتراضات من العاملين بالقطاع، خاصة أن وزير الاتصالات عاطف حلمى سبق أن طلب من محلب استثناء القطاع من تطبيق الحد الأقصى للأجور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.