ذهبت حواء لمجلس الدولة تطلب سحب ملف الالتحاق بالسلك القضائى.. وقد تقدمت 25 فتاة من أوائل خريجى كلية الحقوق.. للعمل فى وظيفة «مندوب مساعد».. إلا أن إدارة المجلس رفضت التعامل مع حواء.. قالوا: إن الوظائف مقصورة على الرجال.. حتى إن كانت درجاتهم أقل من النساء.. ليه يا سيد؟! لأنهن ناقصات عقل ودين.. مكانهن البيت للطبخ والكنس والغسيل. والخيبة أن حواء هى قائدة ثورة الاستفتاء فى 14 و15 يناير.. ولولا المرأة لسقط الاستفتاء سقوطاً مروعاً.. وكأننا نرد لهن الجميل.. نقول متشكرين على طريقتنا وقد قامت بالواجب.. وآن الأوان لها للعودة للبيت من جديد! ويا عينى على أختنا حواء.. وقد راحت عليها يا حرام.. وكنا نتصور قبل 55 عاما عندما أعطيت حق الانتخاب والترشيح فى عام 1957 أنها سوف تنجح فى قيادة البلاد فى يوم من الأيام.. فإذا بها تتراجع.. وحتى منصب القاضى غير مسموح لها.. رغم نجاحها فى الماضى القريب.. وخد عندك نموذج تهانى الجبالى ونهى الزينى.. والعديد من النساء اللاتى تفوقن تماما على الرجال.
فى بلادنا العربية.. لم نعرف أبداً صنف النساء الحاكمات.. وما عدا منصب الوزيرة لم ترتق المرأة أبداً.. وحتى فى الوزارة لم تزد العربية على منصب وزيرة الشئون الاجتماعية أو وزيرة البيئة أو الصحة وخلاص.. وبعضها مناصب شرفية من قبيل ذر الرمال فى العيون.. أما مناصب التحكم والقيادة فلم تقترب منها المرأة العربية أبداً.. عكس النساء فى بلاد الخواجات.. وقد تولت وزارة الدفاع فى فرنسا واحدة ست.. ووزارات الخارجية والاقتصاد والمالية تتولاها سيدات مرموقات فى بلادهن.. وحتى منصب رئيسة الاستخبارات فى بريطانيا محجوز لواحدة ست.. وفى تايوان وكوستاريكا تتولى المرأة منصب نائب الرئيس.. وهى الحاكم العام فى كل من نيوزيلاندا وكندا.. ولا تنس ألمانيا حيث تتولى القيادة واحدة ست أفضل من جميع الرجال.. وحتى فى المعارضة تتولى أختنا حواء مواقع مؤثرة فى الهند وماليزيا وبورما وإسرائيل!
أقصد أن المرأة تتولى مواقع مهمة فى جميع أنحاء الدنيا ما عدا بلادنا النائمة فى العسل.. والغارقة فى الديون والإهمال ولا أعرف لماذا لا تتولى المرأة أمور الحكم والقيادة.. عسى أن تنجح واحدة منهن فى قيادة البلاد نحو الأفضل.. وقد تولى الرجل شئون الحكم والمعارضة فى آن واحد.
زمان كنا نقول نفس السبب فى ابتعاد المرأة عن شئون السياسة والحكم.. إن نظرة الرجل إليها على اعتبار أنها ناقصة عقل ودين.. وبالتالى لا يجوز لها التحكم فى شئون الرجال.. أما اليوم وقد خرجت المرأة قبل الرجل فى ثورتى يناير ويونيو.. ثم خروجها العظيم يوم الاستفتاء على الدستور يؤكد أنها واجب بامتياز.. وأنها أشجع من الرجال.. لم تخضع لإرهاب الإخوان وتحذيرهم لنا بالابتعاد عن صناديق الاستفتاء.. فإذا بالمرأة تخرج بكثافة.. تسقط تهديدات الإخوان.. فإذا بنا نكافئها برفضنا السماح لها بتولى مناصب القضاء.. ولا عزاء للديمقراطية وحقوق الإنسان!.
والخيبة أننا نرفض المرأة.. ونفتح التليفزيون.. الذى فتح لنا نافذة على العالم.. وقد صارت الدنيا قرية واحدة.. لا فارق بين عربى وأعجمى إلا باحترام الأقليات.. خصوصا تلك الأقلية المقهورة والمضطهدة والتى اسمها المرأة.. وفى جميع بلاد الدنيا لم تعد أبدا مواطنا من الدرجة الثانية.. فاحتلت البريمو لتطرد الرجل إلى الترسو والدرجة الثالثة.
فى جميع دول العالم.. لم يعد سى السيد شهريار وهو المتحكم فى الأمور والمسيطر على المواقع.. والمتحدث الرسمى باسم الأسرة.. وقد تقدمت المرأة بالفصل إلى مواقع الصدارة والتميز.. وأتحسر على المرأة فى بلادى.. والتقارير المصورة تطل علينا فى البيوت تنقلها الكاميرات المفتوحة على العالم تؤكد بالصوت والصورة ارتقاء المرأة فى أرجاء المعمورة.. تحتل جميع المواقع أسوة بالرجال.. والمرأة هناك فى بلاد برة.. معها كل الحق والمنطق للمساواة بالرجل فى الحقوق والأجور والوظائف والامتيازات.. إلا عندنا.. وقد تقدمت المرأة المتفوقة فى دراستها والحاصلة على أعلى الدرجات.. تقدمت لتشغل وظيفة مندوب مساعد.. إلا أن الرجل هناك فى مجلس الدولة طردها شر طردة.. لنؤكد بالصوت والصورة.. أننا مجتمع متخلف جاهل.. لن نرتقى أبدا.. بدون المرأة.. قائدة ثورة 14 و15 يناير!!..