والاستغفالات هى جمع لكلمة «الاستغفال» التى ترمز فى الوعى المجتمعى المصرى إلى الخديعة الشديدة.. وهو ما يلفظه الإنسان المصرى لما يمثله ذلك من انتقاص لذكائه وألمعيته، وقد اكتسبت هيئة الاستعلامات المصرية هذه الصفة بجدارة منذ يوم الثلاثين من يونيو الماضى وحتى الآن. استغفلتنا الهيئة وتعاملت مع الأحداث الخطيرة التى تمر بها مصر بمفهوم المكتب الصحفى لأى مجلس محلى فى قرية صغيرة من قرى مصر.. كتابة بضعة سطور بصيغة حكومية فاترة مملة وإرسالها إلى المراسلين الأجانب المتواجدين بالقاهرة توضيحا لما يحدث ونوع من أنواع سد الخانة فى الهيئات الحكومية.. أما قطاع الإعلام الخارجى فلم نسمع عنه شيئا فى الوقت الذى استعان به التنظيم الدولى للإخوان بشركة أوروبية كبيرة للعلاقات العامة تدير له معركته فى الخارج تخاطب الأوروبيون باللغة التى يفهمونها وليست اللغة هنا هى اللغة الإنجليزية ولكن بمفردات إعلامية يفضلها الأوروبيون، وذلك بالتعاون الكامل مع قناة الجزيرة القطرية..
يوم الثلاثين من يونيو قامت إحدى القنوات الفضائية المصرية الخاصة بتصوير المسيرات الضخمة لحشود المصريين الرافضين لاستمرار حكم الجماعة الإرهابية وأذاعتها بالإضافة لتصوير القوات المسلحة لتلك الحشود والاستعانة بخبرات المخرج خالد يوسف فى ذلك وتداول المصريون الصور على صفحاتهم بالشبكة الاجتماعية بالفيس بوك وسهرت قناة الجزيرة الإنجليزية تنشر أكاذيبها مدعية أنها مظاهرات لمناصرة الرئيس المعزول فيما كانت هيئة الاستغفال تغط فى نوم عميق..
لم تصل هيئة الاستغفال فى التعامل مع الأحداث لمستوى معتصمى رابعة الذين قاموا باستضافة المراسلين الأجانب ودعوتهم على الفطور فى شهر رمضان داخل جامع رابعة العدوية المزين بقماش الخيم المصرى الأحمر الشهير وإشاعة جوا من الحميمية والبساطة الشديدة وهو ما يعكس معرفتهم فى التعامل مع نفسية الأجانب.. مما أدى لاستمالتهم وهو ما وضح فى كتاباتهم عند فض الاعتصام وتأييدهم للإخوان ووصف ما يحدث بأنه مجزرة مما أثار العالم ضد مصر. ونظرا لمعرفة الإخوان لأهمية السيطرة على الإعلام فقد أصدر الرئيس المعزول قرار جمهوريا بنقل تبعية الهيئة من وزارة الإعلام إلى رئاسة الجمهورية مباشرة فى سبتمبر 2012 حتى يضمن سيطرته عليها.. ولمن لا يعلمون ما هى هيئة الاستعلامات ودورها.. فهى الهيئة المنوط بها التواصل الإعلامى مع المجتمع الدولى وتوضيح وجهة النظر المصرية لوسائل الإعلام الخارجية المختلفة ومحاولة كسب تعاطف وتأييد المجتمع الدولى لأى قرارات مهمة تتخذها مصر. من المؤكد كانت هذه هى الأفكار التى راودت الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حينما قام بإصدار قرارين فى غاية الأهمية بنفس العام 4591 الأول هو إنشاء جهاز المخابرات العامة والثانى إنشاء مصلحة الاستعلامات المصرية بوزارة الإرشاد القومى والتى كانت لا تقل عنده فى الأهمية عن جهاز المخابرات.. ولذلك حرص على تولى قيادات مخابراتية لرئاسة المصلحة التى تحولت إلى هيئة بعد ذلك حتى يضمن توصيل الرسائل التى يريدها إلى الغرب وتنفيذ المهام الموكلين بها.. كانت الهيئة هى مسرح التهيئة للقيادات فيما بعد وهو مايتضح مع محمد عبدالقادر حاتم الذى يلقب بأبو الإعلام المصرى نظرا لإنشائه مبنى التليفزيون ووزارة الإعلام ووكالة أنباء الشرق الأوسط وغيرهم وكانت فترة رئاسته للهيئة تمهيدا للمهام التى أسندت إليه بعد ذلك، بالإضافة لدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق ووزير الخارجية وأمين هويدى مدير المخابرات العامة الأسبق بالإضافة للصاغ أركان حرب سعد عبدالله عفرة من قيادات الصف الثانى للضباط الأحرار وأحد مدراء المخابرات العامة- وكان له دور مهم فى المقاومة السرية المسلحة ضد العدوان الثلاثى فى بورسعيد عام 1956 والذى رفع مستوى حدتها وتميزت بالقسوة، والأعمال الفدائية الدموية وصفوت الشريف الذى تولى بعد ذلك وزارة الإعلام ومجلس الشورى ومن المدنيين مرسى سعد الدين الذى تولى بعد ذلك منصب أول متحدث رسمى لرئيس جمهورية مصرى وهو الرئيس الراحل أنور السادات.. وكان يجيد العديد من اللغات وذا صلات وعلاقات متميزة مع روؤساء الدول الأخرى.. بالطبع كان يتم اختيار رئيس هيئة الاستعلامات اختيارا دقيقا يتسم بمعايير صارمة فى تنفيذ الخطط فى الدول المختلفة وتحول الوضع إلى النقيض تماما فالهيئة المبجلة بالإضافة لجيش من الموظفين داخل مصر لديها 23 مكتبا إعلاميا فى الخارج منها 9 مكاتب فى أوروبا و4 مكاتب فى أمريكا الشمالية و4 مكاتب فى آسيا و4 مكاتب فى أفريقيا و01 مكاتب فى العالم العربى ومكتب فى إسرائيل لم تفعل شيئا من أجل مصر.. ودائما كانت خطواتها بطيئة متكاسلة لا تناسب الأحداث ولا تنفذ نسبة 01٪ من المهام الخارجية المنوطة بها والتى أفردت لها 91 ورقة من القطع الكبير مسودة بكلام منمق مبهر لم تحقق منه شيئا.. خاصة تقديم صورة مصر إلى الرأى العام العالمى ونقل الحقائق عنها إلى وسائل الإعلام فى مختلف أنحاء العالم وذلك عبر مكاتب الإعلام الملحقة بالسفارات المصرية فى العديد من العواصم والمدن الكبرى. أما المهام الأخرى فلا نسمع عنها شيئا.. فأين دورها فى التثقيف السياسى والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة فى التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية (مثل قضية زيادة السكان وقضايا البيئة) وكذلك بالقضايا المحلية والبيئية فى المناطق الريفية والنائية فى أنحاء مصر من خلال مراكز النيل للإعلام ومراكز الإعلام الداخلى وهذا ليس بحديثى ولكنه دور منوط بها أن تقوم به ولا يعلم المواطن العادى حتى بوجودها.