حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخططات «مكتب الإرشاد» لأخونة الدولة والجيش على الطريقة السودانية!

السؤال القديم لا يزال يحمل بعضا من جدته وحيويته وحضوره المكثف: مصر إلى أين؟
كان حاضراً طيلة أكثر من ثلاثين عاماً مضت، نظراً لتراكم الأزمات الممتدة، والانفجارات العاصفة، والأوضاع الإقليمية المضطربة، والقلقة. من هنا ظل السؤال مستمراً حول طبيعة الدولة، ونمط الحياة والأحرى أنماطها المتعددة والمتداخلة الحداثية المبتسرة وما بعدها، أو النكوص عليها إلى ما قبلها حيث الولاءات الأولية الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية والمناطقية، وبين الأرياف والحضر والقرية والمدينة.


مصر إلى أين فى ظل تديين فضاءات المدن وحرياتها ومنطقها، وعلاقة إنسان المدينة بالزمن؟
زمن تكرارى استعادى يدور حول الماضى الذهبى أيا كان؟ إلى ما يطلق عليه ''الزمن الجميل''، هذا التعبير السوقى والمبتذل سياسياً وثقافياً، الذى يعبر عن ثقافة الكلاشيهات cliché، أو الشعارات العامة والغامضة وإلى ثقافة الكيتش الشائعة فى مصر!

مصر إلى أين؟ إلى الزمن الصاعد ونظامه الصارم ومنطقه الداخلى الذى يتجلى فى التفكير العلمى والسلوك العملى وقيم العمل والمسئولية! أم مصر الماضوية وتمركزاتها حول نماذج تاريخية دينية أو مذهبية أو غيرها؟!! مصر إلى أين؟ فى نظام الزمن، واقتصادياته ورمزياته!

مصر الآن تسودها روح التواكل والقدريات السياسية والإنسانية، والإرادة الإنسانية المعتقلة أو المحجوبة عن الفعل الإرادى المسئول؟ أم الزمن الهابط أو الصاعد؟ أين تبدو بلادنا وصورتها فى ظل أية نماذج إسلامية أو سياسية أو ديمقراطية أم تسلطية جديدة!؟ أم ما بعد التسلطية؟

سؤال قديم وجديد فى آن لاسيما بعد وصول رئيس مدنى جديد لأول مرة منذ 23 يوليو ,1952 بعد أن كان هذا المنصب فى النظام التسلطى ضمن احتكارات المؤسسة العسكرية الوطنية، وكتعبير عن «شرعيتها» التى ارتكزت على «العملية الثورية» التى أدت إلى إسقاط النظام القديم شبه الليبرالى 23 - .1952

السؤال: مصر إلى أين؟ وفى ظل أى نماذج الحكم وتجاربه فى ظل رئيس منتخب بأغلبية محدودة وينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد تاريخ طويل من تأسيسها عام 1928 على أيدى الإمام حسن البنا المرشد المؤسس وصحبه؟

مصر إلى أين؟ سؤال يكتسب أهمية استثنائية على جميع الصعد فى العلاقات الدولية والإقليمية، ومن ثم سياسة مصر الخارجية فى ظل رئيس ينتمى إلى أكبر جماعة إسلامية سياسية، وأيضاً على مستوى النظام السياسى والاجتماعى، والثقافى، وكذلك على صعيد المنظومة الرمزية على أهميتها القصوى؟

هل نكون إزاء ما يمكن أن يطلق عليه «النموذج المصرى»- هل يصح هذا الوصف أم لا يزال الأمر يحتاج إلى التريث والحذر والوقت لإطلاق هذا الوصف؟ - ومن ثم سيكون تعبيراً عن بعض النماذج الإسلامية السياسية السابقة؟ وأياً منها على وجه التحديد أم خليط بين بعض مكوناتها مع بعض العناصر الدينية والسياسية والخبرة المصرية؟

هل النموذج السودانى؟ فى ظل الترابى - البشير؟ أم فى مرحلة حزب المؤتمر الوطنى و«المؤسسة العسكرية» السودانية؟ هل النموذج الحمساوى؟ هل النموذج الباكستانى؟ أم النموذج الإيرانى؟ أو النموذج التركى؟ أم نموذج مصرى ذو خصوصية، وما هى طبيعة العلاقة مع المؤسسة العسكرية المصرية بين جماعة الإخوان فى ظل هذا النموذج؟


أسئلة تبدو بسيطة ومباشرة لكن مع إمعان النظر فى الأسئلة والنماذج المطروحة تبدو أكثر تعقيداً وتركيباً من ظاهر هذه الأسئلة، وذلك لعديد من الاعتبارات:

أ-البعُد التاريخى والسوسيو- سياسى والثقافى والإقليمى والدولى الذى أسست فى سياقاته هذه النماذج الإسلامية السياسية والعسكرية فى السلطة أو عمليات بناء الدولة والأحرى إعادة صياغة الدول فى هذه البلدان ومشاكلها ومدى تجانسها وتكاملها المؤسسى والداخلى! خذ مثلاً بعضُ النماذج كانت تسعى ولا تزال إلى التأسس والبناء فى أطر ما قبل الدولة كما فى المثال الحمساوى فى قطاع غزة! المثال السودانى يرتكز على تركيبات عرقية ودينية ومذهبية متعددة وثقافات أفريقية محضة، وعربية إسلامية، والأساطير الرمزية حول عراقة الأصل والمحتد فى هذا الإطار! النموذج السودانى تأسس على إسلام عربى فى مواجهة إسلام أفريقى فى إقليم دارفور، وفى تعددية دينية تتجاوز الإسلام والمسيحية إلى أديان وضعية أخرى؟ نموذج إسلاموى صارم فى إطار تعدديات انقسامية دينية وعرقية، وقبائلية ومناطقية.

ب- النموذج الباكستانى ارتبط تاريخياً بالصراع فى شبه القارة الهندية، وذلك بعد تاريخ من أزمات دولة ما بعد الاستقلال، والنخبة شبه العلمانية وفشلها المتكرر منذ الانفصال عن الهند على يد محمد على جناح.

من هنا شكل دخول المؤسسة العسكرية كطرف فاعل وأساسى فى إدارة الدولة وذلك فى إطار تحديات إقليمية كبرى.

ج- الأوضاع فى ظل النموذجين الإيرانى والتركى تختلف سواء من حيث تاريخية كليهما وسياقاتهما الداخلية، والإقليمية والدولية، ونمط قيادى ونخبوى مغاير سواء من المدنيين أو رجال الدين أو العسكريين مع اختلاف فى طبيعة كلا النظامين والمذهب الدينى السائد سنى أم شيعى وتطبيقاته والبنية السوسيو- تاريخية والثقافية لثقافة كلا الفقهين وتفاعلاتهما السياسية؟

هل مصر ستقدم نموذجاً سياسياً يقترب من هذه النماذج للإسلام السياسى فى الدولة والسلطة أم أن الإجابة عن هذا السؤال لا تزال مبكرة جداً وتحتاج إلى تريث ووقت ودرس فى العمق لما يجرى من قبل القوى الإسلامية السياسية الإخوان والسلفيين وغيرهما؟

ثمة إجابة سهلة تذهب إلى أن مصر ستؤسس وتذهب إلى نموذج مصرى خاص يختلف عن هذه النماذج. يمكنك أيضاً أن تستمع وتقرأ لخطاب استعادى حول مصر و«فضائلها» وأهميتها، و«خصوصيتها» وتاريخها، وحضارتها إلى آخر خطاب الأكلشيهات المأزوم! الذى ينتج ويتداول بلا كلل أو ملل بين بعض من الإسلاميين والقوميين المصريين والعرب وأشباه الليبراليين واليساريين .. إلخ!

∎ مصر بين النماذج الإسلامية السياسية المختلفة

سنحاول مقاربة السؤال القديم والجديد: مصر تجاه أى النماذج الإسلامية التى تم تجريبها فى المنطقة الشرق أوسطية أو خارجها أو فى العالم العربى؟ سوف نتناول ذلك فيما يلى:
1-النظامان فى السودان وقطاع غزة ينتميان تاريخياً ومرجعياً إلى جماعة الإخوان المسلمين.


المثال الحمساوى فى قطاع غزة هو تعبير عن سلطة إسلامية سياسية ما دون الدولة، وفى ظل جغرافيا سياسية معقدة حيث يعانى القطاع من حصار سياسى وأمنى من قبل عديد من الدول التى ترتبط فيما بينها باتفاقات دولية (مصر والأردن وإسرائيل) وتحظى بدعم ورعاية وربما ضبط أمريكى وأوروبى دولى صارم للدولتين العربيتين! من ناحية أخرى ثنائية للسلطة والشرعية داخل الأراضى الفلسطينية بين منظمة التحرير وفتح أساساً فى الضفة الغربية، وبين حماس فى قطاع غزة وشبه استقلالية لكليهما سواء فى داخل كل منطقة وفى تركيبة مؤسسات السلطة فى إطارهما؟ ازدواجية سياسية ومؤسسية وأمنية وقيادية فى كلتا المنطقتين. بل ويصل الأمر إلى سياساتهما الخارجية الإقليمية وتحالفاتهما!

كلا النظامين تسلطيان، السلطة وفساداتها فى الضفة تعتمد على زبائن سياسيين للقيادة وحماس تقوم على بعض من الفساد والمحسوبية والموالاة فى التجنيد السياسى والأمنى للسلطة الحمساوية وشبكاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية.

ثمة خلط بين دور تحررى ونضالى لحماس والجهاد الإسلامى وغيرهما، وبين دور الأولى أساساً كسلطة سياسية حاكمة ذات نزوع تسلطى محمول على أيديولوجيا دينية محافظة وراديكالية. من هنا نحن إزاء نموذج ما دون الدولة ومثاله الآخر حالة حزب الله فى لبنان التى تختلف من حيث المذهب (الشيعى)، وفى إطار تعددية دينية ومذهبية مختلفة، وتوازنات داخلية وسياق إقليمى مؤثر على مثال حزب الله.

من هنا تعرض المثال الحمساوى ولا يزال إلى حصار إقليمى، ودولى، وتعرضت سلطته إلى ضغوطات وأزمات كبرى على عديد من الأصعدة بسبب إسرائيل والمقاطعة الإقليمية بين الحين والآخر! بالإضافة إلى أخطاء قاتلة فى الممارسة السياسية التى انطوت ولا تزال على انتهاكات للحقوق والحريات العامة والشخصية؟ وثم أخطاء فى إدارة السياسة الخارجية لا تخطئها العين اليقظة!
التناقضات والصراع بين المحاور العربية قبل ما سمى مجازاً «ربيع الثورات» العربية أدى إلى هامش لمناورة محدودة لحماس فى الحصول على بعض المعونات الإقليمية - قطر وإيران والسعودية قبل ذلك أثناء سعيها لإجراء مصالحة بين الأطراف المتصارعة فى الضفة والقطاع، على سبيل المثال - وبعض من التأييد السياسى.

من ناحية أخرى تأثرت القضية الفلسطينية سلباً.. وعلى نحو نسبى بعد الانتفاضات الثورية العربية على اختلافها، وانكفاء قادة هذه الانتفاضات- ووراءهم فئات اجتماعية عريضة - على مشكلات مراحل الانتقال، والصراعات على ارتبطت بها وبين الفاعلين الداخليين الإسلاميين و''الليبراليين'' والقوميين واليساريين كما فى الحالات الثورية المصرية والتونسية. بالإضافة إلى الصراعات فى اليمن، والبحرين، وسوريا.

المثال الحمساوى، هو حصاد لتفاعلات بين الإطار المرجعى الأيديولوجى الإخوانى التاريخى المحافظ، وبين تحدى الاحتلال ومواقف بعض الجماعات السلفية المتشددة فى القطاع، ونزوع كليهما إلى بناء بعض البؤار فى جزيرة سيناء وتوسيع هامش مناوراتهما السياسية مع مصر وإسرائيل، وهو ما سيؤدى إلى بروز عديد من المشكلات السياسية مع مصر وإسرائيل، لاعتبارات تتصل بالأمن القومى والداخلى فى شبه جزيرة سيناء التى تعانى من عديد من الفجوات الأمنية.

المثال الحمساوى إخوانى غزاوى بامتياز، ولكنه لا يشكل نموذجاً للاحتذاء خارج القطاع والجغرافيا السياسية المحيطة، بالإضافة إلى بروز بعض من التأثر بالتجربة السودانية كنتاج لدرس وتكوين بعض قادة وكوادر حماس فى السودان ومن ثم تأثرهم ببعض الأفكار والتجربة السودانية على الرغم من خصوصياتها العرقية والثقافية والدينية والمناطقية.

2- النموذج السودانى، أحد أكثر الحالات الإسلامية السياسية خصوصية، على الرغم من أن بعض الجذور التاريخية جاء من أعطاف المرجع الأيديولوجى والخبراتى لجماعة الإخوان المسلمين، ورغما عن بعض الإنجاز الفقهى والنظرى السياسى لحسن الترابى وبعض صحبه، بل والنزاعات حول هذا المثال السودانى الإسلامى السياسى، إلا أن الخلفية التاريخية والأيديولوجية كانت حاضرة فى التجربة السودانية من ناحية أخرى ثمة توجه سودانى نحو «سودنة المرجع الأيديولوجى التاريخى» وتطويره من خلال توجهات الترابى التى سعت لبناء أممية إسلامية راديكالية «ثورية» تختلف عن المثال الإخوانى المركزى فى مصر، وتحويل السودان / الخرطوم إلى مركز للفوقومية والراديكاليات الإسلامية، ومنها استضافة بن لادن وكارلوس .. إلخ، وبعض من الراديكاليين المصريين من الجهاد والجماعة الإسلامية قبل ذهابهم إلى أفغانستان، ومساهمتهم فى بناء تنظيم القاعدة.

تراجع هذا التوجه مع انقلاب أبناء الترابى عليه، وتشكيل حزب المؤتمر الوطنى الحاكم والتداخل بين الحزب والجيش.

المثال السودانى اتسم بطابعه الخاص من خلال أدلجة ''مؤسسات الدولة''، كالجيش والشرطة والإدارة المدنية من خلال القادة من ناحية. من ناحية أخرى بروز تشكيلات ميليشياوية تحت مسميات إسلامية حينا للجهاد فى الحرب مع الحركة الشعبية فى جنوب السودان، وحينا آخر دفاعاً عن النظام الإسلامى، بالإضافة إلى بروز الأسلمة فى غالب مكونات النظام التعليمى، وفى الإعلام ... إلخ. الزبائنية هى سمت رئيس فى بناء الشبكات الداعمة للنظام سواء من التجارة والتجار ورجال الأعمال، وغالب المدرسين والمدرسات فى المدارس وبعض الجامعات وداخل بعض الكليات، أو فى التشكيلات الوزارية على اختلافها.

من هنا كانت استراتيجية شد عصب الوسط النيلى وقبائله الرئيسة والنخب السياسية القادمة منها، هى سياسة الهيمنة على السلطة من إسلام عربى / عرقى إزاء الجنوب وقبائله والحركة الشعبية لتحرير السودان، ثم دولة جنوب السودان بعد استقلالها. من ناحية أخرى صراع الإسلام العربى للوسط النيلى إزاء إسلام أفريقى فى إقليم دارفور.

من هنا المثال السودانى غير قابل للاستعارة، أو إعادة الإنتاج أو الاستيراد الأيديولوجى ... إلخ.

هل جماعة «الإخوان المسلمون» فى مركزها المصرى الأم ستقبل الاستفادة من التجربة السودانية؟ التى يصفها بعض الباحثين السودانيين والأجانب بأنها تعبير عن الدولة الفاشلة؟

أيا كان الرأى فى هذا التقويم السياسى يمكن القول إن حدود التأثير سوف تركز على بعض جوانب التجربة من الناحية العملية والخبرات الناتجة عنها، وذلك لعديد من الأسباب نذكر بعضها هنا تمثيلاً لا حصراً فيما يلى:

1- النزعة الإخوانية نحو التمركز حول الذات، وأنها الجماعة الأم، ومن ثم تتعامل ببعض من العنجهية المصرية الناعمة و«الفارغة» مع بعض الجماعات الإخوانية الفرعية أو فى محيط الجماعة.

الإنتاج الأيديولوجى / الفقهى السياسى السودانى لدى الترابى وبعض صحبه أكثر تطوراً من إنتاج الجماعة الأم الذى يتسم بالتواضع والبساطة فى المنظومة الأيديولوجية والخطابات الدعوية والافتائية والوعظية التقليدية. بينما الإنجاز التاريخى البارز للجماعة الأم هو التنظيم الصارم وميراثه وقدرتها على التعامل مع أجهزة القمع المادى والأيديولوجى لأجهزة الدولة المصرية فى المرحلة شبه الليبرالية 23 - ,1952 والمرحلة التسلطية 52 - وحتى اللحظة الراهنة. تنظيم قوى وماكينات انتخابية وشبكات اجتماعية مهمة وداعمة وعاطفة على الجماعة، وقدرات على التجنيد أعلى من غيرها من الجماعات السياسية الأخرى، باستثناء الحركة السلفية الواسعة والمرنة وضعيفة التنظيم والساعية إليه عبر بعض الأحزاب السياسية كالنور والفضيلة.. إلخ بعد الانتفاضة الثورية.

ثمة نقص فى الخبرات الكادرية السياسية والقانونية كشفت عنها الممارسة خلال الفترة الانتقالية الأولى.

ثمة قدرات اقتصادية وتمويلية وتعبوية لا تخطئها عين الباحث أو المراقب للجماعة.

يمكن للجماعة أن تتأثر فى حدود ببعض من أساليب العمل وتجربة أسلمة بعض المؤسسات من الحالة السودانية، لكن هذا إذا تم سيؤدى إلى مشاكل كبرى مع ما يطلق عليه «الدولة العميقة» فى دولة ذات تقاليد بيروقراطية عريقة، لكنها تزعزعت خلال أكثر من أربعة عقود فى ظل حكم الرئيسين الأسبق أنور السادات، والسابق حسنى مبارك.

القدرات البارزة للجماعة تتمثل فى البراجماتية السياسية فى مستوياتها الأولية التى تركز على المصالح الآنية لا الاستراتيجية وهو ما قد يؤدى إلى بعض المشكلات فى سياق وصول رئيس إخوانى منتخب إلى سدة الرئاسة مؤخراً.

تجربة اختراق وأسلمة و«أخونة» مؤسسات وأجهزة الدولة لا سيما الجيش، والشرطة، والبيروقراطية التى نجحت لاعتبارات تخص الخبرة السودانية سوف تحاول الجماعة تطبيق بعضها فى مصر، ولكنها ستواجه بعديد العوائق، ومنها الانقسامات الحادة، ومقاومة الدولة العميقة- وفق المعنى المصرى الشائع حول المصطلح لا التركى ولا الأمريكى اللاتينى- التى لا تزال لديها شبكات مصالح وبؤر قوة رئيسة فى أجهزة الدولة، ولها مؤيدوها داخل تركيبة المجتمع المصرى (بعض رجال الأعمال، وشرائح من الطبقة الوسطى العليا، والوسطى- الوسطى فى القاهرة، والأقباط ... إلخ، والمثقفين والفنانين عموماً والاستثناءات محدودة).

من هنا النموذج السودانى يتسم بفرادة تعكس خبرة النخبة الإسلامية ومدى تفاعلها مع الخرائط الدينية والقبلية والعرقية والمناطقية فى عموم السودان، بالإضافة إلى النزعة إلى تأكيد الهوية السودانية ذات الأبعاد المتعددة، ولكن حول الإسلام العربى للوسط النيلى القبلى فى مواجهة بنيات ثقافية أفريقية إسلامية ومسيحية وبعض من كريم المعتقدات كما كان يذكر فى دساتير ما بعد الاستقلال فى السودان قبل انقسامه إلى دولتين، وبروز صراعاته على تعددها واختلافاتها.

.. ونكمل الأسبوع المقبل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.