أكدت دراسة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية عن المتغيرات التى تحدث داخل الأسرة المصرية فى شهر رمضان أن 83% من الأسر تغير عاداتها الغذائية خلال رمضان لافتة إلى أن نسبة الإنفاق المالى تتضاعف. فعلى سبيل المثال يرتفع معدل استهلاك الحلوى إلى نحو 5,66% فيما يصل استهلاك اللحوم والطيور إلى نحو 63% إلى جانب حدوث تغيرين آخرين فى العادات الغذائية وهما زيادة نسبة استهلاك المكسرات بنحو 25% وزياد العزومات والولائم الجماعية فى منزل الأسرة بنحو 23% مقارنة بمعدلات الشهور العادية من العام. ويرتب على هذا الإسراف وزيادة نفقات الطعام فى رمضان ارتفاع فى نسبة الفاقد فى الموائد المصرية خلال رمضان ليصل لنحو 60% ويتجاوز معدل ال75% فى العزومات والولائم العائلية، وغالبا ما لا يتم الاستفادة من هذه الكميات سواء بإعادة تناولها أم منحها للفقراء والمحتاجين، مما يعنى أن هناك تأثيرا سلبياعلى الاقتصاد القومى، خاصة أن العديد من السلع الغذائية الرمضانية مستوردة وتتحمل الدولة فيها مئات الملايين مثل الياميش والمكسرات. ولايمكن أن ننسى حجم ما ينفقه المصريون على شراء فوانيس رمضان وتنظيم مؤائد الرحمن والتى تصل إلى المليارات حسب ما تؤكده التقارير والإحصائيات. وفى البداية يقول د. عبدالصمد الشرقاوى الخبير الاقتصادى ومدير المركز العربى للتنمية البشرية: إن هناك العديد من العادات والتقاليد الراسخة فى المجتمع المصرى منذ أيام الدولة الفاطمية والمتعلقة بزيادة معدل الاستهلاك سواء من الناحية الغذائية أو غير ذلك مثل شراء الحلويات والمستلزمات الغذائية الرمضانية وكذلك الفوانيس وتزيين الجوامع.. إلخ. بالإضافة إلى زيادة معدلات استهلاك الكهرباء حيث تزداد معدلات الإضاءة فى الشوارع ومشاهدة التليفزيون والسهر فى ليالى رمضان. ويشير د.الشرقاوى أنه لا يمكن أن نغفل أن زيادة الاستهلاك تترك أثرا على التجار وهذا يتضح من خلال ارتفاع الأسعار المحلوظ خلال شهر رمضان، فالسوق أصبحت (عرض وطلب) والمواطن هو الفريسة الوحيدة أمام هذا الغلاء. ويشير د.عبد الصمد أن هناك بعض الجرائم التى ترتكب فى بعض الأسر نتيجة عدم القدرة على شراء مستلزمات رمضان، ونجد الكثير من الخلافات والمشاجرات التى تنتهى بارتكاب بعض الجرائم نتيجة المصروفات المبالغ فيها.. داعيا إلى ضرورة تغيير ثقافة الاستهلاك المبالغ فيها والتى تسبب عبئا على الموازنة. ويقول د. أحمد أبو النور استشارى الاقتصاديات الحرجة والأزمات جامعة ستراث موور - كاليفورنيا إن فاتورة استهلاك رمضان فى المنطقة العربية وليس فى مصر فقط مرتبطة بتغيير النمط الغذائى والمعيشى وزيادة معدل الاستهلاك والذى يرتبط باستيراد احتياجاتها من الخارج حيث إن المنطقة ذات استهلاكى أكثر منه إنتاجى. حيث يعتقد البعض أنه مادام شهر كرم فهذا يتطلب الإسراف فى العزومات وغير ذلك بما لا يتناسب مع الدخل.. حيث يقوم المواطن بإنفاق مبكر من خلال صرف دخول مستقبلية لديه مثل الإقراض وتنظيم الجمعيات حيث يستقطع جزءاً من دخله فهو ينفق ما لديه دون أن يفكر فى الادخار ناهيك عن الإنفاق على المأكولات واستيراد الياميش وغير ذلك مما يمثل تدفقاً للعملة الأجنبية فى الخارج.. ويقول د.أبو النور إن شهر رمضان يمثل 8% من أيام ومواسم مقارنة بباقى شهور السنة ولكننا نفأجا بإسراف مبالغ فى المأكولات.. ناهيك عن استيراد فانوس رمضان والياميش واستهلاك متزايد من الطاقة وكلها تمثل بنود ضغط على الأسرة مؤكداً أنه على الرغم من كون شهر رمضان شهر إقلال فى الطعام ولكنه يمثل إسرافاً من الأسر واستغلالاً من بعض التجار فضلا عن إرهاق ميزانياتنا المُرْهَقَة أصلاً بفانتازيا إنفاقية إستثنائية فى شهر كان الأَوْلَى بنا إعتباره من شهور التوفير والاقتصاد. ويضيف د. أبو النور إنه بالتزامن مع تصاعد حُمَّى الإنفاق على الطعام فيصاحبه من ظهورات لأنماط جديدة تناسب الشهر بصفحات الحوادث وكأن الشهر هو عيد طعام وموسم صراع أسرىّ وليس تهذيباً للإنسان وصيامه ليس عن المُحَرَّمَات أو المكروهات.. وإنما صيامه عن كل حلال! وأبدى د.أبو النور اعتراضه على هذه السلوكيات فهى الوجه القبيح للسلوكيات الشرائية غير المنضبطة. وتقول د نسرين البغدادى رئيس قسم بحوث الاتصال الجماهيرى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إن استهلاك المصريين للطعام هو قيمة مترسخة منذ قديم الزمن لأنها مرتبطة بقيمة الكرم والترحيب بالضيف لافتة إلى أن (الإنسان لايستطيع أن يصل الى درجة من الإشباع إلا إذا كان أشبع العين) فهذه عادة متأصلة فى جميع الأوقات مشيرة إلى أن معدل الاستهلاك يتزايد فى رمضان لأن هناك نوعا من الحرمان من الطعام والشراب وكان هناك مفهوم خاطىء شائع بين الناس عن الممارسات الغذائية فى إطار شهر رمضان (وهى الإسراف فى الطعام) من منطلق العزومات وتواجد العائلة.