مئات من الشباب الواعي أعمارهم تبدأ من العاشرة وحتي الخامسة والعشرين من مختلف الاتجاهات والخلفيات جمعهم حبهم لوطنهم ووعيهم بمشكلة التدخين وإدمان المخدرات وأرادوا أن يكونوا جزءاً من حملة تبناها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة السكان والأسرة لتنفيذ برامج للوقاية من التدخين والمخدرات وبمساندة الشباب وتدريبهم. آخر معسكرات هؤلاء الشباب عقد بالمركز الأوليمبي بالمعادي واستمر لأربعة أيام واشترك فيه مئات الشباب المتطوعين لمعرفة الكثير عن الإدمان وأخطاره وكيفية الوقاية منه والأهم كيف يتواصلون مع غيرهم من الشباب لتوعيتهم واكتساب مهارات الإقناع والتواصل. وتضمن المعسكر عرضاً لمسرحية «الدخان الأزرق» التي أنتجها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في إطار جذب الشباب وتوعيته بمخاطر التدخين والإدمان، ودارت المسرحية حول قصة علماء فضاء سافروا إلي كوكب المريخ واكتشفوا أن أحد أفراد الطاقم مدمن وبأسلوب كوميدي وشبابي أوضح العرض المشكلات الخطيرة المترتبة علي ذلك ووجوب التعاون والتكاتف للتصدي لهذه الظاهرة من قبل كل سكان الكوكب لحماية كوكبهم وسيتم عرض المسرحية تباعاً علي مسارح مختلفة بالعديد من المحافظات. - طاقة اتخذ الصندوق أسلوب تطوع الشباب كمنهج أساسي في تنمية وعيهم وتوجيه طاقتهم لصالح مجتمعهم حين بدأ في فتح هذا الباب أمام الدارسين بالمراحل الثانوية والجامعية للانضمام إلي الأنشطة التي ينفذها الصندوق للتوعية أو التثقيف أو الخط الساخن فيقوم الشباب بهذا الدور عن طريق تنفيذ دليل تدريبي لأقرانهم من الشباب في المدارس والجامعات ومراكز الشباب والأندية وتنظيم لقاءات طلابية فنية وأدبية ورياضية وحملات توعية علي الإنترنت من خلال مواقع «الفيس بوك» و«تويتر» و«ماي سبيز». - صوت وتكلم الشباب المتطوع بكل حماس لمكافحة التدخين والإدمان.. محمد عبدالسلام مع أنه لم يتجاوز العشرين من عمره إلا أنه من المدربين ويقول: عندما كنت في الصف الثاني الثانوي كان هناك ما يسمي بالاستراتيجية القومية لحماية النشء تحت رعاية السيدة سوزان مبارك ورغبت في المشاركة هرباً من الحصص والمدرسة ولكن عندما تعمقت في الأمر اكتشفت كم هو مفيد وشاركت في وضع هذه الاستراتيجية واختاروني من بين الكثير من الطلبة الذين حصلوا علي تدريب مع اثنين من زملائي لنكون مدربين لشباب آخرين وكان أول معسكر بمثابة انطلاقة ثم نزلنا إلي 22 مدرسة بجنوب الجيزة وقمنا بحملات توعية وعلمنا الشباب ما تعلمناه في المعسكر من مهارات تواصل واقناع وتدريب ذهني للطلبة للامتناع عن التدخين والتوعية بمخاطر الإدمان والتعاطي ونظمنا بعد ذلك مسيرة من 300 طالب بجامعة القاهرة تحت شعار «صحتكم يا شباب» وتهدف لمقاطعة التدخين وأقمنا مهرجاناً في اليوم العالمي لمقاطعة التدخين وحاولنا جمع أكبر عدد من المتطوعين للوصول لمليون متطوع يقومون بالتدريب في المعسكرات ثم ينطلقون في حملات التوعية لشباب آخرين. - كن إيجابيا ويضيف محمد عبدالسلام: أسست موقعاً علي الفيس بوك تحت عنوان «شارك وكن إيجابيا» ووصل الجروب إلي 200 فرد للتوعية بأخطار التدخين والمعلومات المغلوطة لدي الشباب وأعمل مذيعاً في برنامج «كن إيجابيا» علي إذاعة علي النت تسمي «إحنا أون لاين» وأقوم بالتحدث عن القضايا التي تقوم وزارة الأسرة والسكان بمحاربتها كالختان والعنف وليس فقط الإدمان. - متدربة وسأصبح مدربة نهلة محمد من الفتيات المتطوعات للحملة طالبة بآداب قسم فلسفة تقول: عرفت عن الحملة عن طريق جروب علي الفيس بوك وأعجبت بالأفكار التي تدفعنا للإيجابية ومساعدة من حولنا والواجب الذي يقع علينا نحو مجتمعنا وعلي الرغم من عدم وجود مدمن في محيط معارفي إلا أن إدراكي بأهمية دور الشباب في المجتمع دفعني للتفكير في أهمية توعيته حتي لا يقع أحد من أخواتي أو أصحابي في براثن المخدرات لأنه من الممكن أن يكون واحدا منهم في هذا الموقف لذا يجب أن أكون علي دراية بكيفية التعامل معهم وعرفنا من المعسكرات الأضرار التي لم نكن نعلمها قبل ذلك عن التدخين والإدمان ولنا سبعة أشهر من التدريب وقمنا في آخر اللقاء بتكريم الفرق الرياضية بالجامعات والتي اشتركت في المعسكر وكان هدفنا التوعية أثناء قيام الشباب بالنشاط الرياضي وحدث تواصل مع الشباب لإدراك أهمية التطوع وكذلك مع الأسر لتشجيع أولادها. وتضيف نهلة رغم أننا لم نتعامل إلي الآن مع المدمنين أنفسهم إلا أن هذه هي المرحلة المقبلة ولكن الآن كل تركيزنا علي حشد أكبر عدد من المتطوعين الشباب الذين يتمتعون بقدرات اقناعية وثقافية وتوعوية عن أبعاد الموضوع لأنهم هم من سيحفظون المجتمع من هذا الخطر. أما هبة حسام طالبة بكلية الحقوق فتقول: قبل التطوع كنت شخصية انطوائية غير اجتماعية ولا أملك أي خبرة واكتسبت بتطوعي وبمشاركتي في المعسكرات وورش العمل والدورات التدريبية الايجابية والثقة والقدرة علي التواصل والتعبير عن رأيي بحرية مع احترام الآخرين. أما هشام إبراهيم طالب بكلية التجارة فمتطوع منذ سبع سنوات حيث بدأ متطوعاً في برنامج إعداد قادة النشء لمناهضة التدخين والمخدرات التابع للمجلس القومي للأمومة والطفولة فقال: استفدت كثيراً من تطوعي واكتسبت مهارات القيادة واحترام رأي الآخر والعمل الجماعي وروح التعاون وأصبح لي زملاء وشاركت في صياغة الاستراتيجية القومية لحماية النشء من المخدرات وأنا متطوع في أكثر من برنامج وانضممت لفريق المتطوعين بالصندوق وشاركت في تنفيذ العديد من الدورات التدريبية لمناهضة التدخين والمخدرات. وقال محمد حسن أحمد طالب بالثانوية العامة: «التطوع والمشاركة بدور فاعل في العديد من المعسكرات لا يتعارض مع المذاكرة فأنا أقوم بذلك في وقت الفراغ والمشاركة حافز للحماس والنشاط». أما محمد جابر طالب بتجارة عين شمس فيقول: «كنت مدخناً واستطعت التوقف عن هذه العادة منذ اليوم الأول الذي شاركت فيه بالتدريب واعتبر ذلك نصراً كبيراً علي التدخين وتغييراً ايجابياً في حياتي وسوف أستثمر هذا النجاح في التغلب علي التدخين في تدريب الشباب المشارك لتوعيته بمخاطره وكيفية الوقاية منه. وتقول نسمة محمود آداب فلسفة: عرفت بالحملة عن طريق صديقة لي ولم أفهم الموضوع إلا عندما شاركت في أحد المعسكرات في إجازة نصف العام وتحمست بسبب سماعي عن زيادة أعداد المدمنين وحتي الفتياات أصبحن يدخن ويتعاطين المخدرات وحضرت للصندوق وأدركت مدي خطورة الأمر وقررت المشاركة للحد من هذه الظاهرة ومحاولة منعها وأحسست بعد اشتراكي أن أكون أكثر جرأة وإيجابية ومتي تقول «لا» ومتي تقول هذا خطأ أمام أي موقف خاطئ ولا نخاف من مواجهة الخطأ وعدم التصرف بسلبية ولا نرضخ لأي عادة كالتدخين ونتعود عليها بل نقاومها. - الخط الساخن تؤكد ندي نصر الدين ليسانس آداب علم نفس أنها سعيدة بعملها التطوعي في الخط الساخن الذي يتناسب مع مؤهلها الجامعي وتضيف أنها تكتسب يومياً خبرات عديدة حين تقوم بتقديم بعض الاستشارات الارشادية لبعض الأسر. أما هدي محمود حاصلة علي ليسانس آداب قسم علم نفس فتقول: العمل بالخط الساخن يعتبر ميداناً دراسياً عملياً لعلم النفس من خلال التعرف علي الواقع الأسري للمجتمع ورؤية المشاكل الأسرية عن قرب. - إلي الهدف المنظومة متكاملة والتنسيق هما الطريق للوصول للهدف هكذا بدأ عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي التابع لوزارة الدولة للأسرة والسكان حديثه مضيفاً أن التوجه للوقاية والتدخين عن طريق تدعيم قدرات الشباب وبناء الشخصية الواعية القادرة علي قول «لا» بحزمة من المهارات الحياتية من تواصل ورفض المشاعر السلبية وإعداد قادة من الشباب ضمن مجموعة قوامها أكثر من 15 ألف متطوع علي مستوي الجمهورية كرابطة للوقاية من التدخين وتعاطي المخدرات والتواصل علي الفيس بوك وفي المدارس والجامعات والمعسكرات ويتم الإعداد لحملة كبيرة تشمل 80 معسكراً تستهدف أحد عشر شابا لتوعيتهم وعن عدد المدمنين فعلياً يقول عمرو عثمان: «نقوم حالياً بعملية الرصد ولكن المؤشرات تشير لزيادة أعداد البنات المدمنات كذلك تدني سن التعاطي وهي كلها مؤشرات توضح انحسار دور الأسرة في 52% من المدمنين يقيمون مع والديهم ولهذا نعمل بخط متوازٍ مع الشباب علي التعامل مع الوالدين وننشر آليات الوقاية قبل الوقوع في هذه المحنة ومحددات الاكتشاف المبكر وسنقوم في الفترة المقبلة بحملة إعلامية للوقاية من التدخين بالتعاون مع الصندوق الأهلي للشباب ولدينا شراكة مع وزارة الصحة ومراكز طبية متخصصة هناك خط ساخن «16023» يقدم خدمات المشورة بسرية تامة ومجاناً ويساهم في العلاج المجاني للشباب وقمنا بشراكة مع وزارة التربية والتعليم وتضع الآن المنظومة التشريعية للإدمان ضمن مهامنا لمراجعتها. أما الدكتور عمرو الدسوقي منسق مشروع حماية النشء من المخدرات بوزارة التربية والتعليم فيري أن الشراكة بين الوزارة والصندوق مهمة ويضيف: «استهدفنا 1500 طالب في 500 مدرسة ونأمل أن نستهدف 200 مدرسة إضافية في العام المقبل وأهم ما في الموضوع هو وجود مدرب في كل مدرسة علي مستوي عالٍ ليدرب أولادنا وهو ما يشمله البروتوكول من إنشاء وحدات لمناهضة التدخين والإدمان علي مستوي المدارس ونشر الدليل الإرشادي وتوزيعه علي الكوادر الطلابية ويشمل البروتوكول تدريب الأخصائيين الاجتماعيين بالمدارس بإعطائهم الدورات التدريبية ومهارات التواصل ونحن كوزارة التربية والتعليم نقدم المدارس. والاخصائيون الاجتماعيون يتدربون، ووزارة الأسرة والسكان تقدم الكوادر المؤهلة التي تدربهم وندرب في كل مدرسة 30 طالبا وكل طالب بعد ذلك يصبح مسئولا عن تدريب 30 آخرين ونأمل أن يزيد العدد لأن الوقاية خير من العلاج. - ثقافة التطوع ويقول محمود صالح المنسق التنفيذي لعمليات تدريب المتطوعين التابع لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان أن عملية التطوع تتماشي مع اتجاه عالمي حديث نحو مشاركة الشباب والذي ثبتت فعاليته في توصيل الأفكار والإقناع بها والهدف العام للأنشطة التطوعية التي ينفذها الصندوق هو تعزيز فكرة التطوع ونشرها وتحفيز الشباب لخدمة مجتمعه وإتاحة المزيد من الفرص التطوعية بين النشء والشباب بما يتفق مع مهاراتهم وقدراتهم واهتماماتهم وبناء قدراتهم في مجالات مكافحة التدخين والمخدرات وإكسابهم المهارات اللازمة للعمل في هذا المجال وقد تم بالفعل بناء قاعدة بيانات إلكترونية للمتطوعين تضم أسماءهم وتخصصاتهم والفرص التطوعية للراغبين في الالتحاق بها.