مصر التى ذكرها الله فى القرآن أكثر من مرة وتزوج من بناتها أنبياء الله إبراهيم ومحمد عليهما السلام .. وعاش فيها يوسف وموسى وعيسى .. مصر أرض الخير والسلام والمحبة وستظل دائما فى خير الأجداد والأحفاد .. فمن علامات الخير نجد خلال الأيام الماضية أن البعثات الأثرية المصرية تكتشف «يوميا» كنوز أثرية جدية .. فى الإسكندرية ووادى النطرون والفيوم والواحات والأقصر وغيرها فى أرض أم الدنيا التى مازالت تبوح بأسرارها منذ آلاف السنين وحتى الآن للعالم كله .. كليوباترا وإسكندرية: مازالت حكايات وأسرار الملكة كليوباترا تثير الدهشة لدى علماء الآثار، ولذلك الكل يتسابق فى الكشف عن المزيد من أسرارها .. فمنذ أيام عاود د. زاهى حواس أمين المجلس الأعلى للآثار مع فريق البعثة المصرية المعاونة له عمليات البحث فى منطقة برج العرب لاكتشاف مقبرة الملكة كليوباترا والقائد العسكرى الرومانى مارك أنطونيو فى موقع معبد تابوزيريس ماجنا فى رحلة البحث التى بدأت منذ 5 سنوات، لكن هذه المرة تعرض د. زاهى لحادث كاد يودى بحياته فى منطقة الحفريات، حيث تعطلت الرافعة التى تحمله بعد أن وصلت الى عمق 35 م وظل فى موقعه لمدة 20 دقيقة، مما أثار الذعر والخوف لمن معه ولكن الحمد لله تم تشغيل الرافعة .. ولم تكن هذه المرة الأولى التى يتعرض فيها الدكتور زاهى لمثل هذه الحوادث فقد تعرض أكثر لهذا أثناء عمليات الكشف عن الآثار .. والجدير بالذكر أن الدكتور زاهى قد اكتشف قبل هذا الحادث بأيام قليلة تمثالا ملكيا ضخما داخل معبد تابوزيريس ماجنا بمنطقة برج العرب غرب الإسكندرية «50 كيلو مترا»، بالإضافة إلى العثور ولأول مرة على المدخل الأصلى للمعبد، وقد عثر داخل المعبد على بوابات حجرية لتحديد المدخل.. هذا التمثال يعتبر من أروع التماثيل الملكية البطلمية رغم أن الرأس مفقود حتى الآن والتمثال مصنوع من الجرانيت، وهو لأحد ملوك البطالمة ويتخذ الهيئة المصرية التقليدية فى تماثيل الملوك المصريين القدماء مثل النقبة وشكل الصدر .. ويعتقد د. حواس أنه تمثال خاص بالملك بطليموس الرابع الذى أنشأ المعبد وذلك طبقاً لوديعة الأساس التى عثر عليها وتحمل اسمه. ويجرى الآن البحث عن الرأس المفقود ليكون من أجمل تماثيل العصر البطلمى التى نحتت على الطراز المصرى. دينار النطرون: نترك الإسكندرية ونذهب إلى مناطق أخرى فى مصر، حيث صرح الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة بالكشف عن آثار جديدة بها فلنبدأ بوادى النطرون، حيث تم الكشف بمنطقة دير يحنس القصير بوادى النطرون عن دينار يرجع لفترة الخليفة الأموى يزيد بن عبد الملك بن مروان (101-105 ه/ 719-723 م) وولاية حنظلة بن صفوان على مصر. الدينار مزين بكتابات كوفية على الوجهين نقش على منتصف أحد الأوجه البسملة وعلى الهامش عبارة : «ضرب هذا الدينار سنة ثلاث ومائة، أما منتصف الوجه الآخر فنقشت عليه عبارة التوحيد وعلى الهامش الرسالة المحمدية». وأكد د. حواس أن هذه الفترة التى ضرب فيها الدينار تعتبر فترة رخاء واستقرار فى مصر. ومن الجدير بالذكر أنه يوجد مثيل لهذا الدينار فى مجموعة الملك فهد الخاصة مع وجود بعض الاختلافات البسيطة فى الكتابات. الواحات و31 مقبرة رومانية: د. زاهى حواس قد عثر فى عام 1996 ومعه فريق مصرى كامل على أكبر وادى للمومياوات فى الواحات البحرية والذى عرف بوادى المومياوات الذهبية، حيث عثر على 17 مقبرة تضم 254 مومياء تم الكشف عنها على مدار ثلاثة مواسم وهو الكشف الذى نال شهرة عالمية ولفت الأنظار إلى منطقة الواحات البحرية بما تضمه من آثار ومناطق للسياحة الصحراوية والبيئية، وهذا الكشف قد اعتبره العالم كله توت عنخ آمون العصر اليونانى الرومانى. وبعد مرور 14 عاما يكتشفون 14 مقبرة فى جبانة بمنطقة عين الزاوية بالقرب من مدينة الباويطى بمحافظة 6 أكتوبر ترجع للعصر اليونانى الرومانى القرن الثالث قبل الميلاد. ومن جانبه أوضح د. زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار أن هذه المقابر من المقابر الصخرية وعثر بداخلها على أربعة أقنعة جصية وإحدى الرقائق الذهبية موجود عيها مناظر لأبناء حورس الأربعة وعدد من الأوانى الفخارية والزجاجية وبعض العملات المعدنية. وأضاف د. صبرى عبد العزيز رئيس قطاع الآثار المصرية أنه تم العثور على مومياء لسيدة تبلغ طولها 97 سم ومغطاة بالكامل بطبقة من الجص الملون وترتدى زياً رومانياً وبعض الحلى وعيوناً مطعمة وهى تعد من المومياوات الفريدة من نوعها. عملة لبطليموس فى شمال بحيرة قارون: بشمال بحيرة قارون بالفيوم كشفت عن مجموعة كبيرة من العملات للملك بطليموس الثالث «222-246 ق.م»، وعددها 383 عملة بحالة جيدة جداً .. وجميع العملات المكتشفة لنفس الملك وتزن القطعة الواحدة 32 جراماً وهى مصنوعة من البرونز وصور عليها فى الوجه الإله آمون زيوس مرتدياً باروكة مميزة يعلوها قرنان وحية الكوبرا وعلى الوجه الآخر يوجد الصقر الذى يقف على مقبض خشبى مضموم الجناحين ومكتوب على هذا الوجه الآخر باللغة اليونانية أمام وجه الصقر كلمة (بطليموس) وخلفه كلمة (الملك)، وبعض العملات. كما تم عثور على مجموعة متنوعة من الآثار تعود إلى عصور مختلفة تبدأ من عصور ما قبل التاريخ، حيث عثر على ثلاثة عقود مكتملة مصنعة من قشر بيض النعام وتعود إلى الألف الرابع ق. م وبحالة جيدة، كما تم العثور على مكحلة للكحل السائل من العصر العثمانى وكذلك خاتمين مطعمين بأحجار المرجان. وكذلك تم العثور على فقرات سليمة وجيدة لحوت الدريدون والذى يرجع عمره إلى 42 مليون عام امتداداً لمحمية وادى الحيتان، هذا وقد قامت البعثة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعداد سيناريو العرض المتحفى لمتحف الموقع الذى سوف يتم إنشاؤه وعرض هذه المقتنيات الأثرية بالمتحف. وفى الفيوم أيضا وفى منطقة اللاهون الأثرية عثر على خمس وأربعين مقبرة أثرية جديدة ترجع للعصور المصرية القديمة تحتوى على مجموعة من التوابيت الخشبية الملونة وبداخلها مومياواتها. وقال د. زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار: إن بعثة المجلس التى يرأسها د. عبدالرحمن العايدى عثرت على مقبرة ترجع إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة (1569-1315 ق.م) وتضم اثنى عشر تابوتاً خشبياً موضوعة فوق بعضها البعض، ويحتوى كل تابوت على مومياء تغطيها طبقة من الكارتوناج الملون وبحالة ممتازة. وقد صور عليها مناظر للآلهة المصرية المختلفة وتحتوى نصوصاً من نصوص التوابيت وكتاب الموتى والتى تتضمن أبواباً عن العقائد المصرية الدينية فى مصر القديمة لمساعدة المتوفى فى العالم الآخر. وأوضح د. حواس إن العمل أسفر عن وجود جبانة عصر بداية الأسرات (الأسرتين الأولى والثانية 3050-2687 ق.م) وجبانة الدولة الوسطى (2134-2061 ق.م) وجبانة الدولة الحديثة (1569-1081 ق.م) والعصر المتأخر(724-333 ق.م) ثم منطقة معبد الوادى للملك سنوسرت الثانى (1897-1878 ق.م). ومازال بحث الأبناء عن أمجاد الأجداد مستمرا. فحقا إنها مصر أم الدنيا.