فى يوم من الأيام «انتصيت» فى نظرى وفقدت القدرة على الحكم الصحيح وتقريبا أصابنى الطرش المؤقت.. وذلك ربما منذ خمسة وعشرين عاما، كان وقتها عمرو دياب فى أوج نشاطه وشهرته ونجاحه الذى فقد بعضه هذه الأيام! المهم أننى كتبت إذا كان عبدالوهاب عملاقا قديما - وكان الموسيقار لايزال على قيد الحياة - فإن عمرو دياب كذلك، قامة، كان حكمى هذا مبنيا على ما سوف يكون أو ما سيحققه عمرو فى حياته المقبلة بأن يصبح بالفعل صوت الشباب. - أذكر وقتها أن طلبنى الأستاذ رءوف توفيق فى مكتبه ولامنى وبشدة على هذا التشبيه إلا أننى وباندفاع الشباب ظللت أدافع عن وجهة نظرى فى أن الكبار ليس من حقهم أن يحجبوا الصغار الذين هم فى بداية مشوارهم الفنى، أذكر كذلك أننى التقيت بصديقى الشاعر جمال بخيت فى بيروت، حيث كان يعرض أوبريت «الحلم العربى» وقال لى: كيف تقارنين بين عبدالوهاب وعمرو دياب؟! فهذا لا يجوز والأول هو صاحب التاريخ الطويل، أما الثانى فإن صوته نشاز! - مرت السنوات وبالفعل ازدادت أعداد ألبومات عمرو دياب، إلا أنها لم تخرج عن إطار واحد لا يقدر إلا أن يختاره حيث تفكيره المحدود جدا، مرت سنوات أخرى لأشاهده فى حفل لايف من الكويت لأكتشف بالفعل أن التكنولوجيا هى التى صنعت منه نجما، حيث كان النشاز واضحا جدا فى صوته، فقد يكون مغنى كاسيت أو سى دى، لكنه مطلقا لا يستطيع الغناء «لايف»، وإن كان ذلك فى بعض الحفلات فإننا نظلمه لأن إمكانياته هكذا «مسكين» فقد ظلم نفسه وظلمه من حوله، وأقنعوه أنه «محصلش» ومرت سنوات أخرى وفيها تكبر ذات عمرو دياب وفيها يكبر مشروعه وليس أعماله، فإنه مجرد مشروع تجارى لا دخل للفن به. - ومرت سنوات أخرى لنصل إلى أيامنا هذه وأستمع عبر youTube إلى صوت عمرو دياب فى حوار معه وفيه يسخر من حليم، وبالتحديد أغنية «نار» ثم يأتى دور أم كلثوم ليلفظ بألفاظ بذيئة لا تليق. - لا أدرى إن كان هذا الحوار قديما أم حديثا، إلا أن صديقا لى يعيش فى أمريكا أرسله إلىّ لأنه هناك فى بلاد الغربة لا يملك سوى هؤلاء العمالقة وأصواتهم التى تؤنس الجميع فجعلهم جسرا بينه وبين وطنه الأم. - قد يكون الحوار «متفبرك» فما أكثر ألاعيب التكنولوجيا، فمثلما نشكر أفضالها علينا، فلها كذلك مساوئها، فإذا صح هذا الحوار فلا أملك إلا أن أقول له «القوالب نامت والأنصاص قامت»، أما إذا كان الحوار به الكثير من الخدع التكنولوجية فلماذا لم يظهر عمرو دياب وينفى هذا التسجيل؟! لماذا لم يرفع قضية مثلا مثلما فعل محمد رحيم مؤخرا فى قضية الروائى السعودى عبده خال. رحل عنا عبدالوهاب منذ سنوات إلا أننى أعتذر وبشدة لهذا الفنان الذى أعترف أننى لا أميل إليه، لكن مما لاشك فيه أنه فنان أدخل الكثير من التطوير على موسيقانا الشرقية، فإنه أول من أدخل الجيتار مثلا فى أول تعاون له مع السيدة أم كلثوم، وأفضاله كثيرة، لذلك اعذرونى واغفروا لى هذه «السقطة» يوم شبهت عمرو دياب بعبدالوهاب.