هناك أسطورة هندية تقول: عندما كان الله يجهز الإنسان لرحلة الحياة أو خلافة الأرض كما نقول نحن المسلمين كان الملاك الذى يلازمه على وشك أن يضيف هبة القناعة والرضا الكامل، ولكن الله صاحب العقل الذى لاحدود له أوقف يد الملك قائلا: كلا.. فلو إنك أعطيته هذا فإنك سوف تحرمه للأبد من متعة اكتشاف نفسه.. وقد خلقنا الله وهيأ لنا سبل اكتشاف أنفسنا، ولكن بعضنا بوعى منه أو بدون وعى يجعل من رحلة الاكتشاف هذه عبئاً ثقيلاً عليه وعلى رفقائه فيها بعدم إقباله على الحياة بحلوها ومرها، بنجاحاتها وإخفاقاتها واستسلامه لبعض القناعات السلبية بعدم القدرة على الفعل.. واعتبار الهزائم المؤقتة تجارب لا مفر منها فى طريق النجاح.. ومنا من يظل يشكو سوء الأحوال ويصرخ مطالباً الآخرين بصنع عالم أفضل من حوله، دون أن يشرك نفسه فى إضافة لمسة ولو صغيرة فى تلك اللوحة لذلك العالم الذى ينشده.. مع أنه لو حاول سينجح.. وغالباً لا تكون المشكلة عند الآخرين بل عنده هو!!! يقال إن رجلاً كان خائفاً على زوجته بأنها لا تسمع جيداً وقد تفقد سمعها يوماً ما. فقرر أن يأخذ رأى طبيب الأسرة قبل عرضها على أخصائى.. قابل طبيب الأسرة وشرح له المشكلة، فأخبره بأن هناك طريقة تقليدية لفحص درجة السمع عند الزوجة وهى بأن يقف الزوج على بعد 40 قدماً من الزوجة ويتحدث معها بنبرة صوت طبيعية.. إذا استجابت لك فيها وإلا اقترب 30 قدماً، إذا استجابت لك كان بها وإلا اقترب 20 قدماً، إذا استجابت لك وإلا اقترب 10 أقدام.. وهكذا حتى تسمعك. .. فى المساء دخل البيت ووجد الزوجة منهمكة فى إعداد طعام العشاء فى المطبخ، فقال: الآن فرصة سأعمل على تطبيق وصية الطبيب. ذهب إلى صالة الطعام وهى تبتعد تقريباً 40 قدماً.. ثم أخذ يتحدث بنبرة عادية وسألها: يا حبيبتى.. ماذا أعددت لنا من الطعام.. ولم تجبه.. ! اقترب 30 قدماً من المطبخ وكرر نفس السؤال: «ولم تجبه..!! ثم اقترب 20 قدماً.. ولم تجبه..!! ثم اقترب 10 أقدام، ولم تجبه..!! ثم دخل المطبخ ووقف خلفها ،وكرر نفس السؤال: يا حبيبتى.. ماذا أعددت لنا من الطعام. فقالت له: «يا حبيبى للمرة الخامسة أُجيبك: دجاج بالفرن». أرأيتم أن المشكلة ليست مع الآخرين أحياناً كما نظن ولكن فينا نحن.. !! وما نعتقد أنه الحقيقة.. وهناك حكاية أخرى حدثت فى إحدى الجامعات فى كولومبيا: حضر أحد الطلاب محاضرة مادة الرياضيات.. وجلس فى آخر القاعة ونام بهدوء.. وفى نهاية المحاضرة استيقظ على أصوات الطلاب.. ونظر إلى السبورة فوجد أن الدكتور كتب عليها مسألتين فنقلهما بسرعة وخرج من القاعة وعندما رجع البيت بدأ يفكر فى حل هاتين المسألتين.. كانت المسألتان فى منتهى الصعوبة.. ذهب إلى مكتبة الجامعة وأخذ المراجع اللازمة.. وظل يبحث ويبحث وبعد أربعة أيام كاملة استطاع أن يحل المسألة الأولى وهو ناقم على الدكتور الذى أعطاهم هذا الواجب الصعب!! وفى المحاضرة اللاحقة استغرب أن الدكتور لم يطلب منهم الواجب.. فذهب إليه وقال له: يا دكتور لقد استغرقت فى حل المسألة الأولى أربعة أيام. وحللتها فى أربع أوراق.. تعجب الدكتور وقال للطالب: ولكنى لم أعطكم أى واجب!! وما المسألتان اللتان كتبتهما على السبورة إلا أمثلة للمسائل التى عجز العلم عن حلها!! إن هذه القناعة السلبية جعلت الكثير من العلماء لا يفكرون حتى فى محاولة حل هذه المسألة.. ولو كان هذا الطالب مستيقظا وسمع شرح الدكتور لما فكر هو أيضاً فى حلها استسلاماً لهذه القناعة. ولكن رب نومة نافعة.. . ومازالت هذه المسألة بورقاتها الأربع معروضة فى تلك الجامعة كدليل على عبقرية ذلك الطالب.. الأمثلة كثيرة على هذه القناعات السلبية التى تمنعنا من فعل أشياء تبدو أمامنا مستحيلة وهى ممكنة فقبل خمسين عاما كان هناك اعتقاد بين رياضيي الجرى أن الإنسان لا يستطيع أن يقطع ميلا فى أقل من أربع دقائق.. وأن أى شخص يحاول كسر الرقم سوف ينفجر قلبه!! ولكن أحد الرياضيين سأل هل هناك شخص حاول وانفجر قلبه فجاءته الإجابة بالنفى!! فبدأ بالتمرن حتى استطاع أن يكسر الرقم ويقطع مسافة ميل فى أقل من أربع دقائق.. فى البداية ظن العالم أنه مجنون أو أن ساعته غير صحيحة لكن بعد أن رأوه صدقوا الأمر واستطاع فى نفس العام أكثر من 100 رياضى.. أن يكسروا ذلك الرقم!! بالطبع القناعة السلبية هى التى منعتهم أن يحاولوا من قبل.. فلما زالت نجحوا.. وهذا العامل أيضاً، كان يعمل فى شركة تبيع المواد الغذائية، فى ذلك اليوم دخل إلى الثلاجة وكانت عبارة عن غرفة كبيرة عملاقة.. دخل العامل لكى يجرد الصناديق التى بالداخل.. فجأة وبالخطأ أغلق أحدهم عليه الباب.. طرق الباب عدة مرات ولم يفتح له أحد لا أحد يسمع طرقه!!.. وكانوا فى نهاية الأسبوع.. حيث إن اليومين القادمين عطلة.. فعرف الرجل أنه سوف يهلك.. جلس ينتظر مصيره.. وبعد يومين فتح الموظفون الباب.. وفعلاً وجدوا الرجل قد توفى.. ووجدوا بجانبه ورقة.. كتب فيها.. ما كان يشعر به قبل وفاته.. وجدوه قد كتب: «أنا الآن محبوس فى هذه الثلاجة.. أحس بأطرافى بدأت تتجمد.. أشعر بتنمل فى أطرافى.. أشعر أننى لا أستطيع أن أتحرك.. أشعر أننى أموت من البرد وبدأت الكتابة تضعف شيئاً فشيئاً حتى أصبح الخط ضعيفاً.. إلى أن انقطع.. العجيب والغريب أن الثلاجة كانت مطفأة ولم تكن متصلة بالكهرباء إطلاقاً! فمن الذى قتل هذا الرجل؟؟ لم يكن سوى (الوهم) الذى كان يعيشه.. كان يعتقد بما أنه فى الثلاجة إذن الجو بارد جداً تحت الصفر.. وأنه سوف يموت.. واعتقاده هذا جعله يموت حقيقة..!! - ترى كم منا - أفراداً ودولا - عاش أسيراً لأوهامه تلك، ثم اكتشف أنها كلها مجرد ريشة طارت في الهواء مع أول انتفاضة؟!