عندما قرأت رواية عصافير النيل لإبراهيم أصلان بكل تفاصيلها وكثرة الشخصيات الموجودة بها واختلاف الأزمنة أدركت مدي صعوبة تحويل هذه الرواية لفيلم سينمائي.. أنت عندما تقرأ الرواية قد تري أن نرجس التي لعبت دورها دلال عبدالعزيز هي البطلة، وقد يري آخرون أن زوج نرجس البهي الذي لعب دوره محمود الجندي هو البطل المفروض أنه موظف بهيئة البريد وسيخرج علي المعاش عند بلوغه سن 56 إلا أن انتقاله لوظيفة أخري بنفس هيئة البريد أجبرته علي الخروج علي المعاش عند سن 06، وقد يري البعض أن ابن نرجس عبدالله الذي لعب دوره أحمد مجدي هو البطل لميوله السياسية. وهكذا مع جميع شخصيات الرواية أنت لا تستطيع الإمساك ببطل محدد.. عندما بدأ مجدي أحمد علي في كتابة السيناريو منذ أكثر من عامين تساءلت كيف سيتغلب علي صعوبة تحويل هذه الرواية لشريط سينمائي، وأي شخصية سيركز عليها بفيلمه لتكون هي البطل، وجاءتني الإجابة عندما شاهدت الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الدورة الماضية، فوجدت أمامي شخصيات الرواية يتحركون وكل منهم بطل في دوره حتي الشخصيات التي تم اختصار مساحة تواجدها وجدناها مؤثرة للغاية!! نرجس التي لعبت دورها دلال عبدالعزيز من أجمل الشخصيات في الفيلم ونجحت في صنع حالة من التواصل بينها وبين الجمهور، وأجمل مشاهدها كانت مع زوجها البهي الذي لعب دوره باقتدار محمود الجندي خاصة المشهد الذي تطلب منه أن يعلق لها مصباحا في قبرها عندما تموت لمدة أسبوع حتي تعتاد علي الظلام الذي تخشي منه كثيرا.. عين المخرج مجدي أحمد علي لم تخطئ عندما اختار دلال عبدالعزيز لهذا الدور،هو يعلم جيدا قدر موهبتها وإمكانياتها الفنية التي لم تخرج بعد، وقد سبق لها العمل معه في فيلم أسرار البنات الذي حصل علي العديد من الجوائز في المهرجانات العربية والأجنبية، وأتوقع لها أن تحصل علي جوائز عديدة عن هذا الدور الذي يعتبر نقطة فارقة بمشوارها الفني أيضا محمود الجندي هو البهي زوج نرجس دلال عبدالعزيز قدم دورا من أروع أدواره، أما مفاجأة الفيلم فكانت عبير صبري أو بسيمة التي أحبها بطل الفيلم ورغم حبها له إلا أنها تفضل الانسحاب من حياته لعلمها أن أهل الحي الذي تسكن فيه يروجون شائعات عن سمعتها السيئة، المدهش أن عبير صبري أبدعت في دور جريء قد ترفضه الأخريات من اللاتي يرفضن شعار السينما النظيفة، واستطاعت أن تكسب تعاطف الجمهور معها في جميع المراحل التي ظهرت بها في الفيلم، خاصة في مرحلة مرضها، ومن الذين تألقوا أيضا الوجه الجديد مها صبري ورغم أنها ظهرت لأول مرة في فيلم الأكاديمية إلا أن البداية الحقيقية لها تعتبر مع مجدي أحمد علي في عصافير النيل، المفروض أنها كانت الزوجة الأولي للبطل التي ترفض الخروج معه لأنه يفضل ارتداء الجلباب عن القميص والبنطلون، أيضا تألقت ليلي نصر في دور هانم والدة دلال عبدالعزيز وسعيد الصالح في دور محمد الرشيدي.وكذلك مني حسين التي لعبت دور الارمله. أما أحمد مجدي علي في أول ظهور له والذي لعب دور ابن دلال عبدالعزيز فانتظروه! ومشيرة أحمد أو دلال الزوجة الأخيرة للبطل لم أصدق أنها لأول مرة تقف أمام الكاميرا! تحية لمدير التصوير رمسيس مرزوق الذي استطاع التعبير بأدواته عن الجو العام للفيلم وكذلك موسيقي راجح داود. مجدي أحمد علي مع كل فيلم له لابد أن يدهشنا من خلال سينما خاصة به بعيدة عن أفلام الملايين، فهو في عصافير النيل يزداد نضجا وعمقا، وبعد مشاهدتنا لكل فيلم له نتساءل هل سيستطيع أن يقدم لنا فيلما جديدا بنفس هذه الروعة، ليفاجئنا بفيلمه التالي بأنه أكثر جمالا من الذي قبله، وقد توقعنا لفيلمه عصافير النيل أن يحصل علي أكثر من جائزة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لكنه لم يحصل إلا علي جائزة واحدة فقط كانت من نصيب بطل الفيلم، لكن المؤكد أن الفيلم سيطير إلي مهرجانات أخري ليحصل علي العديد من الجوائز مثله مثل أفلام مجدي أحمد علي أسرار البنات وخلطة فوزية وغيرهما. تحية أخيرة لإسعاد يونس علي تحمسها لإنتاج هذا الفيلم، معظم المنتجين لا يهتمون إلا بإنتاج أفلام تجارية لا تصلح للمهرجانات السينمائية.