الفرعون الذهبي توت عنخ أمون الذي تولي عرش مصر وعمره 8 سنوات، ومات وعمره 81 منذ آلاف السنين مازال يشغل لب العالم ويبهره بكنوزه النادرة، وبقصة حياته وموته الغامضة. أما هيوارد كارتر مكتشف مقبرة توت فلايزال اسمه يذكر كأحد أبطال حكايات ألف ليلة وليلة، فقصة اكتشاف الكنز أكثر إثارة من هذه الحكايات! - كارتر والكنز عسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم صدق الله العظيم، فعندما نقرأ عن قصة اكتشاف أكبر خبيئة ذهبية وأهمها من خبيئات الآثار المصرية وأشهرها وهي خبيئة الفرعون الذهبي توت عنخ أمون، الذي أخذ العديد من علماء ولصوص الآثار علي مدي آلاف السنين يبحثون عنها ولم يعثر عليها غير عالم الآثار الإنجليزي هيوارد كارتر، فما هي قصة هذا الاكتشاف؟! لقد تولي كارتر منصب المفتش العام الأول لآثار مصر وعمره 52 عاما بعد أن جاء من إنجلترا بسبب حبه وولعه الشديد بالكنوز المصرية، وكان رساما بدأ العمل في الآثار المصرية بنسخ النقوش والرسوم المسجلة علي جدران المقابر لدراستها فيما بعد، ثم استطاع أن يطور من خبرته فعمل بالحفائر واستخرج مجموعة من المقتنيات المهمة من تل العمارنة، وكالعادة بعد توليه منصب المفتش العام وشي به البعض وأجبر علي الاستقالة عام 5091 إثر حادث وقع بين مجموعة من حراس أحد المواقع الأثرية وبعض السائحين الفرنسيين المخمورين. ولكن حبه للبحث والتنقيب عن الآثار جعله لا يستسلم، فسعي وراء الحصول علي تمويل خاص لأعمال التنقيب الأثري، فتولي كارتر منصب المشرف علي أعمال حفائر كارنارفون الخامس الذي اقتني واحدة من أقيم مجموعات القطع الأثرية المصرية، مقابل تمويله لعمليات البحث والتنقيب عن الآثار، وهذا كان النظام المتبع قديما أن رجلا ثريا من أوروبا هو الذي يقوم بتمويل الحفائر، ولم يندم كارتر علي تركه لمركز المفتش العام الأول لآثار مصر، لأنه بعدها تم كشفه لست مقابر بوادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر، ورغم ذلك كان يدرك تماما أن الكنز الأعظم والأكبر يوجد بمقبرة الملك الصغير توت عنخ أمون، لكن أين الله أعلم؟! وظل يحلم كارتر بهذا الكشف فقرر أن يبني استراحة له عند مدخل وادي الملوك في عام 0191 وتفرغ للبحث عن المقبرة، وظل 21 عاما يبحث حتي حدثت المعجزة في 4 نوفمبر عام 2291 عندما ذهب أحد العمال المعاونين له لإحضار المياه علي ظهر حماره، وأثناء السير وقع الحمار في منخفض، وكان عبارة عن درجة منقورة في الصخر تحت أحد أكواخ العمال التي استعملوها كمساكن لهم عندما كانوا يشتغلون في مقبرة رمسيس السادس، فسارع كارتر ومن معه إلي المكان، ثم وصلوا إلي مدخل منحوت في الصخر علي بعد 31 قدما أسفل مدخل مقبرة رمسيس السادس، وازداد الأمل في أن يكون هذا المدخل هو مدخل مقبرة، لكن الشكوك كانت وراء كارتر بالمرصاد من كثرة المحاولات الفاشلة السابقة، فربما تكون لمقبرة لم تتم بعد أو أنها لم تستعمل وإن استخدمت فربما نهبت في الأزمان الماضية أو تكون المفاجأة أنها مقبرة لم تمس أو تنهب بعد! واستمر الحفر وأزيلت الأتربة عن 51 درجة أخري تؤدي إلي مدخل آخر كان مسدودا بحجارة مطلية بالملاط عليها أختام توت عنخ أمون والجبانة، وفي 52 نوفمبر صدم الحائط الذي يسد المدخل ووجد خلفه ممرا محفورا في الصخر مملوءا بالأتربة والأنقاض طوله 5,7 متر، ويؤدي هذا المدخل إلي آخر مسدود بالأحجار، وفي 92 نوفمبر جري رسميا افتتاح الغرفة الأمامية الجنوبية وتتعامد هذه الغرفة مع دهليز المدخل الذي يفتح ناحية الشرق، وعند لحظة الكشف كانت لحظة بين الحقيقة والخيال، حيث وجد كارتر ومن معه حجرة مكدسة بالأثاث الجنائزي بدون أي ترتيب، وكانت تضم 171 قطعة من التحف ومختلف الأثاث والصناديق والحلي والملابس ولفائف من الكتان وبوقا من البرونز ومجموعة من النعال والعديد من الصولجانات والعصي والسلاسل، ثم فتح الغرفة الجانبية فوجد ناووسا صغيرا من الخشب المذهب وداخله قاعدة مصنوعة من خشب الأبانوس، ثم وجد الحائط الشمالي من هذه الردهة مسدودا بباب، وفي كلا جانبي الباب تمثال من خشب مطلي باللون الأسود، أما العصي والصولجانات والحلي وأغطية الرأس فكانت مطلية بالذهب، وظل كارتر والمنقبون حوالي سنتين لتفريغ هذه الردهة من كنوزها، ثم في 71 فبراير 3291 بدأ افتتاح الغرفة الغربية فوجد بها هياكل متداخلة منقوشة مصنوعة من الخشب المذهب، ومطعمة بعجينة من الزجاج الملون منقوش بالنقش الغائر، ووجد بها بعض القلائد الذهبية، ووجد أيضا بالغرفة صندوقا مزدوجا وصندوقين مطليين يحويان أدوات خاصة بالشعائر الجنائزية، ووجد بالغرفة أيضا مجدافا وجرارا للنبيذ وسلالا وتمثال أوزة ملفوفة وبوقا فضيا ومصباحين من الألبستر، كما وجد بهيكل آخر زهورا صغيرة من البرونز المذهب وكانت أبوابه ذات مزاليج من الأبانوس وأمامه عصي أجملها اثنتان إحداهما من الفضة والأخري من الذهب ووعاءان من الألباستر يمثلان اتحاد القطرين، كما وجدت علبة مزدوجة في صورة خرطوش ملكي مذهب مطعم بعجينة زجاجية متعددة الألوان، أما الهيكل الثالث ففيه مجموعة من الأسلحة وأقواس وسهام ومدية مزينة بريش النعام، أما الهيكل الرابع فكان بداخله تابوت من الحجر الرملي، أما الغطاء فكان من الجرانيت الخشن وبداخله ثلاثة توابيت متداخله الأول والثاني مصنوعان من الخشب المذهب وعلي صدر التابوت الأول إكليل من الأزهار، أما الثاني فقلادة كبيرة من أوراق الزيتون. أما التابوت الثالث فهو ملفوف بلفائف كتانية، وكان الوجه هو الشيء الوحيد الذي بقي مكشوفا، وعندما فتح في صباح يوم 82 أكتوبر 5291 ظهر القناع الذهبي، وقد كانت المومياء في وضع متفحم نتيجة لتراكم الزيوت عليها، وكان أكثر من 341 حلية ذهبية موزعة في كل أجزاء المومياء عند الكشف عنها. - غرفة الكنز ثم فتحت غرفة أخري في الزاوية الشمالية الشرقية من الغرفة الجنائزية، فوجد أن هذه الغرفة تضم أثمن الأشياء التي استخدمت في الطقوس الجنائزية أهمها المقصورة الذهبية التي تضم تحت أغلفتها الأواني الكانوبية وبداخلها أحشاء الملك وعلي عتبة الباب وجد حامل لصندوق كبير من الخشب المذهب وضع فوقه تمثال مطلي باللون الأسود وعيناه مرصعتان بالذهب وأسفله قلادة ووجد بين القدمين لوحة عاجية وفي داخل الصندوق وجد حلي للصدر وتمائم ونماذج للقرابين ورأس بقرة من الذهب وثلاثة كئوس من الألباستر ووضع علي طول الحائط صناديق كثيرة مغلقة عندما فتحت وجد بها قطع من الذهب والخشب المذهب وأدوات زينة ونماذج لمراكب وطاحونة وعدة أزواج من الأقراط الذهب والأساور والقلادات وأشياء أخري كثيرة لا حصر لها، وفي نوفمبر 7291 تم فتح ملحق المقبرة وكانت مخصصة للمكان المعد للكنز وكانت مكدسة بالأدوات. لقد اكتشفت أيضا أنه يجب علي كتابة عشرات الصفحات لحصر كنز توت عنخ أمون الذي بلغ أكثر من 5 آلاف قطعة نادرة وذهبية، لذلك استحق أن يلقب بالفرعون الذهبي وأن تصبح استراحة كارتر مكتشف المقبرة بعد تجديدها أن يعلن د. زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلي للآثار يوم افتتاحها عن أن كل من يريد قضاء ليلة واحدة فيها أن يدفع 02 ألف دولار، أي أكثر من 001 ألف جنيه مصري ليعيش لحظات اكتشاف كارتر للكنز وأسرار توت عنخ أمون، وللعلم هذا الكنز يوجد بالمتحف المصري بالتحرير الآن.