إذا كانت المعطيات تقود إلى النتائج، وإذا كانت المعطيات فساداً وتسيباً إدارياً وإهمالاً "ومال سايب" ليس له صاحب وتراكمات امتدت جذورها فى العمق على مدى سنوات لم تجد أمامها سوى الصمت واتخاذ موقف المتفرج على ضحايا الحوادث المتكررة الذين لا يجدون من يحميهم من توحش هذا الفساد الذى يسير قطاره دون توقف وآثاره التى وصلت إلى حد اختلاطها بدماء هؤلاء الضحايا، ورغم ذلك فكثيراً ما يصاب المواطن بدهشة واستنكار لما يحدث من كوارث وحوادث مروعة فى مرفق السكك الحديدية، إلا أننى أشعر بأنى فقدت هذه الدهشة من جراء معاناة ثلاثة عشر عاماً كتبت خلالها عن الفساد والتسيب المالى والإدارى "ومستشارى السوء" والإهمال والعبث بأرواح البشر فى السكة الحديد، وكأنه لا أحد يسمع ولا أحد يقرأ أو يتكلم رغم محاولات الشرفاء الذين يرفضون هذا الفساد وتغلغله ويحاولون التصدى له بكشف صوره المستترة تارة أو التى تعلن عن قبحها تارة أخرى دون خوف وكأنه لا حسيب أو رقيب! لكنى أعترف الآن كم كانت دهشتى كبيرة وأنا أستمع إلى الكلمات المقتضبة التى ألقاها المهندس محمد منصور وزير النقل السابق وهو يلقى بيانه إثر أستقالته، وبالمناسبة لا يعنينى كثيراً إن كانت استقالة أم إقالة، حيث أخذ الحديث عنها للأسف وقتاً أكبر من الحديث عن الضحايا والمصير الذى ينتظر عائلاتهم الذين انقلبت حياتهم فى لحظة رأساً على عقب، وبدلاً من أن نحاول مداواة جروحهم والإسراع فى تخفيف معاناتهم وصرف مستحقاتهم - دون دوخة السبع دوخات - بل الاستمرار فى رعايتهم، فالمسئولية هنا مسئولية بلد بأكمله، وأعود فأقول إننى توقفت أمام كلمات بعينها للسيد الوزير والدهشة تنتابنى وأنا أتابع هذه الجملة: "نظراً لاستمرار وجود خلل واضح فى عملية إدارة هذا القطاع الحيوى الهام" وعلى الفور وجدت لسان حالى يردد "ما كان من الأول"! الآن فقط وبعد وقوع الكارثة - رغم ما سبقها من حوادث- اعترف السيد الوزير المستقيل بالخلل الواضح فى إدارة السكة الحديد، رغم أننى كتبت مراراً عن صور كثيرة تعبر عن هذا الخلل بل والفساد أيضاً وكتبت حرفياً للسيد الوزير بتاريخ 61 يونية سنة 9002: "والسؤال الآن هل يوافق السيد وزير النقل على تفشى هذا الفساد بهذه الصورة؟! وما هو دوره؟! أم أن عليه تقديم استقالته لكى يتفرغ لأعماله التى حتماً لن يوافق على إهدار جنيه واحد من ماله الخاص بفعل موظف - أو أكثر - منعدم الضمير". "ياوزير النقل ليس مهماً أن ترد علينا إذا كان قد نصحك أحد بذلك، ولكن لا تقف صامتاً أمام هذا الفساد الذى يرتع فى الهيئة، فأنت مسئول وعن هذا فسوف تسأل "بضم التاء" وتحاسب أمام من لا يغفل ولا ينام". وكان رد السيد الوزير علىَّ للمرة الأولى منذ توليه المسئولية منذ أربع سنوات وتم نشره فى صفحة كاملة، ولكنى أختار منه الآن هذه الكلمات، وبدون إنكار لأى جهد أو نجاح فى مرافق أخرى تتبع وزارة النقل وحدث بها إنجاز أو إصلاح: "كنت أتمنى أن تستثمرى هذه المصارحة من قبلنا فى توعية الرأى العام بما يحدث من إصلاح حقيقى فى السكة الحديد وتسليط الضوء على الوجه المشرق الذى يحاول جميع زملائى العاملين بالسكة الحديد إبرازه للتغلب على أى نقاط سوداء يمكن أن تكون وقعت فى وقت وزمن آخر"؟!! والآن وبدون تعليق نستعرض أمثلة لبعض الحوادث والكوارث التى وقعت خلال أعوام 6002 وحتى 9002 1- حادث تصادم قطارين فى بلبيس محافظة الشرقية - 9 مايو سنة 6002. 2- حادث تصادم قطارين فى قليوب - 12 / 8 / 6002 3- حادث قطار شبين القناطر 4 سبتمبر 6002 4- حريق شب فى جرار قطار القاهرة - الإسماعيلية عند بلدة سنديون واضطر السائق إلى الوقوف فجأة مما أدى إلى اصطدام العربات الثلاث الأولى واستعانت الهيئة بجرار آخر 02 / 9 / 6002 5- حريق شب بمؤخرة جرار القطار رقم 03 القادم من الإسكندرية إلى القاهرة أمام قرية "شبرا النملة" بمركز طنطا وأنقذت العناية الإلهية نحو 0001 راكب 22 / 9 / 6002 6- حادث قطار مرسى مطروح عند مزلقان فوكه وتحطم أتوبيس ركاب إثر اصطدامه بتريللا نقل- أغسطس 8002 7- حادث اقتحام قطار بضاعة ينقل "سولار" لرصيف الركاب مما ترتب عليه انسكاب السولار ونفاد الصهاريج منه، وذلك عند مركز الفشن محافظة بنى سويف ولم تحدث خسائر فى الأرواح نوفمبر 8002 8- تصادم قطار بعربة نقل فى أحد مراكز البحيرة مما أدى إلى مصرع واحد وإصابة 21 شخصاً 41 / 4 / 9002 9- سير قطار بدون سائق مما تسبب فى قتل اثنين - أب وابنه - وإصابة 21 شخصاً بمزلقان سموحة مايو 9002 01- اصطدام قطار متجه إلى طنطا بسيارة نقل يونيه 9002 11- تصادم قطار لدى دخوله محطة مصر بالإسكندرية إثر اصطدامه برصيف المحطة فى نهاية الرصيف مما تسبب فى خسائر قدرت بنحو 51 مليون جنيه أغسطس 9002. 21- حادث تصادم قطارين عند قرية جرزا بالقرب من مركز العياط ومصرع 81 وإصابة 63 - 42 / 01 / 9002 "هذا بالإضافة إلى الحوادث البسيطة غير المعلنة وتعطل بعض القطارات فى رحلاتها وطول أو مضاعفة وقت الرحلة كما حدث مؤخراً للقطار رقم 5042 القادم من الإسكندرية للقاهرة وتحرك - كما نشرت جريدة الأهرام فى 21 / 01 / 9002"- فى التاسعة مساء ووصل السادسة صباح اليوم التالى لتعطل جرار القطار والاستعانة بأربعة جرارات أخرى تم تعطلها أيضاً". ويستطرد الخبر قائلاً: "فما كان من الركاب إلا أن توجهوا إلى قسم محطة سكك حديد مصر حيث تقدم أكثر من 07 راكبا من ركاب القطار ببلاغ ضد مسئولى هيئة السكة الحديد بسبب إهمالهم الجسيم بالاستعانة بجرارات متهالكة كادت أن تتسبب فى وقوع كارثة بانقلاب القطار بركابه". ولا حول ولا قوة إلا بالله تأمل بالفاكس: لنتأمل قول إمام المتقين الإمام على بن أبى طالب "كرم الله وجهه": "من وضع نفسه مواضع التهمة، فلا يلومن من أساء به الظن".