وأنا في زيارة سريعة لبيت العيلة بمحافظتي المنيا عروس الصعيد، وبعد أن سلمت علي عمي الكبير محمد عبدالباقي المهندس الزراعي، أمرني بالجلوس معه في مندرة البيت، وسألني عن أحوالي وقلت له: سيبك من أحوالي، المهم أنتم عاملين إيه فعلا زمنكم الجميل شايفينه فينا؟ نظر لي وفي عينيه بريق الحزن وقال: أكيد لأ وده مش إحباط بس الحاجة الوحيدة اللي عندكم ومش عندنا هي المجال المفتوح في التعليم.. قلت له إزاي يا عمي اللي أعرفه أنه علي أيامكم كان التعليم بجد لكل حاجة مش مجرد واجب نعمله في البيت والمدرس يفتش علينا تاني يوم وخلاص ويكتب شكرا.. وبس.. فرد وقال لي: طب أقعدي وولع علي قولحتين وحط براد الشاي.. وكمل كلامه: القعدة هطول فنشرب شاي سوا.. بص بقي زمااااان علي أيامي في السبعينيات كانت المدارس معدومة تقريبا ومركزنا ده كان نجع تبع مركز تاني مفيش فيه ولا مدرسة وكنا بنضطر نروح للمركز التاني، إما علي عجلة أو نركب عربية ع الكبوت ولما جينا نروح الجامعة مفيش في الصعيد جامعة قريبة غير أسيوط المحافظة اللي جنبنا وفيها كليات معدودة قوي.. وهما جامعة أسيوط وجامعة جنوبالوادي، والأقرب ليا كانت أسيوط اللي بيني وبينها أكثر من 5 ساعات سفر ده دلوقتي شوفي بقي زمان من حوالي كده 04 سنة وبصي حوالينا دلوقتي وابحثي في كتبك أو النت الاختراع الجديد الجهنمي اللي بقي من وسائل التعليم دلوقتي واللي الوزارة ناوية تستخدمه إذا تم غلق المدارس بعد انتشار المرض الجديد أنفلونزا الخنازير.. شوفتي بقي الفرق، أنا دلوقتي مش قادر أنسي تعبنا في الوصول للمعلومة واهتمامنا بأننا نروح المدرسة ونذاكر عشان نروح جامعة أسيوط اللي أقرب وما نروحش جنوبالوادي اللي بعيد عننا بحوالي نص يوم بحاله. وقطعت كلامه واسترجاعه للماضي والمقارنة الكبيرة اللي بيحاول يبين فيها قد إيه الدنيا قدامنا سهلة والتعليم ممكن وأنتم في البيت وإننا إحنا اللي فاشلين ومش عايزين نتعلم بجد وطبعا عرفت اللي جواه ده لأن دي عادة عمي كل مرة يبين لنا الجملة دي هو حد هيقولي عليه، قلتله عندك حق يا عمي وأخرجت اللاب توب من حقيبتي وقلتله استني أوريك حاجة يا عمي علي النت بتاع جيلنا.. واتصدم بعد اللي شافه وهو إن الجامعات الأجنبية والخاصة في مصر عددها فاق كثيرا الجامعات الحكومية، فجامعات مصر الأجنبية والخاصة (12) جامعة في مصر وسيناء وأكتوبر والإسكندرية مثل الجامعة الأمريكية بالقاهرة والفرنسية والكندية وأيضا جامعة فاروس بالإسكندرية وسنجور، أما عدد الجامعات الحكومية في مصر فهي (71) جامعة منها جامعة الأزهر ومن المعاهد والأكاديميات التي تتبع الحكومة أكاديمية السادات للعلوم الإدارية ومعهد هندسة وتكنولوجيا الطيران. وصب عمي الشاي وشربناه وإحنا الاثنين ساكتين هو بيفكر في جيله اللي فات واللي أولاده فيه دلوقتي وأنا بفكر في اللي أنا فيه وفرصة السفر اللي في خلال 3 ساعات ممكن أبقي عند عمي فيها وأبعت شغلي عن طريق الفاكس أو الإيميل في دقايق معدودة ولسان حالي يقول يا تري ولادي إيه اللي هيحصل علي أيامهم أكثر من كده في ثواني هيتعلموا ويروحوا وييجوا ومش هنلحقهم زي عمي ما هو مش قادر يلحقنا. وأوقفت تفكيري وقلت لنفسي نسيب كل حاجة لوقتها وأديني هشوف بكره وبعده فيهم إيه يعني يا خبر بفلوس.. بكره يبقي ببلاش.