كل شىء عاد كما كان.. إن لم يكن قد أصبح أسوأ الديون تراكمت علىّ.. نتيجة وقف الحال وبادفع الإكراميات حتى أقف فى الممنوع بلا مخالفات وبادفع الشىء الفلانى لأولادى كدروس خصوصية ومجموعات التقوية وإلا لن ينجحوا فى الامتحانات وباشترى اللحمة فى المناسبات.. والسكر والزيت بقت أسعارهم نار والطرق متدهورة.. والمرور واقف ولسه خايف حد من أهل بيتى يتعب ما أقدرش على علاجه لكن.. فيه حاجة واحدة اتغيرت ودى فى رأيى أهم حاجة.. فلأول مرة يامدام أحس أنى صاحب مكان.. مش ضيف ثقيل على ناس مش طايقاه.. عايزة تسربه وتخلص منه فى أسرع وقت وفى أى مكان.. مرة فى العراق.. ومرة فى ليبيا.. ومرة فى إيطاليا.. ومرة فى قطار محروق.. أو فى عبارة غرقانة مش مهم.. لا أنا كنت فارق معاهم.. ولا هم كانوا شايفينى كبنى آدم. لكن لما الثورة قامت شعرت أن البلد دى بلدى عرفت يعنى إيه كلمة وطن.. وكلمة مواطن لأول مرة.. والله ده مش كلام أغانى.. لكن أنا فعلاً شعرت بقلبى بيوجعنى على البلد دى.. وحاسس أنها حتة منى وأنا حتة منها عايزها.. وعايزانى. لما سمعتهم بيقولوا «ارفع ر أسك فوق أنت مصرى» والله.. بكيت أصل إحنا شبعنا ذل ومهانة وكسرة نفس معقولة.. ربنا يكرمنا فى يوم ونرفع فيه راسنا لأننا مصريين.. زينا زى خلق الله اللى عندهم كرامة وعزة نفس. أنا كملت السنة دى 42 سنة لكن طول عمرى خايف وأبويا كان بيوصينى دايماً أمشى جنب الحيط.. واتقى شر الناس المفترية.. والمفترى ده مش واحد ولا اثنين ولا عشرة المفترين كتير ربنا يكفيك شرهم اللى مفترى ببدلته.. واللى مفترى بعربيته واللى مفترى بهيئته.. واللى مفترى بشغلته.. واللى مفترى بعيلته وسطوته. علشان كده كنت دايماً خايف مش أنا لوحدى لكن كتير زيى لكن بعد 25 يناير خلاص شعرت أنى «فايق» فايق من غيبوبة.. صحيح الأوضاع زى ما هى رغم مرور 9 شهور لكن أنا واحد تانى شعور جميل قوى أنك تشعر أنك إنسان بجد الناس تحترمك وأنت تحترم نفسك بلدك محتاجالك.. زى ما أنت محتاج لها أنا فى سبيل الشعور اللى عمرى ما عرفته طوال ال42 سنة مستعد أعمل أى حاجة.. مستعد أتحمل أى حاجة مش عايز أصدق أنه كان حلم وسأصحى منه على كابوس، أنا صحيح مانزلتش ميدان التحرير لأنى عمرى ما اتعودت على المواجهة ولا أنى أقول لا.. ويمكن لأنى ماصدقتش أنه ممكن حاجة تتغير.. لكن أنا دلوقتى يامدام عندى أمل كبير قوى فى ربنا وفى بكرة وفى أن أولادى يشوفوا بلد تانية. يامدام والنبى تقول لهم ما يحرمونيش أنا وأولادى من الفرصة دى ويكملوا الثورة مايقفوش فى نصف الطريق.. لازم نكمل كلنا الثورة دى علشان أنا جربت أرفع راسى فوق واكتشفت يعنى إيه أنى مصرى. نزلت من سيارة التاكسى وأنا أقول له.. حاضر هأقول لهم هأقول لكل من يهمه الأمر رسالتك دى ياأسطى سيد.