موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا وماليزيا دولتان إسلاميتان تقدمتا بالعلمانية:لماذا لا يكون لدينا أردوغان مصرى؟!
نشر في صباح الخير يوم 20 - 09 - 2011

زيارة أردوغان رئيس وزراء تركيا لمصر منذ أيام وقبلها زيارة مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق أثارت العديد من التساؤلات حول إمكانية تتبع هذه الخطى الناجحة لدول ليس بيننا وبينها فوارق كبيرة سواء فى الحجم أو درجة الغنى بالموارد الطبيعية.
وبعيداً عن أى محاولة للتقليد والاستنساخ جاء عرض هذه التجارب ومفرداتها علنا نستفيد من تلك السنوات التى نهض فيها الاقتصاد الماليزى أو تلك السنوات العشر فى تاريخ الأمة التركية التى قيل عنها عام 2001 بعد أزمتها المالية والسياسية المستفحلة، إما أن تواصل انحدارها للقاع، أو أن تصنع طريقها للقمة، ويبقى السؤال أيهما ستختار مصر؟
وعلى الجانب السياسى كان يجب أن نترك المتخصصين فى الشئون السياسية يقررون أولاً مدى ملاءمة هذه التجارب للثقافة المصرية.
تشرح د. سلوى شعراوى أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن العلاقات بين تركيا والعالم الإسلامى ترجع إلى مئات السنين، خاصة علاقتها مع مصر، حيث تربطهما روابط مشتركة تاريخية وجغرافية، مضيفة أن حديث أردوغان خلال زيارته لمصر يدل على استعداد تركيا لخلق علاقات اقتصادية وثقافية واستراتيجية مع مصر.
وعن رأيها فى تطبيق التجربة التركية فى مصر تقول شعراوى: مصر فى تاريخها القديم والحديث لا تقلد أحداً، وإنما تستفيد من تجارب الآخرين، وليس هناك أى حرج فى أن نستفيد من تجربة تركيا التى أصبحت الآن من أهم الدول فى منطقة الشرق الأوسط. وبالنسبة لتقييمى لهذا النموذج التركى على المستوى السياسى، فإنى أرى أن النموذج السياسى التركى يتحرك بحكمة وبثبات وثقة نحو ديموقراطية حقيقية. فكان التوجه التركى لمكافحة الفساد أهم جوانب التجربة التركية فى تحقيق طفرة اقتصادية.
كما أن أهم ما يميز نجاح التجربة التركية هو أخذها بروح الدين وترك القشور فلم تهتم بالذقون الطويلة والجلباب القصير إنما ركزت على مبدأ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه. وقدَّم أردوغان نموذجاً للتوفيق بين الإسلام والحداثة والديمقراطية والعصر من جهة أخرى. لقد كنت ومازلت ضد العراك العبثى حول عنوان الدولة علمانية كانت أم إسلامية. وأعتبره عبثياً لأنه يدور بين نخبة من المثقفين نصبوا أنفسهم متحدثين باسم المجتمع ويريدون أن يفرضوا عليه رؤيتهم للمستقبل. وإسلاميين ينازعونهم الفكر والمنهج ولا أفهم لماذا لا نترك الناس لكى يختاروا بأنفسهم ما يريدون. أعنى لماذا لا نتوافق على ضرورة التركيز على البدء بالديمقراطية، من خلال إطلاق حرية التعبير وحرية تستكمل الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية، وفتح الأبواب أمام المجتمع للمشاركة والمساءلة. وتداول السلطة.
وعلى ذلك فنحن أيضاً فى حاجة إلى العمل بجوهر الدين وترك المناقشات السوفسطائية والتى تعوق أى نهضة. ونحن بالفعل حققنا بعض الإنجاز فلن نبدأ من الصفر.. إنما نحتاج نوعاً من الاستقرار والثقة بين الناس التى تمثل رأس المال الاجتماعى. وهى أساس التقدم حتى يتم إعداد العنصر البشرى وتجهيزه لخوض المرحلة القادمة.
تشويه العلمانية
ويرى د. عماد جاد الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية:
إن التجربة التركية من الناحية السياسية هى تجربة ناجحة بكل المعايير الديمقراطية المعترف بها فى الدول الراسخة فى العمل الديمقراطى، حيث قامت على مبدأ مكافحة الفساد واعتماد الشفافية والمحاسبة ونحت جانباً الصراع المتداول حول الدولة الدينية والمدنية والذى يقف حتى الآن كعائق فى طريقنا حيث احتدام النقاش بين الإسلاميين والعلمانيين على هوية الدولة القادمة. مع العلم أننا فى أشد الحاجة الآن إلى نظام ديمقراطى تتبعه آليات مكافحة الفساد وهذا النظام الديمقراطى قد يتضح فى مفهوم العلمانية الصحيح والذى يعنى أن السلطات والدولة تقف على مسافة واحدة من كل الأديان. وهذا بعيداً عن المعنى الذى يتناقله الشارع عن تجهيل متعمد بالعداء للدين. أما عن الدولة الدينية التى ينادى بها الإسلاميون فلم ينجح نموذج بهذا الشكل لأنه قائم على التمييز للفئة المنتمين لها دينياً. فهناك من تحدث عن الأخذ بالتجربة الإيرانية إلا أن فيها نوعاً من أنواع العنف، كما أن نظامها السياسى فيه نوع من النظام الدينى الثيوقراطى حيث حكم رجال الدين، نهاية إلى ما أثبتته الثورة الإيرانية من أنها ثورة متطرفة مذهبيا، لذلك فالنموذج التركى أقرب إلينا للاستفادة منه بكثير. وأؤكد أنه لا يوجد شىء اسمه حزب دينى، لا فى تركيا ولا بالنسبة للإسلاميين المعجبين بالتجربة التركية، هناك حزب سياسى له مبادئ مستمدة من الإسلام، وليس من الدين أيضًا، فهو حزب سياسى له مرجعية إسلامية أو ينطلق من مبادئ مستمدة من الإسلام وعلى ذلك فتجربة حزب العدالة التركى تجربة تستحق الدراسة والتأمل وتستحق أن تستفيد منها بشكل أساسى التيارات الإسلامية فى عالمنا العربى، فالتيارات الإسلامية فى عالمنا العربى نتيجة لخلل فى بنيتها الخاصة وكذلك لخلل فى ظروف مجتمعية محيطة بها كانت أطروحاتها أطروحات فيها من العنف والتمحور حول الذات والكثير من الانقطاع عن التيارات السياسية فى المجتمع، هذا كله أدى إلى ضعف كبير فى كفاءة وقدرة هذه الحركات على التعاطى مع واقعها السياسى وبالتالى نحن فى أمس الحاجة إلى قيادة مدنية واعية مثقفة. وبالتالى إذا أُتيحت لمصر الفرصة، ونجحت النخبة السياسية فى عملية الانتقال إلى وضع الاستقرار بعد الانتخابات ووضع الدستور وانتخابات الرئاسة، ستكون فرصة كبيرة جدا أمام مصر كى تنطلق وتقوى وتؤثر إقليميا ودوليا.
مصر قادرة
د. عمار على حسن الباحث فى العلوم السياسية ورئيس وحدة الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط.
أولاً للرد على من يقول بالتقليد الأعمى للتجارب الناجحة سياسياً أو اقتصادياً فأقول أنه حينما نقوم بنقل تجربة فلا يعنى ذلك أننا نستنسخها بل نأخذ روح التجربة. ولا شك أن التجربة الماليزية كانت خير رد على اتهام الدين الإسلامى بأنه غير قادر على إنتاج نموذج تنموى جيد. كما أن التجربة التركية جاءت كأبلغ رد على النجاح السياسى حتى فى ظل كيانات مختلفة تضمها الدولة. وانتقلت التجربة إلى مصر حيث اتجهت الأحزاب الإسلامية فى مصر جميعها للاستفادة بهذه التجارب للتعلم من بعض جوانبها التى تتوافق مع الأحوال المصرية، وتحقيق نجاح كالذى حققه العدالة والتنمية ولكن على الطريقة المصرية.
ولكن للأسف الحركات الإسلامية لدينا لازالت بعيدة عن الرشد السياسى حيث تجاهلت كل ما حدث من تغيير فى الواقع السياسى وتزداد تصميماً لإعادتنا إلى القرون الغابرة بنماذج اقتصادية وسياسية لم يعد لها وجود ظناً منها أن هذا هو الإسلام.
ولكن علينا ألا نلقى بالا لكل ذلك ونتجه إلى تحسين الوضع الديمقراطى، ووضع دستور محترم، والاتجاه نحو التنمية، والمحافظة على الحقوق، والابتعاد عن الخلافات الفردية والاهتمام بالأساسيات التى يستفيد كل الناس منها.
بمعنى لو أن عندنا تعليمًا محترمًا سيستفيد منه الليبرالى والعلمانى واليسارى والإسلامى، فحينما أنا كإسلامى سأجد عملاً وغيرى كعلمانى وغيره، ولو أن لدينا إعلاماً نظيفاً؛ سنتناقش كلنا بعقلانية ومنطقية.
بل أتوقع أن تنجح التجربة المصرية أكثر من تركيا بإذن الله، فمصر أمامها فرصة أن تكون أكثر نجاحًا وأكثر قدرة على النهوض والتأثير الإقليمى والدولى من تركيا بمراحل، نظرًا لأن مصر ليست فى أزمة اقتصادية طاحنة كما كانت تركيا، مصر لا توجد فيها انقسامات حادة بين الإسلاميين والعلمانيين كما كان ولا يزال الحال فى تركيا، مصر لديها موقع إستراتيجى وموقع جغرافى مهم جدا فى العالم ومعروف، لها ثقل حضارى، لها قدرات وطاقات بشرية غير محدودة، فمصر لديها إمكانيات هائلة.
وتركيا نفسها تدرك أن مصر قادرة، وأنها ستتشكل من جديد، وأن القوى السياسية البازغة التى التقاها جول فى القاهرة ستكون جزءًا من هذا المشهد، ومن هنا كان الحضور التركى السريع الذى يعبِّر عن ديناميكية سياسية، وفى نفس الوقت يدرك أن مصر أحد أهم حلفاء تركيا فى المنطقة لإعادة الوجه التحررى لها من نير الأنظمة العالمية وقيودها.
ونحن لدينا مشروعنا الذى نقدر على تحقيقه، فحتى لو لم نستفد من التجربة السياسية والاقتصادية التركية، فنحن لدينا كفاءات تستطيع أن تطور الاقتصاد والنظام السياسى المصرى بما يمكننا أن ننهض فى 10 أو 15 سنة، فنصبح دولة مختلفة تمامًا، فقط نحن نريد أناسًا «مخلصين» «أكفاء» «يقدمون مصلحة الوطن العليا» ولا يخوضون فى معارك كلامية لا طائل من ورائها، نحن نريد عقلاء يجمعون ولا يفرقون.
تصحيح المفاهيم
د. عالية المهدى العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية:
العلمانية التى يتهمونها بالتطرف والبعد عن الدين. على الرغم من أننا إذا نظرنا إلى تركيا فنجد أن علمانيى مصر هم «أولياء الله الصالحين» بالنسبة لعلمانيى تركيا.
وهناك ملمح فى غاية الأهمية يتحتم على الإسلاميين وغيرهم أن يعوه من الدرس التركى، حتى لا نعيش فى حلقة من الاستقطاب، وهى حقيقة أحد الإبداعات التركية، التى تمثلت فى قدرة حزب العدالة والتنمية أن يقدِّم نفسه بأنه حزب سياسى لكل الأتراك.
ومن الناحية الاقتصادية أيضًا؛ فقد انتقل الاقتصاد التركى من نظام مغلق إلى نظام مفتوح إلى حد كبير، فى تجربة اقتصادية ناجحة استطاعت أن تنقل الاقتصاد التركى من حافة الانهيار سنة 2001 إلى أن أصبح الاقتصاد رقم 16 على مستوى العالم سنة 2011. كذلك الاقتصاد الماليزى الذى نقلها من إحدى دول العالم الثالث إلى إحدى دول النمور الأسيوية.
هوية الاقتصاد المصرى
وهذا ما يوضحه د. فرج عبدالفتاح أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والخبير بمعهد الدراسات الإفريقية على المستوى الاقتصادى؛ فإن الخبرة التركية تستحق الاهتمام والدراسة، وخاصة أن حكومة العدالة والتنمية استطاعت أن تحقق نمواً هائلاً، كما استطاعت أن تضع الاقتصاد التركى فى مصاف الاقتصادات الكبرى فى العالم، فاليوم الاقتصاد التركى الذى كان ضعيفًا منذ سنوات قليلة أصبح الاستثمار فيه مرتفعاً، والإنتاج كثيراً، وفى تطور مستمر، فتركيا اليوم دولة كبيرة جداً فى اقتصادها، حتى أصبحت الآن من أكبر الاقتصادات الموجودة فى إقليمها.
وهذا النجاح الاقتصادى يعود على المواطن وعلى الدولة ككل فالمواطن التركى يريد اقتصادًا مزدهرًا؛ بطالة أقل، استثمارات مفتوحة، ومشاريع منتجة، صادرات كثيرة. هذا ما يمكن الاستفادة به من التجربة التركية، أن نتحول إلى أشخاص عمليين، نفكر فى العمل قبل الكلام، كما أن مصر مؤهلة تماماً للاحتذاء بتجربة ماليزيا للنهوض بالاقتصاد، بحيث يمكنها التفوق على ماليزيا التى أصبحت من أكثر الدول المؤهلة للاستثمارات الخارجية والمحلية، وتقوم بإنتاج جيد جداً لبضائعها، بالإضافة إلى أنها تمثل أكبر قوة شرائية فى المنطقة وهو عامل جذب مهم لأى استثمارات. وعلينا أن نخرج من هاتين التجربتين بمبادئ أساسية تتمثل فى تغيير أسلوبنا وفلسفتنا الاقتصادية حيث تحديد هوية الاقتصاد المصرى ما إذا كان سيعتمد على القطاع الخاص رغم ثبات فشله فى التجربة السابقة أو نهج سياسة جديدة تتبنى الدولة فيها بمصداقية دور القائد لعملية التنمية الاقتصادية المنتجة وتكون لديها رؤية اجتماعية لوظيفة المال ويشترط فيها الكفاءة والعدالة حيث إتاحة فرص العمل للجميع ليس فقط اعتماداً على المشروعات الصغيرة والقطاع الخاص إنما من خلال مشروع تنموى عملاق تنتشر فروعه فى كل المحافظات دون تفرقة بين مناطق قريبة وبعيدة وتتضافر فيه المساهمات العامة والخاصة.
اقتصاد ناجح
قال الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى الاقتصادى للبحوث الاقتصادية د. أحمد جلال: لقد استعادت تركيا قوتها السياسية بفضل اقتصادها الذى حقق طفرات خلال السنوات العشر الأخيرة، رغم أنها لم يكن لها دور أو ظهور سياسى قبل 20 عاماً، فإنها امتلكت قوتها السياسية الإقليمية والدولية بعد صعود ترتيبها بقوة بين أكبر الدول الصناعية فى العالم، وقد استحوذ الملف الاقتصادى على بؤرة اهتمام القيادة السياسية الحالية عندما تولت المسئولية، وعندما تحسن الاقتصاد بدأت القيادة فى المزج بين الملفين السياسى والاقتصادى، وتحركت إقليمياً ودولياً بما يصب فى مصلحة خلق المزيد من الفرص المتنوعة لزيادة نمو الاقتصاد، وهذا يعنى أن الملف السياسى استمد قوته من قوة الاقتصاد. ويتحدث البعض عن أن التقارب مع تركيا يعنى عودة مصر إلى الحظيرة العثمانية، وهذا غير صحيح، فمصر لن تخضع لأى نفوذ، لأن مصر هى الأخرى تمتلك مميزات كبرى فى عدة مجالات، منها النسيج، والزراعة، والسياحة، فضلاً عن قوة تأثيرها وارتباطاتها المتميزة بالاقتصادات العربية والأفريقية والآسيوية والاستثمار الأجنبى، ونظراً للقرب الجغرافى والتشابه فى بعض الظروف مع مصر، أصبح النموذج التركى مطروحاً بقوة على العقل المصرى والعربى وخاصة منذ نجاح حزب العدالة والتنمية (والذى عبر عنه أردوغان أنه حزب سياسى وليس دينياً) أن يأخذ تركيا من اقتصاد متعثر هش إلى أحد الاقتصادات الأكبر فى أوروبا بل والعالم كله، كما أنه ارتفع بمستوى دخل الفرد التركى إلى أكثر من عشرة آلاف دولار، وفتح الباب واسعًا للشركات التركية ذات رأس المال الكبير للعمل بدون قيود فى العالم كله، وفوق ذلك كله فإن الضمير التركى يجعل الصناعات التركية نموذجًا للجودة والرخص بأفضل من الصناعات الأوروبية والأمريكية والآسيوية. وبالتالى يكون التقارب مفيداً على الصعيدين الاقتصادى والسياسى، خاصة أنه يحقق شراكة اقتصادية، وانتقالاً غير مباشر للتجربة التركية إلى مصر، فمئات الشركات التركية الكبرى تعمل فى مصر ولها استثمارات كبرى فيها، وقد بدأت تلك الشركات تستأنف أعمالها بعد الثورة، وهو ما يعنى وجود العديد من القواسم المشتركة مع تركيا. وهو ما يحقق فى النهاية تكاملاً يفيد اقتصاد البلدين وتوجهاتهما السياسية، وعلينا أن نعرف أن تركيا لديها طموح الوصول إلى المركز العاشر بين الدول الصناعية الكبرى فى العالم، ونحن أيضاً علينا أن نستخدم كل أدواتنا لتحقيق هذا الطموح. والذى قد يسبق تركيا فى الوصول إلى هذه المرتبة، لما لدينا من إمكانيات وموارد.
النجاح منظومة متكاملة
د. أمنية حلمى أستاذ اقتصاد بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية:
يعد المشهد الرئيسى فى تركيا منظومة متكاملة ومتوازنة بين العلم والتقدم والدين. كذلك ماليزيا الدولة التى انتقلت فى عهد مهاتير محمد من موقع متدن على خريطة العالم إلى موقع أكثر تقدماً وتأثيراً، ليس عن طريق وصفة سحرية إنما كان خيار الديمقراطية كأسلوب للحكم هو التحدى الكبير الذى واجه التجربة الماليزية وقد حققت بشهادة الجميع شوطاً كبيراً فى التقدم الاقتصادى على الطريق الديمقراطى. فإذا نظرنا لتركيا وماليزيا وخاصة فى تجربتيهما الاقتصادية نجد أن هناك تقارباً فى الظروف حيث حدث مزيج ناجح بين الدولة القوية، التى ترعى بدرجة عالية مصالح قليلى الدخل، وبين تشجيع القطاع الخاص، وبين الاعتماد على القوى الذاتية واتخاذ الوسائل اللازمة لحماية الاقتصاد القوى وبين الانفتاح على العالم الخارجى كما أن كلتيهما تعترف بأهمية التخطيط وضرورته، دون الإفراط فى المركزية ودون التقليل من دور الحافز الفردى. كلاهما يفتح الباب للاستثمار الأجنبى الخاص ولكن مع إخضاع المستثمر الأجنبى لشروط وقيود تمليها المصلحة الوطنية. كلتاهما تمارس الخصخصة ولكن دون افتئات على مشروعات عامة ناجحة، وبشروط تمنع تبديد الأموال العامة لصالح سياسيين مرتشين. اللافت للنظر أيضاً أن كل هذا اقترن فى كلتا التجربتين، الماليزية والتركية بدرجة عالية من الديمقراطية .
الاقتصاد الحر وضوابط المجتمع
وهنا أكد الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة ومستشار اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية أن مصر مؤهلة تماماً للاحتذاء بتجربة ماليزيا للنهوض بالاقتصاد، بحيث يمكنها التفوق على ماليزيا؛ فهى من أكثر الدول المؤهلة للاستثمارات الخارجية والمحلية، وتقوم بإنتاج جيد جداً لبضائعها، بالإضافة إلى أنها تمثل أكبر قوة شرائية فى المنطقة وهو عامل جذب مهم لأى استثمارات.
وبعد قيام ثورة 25 يناير ينبغى أن يتغير النظام الاقتصادى المصرى، ويتم بناء نظام يقوم على الاقتصاد الحر من حيث إعطاء الدولة دوراً تنموياً (مثل التجربة الماليزية)، بالإضافة إلى الدور الاجتماعى (مثل التجربة الأوروبية)، مع الأخذ فى الاعتبار تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار، كل ذلك سيؤدى إلى جذب استثمارات أجنبية شريفة وجادة. حيث لا يمنع أيضاً وضع الضوابط والآليات التى تنظم تطبيقها النظام.
وأوضح الشريف أن ماليزيا ودول النمور الآسيوية تعمل على تطبيق الاقتصاد الحر الذى يجعل الدولة تقوم بالدور الاجتماعى، بالإضافة إلى التنمية من خلال تحديد أولويات المشروعات، ومنح الحوافز مثل تقديم قروض بدون فوائد، وكذلك الإعفاءات الضريبية للمشروعات كثيفة العمالة والمشروعات المقامة فى مناطق التوطين الجديدة التى تخصصها الدولة لإعادة توطين السكان، فى حين أن القطاع الخاص يقوم بالدور الرئيسى للتنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.