«للفرجة فقط إنه أوكازيون بلا زبائن» هذا هو لسان حال الأوكازيون الصيفى هذا العام، والذى يعتبر أول أوكازيون صيفى يأتى بعد الثورة وسط توقعات بتراجع حركات البيع وعدم الإقبال على الشراء نتيجة عدم شعور المواطنين بانخفاض حقيقى فى أسعار السلع، فلقد أجمع عدد كبير من المواطنين على أن الأسعار مازالت مرتفعة، فعلى الرغم من مرور ما يقرب من -أسبوع تقريبا على بداية الأوكازيون فلقد أعرب الكثير عن استيائهم من غلاء الأسعار فى كثير من المنتجات. ففى جولة قامت بها مجلة «صباح الخير» على بعض محلات الملابس بمنطقة وسط البلد، شعرنا بمدى استياء المواطنين من ارتفاع الأسعار وعدم شعورهم بأى تخفيضات تذكر. وسط الركود الذى سيطر على السوق المصرية منذ 25 يناير بدا الأوكازيون السنوى فى مصر محاصرا بأزمات السوق المحلية والأزمات المالية فى العالم من جراء أزمة الديون الأمريكية التى أحدثت زلزالا فى الاقتصاد العالمى، وتأثرت به البورصة المصرية التى خسرت 37 مليار جنيه فى يومين، ولد الأوكازيون مبتسرا هذا العام فى ظل تراجع مؤشرات الاقتصاد المصرى منذ بداية العام، والارتفاع المتواصل فى الأسعار وزيادة معدلات التضخم، وخلال الأسبوع الأول اكتفى المواطنون بالفرجة فقط بسبب جنون الأسعار، وأصحاب المحلات يشكون من ضعف القدرة الشرائية لدى الزبائن، واكتفت وزارة التضامن بتصريحات وردية عن حملات لضبط الأسواق وهى حملات ضعيفة وهمية، لضعف الأجهزة الرقابية التى مازالت تعمل بعقلية «50 سنة مضت» عقلية أصابتها الشيخوخة ووهنت، وأصبحت رقابة بلا أنياب فالمحلات تعلن عن تخفيضات وهمية وغير حقيقية، ويستغل مافيا السوق فرصة رمضان والعيد لرفع الأسعار لتعويض الركود الذى دام أكثر من 8 شهور، وتاه الأوكازيون وسط الارتفاع الدائم للأسعار فى رمضان والأعياد، ولم يتبق للمواطن إلا السلع الرديئة على الأرصفة، حيث احتل الباعة الجائلون كل شوارع القاهرة، مما أجبر بعض المحلات على التعاون مع هؤلاء الباعة الجائلين ومنحهم البضائع لبيعها على الرصيف مقابل نسبة فى ظل خوف المواطن الاقتراب من المحلات. وفى البداية يقول كمال موريس - صاحب أحد محلات الملابس فى منطقة وسط البلد: إن أوكازيون هذا العام يأتى فى ظل ظروف صعبة.. انخفاض فى حركة البيع والشراء وعزوف المواطنين عن الشراء إلا فى أضيق الحدود، ويأمل موريس فى أن يساهم قدوم الأعياد فى رواج الموسم عندما يقبل المواطنون على شراء الملابس. بينما يقول مسعد عبد الحميد صاحب محل آخر: إن التوقيت الحالى ليس وقتا نهائيا للحكم على نتائج الأوكازيون حيث إننا مازلنا فى بدايته والمحلات تدرك أن بدايته لا تجد رواجا شديدا، بينما مع دخول الأعياد والمدارس تزدهر حركة البيع وخاصة فى قطاع الملابس الجاهزة. وفى إحدى السلاسل الشهيرة وجدنا العديد من المواطنين يتجولون بداخله للاستفسار عن الأسعار ومنهم من كان بالفعل يقوم بالشراء فاقتربنا من أحدهم ويدعى محمد مصطفى والذى تواجد مع أسرته ويقول: لقد جئت إلى هذا المحل لأننى أدرك أنه فى كل أوكازيون تكون لديه تصفيات حقيقية، ولهذا فإننى أحرص على شراء ملابس الأعياد والملابس منه، وعلى الجانب الآخر وجدنا سيدة تشترى بعض الأدوات المنزلية بصحبة ابنتها فاقتربنا منها وقالت: إننى أتيت إلى هنا لأشترى «جهاز ابنتى» فالأجهزة هنا مضمونة ورخيصة عن الخارج علما بأنه فى فترة الأوكازيون نجد أن الأسعار تقل نسبيا عن المحلات الأخرى. وعلى جانب آخر يقول عمار أحمد موظف بمجمع التحرير: إن أسعار السلع مازالت مرتفعة ولا توجد تخفيضات حقيقية، بل العكس فإننى شعرت من خلال جولة على بعض محلات الملابس أن أسعارها مرتفعة، لافتا إلى أننى كلما سألت أصحاب المحلات متى ستنخفض الأسعار ؟ يقولون إشهر رمضان معروف عنه ارتفاع الأسعار. فيما أعربت ليلى العامرى ربة منزل عن اندهاشها مما تشاهده بالأسواق من ارتفاع حاد فى الأسعار، لافتة إلى أن هذا الغلاء لم تنج منه أسواق الملابس. وقال سيد سليمان على موجه لغة عربية إنه غير راضِ عن السوق المصرية هذا العام، لافتا إلى الوعود الكثيرة التى كان يسمعها من حكومة شرف والتى لم يحصلوا منها على أى شىء، قائلا: كلما أعلنوا عن زيادة أو حافز وجدنا زيادة فى الأسعار وقال: إننى منتظر بفارغ الصبر هذا الأوكازيون ولكن سوف أنتظر أكثر إلى نهايته أملا فى قيام بعض المحلات بتخفيضات أكثر خلال المرحلة القادمة. فيما طالبت بدرية محمد السيد مهندسة ديكور من الحكومة بضبط الأسواق وخاصة فيما يتعلق بأسواق الملابس التى لم نشهد فيها الأوكازيون حتى هذه اللحظة بل العكس الأسعار ارتفعت بشكل كبير فى رمضان. وتوجهنا إلى وزارة التضامن الاجتماعى باعتبارها المسئولة عن التجارة الداخلية والرقابة على الأوكازيون وقال اللواء حمزة البرى رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التضامن والعدالة الاجتماعية إن الوزارة تقوم بحملات رقابية يومية خلال فترة موسم التصفية السنوى والذى بدأ يوم الاثنين الماضى من الشهر الحالى ويستمر لمدة شهر, لافتا إلى أن الوزير من حقه مد فترة الأوكازيون وهذا ما يتم إقراره كل عام موضحا أنه من الممكن مد فترته ليتواكب مع الأعياد وشهر رمضان وموسم المدارس. وفيما يتعلق بسبل الرقابة على الأسواق على (الأوكازيون الصيفى) أشار البرى إلى أنه يتم الرجوع إلى دفاتر الفواتير الخاصة بالتجار عن فترة شهر يوليو الماضى للتأكد من جدية الأوكازيون، مشددا أنه لن يتم التهاون فى تحرير محاضر غش ضد التاجر الذى يثبت عدم جديته فى تقديم الأوكازيون أو أسعار وهمية أو بيع سلع غير صالحة أو بها عيوب. لافتا إلى أنه يحق للمستهلك إعادة السلعة المعيبة قبل مرور 14 يوما على تاريخ بيعها. موضحا أن هناك رقابة دورية من الوزارة على الأسواق طوال العام فضلا عن أن موسم التصفية السنوى يشهد تركيزا فى الرقابة على السلع المتعلقة بالأوكازيون فى مختلف المحافظات للتأكد من تقديم التجار لأوكازيون حقيقى وسلع مطابقة للمواصفات. وأكد يحيى زنانيرى رئيس شعبة الملابس الجاهزة أن الأوكازيون هذا العام شهد ركودا غير طبيعى خاصة أنه بدأ مع شهر رمضان الكريم ومن الطبيعى أن يبدأ المواطنون فى الشراء من النصف الثانى من الشهر لشراء ملابس الأعياد وبالتالى فإن الأوكازيون سوف يواجه مشكلة عدم الإقبال على الشراء بالإضافة إلى أن هذا الموسم شهد العديد من الخسائر بسبب الاضطرابات التى تمر بها البلاد بدءا من أحداث يناير ثم المشاكل المتلاحقة لمصانع الغزل والنسيج وأخيرا الاعتصامات. وقال: إن هذه المشاكل جعلت هذا الموسم من أسوأ المواسم التى مرت على صناعة الملابس مشيرا إلى أن حركة إنتاج المصانع انخفضت إلى 30% من إنتاجها بعد أن وصل إلى 80% فى الشهر الواحد فكل هذا يهدد مصير الأوكازيون بالإضافة إلى محلات البلد التى تزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب أعمال الشغب والبلطجة حتى وصل الأمر إلى أنهم أرسلوا استغاثة إلى الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء لزيادة الأمن وتأمين المنطقة بشكل جيد. وأكد يحيى أن كل هذه العوامل سوف يكون لها أثر رجعى وتراكمى على حركة البيع طوال فترة الأوكازيون بالإضافة إلى أننا حقا أمام مشكلة تبدو أكثر ضخامة وهى أزمة المصانع، فالمصانع لديها مخزون من السلع والأقمشة القديمة التى تكفى لفترة طويلة وطرحت بالأسواق أكثر من مرة بجميع الأشكال والألوان، وبالتالى من الصعب أن تنتج المصانع سلعا أخرى إلا بعد أن ينتهى المخزون لديها، وبالتالى فإن هذا يؤثر بشكل ملحوظ على سمعة الصادرات المصرية فى الأسواق الأخرى لأنه عند تخزينها تفقد رونقها وتصبح منتجات قديمة وبالتالى لا أحد يقبل على شرائها، وفى نفس السياق يرى زنانيرى أنه لابد من وضع آليات جديدة لتنشيط الأوكازيون هذا العام من خلال اللجوء إلى خصم «ثان أو ثالث» على جميع المعروضات خاصة أن هناك منتجات يصعب بيعها لأنها اتسمت بالأقدمية ولابد من عدم خداع المستهلك بأسعار وهمية أو سلع غير مطابقة للمواصفات لأنه سوف يلجأ إلى العديد من الطرق البديلة بدلا من شراء صالحة غير جيدة. ويقول صلاح الدسوقى الخبير الاقتصادى ورئيس المركز العربى للإدارة والتنمية إن الآلية الوحيدة لتنشيط أوكازيون صيفى جيد هو تقديم تخفيضات حقيقة للأسعار فى ظل ما نعانيه من كساد اقتصادى فإن نقص السيولة والضغوط الاقتصادية والاجتماعية التى تعانى منها الأسر كفيلة لإقدام القطاع الخاص على تخفيض أسعار أملا فى رواج حركة البيع . مشددا أنه لا سبيل لحركة البيع إلا من خلال مزيد من تخفيض الأسعار موضحا أن الأوكازيون هى الفترة الوحيدة التى يستطيع فيها التاجر التخلص من بضائعه والحصول على هامش ربح جيد موضحا أنه لابد من تقديم تخفيضات حقيقية لتشجيع حركة البيع. وأكد الدسوقى أن الأوكازيون لا يعنى تقديم سلع غير جيدة أو بها العيوب مقابل تخفيض الأسعار، ولكن لابد من أسعار مخفضة وسلع جيدة مثلما يحدث فى البلدان الأخرى حيث يقارن التاجر بين تكلفة بضاعته والاحتفاظ بالبضاعة ويعطى خصما وحتى إن كان أقل من سعر التكلفة وذلك من أجل بيع سلعته، أما عقلية التاجر المصرى فهو يحرص على الحصول على مكسب دائم وإلى الأبد حتى فى ظل ظروف اقتصادية سابقة.