قصر المنتزة بعد ثورة 23 يوليو أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا رقم 93 لسنة 1954 بأن تؤول جميع قصور أسرة محمد على إلى الشعب المصرى وإلى الدولة.. فكانت هناك قصور كبرى وأخرى صغرى واستراحات بلغت حوالى 18 قصرا على مستوى الجمهورية ... فماذا فعل حكام مصر بعد الأسرة العلوية بهذه القصور وما مصير محتوياتها من مقتنيات وأثاث وهدايا ومجوهرات؟! * عهد عبد الناصر «بعد أن أصدر مجلس قيادة الثورة قراره بأن تؤول جميع قصور أسرة محمد على إلى الشعب وإلى الدولة .. من هنا كان لكل وزارة حظ فى حق استغلال قصر أو أكثر من هذه القصور» .. هذا ما بدأ به الحديث معى الدكتور محمود عباس رئيس الإدارة المركزية لآثار العصر الحديث. ثم استكمل قائلا: «وبهذا القرار وزعت هذه القصور على الوزارات ورئاسة الجمهورية .. أما الكبرى منها فأصبحت مزارا لكل أفراد الشعب مثل قصر عابدين والطاهرة والجوهرة فى القلعة والمنتزه ورأس التين فى الأسكندرية.. واحتفظت الرئاسة بمقر واحد وهو قصر القبة. - قلت: «وما مصير القصور الأخرى»؟ - فأجاب: «كل وزارة أخذت قصرا أو أكثر، فعلى سبيل المثال أخذت وزارة الداخلية قصر الملكة نازلى فى لاظوغلى .. والذى كان مقرا لوزير الداخلية حبيب العادلى مؤخرا !! .. أما قصر رئاسة الوزراء فكان ملكا للملكة شويكار .. الزوجة الأولى للملك فؤاد قبل نازلى والدة الملك فاروق». «وقصر الزعفران أصبح مقرا لجامعة عين شمس وكان ملكا لخوشيار هانم (الأم الوالدة) أم الخديو إسماعيل .. والتى قامت ببناء جامع الرفاعى .. أما مبنى وزارة الخارجية السابق الموجود بميدان التحرير فكان ملكا للأمير كمال الدين حسين ابن السلطان حسين كامل .. ووزارة التربية والتعليم أخذت قصرا وكذلك القوات المسلحة والأوقاف وغيرها ..». - سألت: «وما مصير مقتنيات وأثاث هذه القصور ؟» - رد قائلا: «عبد الناصر كان لا يحب الترف والبهرجة وكان الشعب والدولة فى أشد الحاجة إلى أموال لرفع مستوى المعيشة .. فتم عمل مزادات لمقتنيات هذه القصور لسد العجز فى ميزانية الدولة بعد قيام الثورة .. وصل عدد هذه المزادات إلى 62 مزادا فى القاهرة ولندن وباريس عن طريق وزارة المالية .. ويوجد ملفات بالمالية مدون بها كل قطعة تم بيعها بالمزادات فى هذه الأوقاف». - قلت: «كيف تباع أشياء أصبحت ملكا للشعب ؟!» - أجاب د. محمود : «هذه الأشياء كانت فى مخازن القصور .. وهى عبارة عن أثاث ولوحات كانت مخزونة .. وليست كأثاث أساسى فى القصور .. وباقى المقتنيات تم وضعها فى متاحف مثل متحف المجوهرات والخزف». * عهد السادات ماذا حدث لهذه القصور بعد عهد عبدالناصر ؟! جاء السادات - ومن المعروف أنه كان محبا للترف - وزائروه من الملوك والرؤساء كانوا كثيرين .. فضم للرئاسة حوالى 18 قصرا واستراحة .. وأوقف الزيارات للقصور الملكية التى كان مسموحا لكل أفراد الشعب بزيارتها فى عهد عبد الناصر .. مثل قصر القبة الذى بناه إبراهيم باشا والد الخديو إسماعيل .. وقصر عابدين الذى بناه الخديو إسماعيل .. وقصر رأس التين بالإسكندرية الذى بناه محمد على باشا .. وقصر المنتزه والحرملك اللذين بناهما عباس حلمى الثانى .. وأيضا قصر الطاهرة الذى بناه الملك فاروق للملكة فريدة لتعيش فيه بعد طلاقهما وزواجه من الملكة ناريمان والدة ابنه أحمد آخر ملوك مصر، وقد أطلق الشعب المصرى - وقتذاك - اسم قصر الطاهرة عليه نسبة إلى الملكة الطاهرة فريدة البعيدة كل البعد عن الأسرة المالكة .. كما ضم عددا من الاستراحات الملكية مثل استراحة القناطر الخيرية واستراحة أسوان واستراحة الإسماعيلية التى كانت خاصة بالخديو إسماعيل. * عهد مبارك ظلت القصور الملكية قصورا لرئاسة الجمهورية .. ولكن منذ عشرين عاما شكلت لجنة أثرية برئاسة الدكتور أحمد قدرى الذى كان مسئولا عن هيئة الآثار وقتذاك لحصر مقتنيات قصر عابدين بالقاهرة وقصر رأس التين بالإسكندرية فقط .. وتم تسجيل وحصر كل مقتنياتهما فى سجلات خاصة برئاسة الجمهورية .. وتم تصوير كل قطعة عدة صور من زوايا مختلفة ووضعها فى ألبومات .. ووضعت كل ما تحتويه هذه السجلات والألبومات فى شبكة معلومات رئاسة الجمهورية .. كما إن هناك أفلاما وثائقية بمكتبة التليفزيون المصرى عن هذه القصور .. وقد أقيم بقصر عابدين .. منذ عامين المتحف الحربى الذى يضم خمسة متاحف من أروع المتاحف المتخصصة فى مصر .. متحف السلاح / الوثائق / الفضيات / الأوسمة والنياشين / والهدايا التى كانت تهدى إلى رؤساء الجمهوريات وذويهم .. وهذه المتاحف من أجمل المتاحف المتخصصة .. وهى تحتوى على مجموعات فريدة جدا من المقتنيات التى لا يوجد مثيل لها فى العالم .. وكانت مفتوحة للزيارة. وأضاف قائلا: «أما بقية القصور فكانت تستخدم للرئاسة فى عهد مبارك .. حيث كانت تستخدم للبروتوكولات والمراسم والزيارات الرسمية للملوك والرؤساء أثناء زيارتهم لمصر ..». سألت : «يقال إن هناك بعض اللوحات والمقتنيات داخل هذه القصور قد تم تقليدها أو إهداؤها أو سرقتها !!» فأجاب الدكتور محمود عباس قائلا: «هذا كلام غير صحيح .. لا يوجد أى صورة أو لوحة أو مقتنى داخل القصور الملكية قد تم تقليده أو إهداؤه أو سرقته أو حتى خدشه .. وأقول كلمة حق فرئاسة الجمهورية غير ديوان عام رئيس الجمهورية .. فرئاسة الجمهورية مؤسسة حكومية تعمل للشعب على الرغم من أنها تخدم رئيس الجمهورية .. ولكن مصلحة الشعب هى التى تهمها أولا وأخيرا .. ولذلك أشك أن تكون هناك أى سرقات أو تلاعب بهذه المقتنيات .. فالذى يحمي هذه المؤسسة أجهزة الأمن المتعددة فى الدولة .. وقد اجتمع بنا وزير العدل هذا الأسبوع بعد أن أصدرت وزارة الدولة لشئون الآثار قرارها رقم 209 لسنة 2011 وهو الآتى: «بعد الاطلاع على القانون رقم 47 لسنة 1978 .. وبناء على قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 47 لسنة 2011 ولصالح العمل .. قررت الوزارة مادة أولى : تشكيل لجنة أثرية برئاستى وبعضوية سبعة أعضاء من مديرى إدارات بوزارة الآثار .. والمادة الثانية: تقوم اللجنة بمعاينة القصور الرئاسية والاستراحات بجميع أنحاء الجمهورية .. واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيلها ..». «وهناك لجنة مشكلة أيضا من قبل وزير العدل تشمل كل التخصصات والخبراء من جميع المجالات لحصر كل مقتنيات القصور فى أنحاء الجمهورية .. ولفحص المقتنيات التى تم تسجيلها ومطابقتها بالواقع الموجود داخل القصور .. وهذا من أهم قرارات ثورة 25 يناير». * ثورة يناير بسؤال الدكتور زاهى حواس وزير الدولة لشئون الآثار عما يحدث للقصور الملكية أجاب قائلا: «.. أتمنى ضم كل ثروات الشعب المصرى من قصور ومبان ومقتنياتها الأثرية إلى وزارة الآثار .. واسترداد كل المبانى من الوزارات والمصالح المختلفة والتى كانت أصلا قصورا أثرية ليرجع الحق إلى مستحقيه من الشعب المصرى وللأجيال القادمة .. وذلك لضمان الحفاظ عليها بعد ترميمها وتسجيل كل ما تحتويه تسجيلا دقيقا.. وتصبح مزارا مرة أخرى لكل فئات الشعب كما كانت فى عهد جمال عبد الناصر ..».