عاد د. زاهي حواس ليتولي مسئولية وزارة الآثار مرة ثانية بعد أن ظل مقعدها خاليا منذ بداية وزارة د. عصام شرف وحتي صدور القرار بعودته مرة أخري .. وقد مرت الآثار المصرية بمحنة لم ترها منذ زمن طويل . فالحفاظ علي آثارنا من النهب والسلب والتخريب تساوي سمعة مصر .. لأن حضارة الشعب المصري في الخارج تقاس بمدي محافظته علي تاريخه العريق وآثاره الخالدة. هكذا بدأ د. زاهي حواس حديثه معي .. عندما بدأت أوجه إليه الأسئلة التي كانت تؤرق كل المصريين منذ بداية الثورة وحتي الآن. د. زاهي حواس وزير الدولة لشئون الآثار لماذا قلت يوم 29 يناير بعد اقتحام وسرقة المتحف المصري يوم 28 أن المتحف المصري بخير ولم يسرق منه شيء.. وبعدها بعدة أيام ثبت أن هناك سرقات حدثت في المتحف ومن الأماكن الأثرية والمخازن ؟! الذي حدث في مصر يوم 28 يناير شيء مؤسف للغاية .. وأكثر ما أزعجني وأزعج كل المصريين والعالم خبر اقتحام المتحف المصري وعندما ذهبت هناك كان أول شيء أفعله هو الاطمئنان علي أهم القطع بالمتحف والتي قيل أنه تم اقتحام غرفتها !! وهي قطع الفرعون الصغير توت عنخ آمون والذي يتابع العالم كل أسراره وتاريخه وحجرته بها أغلي كنوز مصر والعالم!! وعندما وجدت كل القطع الفريدة والهامة في مكانها قلت الحمد لله المتحف بخير .. ولكن في نفس الوقت تحدثت مع وكالات الأنباء والصحف المصرية والعالمية قائلا : لم يتم الجرد لمعرفة عدد القطع التي تمت سرقتها بالضبط !! وبالفعل بعد الجرد الأول وجدنا اختفاء 8 قطع أعلنا فورا عن اختفائها.. ثم بعد ذلك اكتشفنا اختفاء 50 قطعة أخري وأيضا أعلنا عنها والحمد لله استطعنا استرداد 22 قطعة وباقي 36 قطعة . وهذه القطع ليس لها قيمة كبيرة لأنها ليست فريدة فهي قطع برونزية من العصر المتأخر وهذا ليس معناه عدم الاستمرار في البحث عن سارقيها واستردادها مرة أخري . ويضيف د. زاهي قائلا : «عندما قلت إن المتحف بخير فمعناه أن مصر بخير وثورة شباب مصر عظيمة لأنهم هم الذين حافظوا علي متحفهم .. والعالم كله كان لابد أن يعرف هذا حتي لا يحتقرنا ويحتقر ثورة الشباب ويقولوا علينا أننا شعب همج لا يعرف قيمة آثاره .. لأن العالم عنده حماية الآثار أهم من أي شيء آخر .. وما قلته آنذاك أن المتحف المصري بخير يدركه كل من له رؤية سياسية ويعرف ماذا يقول في هذه الظروف الصعبة». وماذا عن إهداء السيدة سوزان ثابت كوليه الأميرة سميحة حسين أثناء افتتاح متحف المجوهرات بالإسكندرية ؟ - هذا كلام غير صحيح بالمرة ولا يحدث ومن رابع المستحيلات .. وهذا لعدة أسباب .. أولا أن قطع المتحف مسجلة ومعروفة عالميا واليونسكو يعرف هذا جيدا ولو حدث أن أحدا أيا كان أخذ قطعة فستكون فضيحة عالمية وسبة في جبين مرتكبيها . ثانيا .. وهذا لم يحدث منذ صدور قرار حماية الآثار بالقانون رقم 117 ومنع الإهداء في عام 1983 .. وكان قبل هذا التاريخ تتم الإهداءات لكبار الزوار وبأمر من رئيس الجمهورية .. وآخر هدية أهداها السادات لكارتر .. أما أغرب حادث فهو إهداء الخديوي عباس الأول متحفا كاملا للآثار المصرية والذي كان يوجد بقلعة صلاح الدين الأيوبي وقتذاك في عام 1855 .. وأهداه إلي ولي عهد النمسا «ماكسيميليان» عندما أبدي إعجابه واندهاشه بها فما كان من خديوي مصر إلا أن أهداه إياه وتم نقل المتحف للنمسا !! ثالثا لا يمكن إخراج قطعة من متحف مسجلة إلا بإبلاغ رئيس هيئة الآثار ثم يبلغ اللجنة الدائمة المكونة من 40 شخصا ولابد من موافقتهم جميعا ولو اعترض أحدهم يبدي سبب اعتراضه .. ثم بعد ذلك لابد من موافقة الوزير المسئول ثم مجلس الوزراء ثم يصدر قرار رئيس الجمهورية علي الموافقة علي الإهداء. وأنا أقول وبكل صدق إن هذا لم يحدث علي الإطلاق من بعد فترة الرئيس السادات. لقد تم صرف الملايين علي تأمين المتاحف والمناطق الأثرية بتزويدها بكاميرات وأجهزة إنذار .. هل هذا كله لم يوقف نزيف السرقة والانتهاكات للآثار والتي مازالت مستمرة ؟ - نحن لدينا أكثر من 30 ألف حارس للمناطق الأثرية ولكن للأسف بدون أسلحة .. وعندما تمت السرقات كان لا يوجد في أي مكان رجل أمن مسلح .. وفي نفس الوقت كان اللصوص والبلطجية يحملون الرشاشات وكل أنواع الأسلحة البيضاء .. ولم يستطع حارس الآثار الذي يحمل نبوتا فقط أن يدافع عن نفسه أو عن الأثر .. لذلك أنا أطالب د. عصام شرف رئيس الوزراء بإنشاء جهاز شرطة خاص لحماية الآثار. وأما ما حدث في المتحف يوم 28 يناير فأجهزة الإنذار لم تجد من يستجيب لها بعد أن انسحب رجال الشرطة من المتحف ومن الميدان . ثم ينهي د. زاهي حواس حديثه معي قائلا: «أنا أدعو كل المصريين إلي الحفاظ علي تراثهم وتاريخهم من أعمال النهب والسرقة وحماية المناطق الأثرية من التعدي عليها .. وأنا بدوري سلمت قائمة بكل التعديات التي تمت مؤخرا وخاصة بناء المساجد علي هذه الأراضي .. وسأعمل علي توجيه جهود جميع العاملين بالآثار لخدمتها وللعمل من أجل استكمال المشروعات القومية الكبيرة والتي في طريقنا إلي الانتهاء منها مثل المتحف الكبير وطريق الكباش ومتحف الحضارة وخلال الأيام القادمة سيتم افتتاح الكنيسة المعلقة بعد ترميمها .. ويقوم رئيس الوزراء بافتتاحها .. كذلك متحف السويس القومي ومتحف التماسيح بكوم أومبو».