تعرف على جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2024..وضوابط دخول امتحانات التيرم الثاني    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    مدبولي والخصاونة يوقعان محضر اجتماعات الدورة ال32 للجنة العليا المصرية الأردنية المُشتركة    مدبولي والخصاونة يوقعان محضر اجتماعات الدورة ال32 للجنة العليا المصرية الأردنية    محافظ الغربية يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة نسب تنفيذ مشروعات المحافظة    "اللهم عوض شبابه في الجنة".. حسين الجسمي ينعى الشيخ هزاع بن سلطان بن زايد    إصابة 11 شخصا في انزلاق طائرة بمطار السنغال    الخصاونة: تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم خرق لاتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية    توخيل: كين وموسيالا هما من طلبا تبديلهما    الأهلي يستفسر من فيفا عن حقيقة مكافأة ال430 مليون جنيه للفرق المشاركة بمونديال الأندية 2025    غرفة عمليات تعليم الفيوم: لم نرصد مخالفات في امتحانات صفوف النقل    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    محامي الشيبي يطالب بتعديل تهمة حسين الشحات: "من إهانة إلى ضرب"    المنتج محمد السعدي يشارك فى تشييع جنازة والدة النجم كريم عبد العزيز    «ثورة الفلاحين» تستقبل الجمهور على مسرح المحلة الكبرى (صور)    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية مشتهر طوخ    تجنبًا لإلغاء التخصيص|«الإسكان الاجتماعي» يطالب المُتعاقدين على وحدات متوسطي الدخل بضرورة دفع الأقساط المتأخرة    السياحة والآثار: لجان تفتيش بالمحافظات لرصد الكيانات غير الشرعية المزاولة لنشاط العمرة والحج    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    قرار جمهوري بإنشاء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.. تعرف على أعماله    موعد بدء أعمال مكتب تنسيق الجامعات 2024 لطلاب الثانوية العامة والشهادات المعادلة    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    بنك ناصر يرعى المؤتمر العلمي الدولي ال29 لكلية الإعلام جامعة القاهرة    إنشاء المركز المصري الإيطالي للوظائف والهجرة لتأهيل الشباب على العمل بالخارج    إيرادات فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بعد 4 أسابيع من طرحه بالسينمات    حسين فهمي ضيف شرف اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    رجعوا لبعض.. ابنة سامي العدل تفجر مفاجأة عن عودة العوضي وياسمين عبد العزيز    البيتي بيتي 2 .. طرد كريم محمود عبد العزيز وزوجته من الفيلا    دعاء الامتحان.. كلمات أوصى النبي بترديدها عند نسيان الإجابة    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    هل تصح الصلاة على النبي أثناء أداء الصلاة؟.. الإفتاء توضح    لليوم الرابع على التوالي.. إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام المساعدات لغزة    اكتشفوه في الصرف الصحي.. FLiRT متحور جديد من كورونا يثير مخاوف العالم| هذه أعراضه    أحمد عيد: سأعمل على تواجد غزل المحلة بالمربع الذهبي في الدوري الممتاز    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص يوضح حكم حج الرجل عن أخته المريضة    مفاجآت سارة ل5 أبراج خلال شهر مايو.. فرص لتحقيق مكاسب مالية    عاجل| مصدر أمنى رفيع المستوى يكشف تطورات جديدة في مفاوضات غزة    السكري- ما أعراض مرحلة ما قبل الإصابة؟    رئيس جامعة حلوان يستقبل وفداً من جامعة 15 مايو    طلب إحاطة بتعديل مكافآت طلاب الامتياز ورفع مستوى تدريبهم    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    12 صورة بالمواعيد.. تشغيل قطارات المصيف إلى الإسكندرية ومرسى مطروح    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    دعاء الامتحانات مستجاب ومستحب.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    بوتين يحيي ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية    الحوثيون يستهدفون 3 سفن إسرائيلية في خليج عدن وبحر العرب    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه في مستهل أخر جلسات الأسبوع    تعرف علي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي    بعد العاصفة الأخيرة.. تحذير شديد من الأرصاد السعودية بشأن طقس اليوم    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    حزب الشعب الجمهوري ينظم ندوة تثقيفية لأمناء أمانتي "الشباب- المرأة"    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطايا وجروح «روح الخلافة»
نشر في صباح الخير يوم 24 - 04 - 2024

حدث أن سأل عمر بن الخطاب ابن عباس ذات يوم: فيما يختلف المسلمون بعدنا؟
كتابنا واحد وربنا واحد ونبينا واحد.. فعلام يختلف من يأتى فيما بعد؟
أجاب بن عباس: سوف يأتى من بعدنا أقوام يقرءون القرآن ولا يعرفون فيما نزل. فيأولونه.. ثم يختلفون فيما أولوا.. ثم يقتتلون فيما اختلفوا فيه.

وقد حدث.
فظهر الخوارج بعد معركة «صفين».. وظهرت بعدهم الفرق الإسلامية وظهر الباطنيون.. والحشاشون ومن بعدهم السبئية والكيسانية وجاء أتباع المقنع الخرسانى ثم جاء الإخوان.. فقتلوا على الرأى.. واحتكروا الدين.. وأولوا على الكيف وعلى الهوى، وقالوا إنهم يسعون لإحياء خلافة الله على الأرض.. رغم أنهم قتلوا وأحرقوا رغبة فى الحكم والنفوذ.. ليس إلا. يقتل التطرف على الهوية.. ويقتل على اللون وعلى المذهب.
يخرج التطرف من عباءة احتكار الدين أو من محاولة احتكاره بأكثر من وسيلة. أكبر وسائل احتكار الدين كانت فكرة «إحياء الخلافة».. وأوهام «ركن الخلافة».
إحياء الخلافة وهم.. ابتكره بعضهم ليمروا به من ثقوب المفاتيح فى الأبواب.. وصولا للحكم والسلطة والنفوذ.
هذا ما حدث تاريخيًا من أول الخوارج.. انتهاء بالإخوان المسلمون.
(1)
الإخوان المسلمون خوارج.. خرجوا عن الصف وخرجوا عن الدين، واختلفت فى تأويلاتهم المفاهيم.. حتى إنهم أراقوا الدماء التي حرّمها الله، وأهدروا النفس التي حصّنها الله.. ثم قالوا إنهم يعملون بما أنزل الله.. ولم يكن هذا صحيحًا.
لم ينزل الله الإسلام حكرًا على أحد.. ولا ملكًا لأحد. أنزل الله الإسلام دينًا للعالمين.. فمن شاء أن يؤمن ومن شاء أن يكفر.
كل امرئ بما كسب رهين.. وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه.
لكن جاء التطرف وأراد به بعضهم أن يأخذوا من الدين بابًا للسياسة. لذلك خلطوا السياسة بالدين وقالوا إن كله من عند الله.
وما هو من عند الله.
قال الحشاشون إنهم أبناء الله وأحباؤه. وقال الإخوان بعدهم نفس الكلام، لكن لا هؤلاء ولا هؤلاء قد اتخذوا على الله عهدًا.
لكنهم قتلوا وغلوا وأوغلوا وتوغلوا وبقروا بطن الشعوب الآمنة.. ثم نثروا ثرايا الدين على تراب الأرض وقالوا إنهم يبتغون مرضاة الله.
وكانوا كذابين.. ومخادعين.
الخلافة الإسلامية ليست فرضًا دينًيا. يعنى لم ينص عليها كتاب، ولا أقرت بها آية، لكنها أمر من أمور الدنيا.
ومنصب الخليفة ليس هو الآخر أمرًا طقسيًا دينيًا. يعنى ليس وجود الخليفة من أمور الدين، بقدر ما هو أمر دنيوى استقر عليه المجتمع المسلم فيما بعد.. لما كبرت دول المسلمين، وتفرعت شعوبها، وكثرت أعدادها.
الخليفة منصب دنيوى إذًا.. وأمور الدنيا غير أمور الدين.
فى الشعوب الحديثة، وازى منصب الخليفة منصب رئيس الدولة. ورئيس الدولة فى الشعوب الحديثة، هو من يتوفر فيه من خصائص تجعله الأقدر على حماية الدولة، وتدبير أمور شعبها.
لكن منصب الخليفة تحول خلال التاريخ الإسلامى، بعد خلط السياسة بالدين، غياهب طرقات وسبل أخرجته على يد جماعات التطرف عن الظرف وعن المصلحة وعن المعنى نفسه.
(2)
فى عصر النبى صلوات الله وسلامه عليه، كانت الدولة تُدار بالوحى من الله.
كان النبى صلى الله عليه وسلم يتكلم فى أمور الدين، فإذا لم يعرف سكت.. حتى تنزل عليه آية، أو ينزل الله سبحانه وتعالى عليه حُكمًا.
فى أمور الدين كان النبى يتكلم بالوحى، أما فى أمور الدنيا، فكان صلوات الله وسلامه عليه يتكلم بطبيعته الإنسانية.. حتى إنه إذا غم عليه أمر من أمور الدنيا، فإنه كان يفسح المجال لصحابته أن يجتهدوا.
فى المدينة.. جاء إلى النبى صحابته والأنصار يسألونه فى تأبير النخل. سألوا إذا كان هناك أوامر قرآنية فى كيفية تأبيره؟
قال النبى: أنتم أعلم بشؤون دنياكم.
وفى غزوة الأحزاب، سأل سُليمان الفارسى هل أنزل الله أوامر أم إنها الحرب؟
لما أجاب النبى بأنها الحرب.. اجتهد سُليمان بحفر الخندق، ليكتب به الله نصرًا للمسلمين.
فى أمور الدنيا اجتهد النبى واجتهد الصحابة، فكان النبى صلوات الله وسلامه عليه يدير الجماعة الإسلامية بما يأتيه من السماء، وكان مقدسا، أما فيما لم يأت من السماء فكان على المسلمين الاجتهاد فيه.. بما لا يُعارض نصا قائما ولا آية نزلت.
لم يكن النبى صلوات الله عليه وسلم خليفة للمسلمين.. إنما كان رسولًا، يأتيه من السماء رسالة.. وتدفع به أمور الدنيا إلى الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص.
(3)
بعد وفاة النبى صلوات الله وسلامه عليه انقطع الوحى، وكان لابد للمجتمع المسلم من قائد يقوده.. ورئيس ينظم شؤونه ويدبر أموره.
كان أبو بكر رئيسًا للمسلمين.. لم يكن أبى بكر خليفة لرسول الله بالمعنى الذي تواتر عليه مفهوم الخلافة فيما بعد.
إليك تلك الواقعة: جاء رجل إلى أبى بكر الصديق وسأله: هل أنت الخليفة من بعد النبى؟ أجاب أبو بكر غاضبًا: إنما أنا الخلف من بعده.
والخليفة غير الخلف.
الخليفة هو من يخلف النبى فى الزمان والمكان.. فى التواجد والمكان والمكانة وفى الصفات وفى السلطات فوق الإنسانية.
أما الخلف، فهو من يخلف النبى صلوات الله وسلامه عليه فى التوقيت فقط.
لذلك أجاب أبو بكر: أنا الخلف من بعده.
فلو كان أبو بكر الخليفة، لكان له أن يتلقى الوحى من السماء، ولكان له أن يأمر فيطاع بأوامر من الله، وكان له أن يسن ويشرّع، وأن تكون تلك السنن والتشريعات أمورًا واجبا على المسلمين طاعتها.
لكن أبا بكر نفسه قال: وليت عليكم ولست بخيركم «وقال ما معناه أنه لو أخطأ فعلى المسلمين أن يقوموه.. بالنصيحة.. والكلام الطيب».
لم ينص النبى صلوات الله عليه وسلامه على خليفة للمسلمين من بعده، وواقعة اختياره لأبى بكر الصديق فيها كلام وحديث بين الدارسين.
وحتى لو كان النبى صلى الله عليه وسلم نص على أبى بكر خلفًا له، فما كان لأبى بكر، وهو الخلف، أن يحوذ ما للنبى صلوات الله عليه من سلطة دينية، فينص على من يتولى بعده.
ثم جاء عمر بن الخطاب، وكان عمر رئيسًا للمسلمين بالمعنى الحرفى. ولم يناد عمر أحد من المسلمين أو التابعين إلا ب «أمير المؤمنين»، ولم يذكر لفظ الخليفة وقتها إلا أقل القليل. وأمير المؤمنين.. غير خليفة المسلمين.
(4)
تاريخ الإسلام طويل وعريض.. وبه الكثير من الحوادث والمطبات أيضًا. يقال إن أول من ابتكر مصطلح «خلافة المسلمين» كانوا الخوارج. أو أول ما بدأ هذا المصطلح يتداول فيه كان بعد معركة «صفين».
اكتسب مصطلح الخلافة زخمًا بالزمن، وبمرور الوقت، فى إطار الصراع على السلطة، وفى إطار التناحر بين الفرق الإسلامية المختلفة على الحكومة والحكم.
أكسب التطرف المصطلح والمعنى.. ما ليس له. ورسخ فى الفكرة معانى لم تكن له من الأساس.
وكان الخوارج أول من أقروا بأن أميرهم لا يعُصى ولا تُرد له كلمة. وأقر الشيعة بعدهم أن خليفتهم مؤيد من الله ومختار منه.
دخل الفكر الشيعى كثيرا من تراث فارس القديم، فأصبحت روح الخليفة هى نفسها روح الله، التي تجلت فى النبى محمد صلوات الله وسلامه عليه، ثم انتقلت من النبى إلى فاطمة رضى الله عنها، ومن فاطمة، إلى علىّ، ومن علىّ رضى الله عنه إلى أبنائه من بعده.
على اختلاف الطوائف، يؤمن الشيعة بإمام غائب، أو خليفة مستور.
والخليفة المستور تتجسد فى روحه ملامح من روح النبوة، التي انتقلت إليه بالحلول، من جسد لجسد، ومن نفس لنفس، بدءًا من نفس النبى صلى الله عليه وسلم مرورًا بسلالة أبناء على بن أبى طالب.. حتى تصل إليه.
والخليفة المستور، بموجب تلك الفكرة، غائب عن الزمن، يديره من غيبته على يد «قائم الزمان».
قائم الزمان هو الولى الظاهر الموجود بين جماعة المسلمين، الذي هو الآخر فيه ملمح من روح الخليفة المستور.. يستقى أوامره فى تدبير أمور الدنيا والدين منه.
لهذا.. لا يُرد لقائم الزمان كلام.. ولا يعُصى فى أمر.
فى إيران مرشد الثورة الأعلى هو قائم الزمان. ولدى الإخوان، لعب حسن البنا دور القائم بشكل أو بآخر. لذلك فالعهد على السمع والطاعة، لا يحله إلا الدم.
فى العمل الفنى الرائع «الحشاشين» بدت الفكرة من أولها لآخرها.
فكان حسن الصباح يُدير أمور قلعة ألموت بوحى من الخليفة المستنصر، وكان الخليفة المستنصر، يُدير حسن الصباح بروح من النبوة التي هى روح من الله!
مراحل كثيرة لعبت فيها السياسة بالدين، ولعب فيها الدين بالسياسة، ولعبت السياسة فيها بالعقول، حتى أسفرت فى النهاية عن فساد فى العقيدة، وفساد فى الإيمان، وعلل فى الإسلام فى أذهان هؤلاء.
ثم جاءت رغبات الملك والسطوة والنفوذ لتعيد الألاعيب كلها، فتخلط المفاهيم مرة أخرى، وتجعل بين «الإمام» وبين السماء كوبري وهميا تمر عليه الأفكار، مصدقة من رب العالمين، ومحصنة بوصفها أوامر ربانية.. لا كلام فيها ولا حديث.
لعبت رغبات الملك أيضًا بالعقول وبالعقائد وبالتاريخ وهددت الجغرافيا، وامتدت فكرة الولاية من جماعات التطرف بدءًا من الحشاشين وصولًا إلى حسن البنا، فبدا فيها الأخير كما لو أنه حائز روح النبوة، ومالك سلطات التشريع الربانية فيقضى بها فى خلق الله.. ويعمل بها فى عباد الله.
لم ينزل الله الإسلام هكذا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.