طبعا كل من دخل يقرأ، وضع في اعتباره أن الموضوع سيتحدث عن ولائم وعزومات رمضان، تلك الأحاديث التي تدور عن كل ما لذ وطاب، والتى عادة نستلذ قراءتها، أو مشاهدتها قبل الإفطار بساعة.. و كأن عذاب المؤمن سنة، و لكن موضوعى للأسف لا يتحدث عن المحمر والمشمر، رغم أن لا علم لى بمعنى « المشمر»، لكن حديثى بعيد عنه كل البعد. اليوم يا سادة حديثى جزئيا وكليا لتشريح البوفيه.. وإفراغ ما فى جوفه، هذا الكائن التابع للمدعو (النيش)، وبمناسبة دخول الشهر الكريم، قررت أن أعمل زى الستات ما بتعمل فى دخلة رمضان. كل الستات «فرزنت» الأكل وعملوا خزين، وهرسوا التوم، وأنا مش فالحة غير فى تجميع زينة وعبايات رمضان، قلت لنفسى يعنى أنا «لا فرزنت مع اللى فرزنوا» ولا «هرست مع اللى هرسوا»، قومى نظفى مع اللى نظفوا على الأقل، روحت استعنت على الشقا بالله، وقامت ليا قومه، واتفضلوا ع البوفيه ! البوفيه طبعا لأن أغلبه مقفل خشب، ولا يمتاز بالشفافية، فمن بره « هالله هالله ومن جوه يعلم الله، وإذا بى أبدأ بالدرج الأول، واكتشفت فى البوفيه كل ما ضاع وسقط من حياتى، حتى البشر.. أى والله زى ما بقول لكم كده، ذكريات وصور وأوتوجراف وجوابات، وقد يبدو طبيعيًا نوعا ما، ولكن الغريب فى الأمر هو إيجاد أوتوجراف صديقتى اللى ضايع منها من سنين! وفى الأغلب استعملت البوفيه لتخزين كل شى ليس له مكان محدد فى المنزل، وكل درج يشيل على قد حمولته، فمثلا أحد الأدراج ممتلئ بإيصالات الكهرباء، ولا أدرى سبب احتفاظى بكل هذا الكم منها! إلا إذا كان العداد ناوى يهرب مثلا، وأنا هبقى ماسكة عليه شوية إيصالات يودوه فى داهية!ناهيك عن كم (السبح)، كم مهول من السبح بمختلف أطوالها، ألوانها وخامتها، تنزلنى مولد السيدة مرتاح ! الكم ده لوحده تكفير ذنوب !! مشابك غسيل؟! علما أن معنديش منشر خارجى، هدايا سبوع لمواليد لا علم لى بهم! محفظة هدية من عمتى، من أيام حرب العراق! تذاكر سينما لدار سينما قفل من سنين، شريط الهضبة عمرو دياب (تملى معاك)، كروت مينا تل، بكر خيط وأنا لا أملك عدةخياطة ! شواحن موبايل مختلفة من أيام ما كان الشاحن أتقل من الموبايل! «إم بى ثرى» وبوسترات أول ألبوم لحماقى ! وللأسف لست وحدى من تعانى من هذه «الكراكيب» ، بل الأغلب منا بيروق الوش والدواخل بنقولها «معلش» ومسيرها هتتروق! أضف إلى جانب الكراكيب، أطقم معالق بمختلف أنواعها ستانلس ستيل مذهب، فضة وياقوت ومرجان، وأطقم أركوبال من أيام العصر الفيكتورى، وأطقم صينى مزخرفة من عهد «أحمس»، ولأن معنديش ضيوف، فتلك الأطقم لم يمسسهم إنس ولا جن والله أعلم، غالبا مستنية الملك فاروق كان ياكل فيهم! علاوة عن صوانى تقديم مطلى بالذهب سُمك الواحد منهم كفيل يجيب لك مش أقل من «قتب» لو فكرت تقدم فيهم حاجة ! والكارثة أن كل رمضان أشترى أطباق وكوبايات ومعالق، رغم امتلاء البوفيه!.. متفهمش هل عيب أسيب البوفيه فاضى؟، ولا أنامستنيه يتعتقوا مثلا، أو أدخل بيهم المتحف!... موروثات مبنسألش فيها، طلعنا على كده.. كما وجدنا آباءنا، مفيش بربع جنيه تغيير أو تفكير بفكرة أن أطقم البوفيه تطلع لاشخاص معينة، زى أهل العريس لما يتقدموا !! طيب أنا والدتى عملت كده عشان احنا أربع بنات وولد ! ،أنا بعمل كده ليه وأنا خلفت ولدين !! يعنى حتى مقدرش أقول سيباهم لجهاز بنتى ! ورغم أن الفكرة فى حد ذاتها كانت بتضايقنى وأنا فى بيت أهلى، ليه الضيوف يأكلوا فى أطباق تفتح النفس، وأنا أكل فى الطبق «العسلى»؟! أحسن منى فى إيه الضيوف ؟ ولكن كل الانتقادات اللى انتقدتها، نفذتها بالوراثة! والمشكلة أن هذا ما يحدث بالفعل فى الغالبية العظمى من البيوت. وكانت الصدمة فى آخر درج، عندما وجدت مجموعة صور لخطوبتى وفرحى، وكان ابن خالتى فى الصورة، يادوب لم يكمل أصابع اليدين عمرا، وحضرت فرحه منذ أسابيع!! وقتها اكتشفت ان ضاع العمر يا ولدى جوه البوفيه ! ولهذا نداء خاص لكل السيدات الرائدات والمتميزات، اتفضلوا ع البوفيه، خرجوا كل اللى فيه واستمتعوا بالصينى والأركوبال، واعرفوا أن إهمالكم للبوفيه سنين، هيخليه فى يوم يعرفكم عمركم الحقيقى، «بصورة» أو أخرى.