«لما تزرع مانجا ويطلع قلقاسً. من المؤكد أن الموضوع لا يمُتّ بصلة للزراعة أو الحصاد كما فى الجملة السابقة.. ولكن الذى دفعك للقراءة هو إحساسك القوى للمعنى الخفى وراء العنوان والذى بدوره جعلك تشعر أن المعنى الحقيقى هو «أقولك فيه تلاقى مفيش»! مراعاة لمشاعرك لا أود أن أكتب عنوانًا صادمًا، مخيبًا للآمال بشكل صريح ولكن إحساسك فى محله.. وتركت لك السطور القادمة ليس للندب وإنما لتشعر أنك لست وحدك، فكلنا لها ونحن السابقون وأنتم بنا لاحقون.
بدأت تفهم تلميحاتى التى تدور حرفيًا عن الحب، و«المغرز» الذى نقع فيه.. أتحدث عن ثورة الطموحات التى تصدّرها الأفلام، مسلسلات، أغانى، والسوشيال ميديا، والتى جعلت الحب فى الواقع مختلفًا تمامًا عن هذا الحب الذى يكمن فى خيالك، بعد ما خيالك صورلك حاجات أستغفر الله العظيم ممكن تحصل! ده لمجرد إنك سلمت نفسك للأغانى والأفلام، فهل يعقل أن تتخيل بأن فتاة أحلامك التى ستقع فى غرامك فى جمال مديحة كامل! شقاوة سعاد حسنى وجسم كيم كارديشيان؟! لحظة هدوء وواقعية قد تجد بالفعل تلك المواصفات فى فتاة عادية فى الشارع، ولكن لما تحلم «احلم على قدك»، يعنى لو فرضنا أن تلك المواصفات وأكثر موجودة فى فتاة، فلا بد أنك تملك شياكة باسل خياط أو جسم محمد رمضان، أو جاذبية إياد نصار أو حتى فلوس أشهر ملياردير! هنا يكون خيالك لعب بك وصور لك ما هو صعب توافره فى السوق المحلية، والكلام ليكى يا جارة، ترسمى فارس أحلامك بعضلات، شيك، وسيم، مركز اجتماعى، وظيفة مرموقة وابن ناس وحسب ونسب ومال وبنون «ومفيش منه الكلام ده ولا يحزنون». لا ألوم عليك عزيزى القارئ ولا عليكى انتى كمان، فأنا زيى زيكم ضحية الأغانى والأفلام التى صورت دائمًا فارس الأحلام وشريكة الحياة متنقيين على الفرازة قطفة أولى وجسمهم معمول عمولة فى دمياط ومفهومش غلطة، وبالتالى العقل الباطن صدر لنا هذا الوهم! السؤال سيظل: كيف يصور لك عقلك الباطن وخيالك الحزين، أن الحبيبة سوف يكون صوتها واطى فى الخناق؟ ولما تزعقلها فى المطعم هتنزل منها دمعة تخلى عنيها لامعة فتشدها من إيدها تحضنها وتعتذر لها وتخلص المشكلة. عزيزى القارئ أنت كده ابتعدت كثيرًا حتى عن المسلسلات والأفلام المصرية. هذا النوع من الشجار الحلو يا دوب تشاهده فى مسلسل طائر النمنة التركى الساعة 8 وانت بتاكل سودانى ولب!، لأنك فى الواقع لما جربت تزعق لحبيبتك فى المطعم لبستك الترابيزة وخدت فى دماغك 6 غرز، لكن لايزال خيالك يا مسكين شغال! عزيزتى المغلوبة على أمرها المكلومة فى قلبها، كيف يصور لك خيالك بأنك لما تزعلى وتتخانقوا إنه سوف يأتى تحت بيتك يصالحك بورد وهدايا ويقولك هتنزلى ولا أطلعلك أنا؟! فتضحكين ويفتح لك أغنية ويكتب اسمك بالألعاب النارية فى السماء؟ ده حتى مشهد قديم آخر مرة اتعمل فى فيلم «عمر وسلمى» سنة 2007، يعنى منذ أكثر من 16 عامًا! لذلك لا بد أن تنزلى بطموحاتك قليلاً ولو بعتلك رسالة وفيها رمز تعبيرى وردة يبقى كتر خير الدنيا وتحمدى ربنا على إن لسه فى راجل حتى لو غلطان بيفكر يصالح أصلاً! من مكانى هذا ومن واجبى أيضًا «أفوقكم» لا تسلموا آذانكم للأغانى ولا خيالكم للأفلام.. عيشوا الواقع.. «هتزرع مانجا هتطلع قلقاس»! أغلب قصص الحب تنتهى بسبب التوقعات العالية، ادخلوا فى علاقات الحب بدون توقع منعًا للإحباط! فلا تتوقع ردة فعلها عندما تعترف بحبك، وارد تصدم لما تقولك إنها بتعتبرك أخوها! ولا تتوقعى فى عيد ميلادك هيفاجئك بحفلة وهدايا.. وارد جدًا ينسى أصلاً اليوم.. عدم التوقع بيضمن لكم الاستمرارية، وإذا حصل خير وبركة وإذا لم يحدث فأنت من البداية لم تتوقع.. لهذا: قلل توقعات زود واقعية. ثم إياك والشغف فى الحب! هتبدأ بشغف وعينك هتنور، هتنتهى العلاقة وعليك الله ينور.. عيشوا الواقع وبخروا خيالكم. يعنى بلاش تغرقيه فى الحب لأن الواقع بيقول «اللى بيحب أكتر هيتوجع أكتر». هيطلع «توكسيك» و«هيسيبك ومش هيفرق معاه». بلاش تبقى «روقة» لأنك مش مرتبطة بنور الشريف الله يرحمه.. بلاش تتوقع أن حبيبتك لما تتجوزها هتفطرك الصبح، وإنك لما تتجوزى اللى بتحبيه هيجى يحضنك وانتى فى المطبخ ويدوق الأكل ويبوس إيديك. هو هيدوق الأكل وهيعمل فيها الشيف الشربينى ويقولك ناقص ملح.. بلاش تفتكرى إنك لما تغيرى عليه هيضحك ويقولك أنا أبيع الدنيا عشانك هو هيبيعك انتى عشان دنيا! بلاش تتخيل إنك لما تهددها إنك هتبعد عنها وتاخد موقف وتبعد عنها هتستناك، ولا دى هتركب مع الموقف اللى بعده. اتعلموا تعيشوا فى الواقع لأن حتى الممثلين والأنفلونسر واليوتيوبر والمغنين حياتهم مش زى الأفلام. ولو محتاج شغف ضرورى وأنت مش فى علاقة عاطفية يا ولداه، فأنصحك فى عيد الحب متنزلش من البيت.. ادخل جوجل، بحث على السريع، طريقة عمل الشغف فى البيت.. أرخص وأطعم!