لاختلاف الطوائف المسيحية فى مصر، تتعدد طرق الاحتفال بالكريسماس وبأعياد الميلاد المجيد. فهناك العديد من الكنائس غير القبطية الأرثوذكسية التى يتبعها مئات الآلاف من المسيحيين المصريين والمقيمين فى مصر وبينها كنيسة للأجانب المستقلين عن الكنيسة الإنجيلية المصرية. وتختلف طرق الاحتفال بين المسيحيين السريان والكلدان عن الروم الأرثوذكس عن الأرمن الكاثوليك وغيرهم من الطوائف والمذاهب.
حكت راندا لبيب من طائفة السريان لصباح الخير عن رحلة مجيئها من سوريا إلى مصر قائلة: أنا أعيش فى مصر منذ 1990 عندما حضرت من سوريا إلى القاهرة للتعلم، وتعرفت على زوجى وهو مصرى، ومازلت أمارس كل طقوس الكنيسة السريانية وهى كنيسة «سوريا والعراق»، وأنا أحتفل بالعيد مرتين مرة بكنيستى السريانية ولنا كتب قديمة فى غمرة، يوم 24 ديسمبر و25 ديسمبر، ومرة أخرى مع عائلة زوجى فى الكنيسة القبطية يومى 6 و7 يناير. أهم الطقوس التى نحتفل بها فى الكنيسة السريانية تبدأ من الأسبوع الأول فى شهر ديسمبر، حيث يتم تزيين البيوت فى سوريا ونحن نقوم بذلك هنا فى بيوتنا فى مصر منذ أول الشهر، ونقوم بشراء شجرة عيد الميلاد وتزيينها وهو طقس مأخوذ من أوروبا، وفى سوريا هناك شجر معين تؤخذ منه أجزاء ليصبح شجر عيد الميلاد، لكننا هنا فى مصر نشترى شجرًا مصنعًا يشبه الشجر الحقيقى، أيضا «المغارة» هى عمل نحت فنى مصنوع من الجبس يرمز إلى مولد السيد المسيح، مع السيدة العذراء وكل بيت مسيحى سورى يحتفظ بالمغارة، ويجهز لها مكانًا فى بيته وتزين مثل شجرة عيد الميلاد وهو طقس شرقى، وأيضا دخلت بيوت مصريين ووجدت بها المغارة، وتوضع هدايا عيد الميلاد عند الشجرة أو المغارة ليلاً. وعن الهدايا قالت راندا: هذا طقس مهم، حيث يأتى «بابا نويل» ليلا ويحضر هدايا لكل أفراد الأسرة خاصة الأطفال ليضعها عند الشجرة ليجدها أفراد العائلة صباحا، كل فرد له هدية باسمه، وهو تعبير عن العطايا التى يمنحها الله لنا فى هذا اليوم المميز. ونحن فى الكنيسة السريانية، نجمع بعض الأموال ونشترى هدايا للفقراء والمفروض كل عائلة تقوم بتوزيع عدد من الهدايا على أطفال الجيران رمزًا للميلاد. وفى يوم 25 تتجمع العائلات للإفطار بمأكولات يكون لونها أبيض.. جبن، بيض، مخبوزات بها كريمة. ولكن وجبة الغداء أكلة تسمى «الشاكرية» وهى عبارة عن لحم ضأن، حمص، وزبادى بالشوربة. وتسمى أكلة «عيد الميلاد» كل بيت فى سوريا من الكنيسة السريانية، يأكل نفس الوجبة يوم عيد الميلاد. وبعد الغداء يأتى الأطفال ليحصلوا على «العيدية» من الكبار وتوزع بعض الحلوى. ونقوم أيضا بصنع «كعك العيد» ولكنه مختلف عما يصنع فى مصر، فهو يشبه المعمول بالسميد، وليس الدقيق. ومساءً تقام بعض الاحتفالات للشباب فى الأماكن الترفيهية مثل النوادى والكافيهات وخلال أسبوع العيد يحضر شماس أو أب ككاهن من سوريا مخصوص، لزيارة الأسر السورية فى منازلهم. وهو طقس مهم لدى الأسر السريانية، وقالت راندا: نحن لم نشعر بتغيير فى العيد عن سوريا لأن مصر هى بلدنا الثانى، طبعا مشتاقين للعودة لسوريا، لكننا نشعر بالأمان فى مصر، والدولة المصرية ترسل مندوبا للتهنئة بالعيد، وهذا يشعرنا بالإكرام، وكما قالت راندا إنه منذ بداية الحرب فى سوريا كانت الأعداد تزيد على 300 ألف سورى لجأوا إلى مصر، ولكن الأعداد الآن أقل من ذلك بكثير لأن بعضهم ذهب إلى أوروبا. وعن كنائس السريان فى مصر فهى كنائس تاريخية وهناك كنيسة أخرى فى مصر القديمة يذهبون إليها «للتبرك» صباحا خاصة مع بداية كل عام وأيام الأعياد خاصة. تجمعات الأرمن ومن أشهر المحال التجارية التى يملكها أرمن متمصرون هو محل «بايبك» وسط البلد، لمالكه المهندس وليم بايبك ويعمل معه ابنه رفيق، وهو أشهر محال القاهرة لبيع التبغ والساعات والقداحات، وكما يقول رفيق بايبك المصرى من أصل أرمنى: إنهم يحتفلون تماما مثل المصريين، فقط الاختلاف فى اليوم بدلا من 7 يناير يكون الاحتفال يوم 6 يناير، ونقوم بالاحتفال فعليا يوم 5 يناير فى الكنيسة حسب الطقوس الأرمنية، ولا تختلف كثيرا، أما على مستوى الأسرة فإن الطقس الرئيسى هو العشاء مساء الخميس، ويتصدر مائدة الطعام «الديك الرومى» وتبادل الهدايا بين أفراد العائلة تعبيرًا عن الحب والتسامح، والتحدث باللغة الأرمنية بين تجمعات العائلات الأرمنية وأيضا القداس يقام باللغة الأرمنية، لكننا نتحدث طبعا بالعربية فهى لغة الكتابة والتعلم. وقال إن كثيرًا من الأرمن تزوجوا مصريين أقباطا وأصبحوا أيضا يحتفلون بالعيد على الطريقة القبطية. لكن حفل عيد الميلاد بين العائلات الأرمنية ليلة 5 يناير هو الطقس الأهم، وفى الصباح هناك إفطار عائلى شطائر من الفطائر الأرمنية تتميز بالفواكه فى حشوها، غير أنها انتشرت الآن فى محال الحلوى، وأصبحنا نشتريها ولا تصنع بالمنزل. أما نائب رئيس النادى اليونانى، نيكالاوس كستاكيس فأكد أن المصريين واليونانيين لهم نفس العادات والتقاليد والطباع الإنسانية، فهم يحبون المرح والحياة والصحبة الحلوة، حتى إن عشقهم للطعام وسط صحبة من الأصدقاء واحد، واليونانيون الذين هاجروا وعاشوا فى مصر أحبوها كاليونان تمامًا، ولذلك فإن العيد فى مصر له نفس التقليد فى اليونان. وأكد أنه دائمًا ما كانت النوادى اليونانية تحتفل بإقامة أكثر من احتفال فى الكريسماس ورأس السنة، ولكن من أجل «الإغلاق الجزئى» الذى يقوم به النادى، فلن تقام أى احتفالات بسبب «كورونا» وربما يقيم النادى حفلا فى نهاية شهر مارس، أما احتفال الكريسماس فى العادى فكان دائمًا حفلا راقصًا، وعلى أنغام الموسيقى اليونانى، وتقدم أغانٍ من الفلكلور اليونانى والمصرى أحيانا. ولطائفة الروم الأرثوذكس ينتمى بيشوى مجدى وهو طالب لاهوت دومنيكان درس باليونان ولبنان، ثم عاد للقاهرة. ولبيشوى تجربة فريدة فهو مصرى ومن أسرة قبطية أرثوذكسية، غير أنه اختار أن ينتمى إلى كنيسة الروم الأرثوذكس. ويقول إن أسرته يحتفلون معه بالعيد الذى يكون فى 25 ديسمبر خاصة عندما يكون بالقاهرة مثل هذا العام ولم يذهب إلى دير سانت كاترين، لحضور قداس الكريسماس هناك، حيث يتبع الدير طائفته الروم الأرثوذكس، ولذلك يأتى له أجانب من بلدان مختلفة فى العالم. كنيسة الأجانب! وفى المعادى.. كان للاحتفال بالكريسماس شكل مختلف تماما، حيث كنيسة الأجانب، أو كما تعرف هناك باسم M.C.C، وهى كنيسة إنجيلية للمتحدثين باللغة الإنجليزية، وكما تقول إيمى ويدنير المسئولة الإدارية للكنيسة لصباح الخير: إن الكنيسة تأسست فى أواخر الأربعينيات وانفصلت عن الكنيسة الإنجيلية المصرية مع قدوم أعداد متزايدة من الأمريكيين إلى مصر للعمل فى السفارة الأمريكية فى الأساس، وتصنف تلك الكنيسة حسبما تقول «إيمى» بأن الكنيسة للأجانب فقط، وتتبع المذاهب البروتستانتية. وعن احتفالات عيد الميلاد فهى تشتمل على مسابقة دينية، يتم التحضير لها خلال الأسبوع الذى يسبق عيد الميلاد يوم 25 ديسمبر، وتشمل سرد قصة ميلاد المسيح بعدة طرق، ويوم الكريسماس، يتم إعادة تمثيل قصة ميلاد المسيح، ومعروف أنه ولد فى حظيرة للحيوانات، هربا من الرومان، ولذلك يتم ظهور الحيوانات بشكل طبيعى «حيوانات أليفة مثل الأبقار والجمال»، ويكون هذا فى مكان مفتوح صباحا ويصاحبه ترنيمات عيد الميلاد ويسمى احتفالية كرنفال عيد الميلاد. أما بقية الأسبوع فهناك صلاة يومية، وكل عائلة تقوم بقراءة جزء من الأناجيل وإضاءة الشموع. ونقيم أيضا احتفالا سنويا فى وادى دجلة تحت عنوان «قديس على الرمال»، حيث نبنى موقدا كبيرا ونسوى الحلوى ونغنى أغانى الكريسماس ويحضر سانتا كلوز لتوزيع الهدايا على الحاضرين. ونسعى لإشراك اللاجئين الأفارقة فى القاهرة فى احتفالاتنا، خاصة أن أغلبهم يتكلمون الإنجليزية ولدينا أيضا أنشطة لمساعدة اللاجئين فى التعليم والصحة بشكل عام. ومن المشاركات فى هذه الاحتفالات فالستى مارك وهى إنجليزية، وتعيش فى مصر منذ 28 عامًا، وتعمل هى وزوجها فى شركة أجنبية بالقاهرة، قالت إنها تحب أن تقضى العيد فى مصر لأنه يكون أكثر بهجة بين أصدقائها المصريين والأجانب، واحتفالات الكنيسة هذا العام تقضى العيد فى «حفل الروف»، حيث تقيم احتفالا لأصدقائها على «روف منزلها» من أجل كورونا. أما مارتى أو «مرثا» وهى تعمل فى مجال التنمية البشرية ولها أنشطة مختلفة فى مجال تعليم أولاد الأجانب، فتصف العيد فى مصر بأنه احتفال دينى، وإنسانى وبه بهجة بين الناس بعكس العيد فى أمريكا فهو استهلاكى، لأنه يعتمد على عروض الشراء فقط! وأكدت أن العيد فى مصر أحلى، لأنه للأغنياء والفقراء، وهى تشترك مع مؤسسات خيرية لتوزيع بعض الهدايا فى بداية كل عام على أبناء الفقراء من اللاجئين أو المصريين.