«حياتي» هو الاسم الذى اختارته جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل وقت حرب أكتوبر 1973 لمذكراتها التى نشرت فيما بعد واعترفت فيها بقصة الهزيمة الإسرائيلية كاملة. وأكدت أنها لم تستطع أن تعود مرة أخرى للإنسان الذى كانت عليه قبل حرب يوم كيبور. قالت إن أصعب شيء عليها هو الكتابة عن حرب «يوم كيبور» أكتوبر 1973 ووصفتها بالكارثة.
وأكدت أنها وقادة إسرائيل لم يتوقعوا ما حدث من اندلاع للحرب. وكانت قد أفردت فصلا كاملا فى مذكراتها لما حدث فى حرب 1973 والأيام الثلاثة السابقة لها، حيث قالت فى الفصل الرابع عشر من مذكراتها إنها كانت خارج إسرائيل حتى يوم 4/10/1973 وفور عودتها قامت بعقد اجتماع طارئ لقادة الجيش والمخابرات فى (مطبخ منزلها). وذلك لاستعراض الموقف من تعزيز القوات المصرية والسورية فى الشهور الأخيرة. غير أن معلومات المخابرات الإسرائيلية أكدت عدم قدرة القوات المحتشدة على تنفيذ أى هجوم، وذكرت أن جميع الحاضرين اتفقوا على عدم توقع إسرائيل لأى هجوم «مصرى - سورى» قادم، وأن الجنود المصريين المحتشدين يقومون بتنفيذ مناوراتهم المعتادة. وفى يوم 5 أكتوبر عقدت جولدا مائير اجتماعا آخر مع قادة إسرائيل، أهم ما جاء به هو اقتراح «إسرائيل جاإيلي» أحد قيادات منظمة (الهاجانا) بتفويض جولدا مائير، وموشى ديان ب «سلطة» استدعاء الاحتياطى إذا لزم الأمر فى أى وقت. واعترفت مائير، بأنها كان يجب أن تستمع إلى صوت قلبها وتستدعى الاحتياطى ولكن وقتها، تقارير المخابرات لم تبرر استدعاء الاحتياطي. .. وجاء اليوم الثالث، هو 6 أكتوبر صباحا (يوم المعركة) وعقدت اجتماعا ثالثا بعد أن وردت لها معلومات بأن المصريين سيشنون هجوما فى وقت متأخر بعد ظهر اليوم على إسرائيل، لبحث تعبئة الاحتياط. التفوق المصرى وكان الاعتراف الأول لمائير. قائلة أنها اكتشفت وهم القدرة الأسطورية على التعبئة السريعة!! حيث اجتمعت جولدا مائير عقب هذا الاجتماع مع زعيم المعارضة «مناحم بيجين» والسفير الأمريكى فى إسرائيل، وقبل انتهاء الاجتماع فتح باب قاعة الاجتماعات واندفع سكرتيرها العسكرى ليبلغها بأن هجوم المصريين قد بدأ، وتقول جولدا مائير فى اللحظة نفسها سمعنا صوت صافرات الإنذار فى تل أبيب، وبدأت الحرب. وتكمل اعترافاتها قائلة: ليت الأمر اقتصر على عدم تلقى إنذارات الحرب فى وقت مناسب فقط، بل إننا واجهنا الحرب على جبهتين فى وقت واحد. وتعترف جولدا بالتفوق العسكرى المصرى قائلة: كان التفوق علينا ساحقا عدديا، وتسليحا سواء دبابات أو طائرات، خصوصا سلاح المشاه، وقالت إنها طلبت من الرئيس الأمريكى نيكسون بإنقاذ السفينة العسكرية الإسرائيلية التى كادت أن تغرق تماما وطلبت منه إنقاذ إسرائيل من الهلاك، وقالت إنها لم تشعر بالارتياح إلا بعد ما وصلت الإمدادات العسكرية إلى مطار اللد، يوم 9 أكتوبر، وخلال الأيام الثلاثة السابقة على الجسر الجوى، قدم موشى ديان استقالته مرتين ولكنها لم تقبلها، وتقول مائير إنها فكرت فى الانتحار فور سماعها أخبار الجبهة من ديان فى الأيام الأولى للحرب. الاعتراف ولم تكن اعترافات جولدامائير بالتفوق العسكرى المصرى عبر مذكراتها فقط ولكن أيضا عبر التحقيقات الرسمية الإسرائيلية التى قامت بها لجنة تحقيقات إسرائيلية على أعلى مستوى للتحقيق فى فضيحة الهزيمة، وقد تم الإفراج عن أوراق تلك اللجنة بعد أربعين عاما من ذكرى الحرب، وقد تشكلت تلك اللجنة برئاسة رئيس المحكمة الإسرائيلية العليا. وقدمت جولدا اعتذارا للرئيس السادات قائلة: نحن فى إسرائيل كانت لدينا صورة مغلوطة عن الرئيس السادات، كنا نعتقد أنه شخصية هزلية، يعد شعبه بوعود ثم يتراجع عنها ويحدد مواعيد للحرب وينساها، لكننى أقدم لهذه الشخصية الهزلية اعتذارا رسميا، لأن هذه الصورة التى قدم بها نفسه كان مقصودا بها خداعنا. ونعود مرة أخرى لمذكرات جولدا مائير لتكمل اعترافاتها خلال أيام حرب أكتوبر، قائلة: رغم أن الجسر الجوى الأمريكى أمدنا بالذخيرة ورفع من معنوياتنا، وجعلنا نرفع رؤسنا أمام الجيش المصرى فى سيناء، فإننى شعرت برغبة قوية لوقف إطلاق النار وضرورة التفاوض مع مصر، فى أى مكان يحدده المصريون، ورغم ذلك لم يتوقفوا عن إطلاق النار إلا يوم 22 أكتوبر وتم توقيع الاتفاقية بين إسرائيل ومصر يوم 11 نوفمبر عند الكيلو 151 طريق «القاهرة - السويس» وفى فيديو منشور تظهر جولدا مائير على (اليوتيوب) تبكى فيه للمرة الوحيدة وهى تستقبل الأسرى الإسرائيليين العائدين من مصر.