كنت أتذكر تلك الأعياد القديمة (لم أنم) فى الصباح الباكر كنت أستيقظ على نغمات كلمات استقبال العيد من مسجد مصطفى محمود.. كم كانت جميلة مطربة بلا طرب.. منعشة فى صباحات الأعياد ماذا حدث ؟! قرأنا كثيرًا عن هذا اللعين الذى أزعج العالم كله) وليست مصرنا فقط.. فيروس صغير أقلق ناس العالم.. لأبعد عن حياتى الأحداث المزعجة.. أشتاق إلى قطعة جاتوه وليس هذا الكحك الثقيل.. تذكرت قصة ظريفة كتبتها من سنتين بحثت عنها فى كتبى وفرحت أنى وجدتها..
قطعة جاتوه
كانت ساعات العمل للطبيبة على وشك الانتهاء عندما طلبها رجل الاستعلامات فى المستشفى يخبرها أن أمامه امرأة تقول إنها قريبتها وتريد مقابلتها واسمها آمال.. ثم همس أنها لا تبدو قريبتها.. خطفت المرأة سماعة التليفون من يد الرجل.. وصرخت (أنا ميمى يا سمية.. حاولت أن تتذكر قريبتها المتعجرفة التى لم تقابلها منذ أكثر من عشرين عاما.. وفهمت لماذا شك رجل الاستعلامات فى صلة القرابة بينهما..
فقد وجدت أمامها امرأة معر فة طويلة، نحيلة واسعة الفم حمراء من الطلاء الذى تضعه على وجهها وكان يتساقط من العرق كما يتساقط الطلاء من منزل قديم.. من النظرة الأولى أيقنت الطبيبة أن قريبتها مدمنة.. فلا يمكن أن تتنازل وتحضر إليها إلا إذا كانت محتاجة فعلا لها.. فقد شاهدت الطبيبة نساء كثيرات جئن بهذه الصورة المشوهة لجمال كان فى زمن مضى.. قبل إدمانهن المخدرات..
قالت لها ميمى.. إنها ستدخل فى موضوع زيارتها مباشرة فقد شاهدت صورتها فى جريدة وقرأت حديثها عن الإدمان ومعالجة المدمنين. بادرتها الطبيبة.. يبدو أنك مدمنة..
قالت بدون خجل.. إنها مدمنة أفيون وجاءت تطلب العلاج..
أثناء استماع الطبيبة تذكرت حادثة فى طفولتها كدرتها قليلا وتعجبت أنها تظهر واضحة لها الآن..
فقد كانت (ميمى) من الأقارب البعيدين للطبيبة لكن التجاوز فى المساكن فى ذلك الوقت كان التزاور بينهما كثيرا.. وكان والد (ميمى)متيسرا عن والد (سمية).
أثناء لعب الطفلتين فى بيت (ميمى) جاء والدها من الخارج وفى يده ربطة كان سيضعها فى حجرة المائدة حيث كانتا البنتان تلعبان ولما وجد (سمية) ذهب بربطة إلى حجرة النوم.. جرت ميمى خلفه وسألته.. ماذا أحضره لها ؟!
وكان الرجل صوته مرتفعا حتى وهو يهمس لطفلتة.. أن الربطة بها جاتوه.. ولما تمشى سمية هناكل الجاتوه..
سمعته (سمية) وغضبت فكانت هذه الحلوى لا تتذوقها إلا نادرًا فى دعوات أعياد الميلاد. كانت تشتاق إلى قطعة جاتوه من تلك الربطة.. وانتظرت من صديقتها أن تجبر والدها على تقديم قطعة جاتوه لها فهو كان مطيعا لأوامر ابنته لكنها لم تفعل فزاد غضب (سمية) ولم تعد تذهب لتلعب معها وتباعدت العائلتان بانتقالهما من ذلك الحى.. وكانت سمية تلتقى ب (ميمى) أحيانا فى مناسبات عائلية لقاء الغرباء إلى أن اختفت منذ أكثر من شعرين عامًا.
ونسيت الطبيبة طفولتها وأقاربها البعيدين فى صراعها مع الحياة لتنال مكانة محترمة فيها.. ولم تدر مع مرور السنين أن قطعة جاتوه ستلتصق بالذاكرة.. وربما تلك الحادثة المركونة جعلتها تشترى جاتوه بأول مرتب تأخذه من عملها وتقيم حفلة!..
وتعجبت الطبيبة أنه بعد مرور السنين سيأتى إلى أذنها صوت والد ميمى: (لما تمشى سمية وحناكل الجاتوه.. كأنها تسمعه الآن.. قالت الطبيبة للمريضة على شروط الالتحاق بقسم علاج الإدمان.
وقبل أن تعود الطبيبة إلى بيتها ذهبت إلى حلوانى مشهور واشترت دستة جاتوه!