هؤلاء الذين يبدون نبوغًا فى مدارس القرى الصغيرة ويحلمون بالمدينة.. فرسان الأرض يحلمون وعيونهم مفتوحة فوق أسطح بيوتهم فى الصيف. فرسان الأرض يحصلون على شهادة إتمام الدراسة الثانوية يحملهم القطار الغازى للمدينة، ونصائح الآباء ألا يلتفتوا لسحر المدينة.. يتوجهون إلى منازل أقرباء حقيقيين أو بحكم جوار الأرض يتلقون نصائحهم ويوجهونهم إلى حيث يسكنون، أو يربونهم معهم ليكونوا فيما بعد أزواجا مخلصين لبنات العم والخال. بطلنا واحد من فرسان الأرض، فهم بذكائه الفطرى أن فتيات المدينة يملن إلى الشيء غير المألوف.. تقرب إليهن بلغته الريفية وسذاجته الطبيعية وكلماته التى يزوقها بالشعر. تعلق فارس الأرض بابنة من المدينة.. سهر الليالى يناجى خيالها نسى العلم ونظم الشعر! عندما تقدم خطوة من الحبيبة قالت له إننا صديقان لنعرف بعضنا أكثر إلى أن ننتهى من دراستنا، لم يعجبه قول بنت المدينة لو أنها كانت واحدة من بنات قريته المتطلعات لفرحت وخجلت ونظرت إلى أرض الأجداد وهى تقول أنا تحت أمرك. فرسان الأرض يذهبون فى الإجازات إلى أهلهم وأرضهم ويتعجلون مرور الأيام لقد ابتلوا بأشواق حياة المدينة. وبدأ بطلنا يتعود على حياتين، فى القرية يجد مكانة كبيرة وسط أهله فهو الحلم الذى يريدون تحقيقه، وفى المدينة ليست له مكانة بعد، وتائه وسط ناسها ومبانيها، فى بيت الطلبة خادم لنفسه وما يرسله الأب بالكاد يكفيه فهو لا يرسل له مالا كثيرا حتى لا يحتويه أبناء السوء.. والفتيات لا يحلمن به.. هو الذى يحلم به. فرسان الأرض ينتهون من دراستهم سريعا لا يتأخرون عاما ولا يرسبون فى الطريق ليس هناك وقت.. عندما يتثقفون يجدون الفتاة التى تناسب ثقافتهم لكنها لا تناسب تقاليدهم الموروثة. تناسب عواطفهم الجياشة لكنها لا تناسب حاجتهم إلى الزوجة الخدومة. واحتار بطلنا، بل أصابته صدمة عندما قالت الحبيبة إنها موافقة على الارتباط به بشرط أن تعمل كما يعمل خارج البيت ويعمل كما تعمل داخل البيت.. صرخ بطلنا «تعملين فى المحاماة كما أعمل وتقفين فى المحاكم.. وأغسل وأطبخ معك فى البيت هذا سخف». قالت: «أحببت المهنة وسأعمل بها.. تردد.. فتركته». ندرت زيارته للأهل ووجد عملا يساعده على حياة المدينة.. وجرب الجانب الآخر من الحب واستقل عن أقاربه فى حجرة صغيرة وفهم الأب فجاء مسرعا لا بد أن يتزوج الابن. فرسان الأرض يتزوجون فى سن صغيرة استجابة لرغبة الأهل وقد اهتدى الأهل إلى ابنة قريب لهم يعيش فى المدينة تعلمت تعليما بسيطا وأيضا جميلة واقتنع فارس الأرض بحجة الأهل وتزوج من القريبة ابنة الأرض اكتملت سعادة بطلنا فارس الأرض.. أصبح لديه عمل مرموق وبيت مستقر وثلاثة أطفال سيرثون الأرض. لكن اشتاق فارس الأرض للحب المجنون.. لقد تعود أن يعيش حياتين مختلفتين.. حياة فى القرية وحياة فى المدينة.. والآن حياة مع الزوجة وحياة مع العشيقة.. يتقن الحياتين.. يخلص للحياتين.. لكن المرأة التى تعيش معه فى الظل تمردت على حياتها معه.. والمرأة التى تعيش معه فى النور علمت بحياته الثانية فهرعت إلى الأهل. نصح الأهل الزوجة ألا تغضب وألا تتركه.. فهناك أطفال وأرض.. والرجل لن يخون الأرض فلا بد أن تكون معه فى البيت رائحة الأرض. وقال الناصحون للعشيقة.. لتحرص من فرسان الأرض فهم يجيدون كلمات العشق وأحيانا تثار هوايتهم القديمة فيقولون فيك الشعر.. يحبونك بعواطفهم المخزونة أو المحرومة يحبون حديثك الذى يملأ رءوسهم على شرط ألا تطرقى الأرض المحرمة.. أرض استقرارهم.. فارس الأرض لا يختار.. إنه يعود لأرضه مهما كانت علاقته بك يعود للزوجة والأبناء.. لكن ذلك الشيء الذى فى نفسه.. يعود ليؤرقه ويمت فارس الأرض إذا امتنع عن الغزو.. فيعود للغزو.