العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لأعضاء هيئة التدريس حتى نهاية يوليو المقبل    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    التعليم العالى: الوزارة أنفقت أكثر من 10 مليارات جنيه على التحول الرقمى    رئيس مركز المناخ يحذر من التعرض لأشعة الشمس للحفاظ على السلامة الشخصية    وزارة المالية: العاملون بالدولة يبدأوون بصرف مرتبات يونيو اليوم الأحد    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    جيش الاحتلال: رصدنا سقوط طائرتين مسيرتين شمال الجولان أطلقتا من جنوب لبنان    تحذير أممي من انهيار النظام الصحي في السودان    سفير مصر الأسبق بإسرائيل: مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة يضع كل طرف أمام مسئوليته    الجامعة العربية تعقد اجتماعا تشاوريا حول منتديات التعاون العربي الإقليمي    لجنة تخطيط الأهلي تجتمع مع كولر عصر اليوم.. اعرف السبب    بيدري: الإصابة أصبحت من الماضي.. ودي لا فوينتي شجعني في الأوقات الصعبة    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    تشاهدون اليوم.. تونس فى ضيافة ناميبيا بتصفيات إفريقيا للمونديال وفرنسا تستعد لليورو بمواجهة كندا    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    رئيس بعثة الحج الرسمية يتفقد أماكن إقامة حجاج القرعة بمكة المكرمة    تموين المنيا يضبط 89 مخالفة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    السكة الحديد تفتح باب حجز التذاكر على قطارات العيد الإضافية اليوم    تجديد حبس شقيقين قتلا جارهما بالسلام    تضمنت قائمة بأدلة الثبوت.. إرسال قضية سفاح التجمع إلى النائب العام    أجندة قصور الثقافة.. عروض لفرق الأقاليم المسرحية واحتفالات بيوم البيئة العالمي    في يومه العالمي.. كيف كان أرشيف الحضارة المصرية القديمة وأين يحفظ؟    صدمة لجمهور أفلام عيد الأضحى.. الأطفال لن تشاهد تلك الأفلام (التفاصيل كاملة)    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    فى ذكرى رحيله.. عبدالله محمود شارك عمالقة الفن خلال رحلة فنية قصيرة    وزارة الصحة: نستهدف رفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    رفع 3 رايات على شواطئ الإسكندرية بسبب الأمواج اليوم.. اعرف التفاصيل    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الشركة القابضة المصرية الكويتية تعلن عودة الغاز إلى مصانع الأسمدة التابعة    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    حنان ترك تتصدر التريند بسبب ابنتها.. ما القصة؟    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرح الفلسطينى «مقاومة جمالية.. وطنية.. إنسانية»
نشر في صباح الخير يوم 30 - 01 - 2019


بقلم: تحسين يقين
باحث وناقد
يصعب الحديث عن المسرح بمعزل عما حدث لفلسطين على مدار قرن، فهو فن ارتبط بقضية شعب تبعثرعلى الجغرافيا، فى تجمعات متعددة، فى فلسطين وأماكن اللجوء والشتات، ولعل ذلك منح المسرح خصوصية ما وإبداعا.
مائة عام من الاحتلال، وحروب مستمرة على البشر والحجر والشجر أيضا، وما بين الحرب والحرب الأخرى، كان الفن والأدب حاضرا، يصور ويحتج ويقاوم، إصرار وتحدٍّ يستمر سنوات طويلة، ويزداد الأثر ويصير أعمق، ففى ظل ضيق الاحتلال، ثمة فضاءات مسرحية عالمية أكثر اتساعًا.
من جديد لا يمكن عزل المسرح فى سياق كولينا لى، حيث ما قام بإبداعه المسرحيون من أساليب رمزية، من خلال الجسد والسينوجرافيا، وباقى عناصر المقاومة، يشكل فيها الجسد الدور المركزى المعبر عن الحركة الشعبية، والجدير بالذكر ما تلا العروض المسرحية فى كثير من الأحيان من مواجهات ضد الاحتلال فى القدس فى فترة السبعينيات والثمانينيات، مما دفع الاحتلال لإغلاق المسارح، كون المسرح لم يعد حياديا، بل أصبح مشاركا فى الصراع.
البدايات قبل عام 1948
عرفت فلسطين الفن المسرحى فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر من خلال عدة محاولات لها قيمتها التاريخية برزت وارتقت فى مطلع القرن العشرين، خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى حين نشطت المدارس فى تقديم المسرحيات، خاصة المسرحيات الوطنية والتاريخية.
مكانيا وزمانيا، ارتبطت نشأة المسرح فى فلسطين بنشأته فى الوطن العربى ككل خاصة فى مصر وسوريا ولبنان، وأى دارس لتاريخ المسرح الفلسطينى لا يستطيع أن ينكر دور الفرق المصرية والشامية والأجنبية التى زارت فلسطين بين أعوام 1920-1930، أمثال فرقة جورج أبيض والريحانى وعلى الكسار، كما قامت عدد من الفرق الأجنبية بتقديم مسرحيات شكسبير وموليير؛ ما دفع بعض الشبان الفلسطينيين إلى تأسيس فرق تمثيلية فى العديد من المدن، وأثّرت كذلك الجمعيات والنوادى ومحطة الإذاعة الفلسطينية والصحف والمطابع بشكل أو بآخر على الاهتمام بالمسرح فى تلك الفترة.
برز كتاب ومخرجون فلسطينيون أمثال خليل بيدس وأنطوان الجميل وفرح أنطوان، واشتهرت مسرحياتهم «وفاء العرب»، و«طارق بن زياد»، و«صلاح الدين الأيوبى»، التى قُدّمت فى القدس وعدد من المدن الفلسطينية فى العام 1914، وقام «نادى المنتدى الأدبى» عام 1915 بتمثيل رواية «صلاح الدين الأيوبى» لمؤلفها فرح أنطون فى «قهوة المعارف» بباب الخليل وبعد ذلك قامت الفرقة بتمثيل رواية «لصوص الغاب» للكاتب والفيلسوف الألمانى نيتشه.
من الأسماء التى كان لها إسهام كبير خليل بيدس مؤسس صحيفة «النفائس» والشيخ محمد الصالح مؤسس مدرسة «روضة المعارف الوطنية»، والأديب محمد عزت دروزة صاحب رواية «وفود النعمان على كسرى أنو شروان» التى طبعت فى بيروت عام 1911، والتى تعتبر من أولى المسرحيات الفلسطينية المؤلفة، وقد حولت هذه الرواية إلى مسرحية قام بتمثيلها طلاب مدرسة «النجاح الوطنية» فى نابلس عندما تولى دروزة إدارتها فى مطلع العشرينيات من القرن الماضى.
ويعتبر الكاتب الصحفى نجيب نصار، صاحب ومحررجريدة «الكرمل» الحيفاوية من أوائل كتاب المسرحية الفلسطينية، وقد وضع عام 1914 مسرحية «شيم العرب» وهى مسرحية فى أربعة فصول، تهدف إلى التعريف بمآثر ومفاخر الأدباء والأجداد، وتصف عاداتهم وتقاليدهم وتدعو الأجيال الجديدة إلى الأخذ بها وتمثلها فى سلوكهم اليومى، ووضع الكاتب الأديب بندلى صليبا الجوزى عددًا من المسرحيات استهلها عام 1915 وواصل تأليفها فى الأعوام اللاحقة.
فى أوائل العشرينيات من القرن الماضى برز اسم الأديب جميل البحرى صاحب ومحرر مجلة «الزهرة» الحيفاوية، كمؤلف مسرحى غزير الإنتاج؛ وتتناول مسرحياته مواضيع مختلفة. منها مسرحية «الوطن المحبوب» عام 1922، وغيرها.
بدأ العمل المسرحى ينتقل من العفوية والارتجال، إلى العمل المنظم والقريب من الاحتراف، فإلى جانب ترجمة وتقديم مسرحيات عالمية مثل مسرحية «هملت»، ترجمة وتعريب طانيوس عبده وإخراج جميل إلياس خورى، التى قدمتها فرقة «الكرمل» عام 1944، وشاركت التمثيل فيها النساء، بدأت عشرات الجمعيات والمنتديات والمدارس الوطنية والفرق المسرحية فى نشر هذا الفن وإعطائه هوية من خلال الموضوعات السياسية والاجتماعية والإنسانية التى تقدمها.
تأثر المسرحيون بقضايا المجتمع الفلسطينى «المصادرة والهجرة الصهيونية»، إنه مزيج من التضييق أيضا بسبب الرقابة، لكن ذلك لم يمنع من تطور هذا الفن ووجود المواضيع الإنسانية فيه.
«بين هزيمتين ما بين النكبة والنكسة 1948-1967»
مع ضياع الجزء الأكبر من فلسطين، ولجوء المثقفين والفنانين وتبعثرهم، تراجع الإنتاج الفنى نتيجة التشتت والانفصال، لكن ذلك لم يمنع من ظهور بعض المحاولات المسرحية، ومن الفرق التى انتشرت فى فلسطين بين عامى 1948 و1967 كانت فرق «بلالين» و«دبابيس»، و«المسرح الشعبى»، و«المسرح الحديث»، و«كشكول»، و«المسرح الحى»، وفرقة «المسرح الفلسطينى، وكتب كذلك برهان الدين عبوشى مسرحية «وطن الشهيد»، وكتب محمد حسن علاء الدين مسرحية شعرية فى أربعة فصول عن حياة وموت الشاعر «امرؤ القيس»، وكتب فى الاتجاه نفسه محيى الدين الحاج عيسى الصفدى مسرحية «كليب» وهى شعرية من خمسة فصول ،كذلك مسرحية تراث الآباء، وكانت هذه المسرحية ضد بيع الأراضى فى فلسطين لليهود.
من العوامل التى أثرت فى مرحلة 1948-1967 «النكبة» حيث عرقلت صعود نجم المسرح الفلسطينى، لكنها من جانب آخر راحت تغذى الذات الفلسطينية وتثير الإبداع، فقد احتل موضوع النكبة معظم الكتابات المسرحية.
اتجاهات المسرح الفلسطينى بعد 1994
من ناحية مهنية نزعم وقد كنا من المتابعين والشهود على حركة المسرح الفلسطينى بعد عام 1992، بدأ المسرح ينمو بتأثيرات مختلفة، منها التحررمن الرقابة الإسرائيلية، كذلك بالتفاعل مع المحيطين العربى والعالمى، بل تابع المسرحيون بحمل قضيتهم نحو خشبة المسارح فى كل مكان أمكنهم العرض عليه، وكان هناك توقع بتغيير على الأرض إلا أن الاحتلال ظل راسخا، لذلك تم تقديم مسرحيات: «جبابرة الأرض»، و«الجدارية»، و«زمن الأبرياء»، و«قصص تحت الاحتلال»، و«حفار القبور» وقد أنتجت الفرق المسرحية فى غزة مجموعة من المسرحيات، على سبيل المثال مسرحية «العنب الحامض» من إخراج خليل طافش، ومسرحية «السيد بيرفكت» من إخراج حسين الأسمر.
سمات
لعل الموضوع هو أهم ما فى مجال رصد وتحليل حركة المسرح الفلسطينى تحت الاحتلال، لسبب موضوعى له علاقة بالمسرح هنا كمقاومة جمالية ووطنية، وتنوعت موضوعات العروض ضمن محاور اللجوء، والتعرض للقتل والتشريد فى أماكن اللجوء، والاندماج،و من أبرز النماذج جسر إلى الأبد لغسان كنفانى وهبوط اضطرارى للمرحوم المخرج مازن غطاس، «بحلم فى بكرة» إخراج الفنان العائد فتحى عبد الرحمن، و«باب الشمس»، مونودراما عن رواية إلياس خورى، وهى تسجيل للنكبة. ومن المحاور أيضا كان محور الأسرى حيث قدمت «أنصار» مسرحية الأسرى فى الانتفاضة الأولى، و«أبو مرمر» مونودراما لمحمد البكرى، وهى تظهر طقوس الاعتقال والتأثير النفسى، وتظهر تاريخ اللجوء والنضال. كذلك محور الصراع وإشكالية الحلول ومن ابرز نماذجها «سيف ديمقليس»، نص ناظم حكمت، وإخراج مازن غطاس، إنتاج عام 1999 وهى تصور آلام الحرب، وضمير المحارب، باتجاه التنفير من الحرب، و«قصص زمن الخيول البيضاء» عن نص روائى لإبراهيم نصر الله، وإخراج فتحى عبد الرحمن، يتكئ على فترة الحكم العثمانى والاحتلال البريطانى، باتجاه المقاومة، إضافة لمحاور أخرى كالمحاسبة والمساءلة «العذراء والموت» و«الشهداء يعودون»، عن نص الجزائرى الطاهر وطار الشهداء يعودون هذا الأسبوع.
أخيرًا لعل الأحلام تتلخص فى الارتقاء بالفن المسرحى، فى سياق الارتقاء بوعى الشعب الفلسطينى فى سياق تحررى، لأن وجود المسرح نفسه هو وجود مقاتل إنسانيا ووطنيا، نزعم أن الفلسطينيين كانوا روادا كأفراد، فى ظل غياب المؤسسات بسبب الاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.