فن الكروشيه من الأعمال اليدوية التى تحتاج صبرا وجهدا كبيرين، ومن النادر جدًا أن نجد الآن صبيًا فى المرحلة الإعدادية يهوى هذا الفن ويتقن صناعة الدمى الصغيرة باحترافية وينجح فى التسويق لمنتجاته، ويحلم بمشروع خاص لصناعة وتسويق «الإميجرومى» ولا يتخلى عن حلمه فى أن يكون طبيبا. بطل القصة أحمد أسامة.. طالب فى الصف الثالث الإعدادى، بدأ شغفه بالكروشيه عندما كان طفلا يشاهد والدته وهى تصنع المشغولات اليدوية من الكروشيه، وانبهر بقدرتها على تحويل لفافة من الخيوط الملونة إلى مفرش للسفرة أو لكلوك للشتاء، وطلب منها أن تعلمه كيفية صنع الغرز ودمجها ببعضها البعض، ووجد الأمر صعبًا فى البداية، ولكنه أصر على الاستمرار واتقان فن الكروشيه. كانت كوفية ومقلمة أول ما صنع أحمد بيديه من الكروشيه، ويحكى عن ذلك بسعادة قائلا: «كنت سعيدا لأننى أصنع أشياء عديدة من الخيوط، وكنت أشعر أن بداخلى طاقات مختلفة تجاه هذا الفن، إلى أن طلبت منى شقيقتى أن أصنع لابنتها دمية من الكروشيه، ومن هنا بدأت قصة حبى «للأميجرومى» أو «دمى الكورشيه». وصف أحمد «الإيمجرومى» بأنه فن مشتق من الكروشيه ويعتمد عليه بشكل كبير، ولكنه مختلف عنه إلى حد ما؛ فحياكته تتم وفقًا لغرزة واحدة مع إبرة أدق بكثير من إبرة الكروشيه العادية، بحيث يظهر المجسم فى النهاية بغرز صغيرة ومنمقة ولا تحتوى على أى فراغات تبرز الفايبر الذى نحشو به الدمية. دمى اليوتيوب.. مش مهم اللغة يحكى أحمد: استعنت باليوتيوب فى البداية لتعلم تصنيع أول دمية من الكروشيه، ولم أجد أى فيديو باللغة العربية، ووجدت فيديو لسيدة إسبانية تصنع دمى الكروشيه بطريقة بسيطة وسهلة رغم عدم فهمى للغتها إلا أننى اتبعت خطواتها وتعلمت منها أساسيات فن «الإيمجرومى». أضاف: «توقفت فترة من الزمن لأننى لم أتمكن من استيعاب شرح أصحاب اللغات الأجنبية، إلى أن ساعدتنى صديقة شقيقتى فى الوصول إلى «نوتيلا أكاديمى»، وهى جروب على الفيس بوك ومثيل له على الواتس آب للسيدة زينب القاضى، تقوم بتعليم فن الإيمجرومى عبر كورسات أون لاين بمقابل مادى، وتنظم معارض للمتخرجين من الكورس وغيرهم ممن يتقنون هذا الفن. وهذه السيدة تعيش فى الكويت وتعلمنا صناعة الإيمجرومى خطوة بخطوة وقامت بتقسيم الكورس إلى 3 مراحل، أولها للمبتدئين والثانى لمن يتقنون الكروشيه ويريدون تعلم الإيمجرومى، والثالث لمن يريد احتراف صناعة دمى الكروشيه، وبدأت معها من المستوى الثانى فى مقابل 800 جنيه قمت بإرسالها لها على حسابها البنكى، أما المستوى الثالث فحصلت عليه مجانًا، لأننى تمكنت من صنع دمية كاملة بمفردى، ورشحت للمعرض التالى الذى تنظمه معلمتى وسوف أرسل لها دميتى الجديدة فى أقرب وقت». بيجامة بارتى وقال أحمد: «المعرض يبنى على فكرة معينة.. فمثلا العام الماضى كان المعرض بعنوان.. بيجامة بارتى.. أى يجب أن تكون الدمى ترتدى جميعها البيجامات.. وهذا العام ستكون الفكرة الرئيسية هى.. الجنيات.. أى أن كل الدمى سوف تملك جناحين». وعن طبيعة الدمى وصفها أحمد بأنها يجب أن تكون مملوءة بالفايبر وصلبة، وتفاصيل العين والفم يتم تطريزها بالخيط والإبرة بعد انتهاء الدمية تمامًا، والتطريز يسبب ألما شديدا فى يدى لأنه يتم بإبرة دقيقة للغاية، وفى أول عروس طرزتها كسرت 14 إبرة ومن الصعوبات التى تواجهنى، الحصول على الخامات لأنها مستوردة وليست متوفرة فى المحلات وأحيانًا أضطر للشراء «أون لاين» وهذا يكلف الكثير بالإضافة إلى أن درجات الألوان ليس من السهل الحصول عليها». وقال: «المميز فى عروس الإيمجرومى، هو أن صاحبها يملك عروسا صنعت خصيصًا له ولا يوجد مثيلتها فى العالم، بالإضافة إلى أنه يمكنه الاحتفاظ بها على مدى طويل جدا وآمنة للغاية على عكس العرائس البلاستيك أو القماش التى تصنع من مواد غير معروف مصدرها بالإضافة إلى سرعة تعرضها للكسر». أشار إلى أنه قرر بدء مشروعه الخاص فى صناعة دمى الكروشيه، ولا يقوم بصناعة نفس الدمية مرتين حتى لا يقتل الإبداع بداخله وحتى يكون لكل شخص دميته الخاصة، وقال: «آخر عروس صممتها كان طولها 30 سم ودعمتها بسلك داخلى عشان أقدرأحركها وأخليها تاخد أوضاع الجلوس أو أحرك يديها وحتى لا تشبه العرائس العادية». عروستى «على قدر التعب يكون الثمن» هكذا قال أحمد عندما سألناه عن سعر الدمية، لافتا إلى أن الدمية الواحدة تأخذ منه عملا من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الإجهاد البصرى واليدوى، وقال: «رغم أن خيوط الإيمجرومى ليست غالية للغاية إلا أن الدمية تباع بأسعار مرتفعة نتيجة المجهود المبذول بها بالإضافة إلى الاكسسوارات، فمثلًا إذا أراد الزبون شعرا حراريا لدميته فسوف يرتفع السعر للغاية لأن تكلفته تفوق الشعر العادى. ويتمنى أحمد أن يدرس الطب لأنه عاشق للعلوم وقال «أتمنى أن أصبح طبيبًا، ولكنى لن أترك فن الإيمجرومى مهما حدث.. فهى هوايتى التى أشغل بها أوقات فراغى ولن تؤثر على دراستى على الإطلاق».•