كيف تؤثر فكرة الشللية على العمل الثقافى.. وما مظاهرها فى قطاعات وزارة الثقافة وانعكاساتها على الأداء.. وهل للنمنم - كوزير - شلة يستعين بها، كما كان فاروق حسنى يفعل قبل ثورة يناير، أم أنه يعانى من قلة القيادات وضعفها الإدارى الملحوظ؟!.. نحن نعتز بحلمى النمنم ككاتب صحفى كبير، ومثقف وباحث، لكن أداءه كوزير خلال الفترة السابقة لم يحظ بإعجاب بعض المثقفين، ومؤخرا وبالتحديد بعد رحيل حسن خلاف الشهير ب«البوب» عن منصب رئيس قطاع مكتب الوزير، وعودة اللواء أسامة عمران إلى مكانه بحكم محكمة، بدا أن الوزير سينتفض ويستعيد قيمة ومكانة «الوزير». خطورة الشللية أنها تُضعف الأداء، لأنها تنطلق من مفهوم الاستعانة بأهل الثقة، وتُهيل التراب على أهل الخبرة، أفرادها يتحدون فى الهدف، ويكون - غالبا - الحفاظ على المكاسب الشخصية لأفراد الشلة، والموالين لهم.. فتنعدم المعايير والضوابط التى تحكم واقعنا الثقافى، فيظهر الانتهازيون والموالون الذين يتقربون من الشلة الحاكمة. فاروق حسنى الوزير الأسبق للثقافة طبق مفهوم الشلة فى الوزارة، وكان د. جابر عصفور أداته لجمع المثقفين فى الشلة، وكان مقرها المجلس الأعلى للثقافة، وعندما جاء عصفور للوزارة كانت له شلة أيضا منها الجيد ومنها السيئ. والسؤال الآن: هل النمنم له شلة يدير بها وزارته؟ وهل مازالت الشللية تسيطر على مفاصل وزارة الثقافة؟ الواقع يقول إن «حلمى النمنم» له شلة - على الأقل خلال الفترة السابقة - أعضاؤها هم أهل الثقة، يحركهم من موقع إلى موقع آخر، يقربهم حينا ويستبعدهم فى أحيان أخرى مستخدما لعبة (الكراسى الموسيقية). • اختيارات ينقل النمنم قيادات، وينتدب آخرين بدلاً منهم، خلال فترة وجيزة، ثم يطيح بهم، يقبل اعتذارهم أو يرفض التجديد لهم دون أسباب معلنة، فلا نعرف لماذا رحل الدكتور محمد أبوالفضل بدران عن رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، بعد مرور أقل من 4 أشهر وتحقيقه لنجاحات، وهل لأنه رجل النبوى الوزير السابق؟! وفى المجلس الأعلى للثقافة ظلت الدكتورة أمل الصبان، أمينا عامًّا للمجلس الأعلى للثقافة إلى أن أطيح بها بسبب مخالفات مالية وإدارية، وبعد الإطاحة بمحمد عبدالحافظ ناصف من رئاسة قصور الثقافة في نوفمبر 2015، كلفه الوزير بتولى منصب الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات بالأعلى للثقافة. وفى قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، أصدر النمنم قرارا بتكليف صديقه الدكتور أيمن عبدالهادى، الأستاذ بكلية الإعلام، جامعة القاهرة، برئاسة القطاع، وبعد عام رفض التجديد له، دون الكشف عن أسباب، وإن تردد وجود مخالفات بالقطاع رصدتها الأجهزة الرقابية، ولايزال المنصب خاليًا رغم أن الوزير أصدر قرارًا ل«حسام شكيب» الذى كان يشغل منصب قائم بأعمال رئيس قطاع مكتبه، بتوليه قائم بأعمال رئيس هذا القطاع، إلا أنه تراجع عنه. • مظاهر الشللية مظاهر الشلة والشللية تبدو واضحة فى هيئة قصور الثقافة - مثلا- وقت أن كان حسن خلاف فى منصبه رئيسا لقطاع مكتب وزير الثقافة - تعمل الشلة من خلاله، فكانوا أقوى من رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، أثناء رئاسة «د. سيد خطاب» لها، للدرجة التى لم يكن يستطيع اتخاذ أى قرار إلا بالرجوع لأفراد الشلة، ويُمثلها سكرتير مكتبه، ورئيس الإدارة المركزية لشئون مكتبه، وبعض الموالين لهم من مديرى العموم. وبعد جدل كبير يعين الوزير الشاعر أشرف عامر رئيسا للهيئة وإنهاء ندب صبرى سعيد من تسيير أعمال رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وعودته إلى قطاع العلاقات الثقافية الخارجية. ورغم علم الوزير أن أشرف يستعد للخروج إلى المعاش، أصر على اختياره، وقام بتعطيل قرار لجنة القيادات التى اختارت رئيس الهيئة من ضمن المتقدمين، وتنطبق عليه الشروط. عامر فاجأ الجميع فى أول قراراته باستبعاد «ع. ح» مديرة مكتبه والمعروفة فى الوزارة بالمرأة الحديدية وأحد المدعومين من خلاف الذى رحل عن المنصب ورحلت هى وراءه.. وهو الأمر الذى كان مبشرا ووجد صدى طيبا من المثقفين، وأصدر قراره بتولى الشاعر عزت إبراهيم، مديرًا لمكتب رئيس قصور الثقافة، وإلحاق محمود أنور من الدراسات والبحوث إلى مكتب رئيس الهيئة. ونتمنى من رئيس الهيئة الجديد أن يولى مشروع النشر اهتماما كبيرا خلال فترة توليه لأن تراجعا واضحا قد حدث فى هذا المشروع المهم. ورغم ما بدا مبشرا من رئيس الهيئة الجديد فإن هناك آراء من مثقفين مهمين تؤكد أن ما يحدث فى هيئة قصور الثقافة مظهر صارخ من مظاهر سيطرة الشلة، لأن مستندات فسادها على مكتب الوزير، وفى هيئة الرقابة الإدارية منذ شهور، ولم يتحرك أحد، سوى بإبعاد «حسن خلاف» عن موقعه. • شلة المجلس الأعلي وتظهر الشللية فى المجلس الأعلى للثقافة من خلال الاستعانة بأشخاص محددين للمشاركة فى تنظيم المؤتمرات والمشاركة فى الندوات، والطامة الكبرى فى جوائز الدولة وترشيح أعضاء اللجان لزملائهم للفوز بجوائز الدولة كما حدث فى الدورة الأخيرة بفوز عضوة بلجنة الشعر بجائزة الدولة التشجيعية! وانظر مثلا إلى ما يحدث من خلال لجان المجلس الأعلى للثقافة، وعلى رأسها «لجنة المسرح» نجد أعضاءها هم الذين ينظمون المهرجانات المسرحية (القومى - التجريبي) ويرشحون أنفسهم للعمل والإشراف، وإدارة أعمال تلك المهرجانات، وحين يستعينون بغيرهم، نراهم يستعينون بأفراد من الموالين، حتى وإن فقدوا الصلاحية! ومن الأخبار المفرحة التى حدثت داخل المجلس مؤخرا وتؤكد أن الأمور قد تتغير استبعاد «ى. ش» ابن فاروق حسنى المدلل وواحد من المقربين من شلته، من رئاسة الأمانة الفنية للجنة الدائمة للوظائف القيادية بوزارة الثقافة ليكون الأستاذ طارق رمضان ذكى مدير الإدارة العامة للتنظيم والإدارة رئيسا. • شلة هيئة الكتاب أما هيئة الكتاب فتتمثل الشللية فيها فى فرض أسماء بعينها فى تشكيل رئاسة تحرير السلاسل الأدبية والاختيار دون معايير وكذلك المشاركة فى ندوات معرض الكتاب. ويدور الحديث الآن عن الرجل القوى داخل الهيئة «ط. ع» الذى تمكن من الاقتراب من رئيس الهيئة وأطاح بالجميع وسط اعتراض من الموظفين والمثقفين العاملين. وفى قطاع الفنون التشكيلية أصبح المسيطر على القطاع الآن الفنان التشكيلى «إ. ا» بدلاً من الفنان «أ.ع»، وأصبحت الشلة التى تدير القطاع منذ سنوات منفذين لتوجيهاته، والعضد الأكبر له الآن هى «د. م» خريجة الآداب، والتى تم تعويضها عن فترة الاستبعاد من منصبها وقت الوزير جابر عصفور، لتتولى منصب الإدارة العامة لمراكز الفنون، لأن رئيس الإدارة المركزية باقٍ له أشهر للمعاش، وبعدها يتم تصعيدها رئيساً للإدارة المركزية لمراكز الفنون، وهو ما يجرى العمل على تنفيذه حالياً. وأفدح مثال حدث مؤخرا هو توظيف رئيس الإدارة المركزية لمراكز الفنون السابق «م. د» بعد إحالته للمعاش مؤخرا مصححا لغويا بمجلة الخيال، المتوقفة أصلا عن الصدور، وهو بالمناسبة خريج فنون جميلة! • فروق كثيرة ويقول الناقد الأدبى والمسرحى أحمد عبد الرازق أبو العلا: «لو أن الشلة جاءت لأسباب إبداعية، كما حدث من قبل فى الستينيات والسبعينيات، مع ظهور جماعتيِّ «إضاءة 77» و«أصوات» الشعريتين فى السبعينيات، و«جاليري» الأدبية، وجماعة «المحور» فى الفن التشكيلى، وغير ذلك من الجماعات، فإنها تعكس جانبًا إيجابيًا، لكون أفرادها يحملون فكرًا يريدون التعبير عنه، ومواجهة الواقع الثقافى به. نؤيد هذا الوجه الإيجابى، لكننا لسنا مع الوجه الآخر القبيح للشلة، فالعدالة الثقافية تتطلب انفتاحًا على الجميع، وليس انحيازًا لطائفة على حساب أخرى، أو أشخاص على حساب آخرين .. •