انخفاض أسعار الأسماك في سوق بورسعيد.. الفسيخ ب190 جنيها    ضياء رشوان: بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها لا يتبقى أمام نتنياهو إلا العودة بالأسرى    رئيس الزمالك السابق: فتيات أحمد مرتضى فعلوا المستحيل ليسعدوا جماهير الزمالك    روما يواجه يوفنتوس.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 5- 5- 2024 في الدوري الإيطالي    الأهلي يقرر تغريم أفشة 50 ألف جنيه    حسام عاشور: رفضت عرض الزمالك خوفا من جمهور الأهلي    تحسن حالة. الطقس اليوم والعظمى في القاهرة تسجل 28 درجة    عمرو أديب ل التجار: يا تبيع النهاردة وتنزل السعر يا تقعد وتستنى لما ينزل لوحده    انخفاض كبير الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 5 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    اليوم.. قطع المياه عن 5 مناطق في أسوان    مصطفى بكري: جريمة إبراهيم العرجاني هي دفاعه عن أمن بلاده    فضيحة تهز برلين، خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سرية عن 6 آلاف اجتماع للجيش الألماني    كاتب صحفي: نتوقع هجرة إجبارية للفلسطينيين بعد انتهاء حرب غزة    احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيجان الأمريكية    رئيس الحكومة الجزائرية يبحث مع أمين عام منظمة التعاون الإسلامي سبل الدفاع عن قضايا الأمة    البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    حزب العدل يشارك في احتفالات «الإنجيلية» بأعياد القيامة    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    محافظ الغربية يشهد قداس عيد القيامة بكنيسة مار جرجس في طنطا    حسب نتائج الدور الأول.. حتحوت يكشف سيناريوهات التأهل للبطولات الأفريقية    مختار مختار ينصح كولر بهذا الأمر قبل نهائي إفريقيا أمام الترجي    «تجارية الجيزة»: انخفاض أسعار الأجهزة الكهربائية بنسبة 30%    مصرع شاب غرقا أثناء الاستحمام بترعة في الغربية    إصابة 8 مواطنين في حريق منزل بسوهاج    رئيس قضايا الدولة من الكاتدرائية: مصر تظل رمزا للنسيج الواحد بمسلميها ومسيحييها    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    كريم فهمي يُعلق على ارتداء على معلول شارة قيادة نادي الأهلي: ليه كلنا فرحانين؟    مكياج هادئ.. زوجة ميسي تخطف الأنظار بإطلالة كلاسيكية أنيقة    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    "حب جديد هيدق بابك".. بشرى سارة لمواليد برج الجوزاء اليوم (توقعات الصعيد المهني والمادي)    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    احتدام المنافسة بانتخابات البرلمان الأوروبي.. الاشتراكيون في مواجهة تحالف المحافظين مع اليمين المتطرف    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل مع بريست في الدوري الفرنسي    رئيس جامعة دمنهور يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية السيدة العذراء    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن البحث على مقبرة نفرتيتي    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    إصابة 10 أشخاص فى أسيوط إثر انقلاب سيارة "تمناية"    "قطعتها على طريقة الجزارين".. اعترافات مثيرة لقاتلة الحاجة عائشة بالفيوم    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    ب 150 ألف مقدم.. تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل طرحها بأيام- (صور)    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    التحالف الوطني يكرم ذوي الهمم العاملين بالقطاعين العام والخاص بالأقصر    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام المسلح.. هل نحن مستعدون؟
نشر في صباح الخير يوم 15 - 08 - 2017

«إمام مثلى ومسجد ليبرالى فى ألمانيا تؤمُّ صلاته سيدة وتصطف النساء فيه بجانب الرجال حاسرات الشعر… ما المانع؟»، كان هذا موضوع جدال حلقة الأسبوع الماضى من برنامج «شباب- توك» على محطة موجة ألمانيا العربية أو DW Arabic كما نألف اسمها، ولكن هذه ليست بداية الموضوع ولا تمثل بالتأكيد نهايته.
لنرجع بالزمن إلى الوراء سريعاً للعام 1993 وبالتحديد لمقالة ثورية فى زمنها تحت عنوان «الحرب الإلكترونية قادمة» والتى صاغ من خلالها كاتباها مصطلح Netwar أو حرب الإنترنت التى تعنى وفقاً لهم «محاولة التشويش أو التعطيل أو التغيير لما يعلمه أو يعتقد أنه يعلمه مجتمع ما مستهدف». هذان الكاتبان واللذان عملا كمحللين عسكريين فى شركة الأبحاث الأمريكية «Rand Corporation» تنبآ فى مقالهما بأن مجتمعات بأكملها سوف تتصادم فى المستقبل القريب حيث تعاد تشكيل واستغلال المعلومات من خلال المنصات الإعلامية المستحدثة لتصبح أسلحة شديدة الوطأة.
والآن لنعد لحلقة البرنامج السابقة الذكر بالتحليل المبسط، ولكن قبلها سنتعرف على قليل من تفاصيلها لمن لا يود مشاهدتها. استضافت تلك الحلقة - بالإضافة لإحدى مؤسسى هذا المسجد «سيران أطيش» والإمام المثلى «لودفيك محمد زاهد» - كلاً من الشيخ «أحمد المالكى» عضو المكتب الفنى للمستشار القانونى لشيخ الأزهر، و«عبدالعظيم كموس» إمام وداعية فى برلين وأخيراً الشيخ «لطفى الشرندلى» عضو المركز الدولى لحوار الحضارات والأديان فى تونس. طوال الحلقة التى اتسمت عموماً بالهدوء الشكلى والتحضر أدار مقدم البرنامج الحوار وكأنه خلاف فكرى بسيط دون محاولة الوصول لاستنتاجات قاطعة، وعند أخذ الحساسية البالغة لهذا الموضوع بعين الاعتبار فقد تكوَّنَ لدى كمشاهد الانطباع الشخصى «الذى قد يُختلف عليه بالطبع» أنه أحد أمرين: أن يكون مقدم البرنامج ليس الشخص الأمثل لإدارة حوار بهذا التعقيد، أو أنه يعى بالضبط ما يفعل وأين يقاطع ضيوفه ليصل إلى النتيجة التى لخصها باعتقاده أن الموضوع «ما زال يحمل نقاشاً كثيراً واختلافاً فى الرأى كبيرًا، وبالتالى يتبقى الكثير من الحوار»، منهياً الحلقة بإعطاء الكلمة الأخيرة للسيدة سيران لتؤكد افتتاح مساجد أخرى على غرار المذكور فى دول أخرى، مدعية أنهم لا يهدفون بذلك إلى تحريف أو إهانة الإسلام وإنما الإشارة إلى أن هناك تعددية فى تأويل الإسلام.
لقد استطاع الشيخان أحمد وعبدالعظيم إدارة الحوار بشكل جيد، وكانا يقظين للتناقضات التى ظهرت أثناء الحوار وسلطا عليها الضوء كلما سنحت لهم الفرصة، ونستطيع أيضاً الثناء على الأزهر الشريف على اختيار ممثلهم حيث استطاع سريعاً التأقلم مع ضيق المساحة المخصصة له فى الكلام ليخرج من نمط الخطابة المعتاد لإيقاع أكثر سرعة ومباشرة فى الرد.
ولكن إذا اعتبرنا أن هذا أداء جيد فإن هنالك المزيد مما يمكن فعله، وهنا تأتى الصورة الأكثر شمولاً التى يناقشها هذا المقال، فالإشكالية الحقيقية هنا لا تتوقف عند عمل إعلامى محدد أو موضوع يمس معتقدات دينية فقط، بل تمتد لتشمل جميع المصالح الاجتماعية والاقتصادية والأيديولوجية لنا كمجتمع بكل أطيافه، فأى من تلك المكونات الرئيسة يمكن استهدافها بشكل منهجى فى وسائل الإعلام عابرة الحدود لتحقيق أهداف مختلفة، وفى عصر العولمة فإن سياسات الرقابة تفقد الكثير من فعاليتها، ففى مثالنا السابق فإن الخطر المباشر لتلك الأفكار لن يتوقف إذا لم نسمع عنها نحن فحسب، إذاً فكيف نواجه ما أصبح يُدْعى بالفعل بتسليح التواصل الاجتماعى وما سنسميه بالإعلام المسلح؟
لنبتعد مبدئياً عن مفاهيم الفرق الرقمية المأجورة التى توكل إليها مهام التأثير على المحيط العام على مواقع التواصل، فهى فى العموم أصلح لمهام الهدم منها للبناء، ولكن الحل الحقيقى المستدام يأتى من خلال منصات إعلامية قوية ومحترفة قادرة على الرد السريع والمؤثر، ثم فى المرحلة الثانية قادرة على استشعار المحيط العام واستباق الآخرين، بحيث لا نكون نحن الضيوف على تغطياتهم الإعلامية وإنما نصبح نحن الصناع للمشهد الإعلامى. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هؤلاء الآخرين ليسوا بالضرورة أعداء دائماً، فقناة DW فى مثالنا هذا قد لا تضمر فعلياً أى سوء من جراء تغطيتها، ولكن هكذا يعمل الإعلام حتى الموضوعى والمهنى منه فى كل مكان، إنه يلقى الضوء على ما هو مثير للجدل ليخلق حالة دائمة من المتابعة المستمرة متخطياً أحياناً الخط الرفيع للمسئولية المجتمعية. وعندما لا يكون لنا سيطرة على تلك المنصات الإعلامية فيجب علينا مجابهتها بمثلها، ويبدأ هذا الطريق بالمؤسسات الإعلامية ذات الملكية العامة للشعب وينتقل منها لإنشاء أذرع إعلامية ذات فاعلية حقيقية للمؤسسات الأخرى الاستراتيجية فى المجتمع.
هذا يعنى أن علينا التحرك سريعاً نحو التخلص من الجدال حول جدوى منصات الإعلام المملوكة للشعب والانتقال إلى كيفية تحويلها إلى منصات تصلح لمجابهات القرن الحادى والعشرين، وقد يكون ذلك من خلال تركيزها وتحديثها أو من خلال العديد من أساليب التطوير والهيكلة التى لا مجال لذكرها هنا. المهم أن تخرج لنا قادرة على الاستجابة السريعة وبالأخص فى العالم الرقمى حتى تسد ثغرات المحيط العام التى ينفذ منها الآخرون. أما كيف نستجيب فإجابة هذا السؤال يمكن استعارتها مباشرة من عالم الأعمال والذى طور خلال العقود الماضية العديد من الاستراتيجيات والتكتيكات التسويقية وتلك الخاصة بالعلاقات العامة والتى تُمكن الكيانات الاقتصادية العملاقة من مواجهة الأخطار الإعلامية، وهى الاستراتيجيات نفسها التى وظفها داعش عدو العالم الأكبر هذه الآونة لاستقطاب مؤيديه، فمن المؤكد أننا أولى بها منه لنواجهه والآخرين سواء.
مما سبق نخلص إلى أن توافر قدرات إنتاج إعلامية محترفة على أهبة الاستعداد لم يعد رفاهية تتحمل الانتظار بل يجب توافرها لدى جميع القطاعات الحيوية العامة منها والخاصة، وعندما تحقق النتائج المرجوة منها عليها الانتقال كما ذكرنا إلى الاستباق، وهنا يأتى دور البيانات الكبرى التى ذكرناها مراراً فى مقالات سابقة وهى باختصار محصلة كل تحركاتنا ومشاركاتنا فى العالم الرقمى والمتاحة للجميع، فإذا كنا قد سلطنا الضوء سابقاً على بعض سلبياتها فاليوم جاء دور إيجابياتها، فمن خلال تحليل الاتجاهات والمؤشرات التى تحملها تلك البيانات يمكن الاستدلال بشكل واقعى على توجهات الرأى العام وفصل المدخلات الغريبة مبكراً والعمل على تحييدها إعلامياً قبل أن تصل لمرحلة التأثير الفعال.
إن ما تحدثنا عنه فى هذا المقال ليس ضرباً من الخيال، فإذا أتتكم الفرصة فلتبحثوا على الإنترنت تحت عنوانى «weaponized social media» و«Cyberwar Is Coming» وإذا ما وجدتم أن الولايات المتحدة الأمريكية بكل منصات إعلامها الفائقة الفاعلية تخشى تأثير حروب الإعلام الرقمى على وجه الخصوص على مجتمعاتها وتناقش بشكل جدى كيفية تطوير تدابير مضادة أكثر سرعة وحداثة، فإننا يجدر بنا أن نأخذ الأمر بنفس الجدية حتى لا تمر علينا عناوين عديدة على شاكلة الذى بدأنا به المقال دون أن يكون لنا قدرة على استجابة فعالة تحفظ لنا مصالحنا المستدامة وتحمى أساسات مجتمعاتنا الرئيسة من الزلزلة. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.