لحظة خاصة.. حين يقرر لاعب كرة القدم أن يكتب الفصل الأخير من قصة كفاحه معلنا تركه البساط الأخضر.. وإسدال الستار على تاريخ حافل بالانتصارات والإخفاقات. تلك اللحظة التى تسقط فيها دموع اللاعب وجمهوره معا.. حين يعتزل لاعب كرة القدم لا مجال للرجعة لأنه غالبا ما يكون التقدم فى السن هو السبب الرئيسي.. ولكن يحاول بعض النجوم رفض الاعتراف بطبيعة الجسم البشرى فيصبح الصدام وشيكا مع الجمهور أو مع اللوحة التى رسمها اللاعب فى شبابه وما حققه من إنجازات. وشهدت كرة القدم حالات خاصة من اعتزال أساطير اللعبة فى العصر الحديث بداية من باولو مالدينى نجم الميلان وستيفان جيرارد أيقونة ليفربول وزين الدين زيدان مع ريال مدريد وتشافى هيرنانديز مع برشلونة وديفيد بيكهام مع فريق سان جيرمان الفرنسى وقبلها مسيرة خاصة فى مانشستر يونايتد وريال مدريد، فضلا عن أندريا بيرلو وديل بييرو مع يوفنتوس الإيطالي. فجميع هذه الحالات سقطت فيها دموع اللاعب وجمهور ناديه حزنا على فقدانه، فأغلبهم حاول الاستمرار لكنه فشل بسبب انهيار قدرته البدنية. وحتى وإن قرر بعض النجوم ترك أوروبا للذهاب إلى الخليج أو الولاياتالمتحدةالأمريكية أو الصين فإنها تبدو مرحلة ما قبل التقاعد التى يعلم فيها الجمهور أن مسيرته الحقيقية قد انتهت. مقاعد البدلاء و«الاعتزال» هو فن جديد من فنون كرة القدم يلعب القرار فيه دورا محوريا فى اتخاذه، فالكثير من النجوم يحاولون الرحيل وهم فى قمة مجدهم مثل محمد أبو تريكة أو محمد بركات أو فيليب لام مدافع ألمانيا الذى رفع كأس العالم بالبرازيل عام 2014 وقرر الاعتزال الدولى فجميعهم طالب الجمهور باستمرارهم لكنهم رفضوا بشكل قاطع. ولكن تبقى الأزمة التاريخية بأن يصبح النجم عبئا على فريقه فتخشى الإدارة إغلاق باب النادى فى وجهه بينما لا يشارك أساسيا بسبب وجود لاعب أفضل منه قادر على أداء المطلوب منه فى الملعب والالتزام بتعليمات المدرب وقبل كل ذلك قدرته على لعب 90 دقيقة كاملة. ويصبح النجم فى حالة من الشتات فالجمهور ينساه تدريجيا بينما يظل هو يجلس على مقاعد البدلاء منتظرا اللعب فى الدقائق الأخيرة بعد أن تكون المباراة باتت شبه محسومة. وعانى نجوم مثل عماد متعب فى الأهلى من بعض الانتقادات بسبب مطالبة البعض له بالاعتزال حتى خرج نجم الأهلى السابق مصطفى يونس ليطالبه بالاعتزال صراحة على الهواء.. ولكن هتافات الجمهور له تؤكد أنه لا يزال مطلوبا، خاصة أنه بات من الأسماء المرتبطة باللحظات القاتلة، ففى الكثير من المباريات، ومنذ أسابيع كانت هناك حالة فى إيطاليا هى فرانشيسكو توتى حيث قرر الاعتزال بسن ال40 وقبلها لجأت الإدارة إلى إصدار تصريحات عبر مسئولين بناديه روما تؤكد أنه سيعتزل فى محاولة أشبه بقطع الطريق أمامه كى لا يفاجئ النجم الإيطالى الجميع ويقرر الاستمرار لفترة جديدة.. فاللاعب هو أسطورة النادى بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكنه قرر الاعتزال فى مشهد كان جنائزيا بعد الدموع التى انهمرت من الجمهور الذين لا يصدق بعضهم أنه لن يشاهد اللاعب فى الأولمبيكو فى العام المقبل مثلما اعتاد منذ سنوات. • كفاية يا حازم وفى الزمالك قرر النجم حازم إمام الاعتزال بعدما سمع هتافات «كفاية يا حازم» من المدرجات، لكن يبقى اسم النجم الخلوق محفورا فى ذاكرة مصر والقلعة البيضاء.. لاسيما أن من كان فى المدرجات قد لا يمثل كل جمهور الأبيض لأن اللاعب هو بمثابة الرمز لناديه. ويمثل أحمد حسن نجم المنتخب المصرى السابق حالة جديدة من التضارب فى قرار الاعتزال بعدما شعر أن مسيرته انتهت فى الأهلى واتخذ قراره بالذهاب إلى النادى المنافس معتقدا أنه قد يكمل مشواره مع المنتخب المصري، ولكن تبدد الأمل واتضح أن رفض إنهاء مسيرته فى الجزيرة كلفه الكثير، خاصة أنه أبعده عن المشاركة فى العمل داخل قطاعات الناشئين أو فى المناصب الإدارية بالقلعة الحمراء. وبينما تتعدد الأسباب للاعتزال يبقى عدم الانضباط داخل الملعب سببا فى الوصول المبكر إلى قرار الاعتزال مثل السهر حتى فترات متأخرة من اليوم والانحراف فى السلوك مثل البرازيلى رونالدينيو ودييجو أرماندو مارادونا وهناك الكثير من الأمثلة فى الكرة المصرية كانت صفحات الحوادث بالصحف والبرامج شاهدة عليها. • رافض الاعتزال ويأتى عصام الحضرى حارس مرمى مصر على رأس قائمة اللاعبين الرافضين للاعتزال طالما أنه قادر على العطاء ورغم أنه يبلغ من العمر 44 عاما فإنه يحافظ على أداء التدريبات وتطوير نفسه وإحلال الخبرة كبديل لعامل التقدم فى العمر.. فالعمر بالنسبة للحضرى مجرد رقم وكان تألقه فى كأس الأمم الأفريقية الأخيرة بالجابون أكبر دلالة على قدرته على الاستمرار فى الملعب بينما لعب مركزه كحارس مرمى عاملا فى بقائه بحيث لا يقوم بأداء تدريبات مكثفة مثل بقية اللاعبين. • الوقت المناسب ومن جانبه أكد ياسر ريان مدافع الأهلى السابق أن أهم عامل فى قرار الاعتزال هو التوقيت، فيجب أن يختار اللاعب الوقت المناسب لذلك، ففى الوقت الذى يشعر فيه اللاعب بأنه فى قمة عطائه عليه أن يقرر الاعتزال طالما تقدم فى السن حتى ولو طالبه الجمهور بالبقاء داخل البساط الأخضر. وهناك الكثير من الأمثلة داخل النادى الأهلى مثل محمد أبو تريكة ومحمد بركات ووائل جمعة وسيد معوض وجميعهم قرروا إنهاء مسيرتهم وهم قادرون على العطاء. واستكمل ريان حديثه بأن الجمهور لن يحتمل اللاعب الذى تقدم فى السن وأصبح غير قادر على العطاء خاصة فى مركز الظهير لأنه كلما تقدم فى السن قلت سرعته بينما تحتاج مثل هذه المراكز إلى سرعة كبيرة لأداء المهام الهجومية والدفاعية على حد سواء عكس قلب الدفاع أو لاعب الوسط، ومن جهته أكد وائل القبانى نجم نادى الزمالك أن استراتيجية السوق قادرة على إنهاء مسيرة أى لاعب إجباريا، فاللاعب الذى تقدم فى السن وتراجع مستواه سيظل يتدرج من أندية كبيرة إلى أقل فى الاسم والمستوى حتى يصل إلى مرحلة سيصبح استمراره مجرد إهانة لاسمه وتاريخه ويضطر فى النهاية لاتخاذ قرار ترك الملعب ولكن بعد أن يكون قد خسر الكثير. وأوضح القبانى أن المجاملات فى مثل هذه الحالات لن تجدى كثيرا وقد تتسبب فى مشاكل كثيرة، لذا فعلى اللاعب الذى يشعر أنه غير قادر على اللعب بسبب السن أن يترك الملعب ويعترف بالآثار التى تركها الزمن على جسده ويترك مكانه إلى من يستحق ويكتفى بما قدمه. •