دهشة كبيرة من قرار وزير الزراعة استئناف استيراد اللحوم من البرازيل، رغم المخاوف التى انتابت الكثير من دول العالم بسبب فضيحة الرشوة والتهاون فى تطبيق اشتراطات الذبح التى جاءت من الداخل. أغرب ما جاء فى فضيحة البرازيل أنها جاءت من الداخل فلم تعلن أى من الدول المستوردة أن هناك شيئا غامضا سواء فى اللحوم أو المعلومات الملصقة على المنتجات بأنها غير صحيحة بل جرى مداهمة مراكز تبريد اللحوم من الشرطة بعد التأكد من وجود مخالفات ورشوة للمفتشين الحكوميين. ولم تكترث الشرطة بما سيجرى تداوله حول العالم من تدنى سمعة اللحوم البرازيلية، بينما تبيع صادرات للعالم من اللحوم الحمراء والبيضاء بنحو عشرة مليارات دولار تذهب إلى 150 دولة حول العالم. واستوردت مصر بحسب أرقام صادرة من شبكة بلومبرج الإخبارية 164 ألف طن فى عام 2016 من البرازيل «لحوم حمراء» فقط، وهو ما يشكل أكثر من نصف احتياجاتها من اللحوم المجمدة التى تصل تقريبا إلى 250 ألف طن سنويا حيث أصبحنا ثالث أكبر دولة فى العالم تستورد من البرازيل، حيث نحصل على 12.6 من إجمالى صادراتها من اللحوم الحمراء بعد الصين وهونج كونج. • فضيحة عالمية داهم أكثر من 1000 شرطى 195 موقعا تابعا لشركات ومصانع اللحوم فى البرازيل الأسبوع قبل الماضى بعدما حصلوا على أدلة دامغة تفيد بوجود مخالفات ورشوة وجرى إيقاف 33 مفتشا عن العمل وسط تأكيدات بأن بعضهم حصل على أموال من أجل منح تصاريح سلامة للحوم غير صالحة للاستخدام الآدمى.. بينما جرى غلق ثلاثة مصانع للحوم والتحقيق مع قيادات 18 مصنعا أخرى بسبب اتهامات بالرشوة ووجود مخالفات تتعلق بسلامة اللحوم بسبب تمرير لحوم ملوثة بالسالمونيلا وإضافة حمض السوربيك إلى اللحوم من أجل إزالة الروائح الكريهة عنها نتيجة فسادها بنسب غير مسموح بها. وهزت الفضيحة العالم وعلى الفور أوقف الكثير من الدول التعامل مع البرازيل فى مجال اللحوم والدواجن لحين اتضاح الحقيقة وحتى بعدما عادت الصين وهى السوق الكبرى للحوم البرازيلية إلى استئناف الاستيراد فإنها وضعت ضوابط واضحة وهى عدم استقبال أى لحوم من المصانع المتورطة فى الفضيحة سواء التى جرى إغلاقها أو التى تخضع للتحقيق أو أى لحوم ممهورة بتوقيع مفتشين تحوم حولهم الشبهات فى البرازيل هناك. وفى مصر جرى إيقاف استيراد اللحوم ثلاثة أيام فقط بعدها قرر وزير الزراعة استئنافه دون أن يوضح الأسباب الحقيقية لأى إجراء منهما تاركا الأمر للتخمينات. • مخاوف كبيرة وترددت أنباء بأن المصانع والمجازر فى البرازيل عادة لا تلتزم باشتراطات الذبح السليم خاصة فى مجال استخدام الصدمة قبل الذبح من أجل تخفيف الألم على الحيوان أو الطائر المذبوح. وقد تكون المراكز التى يجرى التعامل معها للتأكد من أن هذه اللحوم «حلال» مجرد حبر على ورق إذا ما جرى الكشف عن أن بعض اللحوم أو الدواجن قد ماتت قبل عملية الذبح. وهناك عدة أساليب مختلفة لإحداث الصدمة للحيوان أو الطائر سواء بصعقه بالكهرباء بشحنة خفيفة تسبب له صدمة أو باستخدام «مسدس» يطلق رصاصة بلاستيكية أو صلبة تتسبب فى شعوره بالدوار لفترة ويجب أن يفيق بعدها إذا لم يتم الذبح.. ولكن فى بعض الأحيان يتسبب ذلك فى وفاة الأبقار إذا ما كانت الصدمة عنيفة أو الشحنة الكهربائية زائدة عن المسموح به ويجرى ذبح الحيوان بعد ذلك. وإذا ما مات الحيوان قبل الذبح فإنه عادة لا يكون صالحا للاستخدام الآدمى وبالتالى فوجود فريق طبى مصرى مشرف على الذبح سيدفع المصانع والمجازر إلى الحذر بدلا من حالات التساهل التى تسببت فى وقوع الفساد فى البرازيل. ويجب ذبح الحيوان وهو حى لأنه إذا مات يحتبس الدم فى الأنسجة مما يعرض اللحوم لأن تكون بيئة خصبة للأمراض أو البكتيريا أو الفيروسات التى قد يصل بعضها إلى الإنسان عن طريق تناول الطعام. وكلما تشددت الرقابة على المصانع والمجازر يجرى الحرص فى اتباع اشتراطات السلامة من المصدر كى لا 0يخسر سوقا استيرادية مهمة مثلما حدث فى البرازيل، حيث تدفع الحكومة حاليا الثمن غاليا بسبب مداهمة الشرطة لمراكز الذبح وتجهيز وتبريد اللحوم. ويميل الكثير من الدول إلى استيراد اللحوم والدواجن من البرازيل نظرا لجودتها، إضافة إلى ثمنها الرخيص الذى لا يمكن مقارنته بالدول الأوروبية وهو ما يزيد من الطلب عليها. • مخاطر جسيمة من جهته، أكد الدكتور شعبان درويش الخبير البيطرى أنه يجب التأكد من النزف الكامل للحيوان خلال عملية الذبح بحيث يخرج الدم من الأنسجة والخلايا إلى الخارج ويتبقى فقط اللحم. وأوضح درويش أن وجود دماء داخل اللحم يؤكد أن الحيوان أو الطائر لم يجر ذبحه بالطريقة السليمة أو لم يحدث نزف كامل وبالتالى تصبح اللحوم غير صالحة للاستخدام الآدمى. ولفت درويش إلى أن تلوث اللحوم بالسالمونيلا قد ينتقل إلى الإنسان وقد ينتج عنه الإصابة بالإسهال من الدرجتين الأولى والثانية وقد يمتد إلى درجات متقدمة من التسمم الغذائى. واستكمل درويش حديثه بأنه يشترط فى الوسائل المتبعة للموت الرحيم بالحيوان ألا تؤدى إلى نفوقه قبل ذبحه، حيث تستخدم التزاما باشتراطات الرفق به من المنظمات العالمية. وأوضح درويش أن مصر تعانى أزمة حقيقية فى اللحوم البلدية حيث وصل سعرها إلى 150 جنيها بينما يجب الاستيراد من أجل مواكبة معدلات الاستهلاك ويجب الصبر على اللحوم الحية البتلو حتى تتحول إلى «كندوز» ويجرى طرحها فى الأسواق من أجل خفض الاسعار تدريجيا. • تحذير وشدد درويش على ضرورة الحذر من اللحوم المجمدة المضاف إليها «حمض السوربيك» والذى يزيل الرائحة الكريهة من اللحوم لأنه بمجرد صدور مثل هذه الرائحة فإن البكتيريا قد بدأت فى بث سمومها داخل اللحوم وهو ما يعرف باسم «العفن» لاسيما أن اللحوم نفسها يجرى تجميدها حتى 40 درجة تحت الصفر كى تتوغل البرودة داخل الأنسجة ويجرى حفظها ولا يمكن معها أن تتجمد مثل هذه الأحماض. وفى نفس السياق، أكد الدكتور حسن شفيق رئيس الإدارة المركزية للمجازر السابق بالهيئة العامة للخدمات البيطرية أن هناك اشتراطات للسلامة داخل المصنع تتعلق بالنظافة داخل مكان الذبح وإعداد اللحوم، إضافة إلى ضرورة أن يكون الحيوان نفسه سليما سواء من خلال الكشف الظاهرى عليه أو الفحص المعملى. وأوضح شفيق أن المعامل المصرية قادرة على اكتشاف اللحوم المصابة سواء بالكشف الظاهرى عليها أو تحليل الميكروبات والبكتريا والفيروسات التى تجرى عليها. •