يؤكد دائما السيناريست خالد دياب أن فيلمه إنسانى وليس سياسياً، الفيلم الذى أحدث ضجة كبيرة وسط تباين الكثير من الآراء بداية من إعلان عرضه فى قسم «نظرة ما» فى الدورة ال 69 لمهرجان «كان» بعد عدم استطاعتنا المشاركة لسنوات طويلة. عن الاتهامات التى طالت الفيلم والهجوم الذى شنه البعض عليه دون أن يشاهدوه.. تحدث معنا دياب وكيف استقبل هذا الهجوم وسر اختياره لفترة أحداث الفيلم. • فى البداية حدثنا عن فكرة الفيلم؟ - لكى تقدم فكرة درامية جيدة لابد أن تحتوى على صراع بين الشخصيات، فَلَو تخيلنا أن فى حجرة واحدة يجلس اثنان ضد بعضهما أو كارهان لبعضهما فمن هنا بدأت فكرة عربة الترحيلات، إننا نجمع فصائل مختلفة داخلها، بالإضافة إلى أنه يوجد بها ميزة ذكية أنها تتحرك وبالتالى يوجد تنوع بصرى طوال الوقت، وهى فكرة درامية بحتة، وعندما عرضتها على محمد دياب أعجب بها خاصة أنها تناقش موضوعا إنسانيا وتحمل رسالة خاصة للإنسانية. • لماذا قررت أن تكتب عن فترة ما بعد 30 يونيو وعزل الرئيس السابق محمد مرسى؟ الفيلم يتحدث عن الاستقطاب وهذه الفترة كان هناك استقطاب جنونى من طرف الإخوان المسلمين الذى كان ينتمى لهم وكان يرى نفسه فى مكانة أعلى والإسلاميين والسلفيين والمتطرفين دينيا فى مكان وباقى الشعب فى مكان آخر، ولكن بعد 30 يونيو وعزل محمد مرسى أصبح المنتمون للجماعة ينتظرون رجوع مرسى وأصبح هناك استقطاب آخر من قبل النظام الجديد، ففى ذلك الوقت كان لدينا «موجب وسالب» أو «زيت ونار» هذا الجو يخلق منه أفضل دراما، واشتباك هو سرد للانقسام والانشقاق والاستقطاب المدمر ونعرض خلال الأحداث مراحل الاستقطاب داخل جماعة الإخوان، والفيلم يعتبر من داخل الحدث لأننا أنا ومحمد دياب شاركنا فى أحداث 25 يناير و30 يونيو. • ماذا عن ردّك على اعتقاد البعض أن الفيلم متعاطف بشكل كبير مع جماعة الإخوان المسلمين؟ هذا الكلام عارٍ تماما عن الصحة، فقد عرض الفيلم فكرة عن هدم التنظيم الإخوانى من خلال الشخصيات داخل الفيلم منها علاقة اثنتين أخوات تنتميان إلى الجماعة وكيف أن الأخ يبدى أخاه الإخوانى عن أخيه من والده ووالدته، فنحن نقول إن التنظيم الإخوانى فكرة بشعة لأنها تهدم صلة الدم، فكيف يقال عن الفيلم هذا الكلام، أنا أتمنى من الناس قبل الإدلاء بآرائها مشاهدة الفيلم أولا وبعد ذلك يتم الحكم عليه، ولكى أثبت للجميع مدى الاحتفاء بالعمل فهو يعرض فى مصر فى 35 دار عرض فقط وفى فرنسا فى 200 دار عرض. • حدثنا عن مشاركة الفيلم فى مهرجان «كان» وهل كنت تتوقع كل هذا الاحتفاء به؟ بعد كتابة الفيلم أرسلناه إلى فرنسا للحصول على منحة خاصة تقدمها وزارة الثقافة هناك وحصلنا على الجائزة وقدرت ب 2 مليون جنيه فهذا كان دليلا على جودة الإسكريبت وحصلنا بعد ذلك على منحة من سان فرانسيسكو لتطوير السيناريو وبالفعل سافر محمد وقام بتطوير الإسكريبت ومعهم حصلنا على منحة أخرى من قناة أرتيه، فأصبح هناك مؤشر كبير أن الفيلم سيكون جيدا إلى جانب أن الجرائد الفرنسية كتبت قبل تصوير الفيلم تقول إن 50 فيلما ينتظرها العالم فى 2016، ورئيس مهرجان «كان»، كان ينتظر الفيلم لأنه كان عضوا فى اللجنة التى أعطت المنحة لنا. • كيف استقبلت هجوم التليفزيون المصرى عليكم؟ بالتأكيد استقبلنا ذلك أنا وفريق العمل بحزن شديد، فنحن سافرنا لكى نمثل مصر فى أهم مهرجانات العالم ونكتشف أن تليفزيون الدولة «يطعنا فى ضهرنا» ويتساءل كيف أن فيلما مصريا يشارك فى كان وأننا غير قادرين على تقديم أفلام تشارك فى المهرجان، وقد تصدى المبدعون والمتخصصون لهذا التشويه لسمعتنا لمجرد أن هناك إعلاميين يريدون أن يكسبوا بنطا على حسابنا وبالتالى فالدولة تصدق هذا الكلام وتهاجم مبدعيها الذين قدموا فيلما ليست له علاقة بالسياسة. • هناك مشهد داخل الفيلم وهو لقناص فى إحدى المظاهرات يقوم بضرب النار على الشرطة من أعلى عمارات هذه المنطقة وتقبض عليه الثانية، هل تريد أن توصل أن الداخلية مؤسسة انتقامية وليست قانونية؟ لا بالتأكيد، الذى أقصده من هذا المشهد أنا بقول إن العنف بيولد العنف، فهناك قناص قتل أحد ضباط الشرطة رد الفعل أن الشرطة ستضربه وتقتله فهذا شىء بديهى وطبيعى، فهذا المشهد بالتحديد يكشف خطوات صناعة العنف عند الشرطة وكذلك خطوات صناعة العنف لدى الجماعات المتطرفة، وهو كيف يصبح الإخوانى إرهابيا!! كيف يصبح الضابط عنيفا، والإجابة عندما يقتل أصدقاؤه، فأثناء العنف ننسى القوانين. • حدثنا عن نهاية الفيلم التى كانت صادمة وتصارع الجميع على البقاء؟ النهاية تتحدث ببساطة شديدة عن أن عربة الترحيلات تذهب إلى مظاهرات مجهولة لا معروف أنها مع الإخوان أم ضدهم، وكل من داخل السيارة أدرك أن لو كل منهما ذهب إلى مظاهراته فى ظل هذه الهيستريا سيقتلون داخلها، فالهيستريا والاستقطاب سيقتل الجميع. • رسالة توم هانكس • كيف قرأت رسالة توم هانكس عن اشتباك، ولماذا تم نشرها بعد حصول محمد دياب عليها بفترة؟ كان لابد أن نستأذنه لكى ينشرها محمد دياب على الفيس بوك لأنها رسالة شخصية وبالتأكيد هى فخر لنا، ممثل عالمى يشاهد فيلما مصريا ويشيد به، ومضمون الرسالة هى أنه شاهد مصر بشكل مختلف عن الذى يقدمه الإعلام فقد أعطى لنا لمحه إنسانية عنها وجعلنا ندعو ونصلى لها وقد جمل لنا شكل مصر ولم يشوهها. • هل تتفق مع مضمون رسالة توم هانكس بأن الإعلام هو الذى يشوه صورة مصر فى الخارج؟ عندما يتهم الإعلام الرسمى «اشتباك» بأنه طالما شارك فى «كان» يصبح فيلما ممولا وهذه كلمة هنا سيئة السمعة وأن مصر ليست لديها مواهب ولا مبدعين، فالإعلام الرسمى الذى هاجم الفيلم بمنتهى العنف هو الذى يشوهه. • لماذا انسحب موزع الفيلم من توزيعه قبل عرضه فى السينمات؟ لأول مرة يحدث فى التاريخ أن موزع فيلم ينسحب من توزيعه قبل عرضه بأربعة أيام فقط وقام بحرب شعواء على الفيلم، والمفترض أنه قبل نزول الفيلم بشهر يقوم بتوزيع البوسترات على السينمات وهذا لم يحدث حتى لم تعرض فى السينمات التى يملكها. • حرب من نوع جديد • فى رأيك هل تم الضغط عليه من جهات معينة؟ بالتأكيد، فالذى حدث منه موقف غير شريف لأية أسباب لا أستطيع أن أجزم بها، فلدينا شواهد تؤدى إلى نتائج إعلام مصرى يهاجم الفيلم والدولة لا تنفى ولا تدافع وبيمثل مصر فى أهم مهرجان فى العالم وهناك سينمات لديها الأفيش ولا تعرض الفيلم.. فى حرب من نوع جديد إذا تم منع الفيلم رقابيا فستكون فضيحة دولية، فاتبعوا سياسة جديدة وهى أننا لا نمنع الفيلم ولكن نقتله بشكل آخر وهو عرضه فى السينمات ويرفع منها بعد يومين فقط بحجة أن الجمهور لم يدخل الفيلم. • هل أصابك كل الذى حدث قبل وعرض الفيلم بالإحباط؟ بالتأكيد أحبطنى، فنجاح الفيلم فى مصر شىء آخر بالنسبة لنا عن نجاحه فى أى مكان فى العالم، والحمد لله الفيلم نجح رغما عن الجميع والجمهور شاهده ونحن صناعه داعمنا الفيلم ولم نتركه وحضرناه مع الجمهور فى السينمات. •