جامعة الإسكندرية تتألق في 18 تخصصًا فرعيًا بتصنيف QS العالمي 2024    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2024    القاصد يشهد اللقاء التعريفي لبرامج هيئة فولبرايت مصر للباحثين بجامعة المنوفية    وزير الأوقاف: إن كانت الناس لا تراك فيكفيك أن الله يراك    مع ارتفاعه عالميًا.. تعرف على أسعار الذهب اليوم في مصر    على مدار 4 أيام.. فصل التيار الكهربائي عن 34 منطقة ببني سويف الأسبوع المقبل    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    بعد ال 700 جنيه زيادة.. كم تكلفة تجديد رخصة السيارة الملاكي 3 سنوات؟    «تعليم الأقصر» يحصد المركز الخامس ببطولة الجمهورية للسباحة    توقف العمليات في مطار دبي الدولي مؤقتاً بسبب عاصفة شديدة    الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال يجبر العائلات في بيت حانون على النزوح تحت تهديد السلاح    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    الأهلي يتوج ببرونزية السوبر الإفريقي لسيدات كرة اليد    رئيس ريال مدريد يرد على ماكرون بشأن مبابي    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    غدا.. انطلاق بطولة الجمهورية للاسكواش في نادي مدينتي    السجن 10 أعوام لمتهمة بالشروع في قتل ابن زوجها في الإسكندرية    حالة الطقس غدًا.. أجواء حارة ورياح مثيرة للرمال والأتربة تعيق الرؤية    الملابس الداخلية ممنوعة.. شواطئ الغردقة تقر غرامة فورية 100 جنيه للمخالفين    إيرادات الأفلام..«شقو» يواصل صدارة شباك التذاكر.. والحريفة في المركز الأخير    مصطفى كامل يوضح أسباب إقرار الرسوم النسبية الجديدة على الفرق والمطربين    الأوبرا تحيي ذكرى الأبنودي وصلاح جاهين بالإسكندرية    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    ترقية 24 عضوًا بهيئة التدريس وتعيين 7 مُعلمين بجامعة طنطا    فى ذكرى ميلاده.. تعرف على 6 أعمال غنى فيها عمار الشريعي بصوته    وزير الصحة: 700 مليون جنيه تكلفة الخطة الوقائية لمرضى الهيموفيليا على نفقة التأمين الصحي    هل يحصل على البراءة؟.. فيديو يفجر مفاجأة عن مصير قات ل حبيبة الشماع    "بعد السوبر هاتريك".. بالمر: أشكر تشيلسي على منحي فرصة التألق    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    الطب البيطرى بالجيزة يشن حملات تفتيشية على أسواق الأسماك    مؤتمر كين: ندرك مدى خطورة أرسنال.. وتعلمنا دروس لقاء الذهاب    ضبط خاطف الهواتف المحمولة من المواطنين بعابدين    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    يعود بعد غياب.. تفاصيل حفل ماهر زين في مصر    وزارة الأوقاف تنشر بيانا بتحسين أحوال الأئمة المعينين منذ عام 2014    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    ضبط 7 آلاف قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة شروط تعاقد خلال 24 ساعة    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    اقتراح برغبة حول تصدير العقارات المصرية لجذب الاستثمارات وتوفير النقد الأجنبي    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    موعد مباراة سيدات يد الأهلى أمام بطل الكونغو لحسم برونزية السوبر الأفريقى    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار والعواصف وصواعق البرق فى باكستان ل 41 قتيلا    برلماني يطالب بمراجعة اشتراطات مشاركة القطاع الخاص في منظومة التأمين الصحي    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    بالتزامن مع تغيير الفصول.. طرق الحفاظ على صحة العيون    بعد تصديق الرئيس، 5 حقوق وإعفاءات للمسنين فى القانون الجديد    الصين تؤكد على ضرورة حل القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    الرئيس الصيني يدعو إلى تعزيز التعاون مع ألمانيا    ننشر قواعد التقديم للطلاب الجدد في المدارس المصرية اليابانية 2025    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    دعاء ليلة الزواج لمنع السحر والحسد.. «حصنوا أنفسكم»    أحمد كريمة: تعاطي المسكرات بكافة أنواعها حرام شرعاً    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياة النخبة فى بيوت الملح
نشر في صباح الخير يوم 01 - 12 - 2015

كان مخططى زيارة ألمانيا فقط لإنجاز بعض المهام فى مدينة هامبورج والالتقاء بأصدقائى والاستجمام فى ريفها الساحر. ثم تحولت الزيارة الى جولة لأكثر من بلد داخل الاتحاد الأوروبى. بدأت بألمانيا وانتهت بإيطاليا وبينهما زيارة سريعة لهولندا مروراً ببلجيكا. لألتقى مباشرة ببلاد ظللت لفترة طويلة أتواصل معها معلوماتياً.. أدهشنى النظام المحكم لمدنها، كما سحرتنى طبيعتها الريفية، أما التنزه فى الغابات فكان له النصيب الأكبر.
بداية ليست فقط الأماكن التى أزورها هى متعتى الوحيدة، بل إن ركوب الطائرات والتحليق فى السماء يمثل لى متعة كبيرة فى حد ذاته. فما أن أبدأ أطفو بحرية فوق كل شيء، وأشاهد العالم يبتعد حتى أشعر بروحى تسبح فى ملكوت كبير، وما أن تبدأ الطائرة فى الهبوط لينتهى معه حلم جميل عشته بوجدان كامل فى الفضاء الالهى. وكم كنت سعيدة لأنه فى هذه الرحلة فقط ركبت الطائرة ما يزيد على 6 مرات.
وصلت مطار هامبورج فى السادسة صباحاً على متن الخطوط الجوية التركية، وكان تخطيطه الهندسى معشقًا بمساحات خضراء كبيرة ليكون بداية معبرة عن جمال المدينة. وجدت صديقاتى فى انتظارى وفور خروجى من المطار صدمنى جو هامبورج شديد البرودة بأمطاره الغزيرة!! خاصه أنى سافرت إليها وتركت القاهرة تحترق من ارتفاع درجة الحرارة. ورغم علمى المسبق بشأن الطقس البارد صيفاً فى هامبورج، إلا أنى لم أتوقعه بهذه القسوة ولم أصطحب ملابس ثقيلة لإعطائى الشعور الكافى بالدفء. ولتخطى هذا الواقع اضطررت للركض مسرعة نحو باب السيارة لأختبئ فيها. لتبقى هذه هى مشكلتى الرئيسية التى صاحبتنى طيلة الرحلة (احساسى الشديد بالبرد). ويرجع طقس هامبورج لطبيعتها الخاصة نظراً لوقوعها فى شمال ألمانيا على مقربة من دول إسكندنافيا، فقلما تشهد ارتفاعاً كبيراً فى درجات الحرارة حتى فى عز الصيف.
استقللنا سيارتنا الخاصة متوجهين مباشرة إلى وجهتى الأولى وهى ريف هامبورج، خاصة نحو فندق شنيدة هاوس (Schnedhaus) وهو فندق لا يمكن الوصول له إلا باستقلال سيارة خاصة أو أجرة نظراً لوقوعه فى منطقة منعزلة من الريف نفسه وسط الغابات، على بعد 40 كم تقريبا من هامبورج فى وادي(Luhetal) على حافة هيث لونيبورغ، التى تعتبر محمية طبيعية للحيوانات البرية. وجاء اختيار صديقتى الألمانية له لجمال موقعه واحتفالاً بزفاف اثنين من أصدقائنا فيه.
بدأنا طريقنا ورغم إجهاد الرحلة لطول فترة الترانزيت فى مطار تركيا ورغبتى الشديدة فى النوم، فإن روعة ما شاهدته فى طريقى أصابتنى بما يشبه «الإفاقة البصرية» شعرت أن الطبيعة تقتحمنى من كل حدبٍ وصوبٍ، فالأشجار مرصوفة بهندسة ربانية راقية على مساحات خضراء كبيرة والطرق واسعة جدا جدا سواء السريعة أو حتى الداخلية ويستحيل معها حدوث أى زحام. ولم أتوان عن سؤال صديقاتى عن الطبيعة والمبانى وتدوين الإجابات فى أجندتى الصغيرة. وطبيعى أن هامبورج حصلت على لقب عاصمة أوروبا الخضراء عام 2012 فهى تتميز بالمساحات الخضراء الكثيرة التى تنتشر فى كل أرجائها والتى خولتها بالتأكيد للفوز بهذا اللقب.
• شنيدة هاوس
عندما شرفنا على الوصول إلى الفندق شاهدت انتشار المساحات الخضراء بشكل أكبر على امتداد العين والبصر. فكان الطريق إليه مفروشاً بالأشجار العالية جدا ذات اللون الأخضر النضر والأزهار الملونة تتمايل بانسجام تام مع نسمات الهواء البارد. وما إن رأيت الفندق حتى وقعت فى غرامه، فألوانه مشرقة (الأخضر والبرتقالي) استمدها من الطبيعة حوله وبناؤه فريد يمزج بين الطابع التقليدى بالحديث. كما أن موقعه متميز وخلاب، فالغابات المختلطة هى محيطه الطبيعى وتنتشر حوله الجداول الصغيرة والبرك والمروج المفتوحة الواسعة. تتوسط حديقته الكبرى المدخل الأساسى له، ورغم إرهاقى الشديد من رحلة الوصول فإنى لم أستطع المقاومة حتى بدأت أتفقده.
للفندق بهو مركزى على طابقين ذو سقف زجاجى بديع مزين برسومات على طراز الفن الحديث يسمح بدخول أشعة الشمس نهاراً وتكتمل شاعرية المكان بالمدفأة التى تتوسط البهو لإشعال النار وإعطاء جو دافئ حميم مع وجود بيانو للراغبين فى العزف، ترتبط غرف الطابق الأرضى الأربع بأبواب منزلقة ويمكن استخدامها منفردة أو مجتمعة، وكلها مطلة على حدائق الفندق والطبيعة حوله بحوائط زجاجية مع 150 مترًا مربعًا شرفة كبيرة تدعوك للجلوس فيها ومشاهدة الطبيعة. من درج البهو الواسع المؤدى إلى غرف نوم الطابق الأول والثانى صعدت إلى غرفتى بالطابق الأول.
بعد استراحة قصيرة جدا حيث إنى خصصت للنوم وقتًا بسيطًا فى رحلتى فلا يجوز له هنا أن يطول. تركت غرفتى والتقيت صديقاتى وكان لقائى بهن تنوعًا ثقافيًا آخر فمنهن الألمانية والهولندية والفرنسية واللبنانية. انطلقنا سيراً على الأقدام خارج الفندق لاستكشاف الحياة هناك والطبيعة الخضراء. دخلنا فى دهاليز الغابات المحيطة به بطرقها الطويلة على امتداد البصر فضلاً عن المساحات الخضراء الشاسعة التى تجعل للهواء رائحة متميزة جداً، سحرت كلياً عندما وقعت عينى عليها وسحبتنى معها إلى آفاق من الحرية والبراح النفسى أطلقت معها خيالى إلى عنان السماء لتجديد طاقتى الإبداعية دون أن يعيق بصرى حوائط خرسانية تحد منها. فالطبيعة هناك أشبه بلوحه تشكيلية إلهية نابضة باللون والضوء معاً. وهما عنصران يشكلان لغة كونية تنطق بالحياة تكتشف معها أن للحياة معنى آخر عميقًا مستترًا فيها وتمنح المكان سحراً تصعب مقاومة جماله. واكتمل جمال الصورة بوجود مزارع كبيرة للخيل على مسافات ليست بعيده، فالفروسية من أهم الرياضات التى تتميز بها ألمانيا، وكانت أول مفارقة معرفة أنهم يطعمون الخيل فاكهة «التفاح» التى يكثر شجرها هناك كما أنها متاحة للجميع مجاناً!!
ولأن الطبيعة من العوامل التى تثير قريحة المبدع وتحثه على الإبداع، فلا غرابة أن شعوب هذه البلاد تتمتع ببشرة صافية نضرة وعقول يقظة بتفكير سلس، فبالتأكيد تساعدهم الطبيعة على الاستقرار النفسى. وهذا ما أكدته صديقتى الألمانية بأن التمشية وسط الطبيعة مع أخذ نفس عميق وشرب الكثير من الماء هو العلاج الوحيد لكثير من الحالات هنا، فالدكتور لا يصف الدواء إلا للحالات الحرجة أو المزمنة فقط ولا يتم صرفه إلا بروشتة طبيب. أما المفارقة الثانية عندما أكملت حديثها بأن العلاج بالمضاد الحيوى من الممنوعات وإذا وجب يتم تحديد الجرعة وأخذها داخل المستشفى فقط حفاظاً على صحة جهاز المناعة!!! وهنا انفجرت ضاحكة معللة أننا نشتريه من الصيدلية كما نشترى اللبان من السوبر ماركت.. استمتعنا كثيراً بالنزهة وأطلقنا الضحكات العالية ولأنى من عشاق التصوير فقد التقطنا الكثير لتوثيق ذكرياتنا فى هذا المكان المميز. وما أن حدثت فى أول يوم حتى أدمنتها لمدة أسبوع كامل. وإن تكاسلت صديقاتى أذهب وحيدة، أصحو فى السادسة صباحاً وآخذ طريقى داخل الغابات وأعود للفندق وقت تناول الفطور فى تمام التاسعة، ثلاث ساعات أقضيها يومياً فى أحضان الطبيعة فى دورة مكثفة لغسيل نظرى وتصفية ذهنى ووجدانى بالكامل. ذات مرة وأنا أتنزه وحيدة وبعد أن توغلت كثيراً داخل الغابة كان الصمت الرهيب يخيم على المكان وكعادتى شاردة بذهنى مع طول الطريق أمامى إلى ما لا نهاية لأفيق فجأة على أصوات مريبة تشعرنى بالخوف برهة والتشويق لمعرفة نهاية هذه المغامرة برهة، بدأت أنظر فوقى لأتأكد أن هذه الأصوات صادرة عن تجاوب الشجر العالى مع الهواء. فيهدأ بالى قليلاً ثم تعود وتساورنى الشكوك مع إصدار أصوات مختلفة. إلى أن بدأت ألتفت حولى فى جميع الاتجاهات وحيدة وسط الغابة كأنى جزء من فيلم أجنبى رعب، وما إن رأيت غزالة رشيقة تقفز بخطوات كبيرة حتى أيقنت أنى توغلت فى الغابة وصولاً إلى وجود حياه برية فى هذه المنطقة وفوراً اتخذت قرارى بالرجوع لأدراجى مرة أخرى مع إحساسى بنشوة ومتعة كبيرين.
لم تكن التمشية وسط الغابة هى المغامرة الوحيدة فى المكان لكن عربات التخييم والخيم التى يوفرها لك الفندق زادت من متعته وأضافت للوجبات اليومية مذاقًا خاصًا، فيمكنك نتاول وجبتك داخل الفندق أو خارجة بالخيم المنصوبة فى الحديقة. وبالطبع كنت أتناول وجبتى داخل الخيمة الشفافة لأستمتع بالمنظر المحيط، وعن نفسى كان يؤرقنى وجود الكثير جدا من النحل حولنا أثناء تناول الطعام خارج الفندق فالسكريات والطعام المحلى كانا عنصرين جاذبين له خاصة أننا فى منطقة ريفية. فى البداية قمت بتغيير مقعدى أكثر من مرة هروباً منه لأجده فى كل مكان فبدأت بالبحث عن أى شيء لأضربه، وما إن نظرت أمامى حتى وجدت كل المحيطين يتعاملون مع الوضع ببساطة شديدة مكتفين فقط بالتلويح بأيديهم وإبعاده عنهم موقنين بحقه فى التواجد، وحقيقة أدهشنى التحامهم مع الطبيعة!! فما كان منى إلا أن استسلمت لها وفعلت مثلهم.
لم يتوقف المطر الغزير يوماً نهاراً أو ليلاً فالطقس فى هذه البقعة غريب جدا وتجتمع فيه الفصول الأربعة فى اليوم الواحد وربما فى ساعة واحدة، إلى أن جاء يوم نادر مشمس كأن الشمس أشرقت فيه صدفة أو ضلت طريقها، وتوقف فيه المطر كأن الطقس يحتفل معنا باستقبال أصدقائنا العروسين. أقيم الحفل نهاراً فى حديقة الفندق. واستكمالا لفضل الطبيعة عليهم فهى تعد فى احتفالاتهم «لوكيشن ممتاز» للتصوير ومساحة كبيرة لدعوة أكبر عدد وبأقل تكلفة.
عندما لاحظت والدة صديقتى الألمانية وهى من النازلين الدائمين فى الفندق إعجابى الشديد به أطلعتنى ونحن جالسون بعد العشاء أمام المدفأة على معلومة مهمة تخص تاريخه وهى أن هذا الفندق الهادئ المخصص للاستجمام كان يوما ما أحد ممتلكات «هتلر النازي»!! وكان يخصصه كمكان لالتقاء الرجال بالنساء لإنتاج أطفال ألمان شريطة أن يكون الأبوان ذا جنسية ألمانية صافية غير مكتسبة أو مهجنة بجنسية أخرى لضمان إنتاج أطفال ألمان صافيين، فهو على حد قولها كان مهووسًا بالحفاظ على الجنس الألمانى وتكاثره. أما الآن فتملكه إحدى الجمعيات الأهلية التى قامت بشرائه وعمل تغيير شامل فى ديكوراته الداخلية والخارجية تضمن تغيير المساحات والألوان الكئيبة إلى أخرى مبهجة، وخصصته كمنزل للمناسبات الجماعية سواء الخاصة كحفلات زفاف أو العملية كتنظيم مؤتمرات.
• قرية بيوت الملح
هكذا انقضى أسبوع كامل لا يُنسى وسط الطبيعة بفندق شنيدة هاوس فى استجمام تام بين التمشية فى الغابة والتخييم وركوب الدراجات والجلوس وسط الخضرة إلى أن قررنا قضاء العطلة الأسبوعية فى قرية بيوت الملح Salzhausen قبل الذهاب إلى مدينة هامبورج. القرية تقع شمال مقاطعة «هيث ونيبورغ» فى ولاية «سكسونيا السفلي»، وتبعد حوالى 35 كم من هامبورج. وسميت القرية بهذا الاسم نسبة إلى اشتغال أهلها قديما بصناعة الملح. ذهبنا إليها بالسيارة الخاصة واستغرقت الرحلة من الفندق وصولا إليها حوالى 10 دقائق. تجولنا فيها بالسيارة ووجدت أن لها أيضا سحرًا خاصًا فهى من أجمل القرى التى رأيتها فى حياتى والتى لا يضاهيها فى جمالها وتخطيطها أرقى المدن هنا. بيوتها وفنادقها اتخذت من اللون البنى بدرجاته رمزاً لها، سقوفها منخفضة مكسوة بالقش ومكونة من ثلاثة أدوار بالكثير دور أرضى ودور أول وثانٍ.. قرية هادئة جدا ويغلب عليها الطابع البسيط رغم كثرة المحال التجارية والمطاعم والفنادق بها. معترف بها وطنيا كمنتجع صحى وعبر الغابات والمروج والحقول تعتبر مثالية للتنزه والمشى وركوب الدراجات والتجديف ورياضات عدة. يقام بها يوم الجمعة سوق أسبوعية للمنتجات المحلية الإقليمية..
يهيمن على منظر القرية البرج الدائرى لكنيسة «القديس يوحنا» فهو رمز مهم من الرموز الأثرية للقرية بلونه الأزرق وبنيانه المخروطى الذى يبلغ سمكة 2.5 متر. عند دخولنا للكنيسة كان واضحاً أن تاريخ بنائها بالكامل يعود إلى عصور عدة، حيث أن «المذبح، البرج ومخرن الغلال» يظهر فيها بوضوح ثراء الطرز المعمارية المختلفة. تزين من الداخل بلوحات تمثل السيد المسيح وتلاميذه والعديد من الأنبياء. ويمكن زيارتها طوال الأسبوع ما عدا يوم الاثنين.. بعد انتهائنا من زيارة الكنيسة وعلى الشارع المقابل لها تناولنا الغداء فى مطعم فندق (Josthos) وهو من أرقى وأغلى المطاعم بالقرية والأعلى تقييماً بينها، به مأكولات محلية مع لمسة فرنسية فاخرة تناولنا منها أصنافًا لذيذة جداً وفى حياتى لم آكل البطاطا بهذا الطعم الرائع كما تناولت طبق سلطة كبير جداً ولأول مرة «السوشي» بعد أن تأكدت أنه من أطيب الأكلات، وبعد التحلية وشرب العصير أكثر من مرة مع الإطلالة المميزة للمطعم الموجود بحديقة الفندق المطلة على شوارع القرية فضلاً عن الخدمة الرائعة كلفتنا الوجبة 12 يورو للفرد.
داخل القرية تجد أن كل المحلات التجارية والأسطبلات والفنادق موجهة لرياضة النخبة وهى الفروسية أو ركوب الخيل. لذا ذهبنا إلى حديقة ومركز الفروسية Luhmuhlen الواقع على نهر لوخه (Luhe) وللأسف لم نتمكن من امتطاء الخيل فذلك مسموح لأعضاء المركز فقط لذا اكتفينا بالزيارة والمشاهدة والاستمتاع بروعة وجمال المكان وتصوير الخيل. يعد المركز من أهم مراكز الفروسية فى أوروبا وتخرج منه كثير من أبطال دورات الألعاب الأوليمبية ويجتمع فيه نخبة الفارسين بالقارة الأوروبية كما ينظم مسابقات بشكل دورى ويقدم دورات فى كل عطلة أسبوعية. وفى عام 2010 أنفق 11 مليون يورو لعمل تجديدات.
وفق ميولى ودراستى الفنية لم أنس البحث عن حديقة النحت(Skulptu park) الموجودة فى منطقة (luneburger)على جبل (Paaschberg) وتعتبر مثالاً حيًا لمعرض النحت المفتوح. تتراص فيها الأعمال النحتية وسط الخضرة فى الهواء الطلق. وكان من الرائع معرفة أن المادة أو الخامة الجيدة للنحت هنا يتم اختيارها من أشجار الحديقة نفسها التى يتعين قطعها. ويكتمل نشاط الحديقة بإقامة ندوة النحت الدولية السنوية لعرض نتاج العام بعد أن يتم اختيار 12 فنانًا من القرية وفنان واحد فقط من خارجها ويتم إقامة أتيليه ومرافق مؤقتة لهم، وبعد الانتهاء تعرض القطعة الفنية فى مكانها فى الحديقة، أيضا من فعاليات الندوة مناقشة الأنشطة الفنية لتقوية وتعزيز ثقافة الفنانين فى الفن العام والمعاصر على وجه الحدود ومساعدتهم على تطوير أفكارهم الفنية. تكمن ذروة جمال الحديقة فى برج المراقبة (Luhetal) الذى صعدناه على ارتفاع 17 مترًا وتمكنت من مشاهدة أروع منظر بانورامى للوادى بأكمله. ليكون هذا هو مشهد الختام الذى ودعت معه جمال وهدوء الريف متجهة إلى هامبورج المدينة. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.