على مدى شهور طويلة عرضت «صباح الخير» لجهود الكثير من المبادرات لتغيير واقع مجتمعها فى الكثير من محافظات مصر فى بابها الأسبوعى «نحن هنا».. وبقى دائما ما يؤرق أعضاء هذه المبادرات هو الخوف من التوقف وعدم الاستمرار، والبحث عن دعم للتمويل ولاستمرار العمل، وصعوبة العمل مع الجهات المختلفة، والحاجة لمن يحل هذه المشكلات. تحكى نورهان عبد المنعم عضو مبادرة «ورقة وقلم» كيف شاركت فى حلقات نقاش فى وزارة التضامن عن المشكلات التى تقابل المتطوعين فى المبادرات خاصة مع دور الايتام ولكن الأمر لم يسفر عن شيء، ولهذا تؤكد حاجة المبادرات لكيان منظم لديه خطة واضحة للاستفادة من طاقة الشباب المتطوعين والتنسيق مع الحكومة والإعلام لأن الناس تتشجع فى المشاركة بالمبادرات عندما يُعلن عن نجاح جهود التنسيق والعمل الجماعى الذى يكمل بعضه بعضاً وهو الدور الذى ما زال مفقوداً.. وتؤيد هالة عبد القادر المديرة التنفيذية للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة التى تتبنى مبادرة «عايزين نتجوز صح» وغيرها، الحاجة لكيان مستقل يرعى ويدعم المبادرات المختلفة ولكنها تؤكد ألا يكون هذا الكيان حكومياً.. تأييد هالة يأتى من خبرتها فى العمل فى ائتلافات نوعية صغيرة، منها على سبيل المثال «ائتلاف مناهضة العنف ضد المرأة» الذى ترى أن أثره كان سيصبح أكبر لو تبناه كيان كبير وطبق على نطاق أوسع، فالكثير من المبادرات المحدودة لا تحقق نتائج ملموسة على المدى البعيد.. وتشرح: «كيان يشجع كل مبادرة على تطوير نفسها وفى نفس الوقت يتيح لها الاستفادة من خبرات الآخرين، كيان يفصل بين الدور الحكومى وما بين الجمعيات الأهلية والمبادرات، لأن ما يحدث الآن أن الكثير من الوزارات تستدعى المجتمع المدنى للعمل معها، ثم تريد أن تنسب هذا الجهد إلى نفسها لتضع نفسها فى دائرة الضوء، وتنسى دورها الأساسى». • من يقيم المبادرات تامر طه رئيس مبادرة «يمكن» يؤكد الحاجة إلى كيان أو جهاز مسئول عن المبادرات الموجودة على أرض الواقع، تكون مهمته إجراء مسح لهذه المبادرات كلها وتقييم أدائها، ويقترح على الوزارات والهيئات الحكومية التعاون معها حسب التخصصات، ويخول له تخصيص نسبة من موزانة الدولة لدعم هذه المبادرات، ولكن بعد تقييم عملها والتأكد من قدرتها على تنفيذ المطلوب منها فلا يكفى «التعاون العشوائى» بين المبادرات ووزارات الشباب والرياضة وأكاديمية البحث العلمى أو غيرها دون وجود رأس محرك. وتحكى د. حنان موسى، مدير عام ثقافة المرأة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، تجربتها فى المبادرات التى قامت بها بمفردها بعيداً عن أى دعم حكومى لتؤكد أنها محدودة التأثير، لكن عندما تتبناها الهيئة العامة لقصور الثقافة أو وزارة الثقافة - حتى لو كان بدعم معنوى وليس ماديا - يتغير الأمر. لكنها ترى أنه فى بعض الأحيان يكون دعم وزارة واحدة لمبادرة ما غير كاف للتنفيذ، وهنا تأتى الحاجة لكيان أكبر. تضرب المثل بمبادرة فكرت فيها لصنع أطول جدارية فى العالم طولها 2200 متر، ينتهى العمل بها خلال شهرين فقط، تبدأ مع احتفالات قناة السويس وتنتهى مع احتفالات أكتوبر، خطة العمل التى عرضتها على رؤسائها فى وزارة الثقافة أن ينجز كل فرع من فروع الهيئة المنتشرة فى المحافظات 100 متر، لتحمل الروح المصرية ولمسات كل محافظة، وتزرع روح التحدى، ورغم تحمس مسئولى الوزارة للفكرة لكنهم استبعدوها عندما وجدوا أنها ستتكلف 500 ألف جنيه خامات وأجور للفنانين المشرفين. ترى حنان أن الأمر كان سيختلف تماماً لو كان هناك كيان وطنى يستطيع أن يقنع عدة وزارات مثل وزارات السياحة والثقافة ومكتبة الاسكندريةومحافظات ومحليات لتنبى هذه الجدارية، باعتبارها إنجازا لكل المصريين تدخل موسوعة جنيس للأرقام القياسية، ولتكن وزارة للأفكار الجديدة أو للأبحاث الجديدة. • فكرة د. رفاعى خالد سلطان وكيل وزارة التضامن الاجتماعى لشئون الجمعيات الأهلية «نحن لا نتعامل ولا ندعم إلا الجمعيات الأهلية والمؤسسات والاتحادات النوعية المشهرة بالوزارة، أما المبادرات الشبابية وغيرها فغالباً ما تكون بدعم من المحافظ أو الاشتراك مع المجتمع المحلى فى المحافظات المختلفة». لا يرى خالد سلطان أهمية لوجود كيان مستقل أو جديد يظلل المبادرات، لأن بعض هذه المبادرات تتبناه وزارات أخرى مثل وزارة الشباب أو الثقافة وبعضها يتحول إلى مؤسسات مشهرة ومنها مؤسسة «اسمعونا» التى تلقت دعماً على أعلى مستوى من مجلس الوزراء. بينما ترى قدرية طلحة مدير عام بوزارة الشباب أن الكثير من المبادرات المجتمعية مبعثرة وبعضها من الصعب تعميمه حتى بالتنسيق بين الوزارات المختلفة. وتضرب المثل بعدم استطاعة وزارة الشباب تعميم برنامجها «التعليم المدنى» فى المدارس لرفض المدارس تفريغ الطلاب لتطبيق البرنامج لثلاثة أيام فقط، خوفاً من التضحية بوقت المواد الدراسية، ليتعلم الطلاب المهارات الحياتية وقيم المواطنة. وتفضل قدرية أن تكون وزارة الشباب هى المسئولة عن تجميع جهود هذه المبادرات فى مختلف المحافظات وتقييمها والبحث عن رعاة الواقعى وقابل للتنفيذ منها. هذه الفكرة طرحها دكتور محمد رفاعى النائب السابق لوزير الشباب والرياضة قبل أن يترك الوزارة ليؤسس مؤسسة «أجيال»، خلال مسابقة «شارك» التى نظمتها الوزارة مع منظمة «يونيسيف» ودعت فيها كل المبادرات الشبابية للمشاركة، وتكونت بها لجان تحكيم من عدة جهات وفازت 12 مبادرة بدعم الوزارة، ونجحت الوزارة فى الوصول لرعاة لبعضها بينما لم ينفذ البعض الآخر، وتوقفت فكرة دكتور رفاعى.•