ملخص ما نشر «ماشالله» تتمنى أن تكون هى فى الغيبوبة بدلا من «سلطان» حتى يواصل طريقه كفنان.. هو ملاكها الحارس.. الابن الذى لم تنجبه والرجل الذى تحتاجه. ساعدته على اكتشاف قدراته وعشقته ولم تكن تبحث عن زوج.. لا تريد منه سوى الشعور بأنها إنسانة وليست مجرد «موديل عارى».. «سلطان» يتخاطر معها: لولاك لما بدأت من وقت مبكر أشعر بأهميتى وموهبتى، لا أعرف ماذا كان سيحدث لى. «5» «لحظة» فى حياتى كلها لم أر رجلا وامرأة فى عناق ومعاشرة وحبّ، سوى مرة واحدة، وللفضيحة فالمرأة كانت أمى.. وكان الرجل، شابا صغيرا فى سنّى تقريبا!.. كنت قد رأيته أكثر من مرة خلال وجودى مع أمى فى عملها بالكلية.. كانت تصحبنى معها، وشجّعتنى على العمل فى مهنتها، لكن دون أن أتعرّى. المنظر الذى لا ينمحى من ذهنى أبدا، جعلنى - من أول وهلة - أشعر بأن أمى سقطت، أصبحت فاجرة.. خفت على نفسى من البقاء معها فى البيت نفسه، وفكرّت فى العودة إلى قريتنا لأعيش هناك إلى الأبد، تماما كما فعل أبى. وشعرت بأن هذا الرجل الصغير- عرفت فيما بعد أن اسمه «سلطان سعيد» - مجرم ينتهك حرمة أمى. ويؤذى شرفها وشرفى. إلا أن أمى شرحت لى كل شىء، فيما بعد. فهمت منها أنها بعد الطلاق، عاشت أزمة محيّرة، فهى لا تريد أن تعرض جسدها على الرجال وتصبح مومسا، لأنها تعتز بكرامتها. ولا تريد أن تتزوّج وتعيش مشكلة جديدة مع زوج جديد يرفض عملها أو يشك فى سلوكها. قالت لى أمى: = ومين يعنى حيرضى يتجوّز واحدة زيى؟.. بتتعرّى قدّام الناس بالساعات، كل يوم؟.. كنت صغيرة ولا أفهم كل شىء، لكننى أحسست بالاطمئنان على أمى. سألت نفسى: لو كنت فى ظروفها ماذا تفعلين يا «لحظة»؟ وكرّرت لنفسى، ما قالته لى أمى: = كرامة أمك محفوظة، وحقها محفوظ، لكن الحياة صعبة. وواجب علينا نتحايل على مصاعبها.. إذا كنا عايزين نعيش. أفهمتنى أمى أنها لا تعاشر سوى هذا الفتى- الذى تسميه «داوود».. لا أعرف لماذا، مع أن اسمه «سلطان»؟!- وأن ما يتم بينهما هو سرّ.. واستحلفتنى أن أحفظ سرّها. وقالت لى إنها لا تريد منه شيئا وإنه فنان موهوب وله مستقبل كبير. وإنه لايريد أن يتزوّج، لا من أمى ولا من غيرها. كانت أول وآخر مرة فى حياتى أرى بعينى رجلا وامرأة فى عملية معاشرة.. واستهوانى ما رأيت.. وأحسسّت برغبة قوية، مكتومة، فى أن أكون على علاقة برجل.. شاب مثل «داوود» هذا.. أقصد «سلطان سعيد». ولم أتصوّر أن الأيام ستدور بسرعة وتجعلنى أنافس أمى على هذا الرجل بذاته. أنت تعرف الحكاية يا «سلطان».. ولا أريد أن أزعجك بها من جديد، لكن السنين تمرّ والحكاية مستمرة.. وهناك أشياء لم أعترف لك بها بعد.. لكن، هل كان لحكايتنا تأثير عليك، وعلى صحتك إلى هذا الحد؟.. هل أنت فى غيبوبة بسبب حكايتنا معا؟.. لا أظن، فهى ليست حكاية جديدة. فماذا يا ترى، أدخلك الغيبوبة؟.. هل أردت أن تهرب منى؟.. هل كانت أمى وغرامها بك، السبب؟ أم أنها «جنّات» حبك الأول والأخير؟ أم تكون «هدى» المرأة الغنية، ساكنة «الزمالك» هى السبب؟ لا أعرف.. لكننى أتمنى من الله أن يخرجك من أزمة الغيبوبة، ويعيدك لنا. وأنا شاكرة لك فضلك الكبير عليّ.. حتى أصبحت الفنانة التشكيلية التلقائية «لحظة».. رعايتك وتشجيعك واحتضانك لموهبتى، تجعلنى أحطّك دائما على رأسى من فوق. وأعدك بألاّ أعّذبك بطلباتى ورغباتى، وخاصة رغبتى فى الانفراد بك وتخليصك من كل الأخريات. يجب أن أترك لك الحرّية، ويكفى أننى فرضت عليك نفسى، وأوقعتك فى شراكى، وأنك، كما قلت لى، لم تكن ترغب فى معاشرتى، احتراما لمشاعر أمى. فأنت تحترمها وتحافظ على شعورها.. وتعتزّ بها.. وتعاشرها. وكان كل هذا يثير شهوتى، أشتهيك أكثر.. أحسد أمى عليك.. أشعر بالغيرة منها، وأشعر بأننى الأولى بك، فأنا عمرى من عمرك.. وأمّى كبيرة عليك.. ربما فى عمر أمّك. وربما لا تعرف يا «سلطان» .. هل تسمعنى؟! أقول إننى تآمرت على أمّى، وقرّرت أن أسرقك منها.. وإن حكايتنا لم تكن بالعفوية والمصادفة التى تعرفها، لقد غرّرت بأمّى وجعلتها تسافر إلى البلد، لكى أنفرد بك. كان عليّ أن أفعل شيئا، فالغيرة والحسد والعذاب الذى عشته كل يوم خلال السنة أو السنتين اللتين كنت تقيم فيهما فى بيتنا، إقامة شبه دائمة، والعلاقة الساخنة بينكما، والحبّ الذى كنتما تمارسانه فى الغرفة الملاصقة لغرفة نومى، كل هذا جعلنى لا أفكّر إلا فيك أنت، ولا أحد غيرك. هل أردت أنا أن أنتقم من أمى؟.. لا أدرى. هل استسهلت وجودك بيننا وفى بيتنا؟.. لا أدرى. هل لأننى عرفت لماذا تسميك أمّى «داوود» ورأيت التمثال وقرأت عن مبدعه، وشاهدت صورته الكاملة فى كتاب؟ أم لأننى بدأت أحبّ الفن والرسم وكنت أتطلّع لعلاقة معك تساعدنى فى دخول هذا العالم المثير؟.. لا أدرى. كل ما أعرفه هو أننى استطعت استمالتك، وإثارة شهيتك الجنسية نحوى. وحطّمت تحصيناتك، وقرارك عدم الاقتراب منى حفظا لكرامة أمّى. جعلتك تبحث عنى.. وتشتاق لعناقى، وتسعد بممارسة الحبّ معى. استخدمت الحيلة والقدر المحدود من التعليم الذى حصلت عليه.. وغريزة الأنثى. وأيضا استخدمت شبابى وفتوتى وجمالى وحيويتى.. وجنونى، وقدرتى العالية على الإثارة التى ربما أكون تعلمتها من أمى! «6» «سلطان» الحياة ليست لعبة. قد تكون مغامرة.. دراما، رحلة، اختبارا.. لكنها ليست لعبة يا «لحظة». أنت تتعاملين مع حياتك، وحياة الآخرين كما لو كانت لعبة، مقامرة، منافسة، أو تسلية لتمضية الوقت بأى شكل، أيا كانت النتائج. ولديك قدرة كبيرة على الاستهانة بكل شىء. فكرّت كثيرا فى أسباب تكوّنك على هذه الصورة الهوائية.. هل لأنك عشت حياة عائلية ممزّقة، بعد طلاق والديك؟ ولأن لديك طاقة حيوية أعلى من أى إنسانة من سنك. هل لأنك استمتعت بحرية «سداح مداح» لأنك تعيشين فى بيتين، مرة مع أمك فى «الغورية»، ومرة مع أبيك فى البلد؟ هل اكتسبت حريتك السائبة من جو الأزمة بين الاثنين وُبعد المسافة بين البلدين.. والبيتين؟ تغيبين عن بيت الأب بدعوى أنك عند الأم. ولست فى بيت الأم بدعوى أنك عند الأب! لكن أين أنت؟.. إلى أين كنت تذهبين؟.. وماذا كنت تفعلين؟ وكيف تعلّمت فى سنّك الباكرة كل هذه الألاعيب.. المراوغة والخداع والكذب والتحايل؟ قلت لى مرة إنك شعرت بأنك غارقة فى «بحر النيل».. عندما انفصل والداك.. فهل جعلك شعورك هذا تعيشين حياتك لحظة بلحظة، يا «لحظة»؟! هل تشعرين حتى الآن ذات الشعور بالغرق؟.. أنت بالفعل غارقة، ليس فى «بحر النيل» - كما تقولين - لكن فى بحر آخر.. بحر الغريزة، بحر الشبق، بحر اللّذة، بحر العطش للحنان، للعناق، العطش للحبّ. فقدت حبّ والديك، فتطلّعت لحبّى. كنت تعلمين أننى أعشقك، ليس حبّا، ولكن يثيرنى شبابك وفتوتك وعنفوانك، وفوران جسدك. وتعلمين أننى على علاقة بأمك. وأننى أحافظ على كرامتها وشعورها.. ومن هنا كنت أرفض الاقتراب منك. حاولتِ مرّة ومرّات، أن تضعينى فى موقف القبول بالأمر الواقع، وبأنك سهلة ومتاحة ومثيرة، وطازجة وجريئة، وملتهبة. وأحجمت عنك، فى كل مرّة، بل زجرتك. تسللت إليّ من مدخل جديد، يجذبنى، ويعجبنى، قلت إنك مستعدة لأن تقفى أمامى عارية تماما، لأرسمك. وكنت تعرفين أن من نرسمها ك«موديل عارية» فى الكلية، لابد أن تكون قد تجاوزت الأربعين. وكنت كدارس للفن، أفتقد وأتشوّق لدراسة جسد الأنثى فى بواكير شبابه.. وطزاجته. ووقعت فى شباكك الماهرة. أما أنك شاكرة لمساعدتى لك، فأنا لم أفعل شيئا سوى اكتشاف موهبتك.. ولو لم تكن لديك موهبة.. ولغة تشكيل خاصة بك، لغة بريّة تلقائية، فيها سذاجة جميلة وبراءة غريبة وعمق نفسى غائر.. وهذا ليس كلامى، بل رأى النقاد المصريين والعرب والعالميين، الذين يكتبون عن أعمالك ومعارضك هنا وفى الخارج. فالفضل لله الذى منحنا مواهبنا، وقدّرنا على اكتشاف ورعاية مواهب الناس. أما عن حرّيتى التى تتحدّثين عنها، فأنا لم أفقدها، ولم أضيّعها، ولا أنتظر من أحد أن يمنحنى إياها.. لكن فى الوقت نفسه، لا أعرف هل أنا حرّ فعلا؟! الحرّية ليست ملكية فردية، لو كنت حرّا فى بلد غير حرّ.. ما الفائدة؟.. حرّ فى مجتمع معاد للحرّية!.. الحرّية يا «لحظة» كالماء والهواء، لا يمنحنا إياها أحد، ولا يستطيع أن يسلبنا إياها أحد، إلا لو تخاذلنا نحن.. ولم ندافع عن حقنا فيها.. وأنت لم تكونى مؤذية لى، ولم تفرضى نفسك عليَّ، وعموما أشكرك على كل شىء. • وإلىالأسبوع القادم.