وزارة ليست بالإمارة أو الحصانة للمرأة المصرية لأنها ستظل دائما امرأة فوق الجميع، فكثيرا ما فعلت دون أن تنتظر الجزاء وكثيرا ما تحملت دون أن تشكو حتى عندما سرقوها نظرت بعين الشفقة، لا على نفسها إنما على سارقيها، فهى الكنز الذى لا ينضب، واليوم مع الإعداد لوضع التشكيل الوزارى الجديد كان تصورى الأول هو طرح وزارة تخص المرأة المصرية مثلها فى الأهمية كوزارة المالية والتجارة الصناعة والسياحة والصحة والسكان، لأنها باختصار هى صحتنا وسكننا.. وهذه الوزارة ستهتم بالمرأة منذ نعومة أظافرها كطفلة صغيرة وحتى تصبح امرأة عجوزا تنال بعضا من «المعاش» لا تسولا.. إنما كنوع من التقدير الرمزى لمشوارها الطويل فى العطاء، تلك المرأة التى تعددت أوجه حياتها ما بين زوجة وأم وأرملة ومطلقة وغيرها من الحالات الاستثنائية التى ننحنى لها لوفائها ودورها الصامت نحو رعاية أسرتها. ومن ثم حملت أوراقى ودفاترى وأنا أتجه إلى وزارة المرأة المصرية فى مقرها الرئيسى بوسط البلد باعتبارها منطقة مهمة ومحورية كدور كل امرأة مصرية داخل بيتها.
قوانين كثيرة وتوصيات أكثر تحدثت عن المرأة المصرية باعتبارها نصفا لا يستغنى عنه المجتمع ومنظمات وحقوقيات وجمعيات نادت بحقوقها، ولكنى مع كامل تقديرى لكل هذه المساهمات فلم تبغ المرأة المصرية تبرعا أو حسابا جاريا فى أحد البنوك إنما احتراما ممثلا أمام الدولة، لذلك فقد قررت تأسيس وزارة خاصة بشئون المرأة المصرية تكون مسئولة مسئولية كاملة أمام الحكومة عن أدائها تمييزا وتقصيرا، وبالتالى لم أطلق عليها وزارة حقوق المرأة لأنى أريد أن أكون أكثر إنصافا فى أنها كما لها حقوق فعليها واجبات، وأعود لأؤكد أننى لا أريد لها إحسانا، إنما أن أعيد إليها حقا تائها فى إرجاء المجتمع الذكورى ما بين اعتبارها خلقت من ضلع أعوج «لابد من تقويمه»، وناقصة عقل ودين «فاقدة الأهلية».
لذلك فأنا لا أريد لها حقوقا فى بنود دستورية فقط، إنما داخل عقل كل رجل يظن أنها أقل منه فكرا وموهبة، ومن هنا سيكون لزاما علينا تربية النشئ على دور المرأة فى مجتمعها وبيتها وتعليمهم أنه كما أن التاريخ صنع عظماء من الرجال فلا ننسى أيضا عظماءه من النساء، ووقتها فقط قد تتحول حقوق المرأة من مجرد حبر على ورق إلى حفر بداخلنا نعترف فيه بأنها نفسها أيضا صانعة هؤلاء العظماء فكيف بها لتكون أعظم مما صنعت؟!
أما عن برنامج تلك الوزارة فلن يكتب كبند تلو الآخر لأننى شخصيا قد تشاءمت من التسجيل والترقيم ثم الحفظ فى الأدراج، لذلك سأقوم بداية على إعداد الطفلة المصرية بشكل يختلف كثيرا عما هو واقع الآن.. وقبل أن يتساءل قارئى عما هو واقع على كاهل تلك الطفلة الصغيرة فسأتقدم له بالشرح والتوضيح الذى قد يكشف وجها قد لا يحب كثير منا أن يراه فى مجتمعنا، فتلك الصغيرة التى لم تتجاوز العشر سنوات من الشائع أن تتم معاملتها بشكل مختلف عن أشقائها البنين ويتدرج هذا الاختلاف بناء على درجة وعى الأسرة ما بين أنها كائن ضعيف لا تستطيع حماية نفسها فيتولى هو مسئولية حمايتها، وبين أنها لا يصح أن تعطى فرصة خوض التجربة الحياتية كاملة لأنها لن تنجح بها من الأساس، لأن التربية «الذكورية» من هنا تبدأ، من البيت حيث دائما يكون الانطباع العام عن الأنثى هو الضعف ووصفها الدائم بأنها «مكسورة الجناح»، وبأنها مهما ارتقت وتقلدت مناصب فهى لن تستغنى أبدا عن ظل الرجل، فبالتالى تصبح الأنثى دائما مخلوقا ثانويا غير كامل الأهلية أو العقلية.
كذلك إحساسها الشخصى بأنها لابد ألا تختلط بالجنس الآخر فى المراحل التعليمية الأولى سواء فى اختيار مدارس للبنات فقط أو منعها من الاختلاط عائليا برفقائها من الذكور إلا فى أضيق الحدود، وبالتأكيد بعد دروس ونصائح أمها بعدم تجاوز تلك المحاذير فينشأ نتيجة هذا الفصل والتحذير الدائم بأن الرجل أو الولد ما هو إلا كائن متوحش لن يراها إلا فريسة، وبالتالى تنشأ فكرة سوء الظن دائما بالرجل، وتأتى على الفتاة فترة إما أن تختبر فيها كل ما أملته عليها والدتها دون خبرة منها أو وعى فتتعرض إلى مشكلات أكبر مما تتخيل أو تؤثر السلامة وتلتزم بما تعلمته حتى تكتشف لاحقا من خلال خبرتها الحياتية مدى نجاح أو فشل تلك التجربة.
ومن ثم يكون الرجل فى حياة المرأة بدءا من طفولتها هو السيد فمن سلطة والدها إلى أشقائها الذكور إلى الزوج وخلال هذه المراحل تكون الفتاة دائما وكأنها تحت المراقبة حتى مع زوجها الذى لم يتوان أن يضيف عليها بعضا من لمساته لتحويلها إلى زوجة تتفق مع ما صنعه عقله وتتفق مع ما يعتنقه من مبادئ لتبدأ دائرة أوسع فى حياة الزوجة تكون فيها أما مع أبنائها وأبا إذا غاب زوجها وزوجة تلبية لواجبات زوجها ورجلا فى عملها، لذلك فإذا أردت من البداية تقديم نموذج جيد للمرأة فيجب أن أقدر معنى كونها أنثى ككائن كامل التكوين العقلى والجسدى ليست «كارثة تمشى على الأرض» يتم ترحيلها من سلطة لأخرى حتى تلقى خالقها، فالبناء السوى وإن كان مرهقا خير من بناء أعوج أتظاهر باستقامته.
∎ لن تكون هناك عانس
ليست مبالغة أو مزايدة إنما حقها فى الحياة، فكل فتاة بعد أن تتخطى طفولتها بسلام ثم أتمت دراستها الجامعية أو حتى من لم تتمها وبدأت فى مشوار حياتها العملية فدورى نحوها أن أقدم لها شريكا مناسبا لها لتبدأ معه مرحلة أكثر استقرارا فى حياتها ويتم هذا الأمر من خلال أحد المكاتب الإدارية داخل الوزارة سيكون أشبه بمكاتب الزواج «ولكن لن أسمح فيه بالنصب»، تتقدم فيه الفتاة بأوراقها التى تحمل سماتها وسمات من تريد الارتباط به على أن يهتم هذا المكتب بالتنسيق بين الفتاة والشاب الذى يتقدم هو الآخر بطلب للزواج، ولا شك مراعاتنا باحترام خصوصية كل فرد واهتمامنا فى محاولة إسعاد شريحة كبيرة من شبابنا أصابهم من اليأس والإحباط ما يكفى للشيخوخة المبكرة، فإن كان عليها أن تكبر وتشيخ باعتبار هذه سنة الحياة فلنرسم لها ابتسامة ولو لقليل من الوقت إذا استطعنا ذلك بتوفير فارس الأحلام «موديل 2014».
∎ المرأة العاملة
نراها يوميا فى الشارع والمواصلات العامة منذ ساعات الصباح الأولى مسرعة إلى عملها، ورغم ما تعانيه فى سبيل ذلك إلا أنها تصر على مواصلة نجاحها وتواجدها جنبا إلى جنب مع الرجل مشاركة فى دفع مسيرة حياتها الأسرية، لذلك فنحن متفقون على أن خروجها إلى عمل فى حقيقة الأمر ليس من باب التسلية أو شغل أوقات الفراغ، وإن كان هناك من يمثل هذا الأمر فهى شريحة تكاد لا تذكر، ولكن النسبة العامة خرجت لا لتضايق الرجل وتقاسمه رزقه كما يظن بعضهم إنما لتضيف حصيلة مرتبها إلى حصيلة مرتب زوجها ويتقاسما تدبير احتياجاتهما، ورغم كل هذا العناء فالمرأة العاملة تعانى من عدم المساواة مع الرجل سواء فى الأجور أو فرصتها فى الترقى، رغم تحملها أعباء الأسرة والمنزل، إلى جانب عملها الذى لا يمثل رفاهية بقدر ما هو مساهمة منها فى توفير احتياجات بيتها مع زوجها فلم تجلس فى البيت تنعم بالهدوء والراحة فى انتظار الزوج رب الأسرة إنما تنزل معه صباحا لتخوض حربا يومية فى الشوارع والإشارات كى تصل إلى عملها مختنقة مجهدة لتبدأ فى انجاز عملها ثم تعود سريعا إلى بيتها لتعد الطعام لزوجها وأبنائها ثم تتولى مهمة ترتيب المنزل وأعبائه لينتهى يومها لتبدأ غدا يوما جديدا بنفس التفاصيل، فعلى من يهاجم المراة العاملة ويستنكر أن تكون ندا له فى العمل فكيف لا يستنكر هذا الند عندما يشاركه دفع الفواتير والإيجار ومدارس الأولاد ودروسهم الخصوصية و..و....و..
∎ المرأة المعيلة
مصر بها ما يقرب من 5 ملايين امرأة معيلة تتولى فيها المرأة القيام بأعمال شاقة قد لا تتناسب مع أنوثتها من أجل تعليم وتنشئة أبنائها، وتساءلت: إذا كنت لا أقوم بتوفير فرص عمل متاحة وبسيطة لمثل ذلك النموذج الذى عادة ما يكون متدنيا فى مستواه التعليمى والتثقيفى، فلا ألومها لاحقا على أن نسلك طريقا آخر قد يكون أكثر ثراء إلا أن عاقبته ستكون وخيمة، أو طريقا ينتهك آدميتها بالتسول فى الطرقات أو استجداء العابرين فيكفى احساسها بالشقاء لنضيف عليها مزيدا منه فى أن نرفع عنها الدعم البسيط بالعمل داخل المصانع أو المستشفيات أو المشاغل أو مساعدتها فى أحد المشروعات الصغيرة غير الاستثمارية بمعنى مساعدتها دون أن ننتظر منها ربحا يعود علينا إنما المهم أن تكفى احتياجاتها واحتياجات أسرتها الصغيرة، وأن أفتح لها طاقة أمل أقدمها لها عبر أجهزة الوزارة بالمحافظات والقرى مع تقديمها لما يثبت إعالتها دون التعنت فى الإجراءات أو إغراقها فى التفاصيل الروتينية التى تدفع بها إلى التسول أفضل من الوقوف فى طابور الحكومة.
∎ المرأة الغارمة
هى المرأة التى صدرت أحكام ضدها تبدأ من الحبس لمدة عام إلى السجن سبع سنوات لعجزها عن سداد ديونها بعد أن كانت هى العائل لأسرتها بعد أن فقدت الزوج شكلا أو موضوعا، فهناك من مات عنها زوجها فتضطر إلى الاستدانة لتتولى الإنفاق على أسرتها أو أن الزوج موجود ولكنه هو من يدفعها لذلك لفشله وقلة حيلته.
لذلك كان لابد من توفير حرف بسيطة لكل امرأة تسعى لاستكمال مشوار عطائها بالعمل والسعى بدلا من الاقتراض، بالإضافة إلى ذلك لا مانع من وجود صندوق خاص بهؤلاء الغارمات يتم تمويله من الجمعيات الخيرية التى تعمق مبدأ التكافل وتساهم به التأمينات الاجتماعية، كذلك المنظمات الحقوقية للمرأة التى أولى بها أن تحمى امرأة تسجن لعدم قدرتها على سداد أقساطها بدلا من مؤتمرات وندوات تدافع وتندد وتصرح دون أن تقدم يدا تمسح بها الأم تلك الأسرة التى تحولت بها امرأتها إلى امرأة غارمة بدلا من امرأة منتجة وراعية لأسرتها.
∎التحرش لإثبات الرجولة
جلست فى بيتها فاتهموها «بالبرود» فى أنها لا تقدر سوء الأحوال المعيشية وأزمة الحالة الاقتصادية التى يمرون بها، خرجت فلم يتركوها فى حالها ووصفوها بالفتنة ومزاحمتها لهم وقلة حيلتها ليصل الأمر إلى التطاول عليها لفظا وأحيانا فعلا فيما يعرف بالتحرش الجنسى، فلا شك أن المرأة فى مجتمعاتنا أصبحت مشروعا للاضطهاد بداية من اللفظى وانتهاء بالجنسى، فجميعنا ندرك حجم أزمة التحرش الجنسى التى قد وصلت إلى مرحلة لا يصح السكوت عنها إلا بعلاجها ومناقشة أساليب حلها، فالفتاة التى تخرج من بيتها عليها مسئوليات كثيرة بداية من حماية نفسها حتى إن تعرضت لمعاكسة ما بين تجاهل ما تسمعه أحيانا لتكمل طريقها دون إثارة للمشكلات أو رفضها أن تهان بتلك الطريقة، وهنا ستسمع أكثر ما لا يسرها فقد يتعاطف معها البعض، إلا أن الغالبية ستسبق هذا التعاطف بنظرة كاشفة فاحصة لائمة لما ترتديه تلك الفتاة، وينتهى الأمر إلى أنها المخطئة لإثارتها له بطريقة غير مباشرة دفعته لمعاكستها وهكذا من المواقف الشبيهة، حتى أنى قررت وفق صلاحياتى الوزارية أن أطالب بقوانين أكثر صرامة مع كل من يتعامل مع المرأة بما يهين آدميتها أو كرامتها بدءا من الشارع مرورا بعملها وحتى داخل بيتها إذا لحقها الزوج بأذى.
∎ الاعتراف بالمرأة حبر على ورق
جنس الموظف.. مصطلح قد لا يكون دارجا لغويا ولكنه هو السائد من الناحية العملية فذكوريتك هى الطريق إلى المنصب وليس بالضرورة كفاءتك، وهذا ما أكدته لى المواقف التى استبعدت فيها المرأة رغم ما أثبتته من قدرتها على تحمل المسئولية وكفاءتها العقلية فى إدارة المواقف السياسية إلا أنها لا تزال خارج نطاق الخدمة لتظل مجملة للصورة لا مؤثرة بها، كما أن الأحزاب التى تتحدث عن حرية المرأة، هى نفسها تناست تلك الحرية على أرض الواقع، إنما لم تنس كتابتها ضمن بنود ومبادئ الحزب من عدم التمييز، وتحقيق كل أوجه المساواة بين الرجل والمرأة فى المجتمع، ومن هنا كان دور وزارتى فى تقديم توعية وثقافة حقيقية للمرأة على المستوى السياسى والاجتماعى من خلال اعطائها بعض الوقت للقراءة أو المناقشة دون أثقال كاهلها الدائم بمسئولية فإذا أرادت معرفة أى معلومة أو استفسار فسيكون هناك من هو مسئولا عن إجابتها على خط مجانى تقدمه لها الوزارة لتعرف وتتعلم دون حرج أو الاستخفاف بما تقول.